مصاحف بـ 24 لغة في المركز الثقافي الإسلامي بلندن

المدير العام د. الدبيان لـ «الشرق الأوسط»: مسلمو بريطانيا يحتفظون بعاداتهم خلال الشهر الفضيل

د. أحمد الدبيان   -  باحة مسجد ريجنت بارك بلندن (تصوير: جيمس حنا)
د. أحمد الدبيان - باحة مسجد ريجنت بارك بلندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

مصاحف بـ 24 لغة في المركز الثقافي الإسلامي بلندن

د. أحمد الدبيان   -  باحة مسجد ريجنت بارك بلندن (تصوير: جيمس حنا)
د. أحمد الدبيان - باحة مسجد ريجنت بارك بلندن (تصوير: جيمس حنا)

رغم غربة العيش واختلافات تقاليدهم عن مجتمعات الغرب، ‏لم يتخل المسلمون في بريطانيا من مختلف جنسياتهم عن ممارسة شعائرهم الدينية ‏وعاداتهم الاجتماعية خلال شهر رمضان المبارك، ‏ففي مجتمع غربي بحت قد يصعب على المسلم أن يحظى بأجواء رمضانية شبيهة بتلك التي ‏يعيشها المسلمون في البلدان الإسلامية في هذا الشهر المبارك، غير أن طبيعة المدن ‏البريطانية، وخاصة العاصمة لندن بما تحمله من خليط أممي وعرقي وثقافي وديني وجنسيات متعددة، أتاح هامشا كبيرا للجالية الإسلامية لممارسة شعائرها الدينية وعاداتها الشعبية ‏‏بكل حرية احتفاء بالشهر الكريم.‏
‏حينما تسير في شوارع عاصمة الضباب قد لا تشعر على الإطلاق بما يشير، ولو من ‏بعيد، إلى وجود أجواء رمضانية، وهو أمر طبيعي في مجتمع غربي، لكن هذه الأجواء لن ‏تكون غائبة إذا ما توغلت في تلك المدينة، واقتربت من شارع لندن العربي «إدجوار رود» مثلا، أو قصدت المناطق والشوارع التي ‏يتمركز فيها أبناء الجاليات الإسلامية والعربية، حينئذ تبرز أمامك وبشكل جلي لا تخطئه العين بعض من ‏المظاهر الدينية التي تعكس قدسية هذا الشهر الكريم ومكانته لدى المسلمين وما يحملونه ‏من اعتقاد ديني وموروث ثقافي واجتماعي نقلوه معهم من بلدانهم.‏

‏وكما هي العادة خلال هذا الشهر المبارك تعج المساجد الصغيرة المنتشرة في لندن بالمصلين ‏من مختلف الجنسيات، وخاصة المسجد الكبير التابع للمركز الثقافي الإسلامي في منطقة «ريجنت ‏بارك»، حيث يقصده آلاف من المسلمين للتعبد والصلاة وممارسة الشعائر الدينية في شهر رمضان المبارك فيما تنشط ساحات هذا الصرح الكبير والمركز الإسلامي التاريخي ريجنت بارك تحت إشراف مجلس أمنائه المؤلف من جميع سفراء الدول الإسلامية في لندن برئاسة السفير خالد المنصوري سفير دولة قطر، وإدارة مباشرة من قبل مديره العام الدكتور أحمد الدبيان، وهو من تلامذة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين (يرحمه الله)، وممن درس في الجامعات الغربية أيضا وتخرج فيها. ترى هذا الرجل في انشغال دائمٍ في أعمال كثيرة ومناشط مختلفة وعلاقات متشعبة وتيسير مستمر لأمور أبناء الجاليات المسلمة وخدماتهم من خلال أعمال شتى ينهض بها المركز، ومنها: تنظيم الدروس والمحاضرات الدينية والحلقات النقاشية والندوات الثقافية وتوفير ‏موائد الإفطار التي يسهم فيها بعض طالبي الثواب والأجر ويقبل عليها أبناء الجاليات المسلمة.‏
وأكد د. الدبيان لـ«الشرق الأوسط» أن المركز الثقافي الإسلامي ومسجد لندن المركزي أو «مسجد ريجنت بارك» كما يطلق عليه بعض الناس في لندن، يوزع كتاب الله تعالى وترجمة معانيه بـ24 لغة لأبناء المسلمين والدارسين مجانا، بالإضافة إلى دروس ومحاضرات لمعتنقي الإسلام الجدد من رجال ونساء، مع دورات لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ودروس في التجويد والتفسير لأبناء الجيل الثاني من الجالية المسلمة. وأوضح الدبيان أن أبناء الجاليات المسلمة يفدون إلى المركز الثقافي الإسلامي للصلاة والتعليم من خلال دروس الدين الإسلامي والمكتبة الكبيرة التي تزدان بأمهات الكتب الإسلامية بلغات عدة، وسلسلة من المحاضرات يلقيها العلماء والمختصون بلغات مختلفة لفائدة الجاليات المسلمة. كما يستقطب المركز علماء وأئمة من العالم الإسلامي ومن المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي كوزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية والأزهر الشريف لينشروا العقيدة الصحيحة والمنهج الوسطي للإسلام بين أبناء الجاليات المسلمة.
وقال د. الدبيان: «إن مسجد ريجنت بارك بيت يأوي إليه المسلم في مختلف احتياجاته الروحية والدينية والثقافية والاجتماعية، وليس للصلاة فحسب! كما أن المركز يعد مصدرا للتوجيه ونقل فتاوى العلماء الثقات، ومدرسة لتعليم الأبناء العلم الشرعي واللغة العربية والتأهيل الفكري. كما يأتي بعض أفراد من الجاليات لمناقشة مسائل اجتماعية شخصية أو نفسية مع مدير المركز أو فضيلة الإمام. وتمتد خدمات المركز لتشمل تقديم معلومات للخدمات التعليمية والطبية وتوثيق عقود زواج أو إجراءات أبغض الحلال عند الله حسب الشريعة وهو الطلاق، أو توثيق عقود اعتناق الإسلام والنطق بالشهادة للمسلمين الجدد».
وأضاف د. الدبيان أن أئمة المركز ومن يستضيفهم المركز من العلماء والحمد لله على معرفة جيدة بأحكام الدين وفقه الشريعة ومعرفة تامة بأحوال المجتمعات، وعلى معرفة أيضا بلغة البلد التي يعيشون فيها بريطانيا وثقافتها، وعلى اطلاع شامل على عادات المجتمع ونظم البلاد وقوانينها العامة نفسها. وأكد الدكتور الدبيان أن هذه الشروط مهمة جدا لكل إمامٍ أو عالم يتصدى للعمل في الدين والدعوة في هذه البلاد مع مراعاة ما نسميه «فقه الأقليات» دون إخلال بضوابط الشريعة وقواعدها وأصولها وإجماعات السلف الصالح. ولغة البلد التي يقيم فيها كل إمام أو داعية في غاية الأهمية حتى يستطيع التواصل مع أبناء الجالية ومعتنقي الإسلام الجدد وطالبي المعرفة عنه. وكذلك يجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة للمسلمين في أخلاقهم وتعاملهم ومعيشتهم، كما يجب عليهم أن يقدموا صورة مثالية للإنسان المسلم في تعامله مع المسلمين وغيرهم.
ويمكن تلخيص ذلك بالقول إن دور المسجد في الغرب يعود به إلى بدايته في العصور الإسلامية الأولى حين كان هو المركز وقلب المجتمع الإسلامي.
ويقول الدكتور الدبيان ردا على سؤال عن أهم المشاكل التي يواجهها من خلال عمله في الإشراف على شؤون المركز الإسلامي بلندن: «قد تكون مشكلة الهوية هي من أكثر الموضوعات تعقيدا؛ فأنت ترى ذوبان بعض المسلمين وانصهارهم في ثقافة المجتمع الغربي وعاداته وتقاليده، حتى يبتعد أحدهم أحيانا عن دينه وينسى ثقافته، ثم يأتي تأثير ذلك على الأبناء من الجيل الثاني. وبعضهم ينفصل عن الجالية المسلمة في قوقعة خاصة به لا يتحرك خارجها منفصلا عن المجتمع. ونحن نطالب بالاندماج العاقل في المجتمع الذي نعيش فيه بصورة لا ننسى معها عقيدتنا وديننا وعاداتنا الأصيلة مع الاستفادة من كل مقدرات المجتمع وعلومه وعلاقاته والإيجابي من ثقافته وعاداته، أي أن يحقق الفرد المسلم التوازن بين المجتمع الذي يعيش فيه، وبين هويته وشخصيته الإسلامية المبنية أساسا على دينه الحنيف وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام».
وحول اعتناق الإسلام شاهدت «الشرق الأوسط» خلال زيارة المركز الثقافي الإسلامي حالتين في يوم واحد منذ بداية الشهر الكريم.
يقول د. الدبيان: «لا توجد بيانات أو إحصائيات محددة لعدد الذين يعتنقون الإسلام في بريطانيا ولكن لا يكاد يمر يوم في المركز الإسلامي دون أن يأتي أخ أو أخت يريد إشهار إسلامه والدخول في الدين الحنيف والنطق بالشهادتين أمام أحد الأئمة أو مدير المركز. وبحسب الصحف البريطانية التي كثيرا ما تتناول عدد الذين دخلوا دين الإسلام فإن أغلب معتنقي الإسلام من السيدات دون الخامسة والعشرين من العمر».
وحول مدى إقبال أبناء الجاليات المسلمة من الجيل الثاني على المركز الثقافي الإسلامي بريجنت بارك لتعلم دينهم يقول د. الدبيان: «يمكن ملاحظة اهتمام بالغ بين الشباب المسلم خلال الشهر الكريم؛ فخلال صلوات التراويح تجد الصفوف كالبنيان المرصوص من عرب وعجم وجميع الجنسيات مقبلين على العبادة مستمعين في خشوع إلى آيات القرآن الكريم. ويكثر جدا أن يزور المركز بعض أتباع الديانات الأخرى ويطلبون السماح لهم بمشاهدة الصلوات داخل المسجد. وعموما هناك اهتمام عام بالدين الإسلامي. وعلى الجانب الآخر لا يمكن أن ننكر أن بعض الشباب المسلم قد ضعفت هويتهم وعاشوا حياة مختلفة، ولكنهم يأتون أحيانا إلى المسجد والمركز، خاصة في المناسبات والأعياد، وهذا فيه كثير من الأمل والخير إن شاء الله. ولدى المركز الثقافي الإسلامي اهتمام بالنشء الجديد من خلال عقد دروس تعليمية وتقوية لهم انطلاقا من قناعتنا بأن التعليم هو حجر الزاوية لهذه المجتمعات الإسلامية ومستقبلها».
‏وقد يتجلى لزائر لندن بعض المظاهر الاجتماعية الرمضانية، فحينما تسير على سبيل المثال في شارع «إدجوار رود» الشهير بوسط لندن، أو «كوينزواي» حيث يتمركز بعض المسلمين والعرب قد ‏تلحظ نهارا بعض المحال والمطاعم العربية التي ‏زينت واجهاتها بالفوانيس الرمضانية واللوحات الإسلامية، التي عادة يحرص المسلمون العرب على ‏توفيرها لتضفي أجواء رمضانية خاصة تعكس هويتهم وموروثهم الاجتماعي في البلد المضيف.‏
كما ترى محال البقالة العربية التي استعدت استعدادا استثنائيا وخاصا لهذه المناسبة ‏بتوفير جميع المواد الغذائية اللازمة خلال شهر رمضان؛ إذ لا عجب حينما ترى أمام ‏محال البقالة صناديق من المواد الغذائية والمشروبات الرمضانية الخاصة ‏التي يفضل العرب تناولها والمستوردة خصوصا من بلدان عربية لهذه المناسبة. ‏
والمطاعم العربية والإسلامية أيضا لها نصيب؛ إذ ما إن تقترب ساعة ‏الإفطار عند مغيب الشمس حتى تمتلئ تلك المطاعم بالصائمين من مختلف الجنسيات الذين ‏يستعدون لموعد الإفطار.‏
وقد حرص أصحاب هذه المطاعم على الاستعداد والتحضير جيدا لتوفير الخدمات ‏للصائمين خاصة وجبة الإفطار يوميا بعرض أكلات عربية شعبية ‏مما يكون عادة على موائد الإفطار في المجتمعات الإسلامية والعربية. ويحرص ‏آخرون من الخيرين من أصحاب المطاعم المسلمين على توفير وجبات إفطار مجانية ‏للمحتاجين والمعوزين خلال شهر رمضان المبارك.
أما في المساء فلا تختلف وجهة المسلمين في لندن عن إخوانهم في البلدان الإسلامية ‏والعربية إذ بعد الانتهاء من الصلوات تبدأ الأسر في ‏عاداتها الاجتماعية كتبادل الزيارات وارتياد المقاهي والمراكز التجارية لا سيما ‏تلك التي تغلق أبوابها في ساعات متأخرة. ولوقوع رمضان في فصل الصيف الآن، فإن الليل قصير جدا لا يتجاوز ست ساعات وهو ما لا يسمح بكثير من اللقاءات على النحو المعتاد في العالم العربي.
‏ومع ذلك تحرص بعض المطاعم العربية على السهر الذي أصبح سمة من سمات البلدان العربية خلال شهر رمضان مع أن رمضان شهر العبادة والقرآن.
وانتقلت هذه العادة إلى عاصمة الضباب فترى بعض المقاهي تفتح حتى ساعات متأخرة. وقد بدأت هذه العادات تنتشر لدى أبناء الجالية الباكستانية ‏والهندية بشكل لافت للنظر.‏
‏وتهتم بعض الأقليات العربية والإسلامية بالاجتماع والالتفاف في ليالي رمضان خاصة، فإخواننا الكويتيون في لندن مثلا لهم نصيب من ‏هذه الأجواء بتكوين أجواء كويتية اجتماعية خاصة مشابهة تماما لأجواء رمضان في أرض ‏الوطن فيحرص بعضهم في إطار الترابط الاجتماعي على الالتقاء على مائدة إفطار ‏جماعية مع الأصدقاء... على طريقة «الديوانية» التي تميز بها أهل الكويت إذ تحرص ‏سفارة دولة الكويت في لندن على الاستمرار في هذه العادة الاجتماعية لما فيها من تواصل وتزاور وتآلف فتفتح السفارة أبوابها أمام المواطنين الكويتيين والعاملين في المكاتب الكويتية في ‏لندن للالتقاء طيلة شهر رمضان حيث يتبادلون الأحاديث الودية وأخبار الوطن ‏‏ومستجدات الساحة... قبل أن يختتم اليوم بوجبة سحور (غبقة رمضانية) كويتية ممتعة.
‏ومع اهتمام المطاعم بالمظهر العربي في لندن إلا أن مما يؤسف له أنك لا ترى في لندن مظاهرات ثقافية عربية ووجودا يمثل الثقافة العربية وأصالتها وجمالياتها وأبعادها الحضارية من خلال مناشط كثيرة ومتصلة.
ليس من الصعب أن ترى مظاهر شهر رمضان الكريم المبارك في العاصمة البريطانية خاصة إن عرفنا أن المسلمين يمثلون ما يقارب ثلاثة في المائة من عدد سكان بريطانيا البالغ أكثر من ستين ‏مليون نسمة، وهم يقاربون تسعة في المائة من سكان لندن.‏
وبحسب إحصائيات رسمية فإن المسلمين في بريطانيا من مختلف الجنسيات يبلغ ‏عددهم أكثر من مليوني نسمة ينتمون إلى 56 بلدا وهذا العدد يعادل نحو 50 في المائة من مجموع الأقليات العرقية والدينية في بريطانيا.‏
وبحسب الإحصائيات أيضا فإن غالبية المسلمين تنحدر أصولهم من جنوب آسيا ‏‏(باكستان وبنغلاديش والهند) يليهم العرب و55 في المائة منهم من مواليد بريطانيا.‏
‏ويبلغ عدد المساجد في بريطانيا حاليا نحو 2000 مسجد وسجل أكثرها بوصفه مؤسسة خيرية ‏دينية. وهو ما يعكس نموا في النشاط الإسلامي في المملكة المتحدة من جهة ونموا ‏‏سكانيا للجالية الإسلامية، خاصة إذا ما قورن ذلك بعدد المساجد في بريطانيا في ‏عام 1963م حيث بلغ عددها في ذلك الحين بضع عشرات فقط.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».