«مايو كلينيك»: الذكاء الاصطناعي في ميدان الرعاية الصحية

تقرير حول مستقبل العناية بالمرضى وإدارة الخدمات الصحية

«مايو كلينيك»: الذكاء الاصطناعي في ميدان الرعاية الصحية
TT

«مايو كلينيك»: الذكاء الاصطناعي في ميدان الرعاية الصحية

«مايو كلينيك»: الذكاء الاصطناعي في ميدان الرعاية الصحية

أصدرت مؤسسة «مايو كلينيك» الطبية الأميركية، اليوم (الأربعاء)، تقريراً حول توجهات توظيف نظم الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية.

ذكاء اصطناعي طبي

نظم الذكاء الاصطناعي: التكنولوجيا التي تمكّن أجهزة الكومبيوتر من تنفيذ أعمال قد تتطلب عقلاً بشرياً نتيجة قدرتها على الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات، يمكن تدريبها على حل المشكلات وتحديد الأنماط وتقديم التوصيات في شتى الميادين. وقد وظفت هذه النظم في مجموعة متنوعة من تطبيقات الرعاية الصحية.

ويتطرق تقرير أعدّه الفريق الصحافي في «مايو كلينيك» إلى ما يمكن أن تقدمه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. وأشار في بدايته إلى فوائد الذكاء الاصطناعي، إذ حدّد تقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للطب الأميركية National Academy of Medicine، ثلاث فوائد محتملة للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية:

- تحسين النتائج لكل من المرضى والفرق السريرية

- خفض تكاليف الرعاية الصحية

- تحسين صحة السكان

ويستخدم الذكاء الاصطناعي في كل سلسلة الرعاية المستمرة اليوم بدءاً من الفحوصات الوقائية حتى التشخيص والعلاج. ويتجسد ذلك في مثالين: الرعاية الوقائية، وتقييم المخاطر.

الرعاية الوقائية - تشخيصات أسرع

يمكن لفحوصات السرطان التي تستخدم الأشعة، مثل تصوير الثدي بالأشعة السينية أو فحص سرطان الرئة، الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحقيق النتائج بشكل أسرع. على سبيل المثال، في مرض الكلى المتعدد الكيسات (PKD) polycystic kidney disease، اكتشف الباحثون أن حجم الكلى - على وجه التحديد، السمة التي تعرف باسم إجمالي حجم الكلى - يرتبط بمدى سرعة انخفاض وظائف الكلى في المستقبل. لكن تقييم الحجم الإجمالي للكلى، الذي يكون غنياً بالمعلومات الطبية، يتطلب تحليل العشرات من صور الكلى، شريحة تلو أخرى - وهي عملية شاقة يمكن أن تستغرق نحو 45 دقيقة لكل مريض.

بفضل الابتكارات التي تم تطويرها في مركز PKD في «مايو كلينيك»، يستخدم الباحثون الآن الذكاء الاصطناعي لأتمتة العملية، وتحقيق النتائج في غضون ثوانٍ. وعلق الدكتور برادلي جي إريكسون، مدير مختبر معلوماتية الأشعة في المؤسسة، بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكمل العمل الشاق أو الذي يستغرق وقتاً طويلاً لاختصاصيي الأشعة، مثل تتبع الأورام والهياكل، أو قياس كميات الدهون والعضلات.

تقييم المخاطر – رصد أمراض القلب

في دراسة حول أمراض القلب أجرتها «مايو كلينيك»، نجح الذكاء الاصطناعي في تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بخلل في البطين الأيسر، وهو الاسم الطبي لـ«مضخة القلب الضعيفة» weak heart pump، على الرغم من عدم ظهور أعراض ملحوظة على أولئك الأفراد. وليس هذا «التقاطع» هو الوحيد بين تشخيصات أمراض القلب وبين الذكاء الاصطناعي. يقول الدكتور بافيك باتيل كبير مسؤولي الذكاء الاصطناعي في المؤسسة: «لدينا الآن نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه أن يقول بالمصادفة: مرحباً، لديك الكثير من الكالسيوم في الشريان التاجي، وأنك معرض لخطر كبير للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية خلال خمس أو عشر سنوات».

صحة عموم السكان

كيف يمكن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أن تدفع إلى تقدم أسرع في الطب والصحة العامة؟

عندما يتعلق الأمر بدعم الصحة العامة للسكان، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأشخاص على إدارة الأمراض المزمنة بأنفسهم - مثل الربو والسكري وارتفاع ضغط الدم - من خلال ربط بعض الأشخاص بالفحص والعلاج المناسبين، وتذكيرهم باتخاذ الخطوات اللازمة لرعايتهم، مثل تناول الدواء.

يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً في تعزيز المعلومات حول الوقاية من الأمراض عبر الإنترنت، والوصول إلى أعداد كبيرة من الأشخاص بسرعة، وحتى تحليل النص على وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بتفشي العدوى، مثل عدوى «كوفيد».

على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن عمليات البحث عبر الإنترنت عن المصطلحات المتعلقة بـ«كوفيد-19» كانت مرتبطة بحالات «كوفيد-19» الفعلية. هنا، كان من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمكان حدوث تفشي المرض، ومن ثم مساعدة المسؤولين على معرفة أفضل طريقة للتواصل واتخاذ القرارات للمساعدة في وقف انتشار المرض.

رعاية فائقة للمرضى

كيف يمكن أن تساعد حلول الذكاء الاصطناعي في توفير رعاية فائقة للمرضى؟ قد تعتقد أن الرعاية الصحية التي يقدمها الكومبيوتر لا تعادل ما يمكن أن يقدمه الإنسان. وهذا صحيح في كثير من الحالات، لكنه ليس هو الحال دائماً.

أظهرت الدراسات أنه في بعض المواقف، يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بعمل أكثر دقة من البشر. على سبيل المثال، قام الذكاء الاصطناعي بعمل أكثر دقة من أساليب علم الأمراض الحالية في التنبؤ بمن سينجو من ورم الظهارة المتوسطة mesothelioma الخبيث، وهو نوع من السرطان يؤثر على أنسجة الأعضاء الداخلية. يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد سلائل (الكتل الهلامية) القولون، وقد ثبت أنه يحسن دقة تنظير القولون ويشخص سرطان القولون والمستقيم بنفس الدقة التي يستطيعها أطباء المناظير الماهرون.

في دراسة أجريت على أحد منتديات وسائل التواصل الاجتماعي، فضل معظم الأشخاص الذين يطرحون أسئلة تتعلق بالرعاية الصحية الإجابات الواردة من روبوت الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي على تلك الواردة من الأطباء، ما أدى إلى تصنيف إجابات روبوت الدردشة في مرتبة أعلى من حيث الجودة والتعاطف.

ومع ذلك، يؤكد الباحثون الذين أجروا هذه الدراسة أن نتائجهم تشير فقط إلى قيمة روبوتات الدردشة هذه في الإجابة عن أسئلة المرضى، ويوصون بمتابعتها بدراسة أكثر إقناعاً.

عون ذكي للأطباء

كيف يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في الرعاية الصحية؟ أحد الأشياء الرئيسية التي قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من القيام بها لمساعدة المتخصصين في الرعاية الصحية هو توفير الوقت لهم.

على سبيل المثال:

مواكبة التطورات الحالية، إذ إن انشغال الأطباء في رعاية المرضى وتنفيذ الواجبات السريرية الأخرى، قد يجعلهم في وضع أصعب لمواكبة التقدم التكنولوجي المتطور الذي يدعم الرعاية. يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع كميات هائلة من المعلومات - من المجلات الطبية إلى سجلات الرعاية الصحية.

الاهتمام بتنفيذ الأعمال الشاقة. عندما يتعين على اختصاصي الرعاية الصحية إكمال مهمات مثل كتابة الملاحظات السريرية أو ملء النماذج، فمن المحتمل أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من إكمال المهمة بشكل أسرع من الطرق التقليدية.

عيوب الذكاء الاصطناعي في الصحة

ما عيوب الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية؟ على الرغم من الإمكانات العديدة المثيرة للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، فإن هناك بعض المخاطر التي يجب وزنها:

- إذا لم يتم تدريب الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب، فقد يؤدي إلى التحيز والتمييز. على سبيل المثال، إذا تم تدريب الذكاء الاصطناعي على السجلات الصحية الإلكترونية، فإنه يعتمد فقط على الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى الرعاية الصحية أولاً ثم يعمل على إدامة أي تحيز بشري تم تسجيله داخل السجلات ثانياً.

- يمكن لروبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي تقديم نصائح طبية مضللة أو كاذبة، ولهذا السبب هناك حاجة إلى تنظيم استخدامها بشكل فعال.

تنظيم واستخدام فعالان

وأخيراً أشار التقرير إلى أن «مايو كلينيك» تؤكد الحاجة إلى التنظيم والاستخدام الفعالين للذكاء الاصطناعي. وهي تعمل ضمن في شراكة الذكاء الاصطناعي الصحية، التي تركز على مساعدة مؤسسات الرعاية الصحية على تقييمه بشكل فعال ومنصف وآمن.

وتأمل المؤسسة أن يساعد الذكاء الاصطناعي في وضع طرق جديدة لتشخيص الأمراض وعلاجها والتنبؤ بها والوقاية منها وعلاجها.

ويمكن تحقيق ذلك عن طريق:

-اختيار المرضى الذين تتطابق مواصفاتهم مع متطلبات التجارب السريرية الواعدة.

- تطوير وتركيب أجهزة المراقبة الصحية عن بعد.

-الكشف عن الحالات المرضية غير المرصودة حالياً.

-توقع مخاطر المرض مقدماً.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً رغم ارتفاع الأخطاء البشرية

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً رغم ارتفاع الأخطاء البشرية

تكشف دراسة «كاسبرسكي» فجوة كبيرة في الوعي الأمني لدى موظفي السعودية؛ إذ تلقى نصفهم فقط تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.