تناول الأسبرين... هل هو ضروري للوقاية الأولية من أمراض شرايين القلب؟

دراسات حديثة تؤكد أهمية التقييم الفردي لحالة الشخص قبل وصف الدواء

تناول الأسبرين... هل هو ضروري للوقاية الأولية من أمراض شرايين القلب؟
TT

تناول الأسبرين... هل هو ضروري للوقاية الأولية من أمراض شرايين القلب؟

تناول الأسبرين... هل هو ضروري للوقاية الأولية من أمراض شرايين القلب؟

لم تكن نتائج مجموعة الدراسات الطبية الحديثة حول تناول الأسبرين مفاجئة للمتابعين في أوساط طب القلب. ورغم تصور البعض أنها أتت لتقول بالعموم إنه لا فائدة من تناول الأسبرين في الوقاية من أمراض شرايين القلب، فإنها في حقيقة الأمر أتت لتدعم الممارسة الطبية الإكلينيكية التي تضمنتها النصائح الطبية الخاصة بـ«الوقاية الأولية» (Primary Prevention) من الإصابة بأمراض القلب، والتي منها ما تم نشره ضمن عدد 15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 في المجلة الأميركية لأطباء الأسرة (American Family Physician) بعنوان «الأسبرين للوقاية الأولية: توصيات فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية بالولايات المتحدة» (Aspirin for Primary Prevention: 2016 USPSTF Recommendations).

- أحدث الدراسات
تعتبر هذه الدراسات الطبية الحديثة نموذجاً لأهمية القراءة المتأنية للنتائج التي توصل إليها الباحثون، وفهم ما اشتملت عليه، وما الدلالات التطبيقية لها في معالجة المرضى ووقاية الأصحاء.
وكان قد بدأ صدور هذه الدراسات الطبية حول الأسبرين ضمن الفعاليات العلمية لمؤتمر جمعية القلب الأوروبية (ESC) الذي عقد بمدينة ميونيخ في الفترة ما بين 25 إلى 29 أغسطس (آب) الماضي، وخلاله تم عرض كل من: دراسة «أرّايف» (ARRIVE Trial) للباحثين من بوسطن، والتي تم نشرها ضمن عدد 26 أغسطس من مجلة «لانست» الطبية، ودراسة «أسّنْد» (ASCEND Trial) للباحثين من بريطانيا، والتي تم نشرها ضمن عدد 26 أغسطس، من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» (New England Journal of Medicine). وبقيت أوساط طب القلب تترقب صدور مجموعة دراسات «أسبري» (ASPREE) الثلاث، حول الأمر نفسه، للباحثين من أستراليا، وهو ما تم بالفعل ضمن عدد 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن».
وقدمت نتائج جميع هذه الدراسات الخمس مزيداً من الدعم لصواب التوجه الطبي التطبيقي لضبط «الوصف العشوائي» لتناول الأسبرين، كوسيلة لـ«الوقاية الأولية» من الإصابة بأمراض الشرايين. وأكدت على أن الممارسات الإكلينيكية حينما لا تكون مبنية على أسس علمية، ستتسبب في عدم الحصول على الفائدة المرجوة من تناول أقراص الأسبرين بشكل يومي لسنوات طويلة، مع تعريض الإنسان دونما داع طبي للآثار الجانبية السلبية المعروفة للأسبرين.

- تناول الأسبرين
تعيدنا نتائج جميع هذه الدراسات إلى ضرورة إجراء الطبيب تقييم مدى احتمالات ارتفاع خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية لدى الشخص السليم، قبل وصف الأسبرين له كي يتناوله بشكل يومي كوسيلة للوقاية الأولية من أمراض الشرايين تلك. وهذا النهج الطبي تم عرضه ضمن عدة مقالات واستشارات طبية خلال العقد الماضي، على صفحات ملحق صحتك بـ«الشرق الأوسط». وأحدها مقال قديم بعنوان «الأسبرين... التوازن بين الفوائد والمخاطر» ضمن عدد 30 مارس (آذار) 2008، من ملحق صحتك بـ«الشرق الأوسط».
ويجدر إدراك ثلاثة جوانب ذات أهمية في شأن تناول الأسبرين:
الأول، هو معنى «الوقاية الأولية». والثاني، هو آلية الجدوى المحتملة للأسبرين في تلك الوقاية الأولية، وآلية احتمالات تسببه في الضرر الصحي. والثالث، هو كيفية تقييم طبيب القلب مدى حاجة شخص ما إلى تناول الأسبرين، لتحقيق الاستفادة منه في الوقاية الأولية.
وبالنسبة للجانب الأول، تعني الوقاية بالعموم حماية المرء من الإصابة بمرض ما، وهناك «الوقاية الأولية» لحماية شخص سليم، خال من أمراض الشرايين القلبية، من الإصابة ابتداءً بها. وبالمقابل، هناك «الوقاية المتقدمة» (Secondary Prevention) لحماية الشخص المُصاب بأمراض الشرايين القلبية من عودة إصابته بأي من تداعياتها مرة أخرى.
وموضوع نقاش جميع هذه الدراسات الطبية الحديثة هو «تناول الأسبرين من قبل الأصحاء من الناس، الخالين من الإصابة بأمراض القلب، وليس مرضى القلب الذين تم تشخيص إصابتهم به». ولا أحد يُناقش اليوم حول مدى ضرورة تناول مرضى شرايين القلب للأسبرين كوسيلة للوقاية المتقدمة، بل النقاش هو «مَن مِن الناس الأصحاء يحتاج إلى تناول الأسبرين بشكل يومي كوسيلة للوقاية الأولية؟».
وبالنسبة للجانب الثاني حول آلية العمل، فإن الأسبرين لا يمنع تكوين التضيقات في الشرايين، ولا يقي من زيادة حجمها، بل يُحاول خفض مستوى نشاط عمليات الالتهابات في تلك التضيقات، ما يساعد في ثبات كتلتها، ويُقلل بالتالي من احتمالات تهتك سطحها. ويُعيق الأسبرين كذلك تراكم الصفائح الدموية على تلك التضيقات عند حصول التشققات والتهتكات فيها، لمنع تكوين جلطات الخثرة الدموية التي تتسبب بسد مجرى تلك الشرايين وحصول نوبة الجلطة القلبية (Myocardial Infarction) أو آلام الذبحة الصدرية غير المستقرّة (Unstable Angina).
ولأن الأسبرين يعيق تراكم الصفائح الدموية، فإن الجسم قد لا يتمكن بسهولة من وقف حصول أي نزيف في الجسم، وخاصة في الأوعية الدموية الدماغية وبطانة المعدة وأماكن حساسة أخرى بالجسم. ولأن الأسبرين له تأثيرات سلبية على قدرات الجسم لحماية أنسجة بطانة المعدة، فإن احتمالات حصول التهابات وقروح ونزيف في بطانة المعدة هي أمر ممكن، ما لم يتم تناول أحد أنواع الأدوية التي تُقلل من إنتاج المعدة للأحماض لحماية بطانتها.

- وصف الأسبرين
وبالنسبة للجانب الثالث، لا يصف أطباء القلب تناول الأسبرين بشكل تلقائي لجميع الناس بعد تجاوز سن الأربعين أو الخمسين، للوقاية الأولية من الإصابة بأمراض الشرايين القلبية؛ بل يُجرون تقييماً طبياً للشخص لمعرفة نسبة احتمالات خطورة إصابته بأمراض شرايين القلب، خلال العشر سنوات القادمة من عمره. وهذا التقييم يعتمد على عدد من العناصر، كمقدار العمر ومدى ارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول والتدخين وغيرها. وعندما تشير نتيجة التقييم إلى ارتفاع احتمالات إصابة شخص ما بأمراض الشرايين القلبية بنسبة تجاوز 15 في المائة، فإن فائدة تناول الأسبرين تفوق احتمالات تسببه بالضرر كالنزيف الدموي مثلاً، وحينها قد ينصح طبيب القلب بتناول الأسبرين من قبل الأصحاء الخالين من أمراض الشرايين القلبية، كوسيلة للوقاية الأولية. وتفصيل هذا تم عرضه في مقال ملحق صحتك بـ«الشرق الأوسط» المتقدم الذكر.
وعلى سبيل المثال، هدفت مجموعة دراسات «أسبري» الأسترالية الثلاث، تتبع مدى جدوى تناول كبار السن للأسبرين كوسيلة للوقاية الأولية، وشملت نحو 20 ألف شخص ممن أعمارهم فوق 75 سنة، وتمت متابعتهم لمدة تتجاوز خمس سنوات. ومن ضمن نتائجها، لاحظ الباحثون أن تناول الأسبرين من قبل «الأشخاص الأصحاء الكبار في السن»، والخالين من الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، لم يكن مفيداً بدرجة مهمة في تقليل الإصابات بأمراض شرايين القلب. ولذا علّق الدكتور جون ج. ماكنيل، الباحث الرئيس في الدراسة وأستاذ علم الأوبئة والطب الوقائي بجامعة «موناش» في ملبورن بأستراليا، على نتائج هذه الدراسات بالقول: «نشعر بأن هذا يقدم دليلاً سليماً على أن تناول الأسبرين من قبل كبار السن الذين لا توجد لديهم دواع طبية لذلك، هو شيء لا يقدم لهم فائدة على الإطلاق، بل يرافق ذلك زيادة خطر النزيف والضرر الصحي». وهذا أمر منطقي ويدل على ضرورة إجراء تقييم للأصحاء، حتى لو كانوا كباراً في السن، قبل وصف الأسبرين لهم كوسيلة للوقاية الأولية.

- مرضى السكري وتناول الأسبرين وفق دراسة «أسّنْد»
قام الباحثون من جامعة «أكسفورد» البريطانية، بإجراء دراسة «أسّنْد»، وشملت الدراسة نحو 16 ألف شخص، ممنْ أعمارهم فوق أربعين سنة، وذلك بهدف تقييم جدوى تناول الأسبرين بشكل يومي من قبل مرضى السكري الذين ليست لديهم إصابة بأمراض القلب، في خفض إصابتهم بتداعيات أمراض الشرايين خلال سبع سنوات ونصف بالمتوسط.
وتبين للباحثين أن فائدة تناول الأسبرين من قبل أولئك المشمولين بالدراسة لا تفوق ضرر الإصابة بالنزيف الدموي. وعلّقت البروفسورة جاين أرميتاج، الباحثة المشاركة في إجراء الدراسة من الجامعة، والتي ألقتها في مؤتمر جمعية القلب الأوروبية، بالقول: «في دراستنا تمت العناية بشكل جيد بضبط نسبة سكر الدم وضبط ارتفاع ضغط الدم والكولسترول، ونسبة عالية من المشمولين في الدراسة كانوا غير مدخنين، وفي هذه الظروف أعتقد أن الأسبرين ليس ضرورياً». وذكرت أن الإرشادات الطبية الأوروبية الحالية تقترح أن تُبنى نصيحة تناول المرضى للأسبرين على إجراء التقييم الفردي للأشخاص، قبل اعتماد وصفه كوسيلة للوقاية الأولية من الإصابة بأمراض شرايين القلب.
وكانت احتمالات الخطورة القلبية الوعائية لدى غالبية المشمولين في الدراسة منخفضة بالأصل، وهو ما أكدته الدكتورة سيغرون هالفورسن، من جامعة «أوسلو» بالنرويج، خلال مداخلات النقاش الساخن عند عرض نتائج الدراسة في المؤتمر، بقولها إن نسبة المشمولين في الدراسة الذين لديهم خطورة عالية للإصابة بأمراض الشرايين (والذين لا تظهر لديهم أعراض الإصابة بها) كانوا 17 في المائة فقط من بينهم. ما يعني أن مرضى السكري الذين يتم العناية بهم بشكل جيد طبياً لضبط نسبة سكر الدم وضبط ارتفاع ضغط الدم وضبط اضطرابات الكولسترول، ويمتنعون عن التدخين، احتمالات نشوء أمراض الشرايين القلبية لديهم تنخفض، ما يُقلل من جدوى تناول الأسبرين كوسيلة للوقاية الأولية. أما مرضى السكري الذين لا يتم لديهم ضبط عوامل خطورة الإصابة بأمراض القلب، فإن هذا لم تشمله الدراسة الحديثة؛ بل شملته دراسات سابقة أكدت في نتائجها جدوى تناولهم للأسبرين.

- توضيحات لإشكالية نتائج دراسة «أرّايف» حول تناول الأسبرين
بخلاف الدراسات الطبية الأربع الحديثة حول تناول الأسبرين للوقاية الأولية، تمثل دراسة «أرّايف» إشكالية لدى البعض من ناحية نتائجها. واسم «أرّايف» اختصار لدراسة «الأسبرين لتقليل خطر الأحداث الوعائية الأولية». وقال الباحثون الأميركيون ما ملخصه أنهم تتبعوا بالمقارنة مدى جدوى تناول الأسبرين بشكل يومي من قبل الأصحاء الخالين من الإصابة بأمراض شرايين القلب ومرض السكري، والذين لديهم عدد من عوامل خطورة الإصابة بها، أي الذين احتمالات إصابتهم بتلك الأمراض متوسطة الشدة (Moderate CV Risk) وليست منخفضة.
وقامت الدراسة بمتابعة أكثر من 12 ألف شخص لمدة نحو خمسة أعوام بالمتوسط. ورغم أن الذين كانوا يتناولون الأسبرين كانوا أقل عُرضة للإصابة بتداعيات أمراض شرايين القلب، كنوبة الجلطة القلبية والوفاة بسبب مرض القلب وغيرهما، فإن مقدار ذلك الانخفاض في عُرضة الإصابة لم يكن كبيراً ومهماً مقارنة بالذين لم يتناولوا الأسبرين.
ولكن الباحثين أنفسهم اعترفوا بأن هدفهم في ضمّ مَنْ لديهم احتمالات متوسطة الشدة للإصابة بأمراض الشرايين القلبية، لم يتحقق، ما قد يفسر تدني وضوح الاستفادة من تناول الأسبرين. وللتوضيح، هدف الباحثون متابعة مَنْ خطورة إصابتهم بأمراض القلب خلال العشر سنوات القادمة من عمرهم تتجاوز 17 في المائة، ولكن تبين أن ذلك الأمر لدى المشمولين في الدراسة لم يتجاوز 9 في المائة. ما يعني أن هذه الفئة من الناس لا تنال فائدة عالية من تناول الأسبرين، وهو أمر غير مستغرب طبياً.
والأمر الآخر الذي ذكره الباحثون، هو أن معالجة عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب تحسنت بشكل كبير خلال العقود الماضية، وهو ما تلقاه المشمولون بالدراسة نتيجة لخضوعهم لمتابعة طبية جيدة، الأمر الذي قلل بالتالي من المساحة المتاحة للأسبرين في الوقاية من الإصابة بتداعيات تلك الأمراض. ولذا قال الباحثون ما ملخصه أن مع توفر طرق أفضل لمعالجة عوامل الخطورة تلك، فمن الضروري أن يتم ضبط وصف الأسبرين، وأن يكون مبنياً على مدى احتياج كل شخص على حدة وليس بالعموم، وأن تتم من أجل ذلك مناقشة الأمر مع طبيب القلب بعد إجراء تقييم دقيق لمدى الحاجة إلى تناول الأسبرين.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.