عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

تحديد 13 جيناً ترتبط بالتهابات المفاصل

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام
TT

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

عوامل جينية تساهم في هشاشة العظام

حققت دراسة جديدة أجراها فريق متعدد التخصصات، في مركز أبحاث التهاب المفاصل التابع لجامعة نورث كارولاينا في الولايات المتحدة، خطوات كبيرة في تحديد العوامل الجينية التي تساهم في تطور هشاشة العظام، والتي قد تمهد الطريق للعلاجات لوقف تقدم المرض.

13 جيناً «خطراً»

وحدد الفريق 13 جيناً يطلق عليها «الجينات ذات احتمالية عالية للمخاطر»، ستة من الجينات الثلاثة عشر جديدة تماماً عند العلماء، من ناحية ارتباطها بمرض المفاصل؛ حيث تساهم بشكل مباشر في فقدان أنسجة المفاصل، وتزيد بشكل كبير من فرص إصابة الشخص بهشاشة العظام.

وفي الدراسة التي نُشرت في 8 يناير (كانون الثاني) في مجلة «Cell Genomics»، عكف فريق البحث بقيادة ريتشارد لويزر، مدير مركز أبحاث هشاشة العظام التابع لجامعة نورث كارولاينا، وأستاذ الطب البارز جوزيف جونيور في كلية الطب بجامعة نورث كارولاينا، على تحليل التعبير الجيني، وإمكانية الوصول إلى الكروماتين، وبنية الكروماتين ثلاثية الأبعاد في الخلايا الغضروفية البشرية (خلايا الغضروف) في ظل الظروف الطبيعية والمشابهة لهشاشة العظام. وقدم الفريق نتائجه.

رؤى جينية جديدة

وعرض الفريق رؤى جديدة حول كيفية تأثير الاختلافات الجينية على تطور هشاشة العظام والأساليب العلاجية المحتملة، إذ تمثل هذه الدراسة تقدماً كبيراً لأبحاث هشاشة العظام، من خلال تقديم تفسيرات محتملة لـ13 موضعاً لخطر هشاشة العظام.

وتتمثل الخطوات الحاسمة التالية في توصيف الأدوار التي تلعبها هذه الجينات في النمط الظاهري لهشاشة العظام، وتحديد ما إذا كان تعديل تعبيرها أو نشاطها يمكن أن يخفف أو حتى يعكس الأعراض المرتبطة بهشاشة العظام.

وقد فحصت الدراسة الخلايا الغضروفية من 101 متبرع بشري، وعولجت الخلايا إما بمحلول تحكم وإما بشظايا فيبرونيكتين fibronectin fragments (وهو عبارة عن بروتين مصفوف خارج الخلية يشارك في التصاق الخلايا وحركتها، وشفاء الجروح، والحفاظ على مورفولوجيا الخلية) تحاكي ظروف هشاشة العظام.

وباستخدام تقنيات جينية متقدمة، حدد الباحثون آلاف الجينات التي أظهرت أنماط تعبير متغيرة، بناءً على السن والجنس وحالة المرض.

متغيرات جينية لهشاشة العظام

ويركز أحد الاكتشافات الواعدة بشكل خاص على جين «PAPPA» الذي أظهر زيادة في التعبير في كل من أنسجة هشاشة العظام والمتبرعين الأكبر سناً. ووجد الباحثون أن هذا الجين كان مرتبطاً بمناطقه التنظيمية الجينية، من خلال بنية كروماتين ثلاثية الأبعاد معقدة، تمتد على أكثر من 400 ألف زوج من قواعد الحامض النووي «دي إن إيه- DNA».

كما كشفت الدراسة أن كثيراً من المتغيرات الجينية المرتبطة بخطر هشاشة العظام، أثرت على التعبير الجيني بشكل مختلف، في ظل الظروف الطبيعية مقارنة بالظروف المرضية. ويفترض هذا الاكتشاف أن توقيت التدخلات العلاجية قد يكون حاسماً لنجاح العلاج.

ولاحظ مؤلفو الدراسة أنه في حين أن بعض الجينات تؤثر على خطر هشاشة العظام من خلال الدور الذي تلعبه في الاستجابة لتلف مصفوفة الغضروف، فمن المعقول أيضاً أن سنوات من التعبير الجيني الشاذ قد تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التعبير المتزايد عن جين مسبب للالتهابات طوال العمر إلى خفض حاجز تدهور الغضروف.

المسارات المحتملة للعلاج

قد يكون للبحث آثار فورية على تطوير الأدوية؛ حيث حدد مسارات جزيئية محددة، يمكن استهدافها لعلاج هشاشة العظام. ومن بين الجينات الجديدة التي تم تحديدها، وجد أن كثيراً منها يشارك في العمليات المعروفة بالتأثير على صحة المفاصل، بما في ذلك السيطرة على الالتهاب والحفاظ على الغضروف.

وتُجرى حالياً دراسات موازية لفحص الأدوية، لتحديد المركبات التي تستهدف المسارات المتأثرة بالجينات الثلاثة عشر. وقال لويزر إن الأمل هو أن نتمكن من إيجاد علاجات جديدة، من شأنها أن توقف تطور تلف المفاصل في مراحله الأولى، وتمنع تطور الألم والإعاقة. ويمكن أن تمهد الطريق لعلاجات تتدخل قبل حدوث تلف كبير في المفاصل.

كما قدمت الدراسة دليلاً على أن عوامل الخطر الجينية لهشاشة العظام، قد تعمل من خلال عمليات بيولوجية متعددة ومتميزة، بدلاً من مسار واحد، ما يشير إلى أن استراتيجيات العلاج الناجحة قد تحتاج إلى التخصيص، بناءً على الملفات الجينية الفردية. وكانت هذه الدراسة من بين أكبر التحليلات في مجال أبحاث هشاشة العظام، وحددت أهدافاً جينية يمكن أن تفيد جهود تطوير الأدوية.


مقالات ذات صلة

في «اليوم العالمي للسرطان»: العلماء يستكشفون أسراره

علوم في «اليوم العالمي للسرطان»: العلماء يستكشفون أسراره

في «اليوم العالمي للسرطان»: العلماء يستكشفون أسراره

فرضيات تشير إلى أن خلايا الورم الميتة تخلق بيئة تسهل للخلايا السرطانية الحية الخروج والانتشار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم الذكاء الاصطناعي يحدد جينات محتملة مسؤولة عن خطر مرض باركنسون

الذكاء الاصطناعي يحدد جينات محتملة مسؤولة عن خطر مرض باركنسون

يكشف عن أنماط لا ترصدها طرق البحث التقليدية أحياناً

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي

الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي

دمج الاختبارات الجينية في تخطيط الأنظمة الغذائية لإنشاء استراتيجيات تغذية مخصصة

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، ما يوسّع فهم العلم لمسببات الاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علاج جيني لجفاف الفم

علاج جيني لجفاف الفم

باحثون بريطانيون يقودون دراسة عالمية لتطويره وإنقاذ مرضى العلاج الإشعاعي منه

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟
TT

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

هل سيهزم محامو الذكاء الاصطناعي كبريات شركات النفط أمام القضاء؟

لم تكن شركات الوقود الأحفوري لتعترف طواعية بدورها في أزمة المناخ. ولكن بحلول 2020، لجأت بعض المجموعات الناشطة إلى طريقتين لفرض القضية. الأولى، تضمنت الوسائل غير القانونية مثل التخريب وتدمير البنية التحتية لشركات النفط، بينما ركزت الأخرى على الأساليب القانونية والتقاضي لإجبار الحكومات على الامتثال لأهداف الانبعاثات وإجبار الشركات على دفع تعويضات عن الأضرار السابقة، كما كتب روان هوبر (*).

جيوش من المحامين الاصطناعيين أمام محامين من البشر

كانت المشكلة في البداية أن شركات النفط الكبرى نشرت جيوشاً من المحامين لتحدي كل جانب من جوانب القضية المرفوعة ضدها. لم يتمكن معظم المدعين ببساطة من تحمل تكاليف الاستمرار، أو أنهم تورطوا في التقاضي لسنوات.

وجاء الحل عندما تم استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء القضايا وملاحقتها. ربما كان لشركات النفط الكبرى تمثيل بشري واسع النطاق، لكن محامي الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر عدداً وأسرع، وجمعوا الأدلة بشكل أكثر شمولاً ولم يناموا أبداً. ويمكن نشر هؤلاء المحامين الاصطناعيين نيابة عن الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المحامي، ورفع قضايا تستند إلى جوانب جديدة وغامضة من القانون.

الذكاء الاصطناعي في مجال القانون

بدأ استخدام أداة الذكاء الاصطناعي في القانون بجدية في عام 2023، مع إطلاق الذكاء الاصطناعي القائم على «تشات جي بي تي» المسمى «هارفي» Harvey الذي نما استخدامه من قبل المحامين البشريين بسرعة وساعد في التقاضي من خلال اقتراحات بناء على سوابق واستراتيجيات قانونية.

قضايا المناخ

انقسمت قضايا المناخ إلى ثلاث فئات.

* أولاً: تحدي التضليل، إذ وجد تحقيق أجرته لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي في عام 2021 أن شركات النفط الكبرى انخرطت في حملات «غسل أخضر» ومعلومات مضللة واسعة النطاق، لكن محاسبة الشركات كانت صعبة.

*ثانياً: اتخاذ إجراءات ضد الحكومات لفشلها في حماية مواطنيها. كانت إحدى القضايا الرئيسية التي أسست سابقة في هذا الصدد عندما نجحت مجموعة أورغيندا Urgenda البيئية في رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الهولندية في عام 2015 لإجبارها على اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.

* ثالثاً: المسؤولية عن تكلفة الأضرار المناخية. وقد حدث تطور حيوي مع تطور دراسات المناخ. لم يكن من الممكن في السابق رسم خط يربط الانبعاثات من الشركات الفردية بالتأثيرات المالية للاحتباس الحراري العالمي، مثل الفيضانات. وعندما أصبح من الممكن في منتصف عشرينات القرن الحادي والعشرين تحديد التأثير المالي والإنساني لتغير المناخ، أصبح التقاضي ممكناً.

تكلفة الأضرار المناخية

على سبيل المثال، أظهر العمل الذي قام به فريق علاقة الطقس العالمي التابع لفريدريك أوتو أن الفيضانات في باكستان في عام 2022 التي قتلت ما لا يقل عن 1500 شخص وتسببت في أضرار تزيد على 30 مليار دولار أصبحت أسوأ بنسبة 50 إلى 75 في المائة بسبب أزمة المناخ.

وقد فازت دعاوى الذكاء الاصطناعي بتأكيد أهمية هذه القضايا من خلال إظهار أن الشركات لم تستعد لتأثيرات تغير المناخ.

محامو الذكاء الاصطناعي

تم نشر محامي الذكاء الاصطناعي على جميع الخيوط الثلاثة. وقامت نظم الذكاء الاصطناعي بمسح القوانين المحلية في جميع أنحاء العالم لتحديد سبل التقاضي. وكان أحد مصادر الإلهام قضية بدأت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في بيرو.

ولذا فكر محامون بشريون في ألمانيا في استخدام «قانون الجوار الألماني»، الذي يسمح بتحدي السلوك المزعج من قبل الجيران في المحكمة. ولأن تغير المناخ يؤثر على الجميع في جميع أنحاء العالم، فإن الأزمة تجعلنا جميعاً جيراناً. وزعم المحامون أن انبعاثات الكربون تندرج تحت قانون الجوار.

تم رفع دعوى قضائية ضد شركة الطاقة الألمانية العملاقة RWE، التي حددها تقرير صادر من مؤسسة «خدمات التخفيف من حدة المناخ» بأنها مسؤولة عن 0.47 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي التاريخية، وطالب المتقاضون بنسبة 0.47 في المائة من تكلفة السد ونظام الصرف المبني لحماية المزارع والقرى من ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الأنديز في البيرو.

انطلاقة المحاماة الذكية الاصطناعية

وقد ساعد المحامون غير البشريين في القضايا التي تعثرت في المحاكم. في الولايات المتحدة في بداية عشرينات القرن الحادي والعشرين، تم رفع عشرات الدعاوى القضائية ضد صناعة الوقود الأحفوري.

وبحلول عام 2028، سيصبح محامو الذكاء الاصطناعي قادرين على محاربة مثل هذه التحديات على الفور، وبفضل التدريب على أحدث العلوم والوصول إلى ملايين الوثائق من شركات النفط الكبرى، يمكنهم التغلب على مقاومة الشركات المدججة بالمحامين البشريين.

نجحت دعاوى الذكاء الاصطناعي في منع بناء خطوط الأنابيب والبنية الأساسية الجديدة وفازت بالقضايا من خلال إظهار أن الشركات لم تستعد لتأثيرات تغير المناخ.

بدايات العدالة المناخية

وجدت شركات الطاقة العملاقة نفسها تواجه دعاوى قضائية متعددة في عشرات البلدان. كانت أقسامها القانونية مثقلة. وكما وافقت شركات التبغ الكبرى في النهاية على دفع مليارات الدولارات باعتبارها تعويضات، بحلول ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، أُجبرت شركات النفط الكبرى على البدء في الدفع.

ساعدت موجة التقاضي في تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة، وأجبرت صناعة الوقود الأحفوري على دفع مليارات الدولارات لصناديق تمويل المناخ للبلدان ذات الدخل المنخفض. وبدا أن العدالة المناخية - إعادة توزيع ثروة النفط على البلدان الأكثر تضرراً بتغير المناخ - قد تحققت.

* مجلة «نيو ساينتست»: خدمات «تريبيون ميديا».