برايان هوك لـ {الشرق الأوسط}: طهران تنشر الصواريخ بشكل متسارع إقليمياً

مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران قال إن ترمب لن يلتقي روحاني وحذر من تعميم نموذج لبنان في المنطقة

الدبلوماسي الأميركي برايان هوك في أول ظهور له بعد تسلمه منصب المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران منتصف أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
الدبلوماسي الأميركي برايان هوك في أول ظهور له بعد تسلمه منصب المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران منتصف أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

برايان هوك لـ {الشرق الأوسط}: طهران تنشر الصواريخ بشكل متسارع إقليمياً

الدبلوماسي الأميركي برايان هوك في أول ظهور له بعد تسلمه منصب المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران منتصف أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
الدبلوماسي الأميركي برايان هوك في أول ظهور له بعد تسلمه منصب المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران منتصف أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

على أسابيع قليلة من دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ مطلع الشهر المقبل، يبدو أن الأزمة الإيرانية تدخل مرحلة جديدة من التعقيد كل يوم منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخروج من الاتفاق النووي في مايو (أيار) الماضي.
بدت مظاهر التعقيد في تعنت طهران من جانب، واستمرار الاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم السياسي لإقناع الإيرانيين بمواصلة الالتزامات الاتفاق النووي.
ورغم وضوح موقف الإدارة الأميركية بشأن إيران منذ اليوم لتولي ترمب السلطة، فإن المستجدات على أرض الواقع توحي بأن واشنطن لم تظهر بعد ما تخفيه جعبتها تجاه طهران، وأن الأسوأ ما زال لم يعلن بعد.
يقول البيت الأبيض إن العقوبات المقبلة لن تكون سوى جزء من حزمة إجراءات غير مسبوقة ستتخذها لإجبار النظام الإيراني على التراجع عن سياسته الإقليمية المخربة والعودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، وفي المقابل تقول إن «حزمة غير مسبوقة من الحوافز تنتظر طهران إذا تراجعت عن سلوكها العدواني». ويبقى السؤال الأهم هو، إلى أي مدى سيستمر النظام الإيراني في سياساته وإلى أي حد يمكن أن تصل العقوبات الأميركية على طهران لإجبارها على الجلوس على مائدة المفاوضات، والاستجابة لمطالب الشعب الإيراني والمجتمع الدولي.
كشف مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران، برايان هوك في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» عن أن «الاتفاق النووي ساعد طهران على التوسع في تمويل الإرهاب» واتهم النظام بالسعي وراء تكرار نموذج لبنان في المنطقة، لافتا إلى أن العقوبات لا تريد إلحاق الأذى بالاقتصاد الإيراني ولكننا نستهدف النظام.
وقال هوك إن «تهديدات إيران للعالم تتخطى برنامجها النووي... والعقوبات ستجبرها على العودة إلى طاولة المفاوضات».
- ذكرتم أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى توقيع اتفاق شخصي مع إيران، بل معاهدة ملزمة للطرفين. لماذا ترغبون في توقيع معاهدة؟ وما هو الفرق بينها وبين خطة العمل المشترك (الاتفاق النووي) التي تم توقيعها من الرئيس أوباما عام 2015؟
- هذا سؤال جيد. كثير من الناس لا يفهمون النظام الحكومي للولايات المتحدة. المعاهدة تضمن البقاء والاستمرارية ولا تتأثر بتغير الإدارات الأميركية، لأنها تتطلب موافقة الكونغرس وتصديقه عليها. الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015 من قبل الرئيس باراك أوباما لم يتم الموافقة عليه في الكونغرس.
ونظرا لأن الرئيس لم يتمكن من الحصول على الأصوات الكافية في مجلس الشيوخ للتصديق على الاتفاق، فسعى إلى جعله اتفاقا شخصيا، بحيث يكفي توقيعه عليه حتى يصبح نافذا. وهو ما يعني أن الاتفاق كان عرضة للتعديل أو الإلغاء من قبل أي رئيس أميركي قادم، حيث إنه يظل معمولا به طالما ظل الرئيس الذي وقع عليه في السلطة. وبمجرد تركه للمنصب يصبح هذا الاتفاق دون صفة قانونية. ولذلك نحن نرى أن أي اتفاق مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي، يجب أن يكون في إطار اتفاقية ملزمة للطرفين وتضمن بقاءها واستمرارها مهما تغيرت الحكومات أو الإدارات في الدولتين.
على الجانب الآخر، فإن المعاهدة التي نسعى إلى توقيعها سوف تشمل كثيرا من الجوانب التي تجاهلها الاتفاق النووي، ولن تقتصر فقط على معالجة البرنامج النووي الإيراني، بل ستمتد إلى سلوك طهران في المنطقة. وبتوقيع هذه المعاهدة يمكننا أن نصل إلى علاقة أفضل مع طهران. وكما ذكر الرئيس ترمب ووزير الخارجية مايك بومبيو، نحن نسعى إلى تعديل سلوك إيران لتصبح كباقي الدول، وعندما يحدث ذلك فسوف تتمتع طهران بمزايا الدول الأخرى.
- هل ذلك يعني أن المعاهدة ستكون شاملة، بحيث تتضمن وضع ضوابط على سلوك إيران في المنطقة؟
- نعم. الخطأ الموجود في الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 أنه كان مقتصرا فقط على الجانب النووي. ولكن عندما ننظر إلى مدى التهديدات الإيرانية حول العالم، فسنجد أنها تتخطى مسألة البرنامج النووي. هذه التهديدات تتضمن العدوان على الملاحة البحرية، والهجمات الإلكترونية، وتصدير ثورتها، وإرهاب الدول الأخرى، وزعزعة استقرار جيرانها، والقيام بعمليات اغتيالات وتفجيرات في الدول الأخرى. على مدى تسعة وثلاثين عاما، طهران كان لها سجل حافل بالعنف، وعليها التوقف عن تصدير الثورة.
- هل بنود المعاهدة التي تسعون للتوقيع عليها مع طهران جاهزة، وأنكم فقط تنتظرون القادة الإيرانيين للموافقة على التفاوض حتى تعرضون عليهم التفاصيل؟
- لقد أكد وزير الخارجية أن آذاننا صاغية إذا رغبت إيران في الحديث. وفيما يتعلق بالجوانب التي سوف تشملها المعاهدة، فقد أعلنت الولايات المتحدة النقاط التي يجب أن نناقشها مع طهران للتوصل إلى اتفاق يكون بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية. وجميع الجوانب التي نسعى لمناقشتها مع طهران تأتي في مصلحة المواطنين الإيرانيين الذين نادوا بالإصلاح داخل دولتهم. والإدارة الأميركية الحالية كانت واضحة منذ اليوم الأول أنها تقف مع الشعب الإيراني في مناداته بالإصلاح، لأن كثيرا من جوانب الإصلاح التي يدعو إليها الشعب الإيراني هي نفسها الإصلاحات التي نسعى إلى إقناع إيران بها. ولقد حددنا شكل مستقبل العلاقات بين الدولتين بناء على تغيير سلوك النظام الإيراني، وتنفيذه لهذه الإصلاحات التي يطالب بها الشعب في المقام الأول. ولقد حددنا أيضا المزايا التي سيحصل عليها الجانب الإيراني في إطار العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة. وأنا على يقين أن هناك بعض الجوانب التي ترغب إيران في مناقشتها معنا. ولكن القادة الإيرانيين لم يرغبوا، حتى الآن، في الحديث، لا توجد مشكلة. الأمر يرجع إليهم، لكن آذاننا صاغية إذا أرادوا الحديث.
- ما الذي يجبر إيران على التوقيع على هذه المعاهدة، في حين أنهم يستفيدون، حتى الآن، من الاتفاق النووي وما زالوا يحصلون على مكاسب ومساعدات من الاتحاد الأوروبي في إطار هذا الاتفاق؟
- ربما لم يرغب الإيرانيون في اللجوء إلى طاولة المفاوضات الآن، ولكن التاريخ يثبت أن طهران تعود إلى المفاوضات عندما تزداد الضغوط عليها بالشكل الكافي. في عام 2006 بدأت العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي، وبحلول عام 2013 رضخت طهران ووافقت على التفاوض، وبدأت الأطراف المعنية في التفاوض حول الاتفاق الذي تم توقيعه عام 2015.
لا يوجد سبب في عدم عودة هذه الظروف التي جعلت إيران توافق على التفاوض في عام 2013. وعند عودة هذه الظروف، التي تمثلت في الضغوطات والعقوبات، فسيلجأ النظام الإيراني إلى إعادة التفكير في جدوى سلوكه وحساب التكلفة والمكاسب من ذلك حتى الآن، بسبب المزايا التي حصلوا عليها من الاتفاق النووي والعقوبات التي تم رفعها في إطاره، اعتقد النظام أنه يمكنه تعميق سلوكه الشرير والتوسع في أنشطته العدوانية، بعد أن أصبح لديهم مزيد من الأموال لإنفاقها على الإرهاب وبرنامج الصواريخ عابرة القارات، والأنشطة الشريرة الأخرى.
نحن نسعى حاليا لوقف هذه التمويلات التي ساعدت النظام على تمويل أنشطته الإرهابية، وزعزعة الاستقرار في الدول المجاورة. سوف يحدث ذلك من خلال حزم العقوبات التي نفرضها عليهم. وتتوقف قنوات الإيرادات التي تحصل منها إيران على التمويل اللازم لهذه الأنشطة. بالطبع لن نستطيع وقف كل هذه الأنشطة وكل تلك القنوات لكننا سنوقف كثيرا منها. وسوف يتساءل النظام، حينئذ، إلى أي مدى يمكنه الاستمرار في القيام بأنشطته المشينة.
عندما قررت الولايات المتحدة الخروج من الاتفاق النووي في مايو الماضي، بدأنا في إعادة فرض العقوبات التي تم رفعها في إطار الاتفاق. ونحن الآن في طريقنا إلى فرض حزمة جديدة من العقوبات على النظام الإيراني. وسنرى كيف تسير الأمور. حاليا نحن نشهد تراجعا كبيرا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إيران بسبب تشديد العقوبات الأميركية عليها، خاصة فيما يتعلق بالقنوات والتحويلات البنكية، فضلا عن مشكلة التضخم، وتدهور العملة المحلية. كما أنهم يواجهون كثيرا من المشكلات الاقتصادية لأنهم يديرون الاقتصاد بشكل سيء، ويتخذون قرارات كثيرة سيئة، وينفقون أموالا كثيرة علي بث العنف في الشرق الأوسط. عند مرحلة ما، يجب على النظام الإيراني النظر إلى سلوكه من مبدأ العائد والتكلفة. هذا نظام ثوري. إنه آخر نظام ثوري في العالم. ونريد منهم أن يتجهوا لاتخاذ قرارات جيدة من أجل شعبهم. وعندما يرغبون في تطبيق ذلك، فسنكون سعداء للتحدث عن مستقبل أفضل لهم.
- في أي مفاوضات، عليك أن تقدم شيئا لتحصل على شيء آخر في المقابل، هل المعاهدة التي تسعون لتوقيعها مع الإيرانيين تتضمن حوافز ومزايا أكثر من تلك الموجودة بالاتفاق النووي؟
- بالطبع ستكون الحوافز أكثر بكثير من الموجودة في الاتفاق النووي. إذا توقفت إيران عن سلوكها فسوف نرحب بدمجها في الاقتصاد العالمي بدلا من فرض العقوبات عليها. خلال العقود الماضية، تعرضت إيران لكثير من العقوبات الدولية التي أصابت الاقتصاد الإيراني بشكل كبير. وليس هدفنا هو إصابة الاقتصاد ولكن الهدف الذي نسعى إليه هو جعل النظام يعيد التفكير فيما يفعله. فمهما كانت المكاسب التي يظن النظام أنه يحصل عليها من أنشطته الشريرة فإنها أقل بكثير من التكلفة التي يتحملها الاقتصاد والشعب الإيراني. ونحن على استعداد لتقديم مزايا عظيمة وكبيرة سوف تستمر لعقود إذا قرروا المضي في الطريق الصحيح.
- حتى الآن، الاتحاد الأوروبي لم يوافق على إلغاء الاتفاق النووي، وما زال مستمرا في تقديم المساعدات إلى طهران لإقناعها بالبقاء في الاتفاق. ماذا فعلتم مع الأوروبيين لإقناعهم برؤيتكم فيما يتعلق بالمعاهدة الجديدة التي تسعون لتوقيعها؟
- نحن اتخذنا قرارنا بالخروج من الاتفاق النووي والدول الأخرى تحتاج إلى اتخاذ ما يناسبها من القرارات وفقا لرؤيتها. وإذا رغبت الأطراف الأخرى في الاتفاق، بما في ذلك روسيا والصين، في الاستمرار في البقاء في الاتفاق، فهذا يرجع إليهم. وسوف نركز جهودنا الدبلوماسية على جميع الجوانب الأخرى التي تجاهلها الاتفاق النووي. وهذا يتضمن حزمة كبيرة من الأنشطة بخلاف مسألة البرنامج النووي. وهذا الأمر مهم جدا بالنسبة لنا. وعندما تحدثت إلى نظرائي في الاتحاد الأوروبي، وجدت أنهم يشاركوننا في التقييم الذي نراه فيما يتعلق بالتقصير الموجود في الاتفاق النووي. فإيران تنشر صواريخها الباليستية بمعدل متسارع في سوريا والعراق ولبنان. وحاليا يحاولون إعادة النموذج اللبناني، الذي يتضمن «حزب الله» التابع لطهران، في العراق وسوريا واليمن. ويقدمون الدعم للميليشيات الحوثية في اليمن حتى يقوموا بإطلاق الصواريخ على السعودية. هناك كثير من الدول تتفهم جيدا أن التهديدات التي تفرضها إيران تتخطى مجرد البرنامج النووي. ومن الخطأ أن تقتصر المناقشات مع إيران على البرنامج النووي الذي يعد جانبا واحدا فقط من تهديدها للأمن والسلم الدوليين.
- إذن لماذا لم تشارككم الدول الأخرى في قراركم بالخروج من الاتفاق النووي؟
- أعتقد أن العالم يريد أن يرى الشعبين الأميركي والإيراني يصلان إلى مرحلة أفضل من الفهم المتبادل. لا نعتقد أن النظام الحالي في إيران يمثل الشعب الإيراني. أرى أن النظام الحالي يقوم بوظيفة سيئة في تمثيل الشعب الإيراني ورعاية مصالحه. ولذلك نحن نعتقد أن هناك مستقبلا أفضل للشعبين الأميركي والإيراني ولكن العائق الحقيقي للوصول لهذا المستقبل هو النظام الحالي الذي يقمع شعبه وينتهك حقوقهم. ولذلك فإن الشعب الإيراني هو أكثر ضحايا النظام الحالي، ونحن شاهدنا ذلك في المظاهرات التي اجتاحت الشوارع الإيرانية، وعبر فيها المواطنون عن حاجتهم للإصلاح. ونرى أنه من المهم جدا للشعب الإيراني الاستمرار في الحديث وتوصيل أصواتهم والمطالبة بجميع الأشياء التي لهم كل الحق في المطالبة بها.
- إذا حدث وتوصلتم إلى معاهدة مع إيران، فهل سيعني ذلك إلغاء الاتفاق النووي، أم يمكن التوقيع على المعاهدة بجانب استمرار الاتفاق؟
- من الصعوبة التنبؤ بما سوف يحدث في هذا الصدد، ولكن منهجنا هو إدراج جميع الجوانب التي تشكل تهديدا من الجانب الإيراني على السلم والأمن الدوليين في أي اتفاق جديد. ما نسعى إلى تحقيقه هو التوصل إلى اتفاقية شاملة تتضمن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وسلوكها الشرير مع جيرانها، فضلا عن مسألة البرنامج النووي. وهذه هي الجوانب التي سنسعى للتوصل إليها إذا رغبوا في التحدث معنا.
- الرئيس ترمب سوف يترأس جلسة عن إيران خلال اجتماعات الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، هل هناك أي ترتيبات أو اتصالات لترتيب لقاء محتمل بين الرئيس والقادة الإيرانيين؟
- الرئيس سوف يلقي كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والرئيس كان واضحا فيما يتعلق باستعداده للتفاوض مع إيران، لكن النظام الإيراني قال إنه غير مهتم للتحدث معنا، وهذا موقفهم حتى الآن، وبالتأكيد أنا لا أتوقع أي لقاء بين الرئيس ترمب والقادة الإيرانيين خلال الاجتماعات المقبلة في الأمم المتحدة. نحن مستمرون في حملتنا وجهودنا الدبلوماسية، وحملتنا لفرض أقصى العقوبات على النظام حتى يعدلوا عن سياستهم الحالية والبدء في اتخاذ قرارات جيدة للشعب الإيراني.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.