هواتف ذكية لعشاق الألعاب الإلكترونية

جهازان من «أسوس» و«هواوي»... و«فيفو» تصمم هاتفاً للمستقبل

هاتف «أسوس روغ» المخصص للألعاب بمواصفات عالية
هاتف «أسوس روغ» المخصص للألعاب بمواصفات عالية
TT
20

هواتف ذكية لعشاق الألعاب الإلكترونية

هاتف «أسوس روغ» المخصص للألعاب بمواصفات عالية
هاتف «أسوس روغ» المخصص للألعاب بمواصفات عالية

منذ أن أصدرت «ريزر» هاتفها المخصص للألعاب Razer Phone لم يبرز على الساحة أي منافس فعلي رغم بعض المحاولات من «زد تي إيه» و«شاومي»، ولذا، فقد استجابت شركة «أسوس» لأمنيات عشاق الألعاب وأنتجت هاتف روغ Asus ROG الأقوى في المواصفات والعتاد ليكون خيارهم الأول، خصوصا مع تأخر الإعلان عن هاتف ريزر2 Razer Phone وعدم وصول شاومي بلو شارك Blue Shark لمستوى التطلعات.
- هاتف «روغ»
> التصميم. يأتي هاتف «روغ» بتصميم فريد من نوعه مصنوع بالكامل من الزجاج المقاوم للصدمات والخدوش من شركة كورنينغ، بدرجات ألوان مختلفة للون الرمادي والنحاسي، كما يحتوي على فتحات تهوية موزعة على جسم الهاتف بصورة لافتة للنظر. ويحتوي الهاتف أيضا على شاشة قياس 6 بوصات، وفي أعلاها توجد الكاميرا الأمامية وكذلك مستشعر القرب ومستشعر لفتح الهاتف عن طريق خاصية التعرف على الوجه، وفي الواجهة الخلفية توجد الكاميرا الخلفية المزدوجة، بالإضافة إلى مستشعر بصمة سريع، وفي منتصف الواجهة يوجد شعار ROG بشكل متوهج مضيء تتغير ألوانه بصورة جميلة للغاية.
> الشاشة. المميز في الشاشة أنها من نوع أموليد AMOLED وتعمل بدقة 1080 × 2160 بكسل، وبكثافة 402 بكسل في البوصة الواحدة، وهي تدعم اللمس المتعدد حتى عشر أصابع لكي تتناسب مع متطلبات معظم الألعاب الحديثة، وهذه الشاشة تأتي مع نسب الأبعاد الجديدة 18:9، وبخاصية Wide Colour Gamut والتي تسمح بالتحكم في ألوان الهاتف الداخلية بصورة ذكية، بالإضافة إلى الميزة الأهم في هذه الشاشة وهو زمن الاستجابة القليل للغاية والمناسب لكل الألعاب سواء كانت ألعابا عادية أو سريعة الحركة، ويساعده في ذلك تردد الشاشة الذي وصل إلى 90 هرتز في الثانية الواحدة.
> الأداء. بالنسبة للأداء فقد زودت أسوس هاتفها بأحدث وأقوى معالج من شركة كوالكوم وهو سناب دراغون 845 Snapdragon 845، بتردد يصل إلى 2.96 غيغاهرتز، مما يجعل الهاتف يقدم أداء عاليا للغاية، بالإضافة إلى معالج الرسوميات القوي Adreno 630. كما يأتي الهاتف بذاكرة عشوائية بسعة 8 غيغابايت، مع ذاكرة داخلية بحجم 128 أو 256 غيغابايت، ولا يوجد منفذ لإضافة بطاقة تخزين خارجية.
ويعمل الهاتف بنظام آندرويد أوريو 8.1، مع واجهة استخدام من شركة أسوس معدلة للألعاب كوضع X الذي يجعل كل طاقة الهاتف تتوجه نحو الألعاب مع إغلاق كل التطبيقات في الخلفية، ويمكن تنشيط هذا الوضع عن طريق الضغط على جوانب الهاتف الحساسة للضغط. أما بالنسبة للبطارية فهي تدعم خاصية الشحن السريع من الإصدار الرابع، وجاءت بسعة 4000 ملي أمبير ساعة، نفس حجم البطارية الموجودة في هاتف غالكسي نوت 9 التي تستمر لأطول من يوم ونصف عند الاستخدام العادي.
- هاتف «هونر بلاي»
ولربما يعتبر هاتف أسوس روغ الأفضل في فئته، ولكنه يأتي بسعر باهظ يفوق الألف دولار ما قد لا يروق للبعض، ولذلك، قامت هونر بتقديم هاتفها هونر بلاي المخصص للألعاب بمواصفات قوية ونظام تبريد سائل وتقنية GPU Turbo وبسعر لا يتعدى 350 دولارا.
> التصميم. يأتي الهاتف بخلفية من الألومنيوم تضفي عليه ملمسا فخما بينما من الأمام نجد شاشة IP LCD بقياس 6.3 بوصة وبدقة Full HD+ تغطي ما نسبته 83 في المائة من واجهة الجهاز التي يبرز فيها النتوء Notch الشائع في معظم الأجهزة الحديثة، منذ أن قدمته شركة آبل في الآيفون 10 منذ حوالي السنة. ولعل الشيء الإضافي التي قدمته شركة «هواوي» في بخصوص النتوء هو إمكانية إخفائه تماما من الإعدادات، ولو أن النتيجة لن تسرك لأن الهاتف لا يأتي بشاشة أموليد AMOLED القاتمة السواد فمهما بلغت قتامة الـLCD فلن تكون بنفس مستوى لون النتوء. وعلى الرغم من كبر حجم البطارية فإن الهاتف حافظ على نحافته، إذ لا يتعدى سمكه 7.5 ملم بينما كانت أبعاده 157.9 مم للطول و74.3 مم للعرض.
> المواصفات والأداء. أما بالنسبة للمواصفات فيأتي الهاتف بمعالج هواوي الرائد كيرين 970 Kirin 970 مع 4 أو 6 غيغابايت من الذاكرة العشوائية RAM وذاكرة داخلية بسعة 64 غيغابايت يمكن زيادتها بمقدار 256 غيغابايت عن طريق منفذ الذاكرة الخارجية MicroSD. ويعتبر هذا الهاتف أول جهاز من هواوي يعمل بتقنية GPU Turbo وهي ميزة تسرع من كفاءة وأداء العتاد بنسبة 60 في المائة بينما تقلل من استهلاك الطاقة بنسبة 30 في المائة لكي توفر أفضل تجربة ممكنة خصوصا عند تشغيل الألعاب. وبكل تأكيد تحتاج هذه المواصفات والشاشة الكبيرة لبطارية قادرة على تشغيل هذه المكونات، وهذا ما نجحت فيه هواوي فعلا بإدماجها لبطارية بقدرة 3750 ملي أمبير ساعة كفيلة بالاستمرار ليوم كامل وتمتد ليوم ونصف في حالة الاستعمال البسيط. كما يأتي الهاتف بواجهة تشغيل EMUI 8.2 الخاصة بهواوي والمبنية على نظام آندرويد 8.1 أوريو توفر العديد من المميزات كتخصيص الواجهة الأمامية بالإضافة إلى بعض الخصائص المتعقلة بالألعاب كاهتزاز الهاتف عند اصطدامك بشيء أو عند تفجير مبنى أو ما شابه.
- الكاميرا
وكما هو الحال مع هواتف هواوي الأخرى فإن عدسة هونر بلاي تلتقط صور واضحة ومشبعة التفاصيل، ويرجع ذلك الفضل لمعالج كيرين 970 الذي يحتوي على قطعة ذكاء صناعي مخصصة لمعرفة وتحديد المناظر واختيار أفضل الإعدادات لها تلقائيا. وبالنسبة للكاميرات، فيأتي الهاتف بنظام كاميرا مزدوج في الخلف، فالكاميرا الأساسية بها عدسة دقتها 16 ميغابكسل أما الثانوية فجاءت بدقة 2 ميغابكسل مع فلاش. ورغم عدم دعم الكاميرا للتثبيت البصري Optical Image Stabilization فإن الذكاء الصناعي يعمل على محاكاة هذه الميزة المفقودة. أما كاميرا السيلفي فهي بدقة 16 ميغابكسل مع فتحة عدسة f-2.0 جيدة بما فيه الكفاية لالتقاط صور دقيقة خصوصا في وضح النهار.
- هاتف «فيفو في 11»
> منذ أن ابتدأت آبل عصر النتوء Notch في هاتفها الآيفون 10، عمدت معظم الشركات إلى ركوب هذه الموجة، وتنافست فيما بينها لتصميم هواتف بأصغر قدر ممكن من هذا النتوء، وهذا ما وصلت إليه فيفو Vivo في هاتف «فيفو في 11» ليكون صاحب النتوء الأصغر في العالم، فلا يتجاوز حجمه قطرة من المطر Rain Drop Notch.
من المميزات الأخرى التي أتى بها الهاتف هو قارئ البصمة المدمج في الشاشة مما يعطيه طابعا مستقبليا قلما نجده في هاتف من هذه الفئة السعرية المتوسطة. وبالحديث عن الشاشة فهي بقياس 6.41 بوصة من ونوع سوبر اموليد Super AMOLED تغطي 85.2 في المائة من واجهة الجهاز بكثافة 402 بكسل للبوصة.
أما بالنسبة للعتاد، فيأتي الهاتف بمعالج سناب دراغون 660 ثماني النواة مع ذاكرة داخلية تبلغ 128 غيغابايت يمكن ترقيتها عن طريق منفذ الذاكرة الخارجية لغاية 265 غيغابايت بينما يأتي بذاكرة عشوائية سعتها 6 غيغابايت ويشغل الهاتف بطارية قدرتها 3400 مل أمبير ساعة.
كما يأتي الهاتف بكاميرا خلفية مزدوجة بدقة 12 ميغابكسل للأساسية و5 ميغابكسل للثانوية بينما كانت كاميرا السيلفي بدقة 25 ميغابكسل وتدعم نمط البورتريه Portrait.
هذه المواصفات تجعل من هذا الهاتف المتوسط ندا قويا للهواتف الرائدة ولا يعيبه سوى التصميم غير المضاد للماء وعدم توفر ميزة الشحن اللاسلكي، ما عدا ذلك فإن هاتفا كهذا سيجعل المستهلك يفكر كثيرا قبل أن يدفع 1000 دولار في هاتف من الفئة العليا.


مقالات ذات صلة

نصائح لشراء هاتف مستعمل جيد

تكنولوجيا هواتف (رويترز-أرشيفية)

نصائح لشراء هاتف مستعمل جيد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن الهواتف الذكية الجديدة ليست رخيصة حالياً، وقد ترتفع أسعارها أكثر، في ظل تُفاقم التوترات التجارية العالمية واضطراب الصادرات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا امرأة تتحدث عبر الهاتف الجوال (رويترز)

ماذا تفعل إذا فُقد هاتفك أو سُرق؟

إليك ما ينبغي فعله عند وقوع الأسوأ. اتباع هذه الخطوات بسرعة يمكن أن يحميك من سرقة البيانات، والاحتيال، والخداع، وقد يُساعدك -مع قليل من الحظ- في استعادة هاتفك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا الميزة تتيح التحدث مباشرة مع «جيميناي» حول ما يظهر على الشاشة أو أمام الكاميرا من دون الحاجة للكتابة (شاترستوك)

«جيميناي» يفهم الآن الملفات والصور والفيديوهات... ويتفاعل صوتياً

«غوغل» تطلق ميزة «جيميناي لايف» لجميع أجهزة «آندرويد» متيحة التفاعل الصوتي مع المساعد الذكي عبر الكاميرا أو مشاركة الشاشة لفهم المحتوى مباشرة.

نسيم رمضان (لندن)
علوم هل تُفسد هواتفنا أدمغتنا حقاً؟

هل تُفسد هواتفنا أدمغتنا حقاً؟

تصفح الهاتف أضحى «رغبة فطرية» والمهم وضع حدود رقمية للحفاظ على الصحة النفسية

ستيفاني فودزا (واشنطن)
تكنولوجيا «لايت فون 3»: هاتف أقل ذكاءً... لدرء «تعفّن الدماغ»

«لايت فون 3»: هاتف أقل ذكاءً... لدرء «تعفّن الدماغ»

لا يحتوي على متصفح إنترنت

براين إكس تشن (نيويورك)

«يوتيوب» في عيده العشرين... ثورة ثقافية واقتصادية غيرت المحتوى الرقمي

تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي
تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي
TT
20

«يوتيوب» في عيده العشرين... ثورة ثقافية واقتصادية غيرت المحتوى الرقمي

تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي
تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي

في صباح الرابع عشر من فبراير (شباط) عام 2005، وبينما كان العالم يحتفل بعيد الحب، كان ثلاثة موظفين سابقين في شركة «باي بال» منشغلين بمشروع جانبي بدا بسيطاً. لم يكن ستيف تشين وتشاد هيرلي وجاويد كريم يدركون أن فكرتهم التي وُلدت في مرآب صغير بمدينة سان ماتيو في كاليفورنيا ستتحول إلى واحد من أعظم الابتكارات في التاريخ الرقمي الحديث. كانت الفكرة آنذاك بسيطة: إنشاء منصة تتيح للمستخدمين رفع ومشاركة مقاطع الفيديو بسهولة. لم تكن لديهم نية لتغيير العالم، ولكن ما بدأ كمجرد حل لمشكلة تقنية، أصبح لاحقاً ثورة إعلامية وثقافية عالمية.

يوتيوب... شرارة الانطلاق

في 23 أبريل (نيسان) 2005، نشر جاويد كريم مقطعاً مدته 19 ثانية أمام حظيرة الفيلة في حديقة حيوانات مدينة سان دييغو الأميركية. هذا الفيديو البسيط الذي حمل عنوان «أنا في حديقة الحيوانات» لم يكن مجرد بداية تقنية، بل كان لحظة ميلاد ثقافة جديدة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، حدث التحول الكبير عندما استحوذت «غوغل» على «يوتيوب» مقابل 1.65 مليار دولار في صفقة وصفت حينها بأنها مبالغ فيها، لكنها تحولت إلى واحدٍ من أنجح الاستثمارات في تاريخ التكنولوجيا. بدعم «غوغل»، انطلق «يوتيوب» إلى العالمية. لكن رحلة «يوتيوب» في العالم العربي سارت بشكل أبطأ، بسبب محدودية انتشار الإنترنت وضعف البنية التحتية الرقمية في ذلك الوقت.

«يوتيوب» عربياً

في عام 2010، أطلق «يوتيوب» واجهة المستخدم الخاصة بها باللغة العربية بهدف تمكين المشاهدين من مشاركة آرائهم وأصواتهم مع العالم، وإتاحة الفرص للتفاعل مع المحتوى المفضل لديهم. ومع تحسن خدمات الإنترنت، بدأ التأثير الحقيقي لـ«يوتيوب» يظهر في المنطقة العربية. ففي 2012، تمّ إطلاق برنامج «شركاء يوتيوب» لمساعدة صناع المحتوى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تحقيق مصدر دخل مستدام من خلال المحتوى الذي يبدعون فيه.

بحسب البيانات الجديدة الصادرة عن «يوتيوب»، زاد عدد القنوات التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقراً لها وتحقق إيرادات سنوية تزيد على مليون ريال سعودي بنسبة 40 في المائة. كما شهدت مصر زيادة بنسبة 60 في المائة في عدد القنوات التي تحقق إيرادات تتجاوز مليون جنيه مصري، بينما شهدت الإمارات العربية المتحدة نمواً بنسبة 15 في المائة في القنوات التي تحقق إيرادات تزيد على المليون درهم إماراتي سنوياً.

يؤكد نيل موهان، الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب»، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» على هامش دعوة خاصة لزيارة المقر الرئيسي للشركة في مدينة سان برونو بولاية كاليفورنيا بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق المنصة، التزام «يوتيوب» المتزايد بدعم نمو مجتمع المبدعين في السعودية والمنطقة العربية، واصفاً المملكة «بأنها من أكثر الأسواق حيوية وتأثيراً ثقافياً على مستوى العالم». وقد أشاد موهان «بدور المبدعين السعوديين في تجاوز الحدود المحلية وتصدير الثقافة إلى جمهور عالمي».

نيل يوهان الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (يوتيوب)
نيل يوهان الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (يوتيوب)

دعم إقليمي متصاعد

وعلى الرغم من عدم تأكيده لـ«الشرق الأوسط» عن خطط حالية لإنشاء مركز إقليمي لـ«يوتيوب» للمبدعين في السعودية، فإن موهان سلّط الضوء على مبادرة جديدة تحت مسمى «مجموعات المبدعين»، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز الترابط بين المبدعين وبناء مجتمعات إنتاجية مستدامة. وشرح موهان ذلك قائلاً: «واحد من أكثر الطلبات التي نسمعها من المبدعين هو رغبتهم في التواصل مع بعضهم البعض ليس فقط مع فريق (يوتيوب)». وذكر أن هذه المجموعات مبنية على اهتمامات مشتركة أو مجالات محتوى متقاربة، وقد بدأ «يوتيوب» فعلاً بتطبيقها في المنطقة. وأضاف أن هذا نموذج جديد نسبياً، لكن «يوتيوب» يعتزم الاستمرار في الاستثمار فيه؛ لأنه يساعد على بناء مجتمعات حقيقية تتبادل الخبرات وتنمو معاً.

من جهته، قال جافيد أصلانوف، رئيس «يوتيوب» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن المنصة «أصبحت جزءاً من النسيج الرقمي والاجتماعي في المملكة». وأشاد أصلانوف بأهمية العلاقة التي بناها «يوتيوب» مع المجتمع في السعودية. وقال: «نركز بشكل كبير على مواصلة الاستثمار في ثلاثة محاور رئيسية: الابتكار في المنتج، وبناء القدرات، وتحقيق الدخل».

جافيد أصلانوف رئيس «يوتيوب» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (يوتيوب)
جافيد أصلانوف رئيس «يوتيوب» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (يوتيوب)

الربيع العربي وتحول الأدوار

مع اندلاع أحداث الربيع العربي في 2011، اكتسب «يوتيوب» بعداً جديداً في المنطقة. تحول من منصة ترفيهية إلى أداة توثيق وتغيير اجتماعي. في الجانب الثقافي، شهدت هذه الفترة ظهور موجة جديدة من صناع المحتوى العرب الذين استخدموا اللهجات المحلية بطلاقة. الأهم من ذلك، بدأت تظهر نماذج اقتصادية جديدة. فبعض القنوات الصغيرة على «يوتيوب» تحولت إلى شركات إنتاج قائمة بذاتها. ففي مايو (أيار) 2024، وصل «يوتيوب» إلى 20 مليون شخص في السعودية، و7.5 مليون شخص في الإمارات ممن تزيد أعمارهم على 18 عاماً. وفي قطر، وصلت إلى أكثر من 1.7 مليون شخص ضمن الفئة العمرية 25 - 54 عاماً خلال الفترة نفسها.

منصة لأصوات متنوعة

على مر السنوات، أضحى «يوتيوب» منصة لأصوات متنوعة، بدءاً من البرامج الكوميدية السعودية الرائدة مثل برنامج «نون النسوة» للإعلامية هتون قاضي، ومسلسل الرسوم المتحركة «مسامير»، وصولاً إلى قناة «عالم الزراعة» لمحمد عبد الحفيظ، والتي حصدت نصائحه الزراعية أكثر من 102 مليون مشاهدة حتى الآن. كما شهدت المنصة بعضاً من أبرز اللحظات الأيقونية في المنطقة، بدءاً من تسلّم جلالة الملكة رانيا العبد الله جائزة «يوتيوب لصاحبة الرؤية» (YouTube Visionary Award)، ومروراً برقصة «هارلم شيك» الشهيرة عند أهرامات مصر، وحملة «أبو فلة» لجمع التبرعات للاجئين، ووصولاً إلى حلقة بودكاست «ثمانية» عن العلاقات التي سجلت رقماً قياسياً في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. وحتى شهر أبريل 2025 تم رفع أكثر من 20 مليار مقطع فيديو على «يوتيوب».

ازداد عدد القنوات السعودية التي تحقق إيرادات تفوق مليون ريال سنوياً بنسبة 40 في المائة ما يعكس نمو اقتصاد المبدعين في المملكة (يوتيوب)
ازداد عدد القنوات السعودية التي تحقق إيرادات تفوق مليون ريال سنوياً بنسبة 40 في المائة ما يعكس نمو اقتصاد المبدعين في المملكة (يوتيوب)

نقلة في المحتوى

مع تغيّر أساليب المشاهدة، يواصل «يوتيوب» تطوير منتجه ليتماشى مع تطلعات المستخدمين وصنّاع المحتوى. وبهدف مساعدة المزيد من صناع المحتوى على مشاركة قصصهم بالطريقة الأكثر ملاءمة لهم ولجمهورهم، بدأ «يوتيوب» بتوفير مجموعة متنوعة من تنسيقات المحتوى، بدءاً من الفيديو حسب الطلب (VOD)، والبودكاست، والبث المباشر وصولاً إلى جلب محتوى صناع المحتوى إلى شاشة التلفزيون. ففي مايو 2024، وصل «يوتيوب» إلى أكثر من 12 مليون شخص في السعودية، وأكثر من 2.5 مليون شخص في الإمارات عبر شاشات «التلفزيون المتصل بالإنترنت» و600 ألف شخص في قطر ممن تزيد أعمارهم على 18 عاماً. يقول جافيد أصلانوف إن ذلك يأتي في إطار مواصلة «يوتيوب» دعم تجربة متعددة الصيغ ومتعددة الشاشات للمشاهدين وصنّاع المحتوى. ويعد بأن صنّاع المحتوى يتمتعون اليوم بمرونة أكبر في تقديم قصصهم بالطريقة التي يفضلونها. ومع تصاعد استخدام التلفزيونات الذكية، يرى أصلانوف أن التحول لا يتعلق بالراحة فقط، بل بقيمة التجربة أيضاً.

اقتصاد المبدعين

وفقاً لبيانات «ستاتستا» 2024، فإن اقتصاد المبدعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشهد نمواً متسارعاً. وأصبحت المنصات الرقمية مصدر دخل رئيسياً لكثير من الشباب في العالم العربي. كما أن الشركات والعلامات التجارية بدأت في التعاون مع هؤلاء المبدعين للوصول إلى جمهور أوسع بطرق أكثر تفاعلية وأصالة. تشير بيانات «يوتيوب» إلى أن المنصة دفعت نحو 70 مليار دولار لصنّاع المحتوى والفنانين والشركات الإعلامية حول العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، ويشترك معها اليوم أكثر من 3 ملايين منشئ محتوى، نصفهم بدأ رحلته قبل أكثر من 10 سنوات.

لا يقتصر الأمر على الإعلانات. يقول أصلانوف إن المنصة قامت في عام 2023 بتوسيع برنامج «شركاء يوتيوب» ليتمكن الآلاف من صنّاع المحتوى في سبع دول، من ضمنها السعودية، من تحقيق الدخل لأول مرة باستخدام أدوات التمويل الجماهيري مثل «سوبر تشات» و«سوبر ثانكس» و«سوبر ستيكرز» وعضويات القنوات. كما يشير أصلانوف إلى دور «يوتيوب بريميوم» في دعم الدخل، قائلاً إن «جزءاً كبيراً من إيرادات الاشتراكات المدفوعة يذهب إلى شركاء (يوتيوب)».

وصف الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب» نيل موهان السعودية بأنها واحدة من أكثر الأسواق حيوية وتأثيراً ثقافياً على مستوى العالم (أدوبي)
وصف الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب» نيل موهان السعودية بأنها واحدة من أكثر الأسواق حيوية وتأثيراً ثقافياً على مستوى العالم (أدوبي)

بناء القدرات

أحد محاور دعم المنصة لصنّاع المحتوى هو بناء القدرات من خلال التدريب والدعم. من أبرز المبادرات في هذا المجال، برنامج «بطلة يوتيوب»، الذي يهدف إلى تمكين النساء في مجال صناعة المحتوى. في 2024، تخرّج أكثر من 500 امرأة من مختلف أنحاء المنطقة في البرنامج، بحسب أصلانوف. كما أشار إلى التعاون المستمر مع جهات محلية مثل هيئة الموسيقى السعودية لتنمية المواهب الإبداعية وصقل المهارات الرقمية.

التحديات والتحولات

لم تكن السنوات الأخيرة سهلة على المنصة. فقد واجهت تحديات تتعلق بالرقابة من جهة، واحتدام المنافسة من منصات مثل «تيك توك» من جهة أخرى. لكن «يوتيوب» استجاب بإطلاق «يوتيوب شورتس» محلياً، ودعم صيغ الفيديو القصير بميزات تنافسية مثل الترجمات التلقائية والدبلجة الذكية.

خوارزميات تراعي الثقافة

فيما يخص سياسات المنصة وخوارزمياتها، يوضح أصلانوف أن نظام التوصية مبني على أكثر من 80 مليار إشارة تهدف إلى إيصال المستخدم للمحتوى الذي يهمه بالفعل. كما أشار إلى أن «يوتيوب» يستجيب لطلبات إزالة المحتوى المخالف للقوانين المحلية فقط بعد مراجعة دقيقة.

يعتمد «يوتيوب» بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المشاهدة وتوفير أدوات متقدمة للمبدعين مثل التلخيص الذكي والدبلجة التلقائية (يوتيوب)
يعتمد «يوتيوب» بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المشاهدة وتوفير أدوات متقدمة للمبدعين مثل التلخيص الذكي والدبلجة التلقائية (يوتيوب)

دور الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية مساعدة في «يوتيوب»، بل تحول إلى محرّك رئيسي للابتكار. أصبح بإمكان المستخدمين طرح أسئلة في أثناء مشاهدة الفيديو والحصول على إجابات مباشرة، إضافة إلى أدوات تلخيص المحتوى وتوليد صور مصغّرة وعناوين جذابة تلقائياً لصنّاع المحتوى.

عبر تبويب «إنسبيرايشون» في «يوتيوب استديو» يمكن للمبدعين توليد أفكار جديدة لفيديوهاتهم، والحصول على عناوين جذابة وصور مصغرة مستندة إلى تفضيلات جمهورهم. وتبرز هنا أداة «دريم سكرين»، التي تمكّن منشئي «شورتس» من ابتكار خلفيات وصور باستخدام وصف نصي فقط، مما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع بأسلوب سريع وفعّال. وفي خطوة رائدة لكسر حواجز اللغة، أطلق «يوتيوب» ميزة «أوتو دابنغ»، التي تسمح بدبلجة الفيديوهات تلقائياً إلى لغات متعددة (العربية قريباً) مع الحفاظ على نبرة الصوت الأصلية. هذه الميزة تتيح لصناع المحتوى توسيع نطاق جمهورهم دولياً، دون الحاجة لإعادة تسجيل الصوت أو إنتاج نسخ جديدة من الفيديو، مما يعزز من فرص الانتشار والوصول إلى شرائح أوسع حول العالم.

من الماضي نحو المستقبل

من فيديو مدته 19 ثانية أمام قفص فيلة، إلى منصة تُشاهد فيها مليارات الساعات يومياً، رحلة «يوتيوب» لم تكن عادية. السؤال اليوم لم يعد: كيف غيّر «يوتيوب» العالم؟ بل: كيف سيغيّر العالم شكل «يوتيوب» في العقد المقبل؟ الإجابة تبدأ مع كل فيديو جديد وكل قناة ناشئة وكل فكرة تُطرح. فالمستقبل لم يعد مجرد مشاهدة... بل مشاركة وإبداع وتغيير.