«رصيف ذكي» في تقاطع الطرقات الخطيرة للحد من حوادث السير

يرصد وزن المركبات ومسارها وسرعتها

TT

«رصيف ذكي» في تقاطع الطرقات الخطيرة للحد من حوادث السير

شرعت سلطات ولاية كولارادو الأميركية في اختبار تقنية جديدة توضع في الطرقات لتحولها إلى «طرقات ذكية». وقد أنهت شركة ناشئة أخيرا عمليات لإضافة «رصيفها الذكي» إلى تقاطع في المنطقة الصناعية في مدينة دنفر. وقد غطت الشركة التجهيزات الإلكترونية لهذا الرصيف بأربعة ألواح خراسانية.

«رصيف ذكي»

تقول شركة «إنتغريتد رودويز» إن منتجها، القادر على استنتاج سرعة ووزن واتجاه المركبة من خلال مجموعة من أجهزة الاستشعار المزروعة أسفل الرصيف، سيخضع لأول اختبار له عل أرض الواقع في التقاطع. وعندها، ستصبح الشركة قادرة على استخدام البيانات الصادرة عنه لتحذير السلطات من الحوادث، أو حث المسؤولين على إعادة تصميم الطرق لتخفيف حدة الازدحام المروري. إنها واحدة من مقاربات ما يعرف بالـ«الطرق الذكية» التي تهدف إلى دمج الاستشعار والذكاء بوسائل تقلل مخاطر وأعباء السفر بالنقل البري.
في حال نجاح هذا الاختبار، ستعمل «إنتغريتد رودويز» على استبدال 500 متر من الأرصفة على طول منحنى خطر في طريق 285 السريع جنوب دنفر، بمنتجها في أوائل 2019. وتهدف عملية الاستبدال هذه إلى رصد لحظات انحراف السائقين عن حافة الطريق، أي السبب الرئيسي لعشرات الحوادث التي تقع سنوياً على الطرق السريعة لجبال كولورادو.
قدمت إدارة كولورادو للنقل للشركة مبلغ 2.75 مليون دولار لتمويل المشروعين. في أماكن أخرى، تعمل الطرقات الذكية على مراقبة حركة السير، وتوجيه السائقين إلى مساحات الركن الشاغرة، وإصدار مخالفات السرعة الأوتوماتيكية، أو التحذير من الطرقات الجليدية القريبة، بالإضافة إلى عمل بعضها على قياس نوعية الهواء أو الإنصات إلى حوادث إطلاق النار. تتضمن هذه الأنظمة جميعها مزيجاً من أجهزة الاستشعار والمعالجة والألياف البصرية أو الشبكات اللاسلكية.

رصد المركبات

لتطوير نسختها الخاصة من هذه الطرق، بدأت «إنتغريتد رودويز» باستخدام قطعة من الخرسانة المصنعة على شكل لوح بدل صبها في الموقع. وأضافت لكل لوح ثلاثة مقاييس سرعة محورية تقيس الذبذبات لتوقع خط سير العربة وموعد وصولها. يعمل واحد من الألياف البصرية على رصد الضغط على الرصيف من خلال قياس التغيرات الطفيفة في سفر الضوء عبر السلك، في الوقت الذي يقيس فيه مقياس للمغناطيسية عرض محور السيارة لمساعدة النظام في معرفة نوع المركبة التي تقترب.
تساهم أجهزة الاستشعار هذه إلى جانب وحدتين للمعالجة المركزية، في تحديد مركز، وحجم، وسرعة، ومسار العربات في الوقت الحالي. في المقابل، تعمل أداة لتحديد الاتجاه بشكل منفصل على تسجيل مركز اللوح الخرساني نفسه لتحديد ما إذا كانت الطريق تحركت من مكانها.
ترسل أجهزة الاستشعار بياناتها عبر اتصال بالإيثرنت (تنتقل فيه الطاقة والبيانات عبر السلك نفسه) لمراكز تحكم تفصل بينها مسافة 800 متر على امتداد الطريق.
ويعمل كل مركز للتحكم كمركز للبيانات مجهز برفوف للخادم وقاعدة محطة لاسلكية، ليستمد النظام بكامله طاقته من الشبكة.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً