مصر تفتتح مقبرة «مِحو» الفرعونية بعد 78 سنة على اكتشافها

صاحبها كان وزيراً ورئيساً للقضاء... ولا تزال تحتفظ بألوانها

TT

مصر تفتتح مقبرة «مِحو» الفرعونية بعد 78 سنة على اكتشافها

للمرة الأولى منذ اكتشافها عام 1940، تبدأ مقبرة «مِحو» استقبال زوارها، في أعقاب انتهاء أعمال الترميم والتطوير التي نفذتها وزارة الآثار المصرية للمقبرة الواقعة في منطقة سقارة الأثرية بمحافظة الجيزة.
افتتح الدكتور خالد العناني وزير الآثار، أمس، مقبرة «مِحو»، وقال في مؤتمر صحافي حضره سفراء وممثلو 10 دول أجنبية، إن «سقارة أحد أهم مواقع التراث العالمي، وبافتتاح مقبرة (مِحو) نعلن بداية الموسم الأثري الذي سيشهد مجموعة كبيرة من الافتتاحات»، مضيفاً أنّ «الوزارة ستعلن قبل نهاية العام الجاري عن ثلاثة اكتشافات أثرية جديدة في ثلاث محافظات».
وكانت المقبرة مغلقة منذ أن اكتشفتها البعثة الأثرية المصرية العاملة بالموقع على يد الأثري المصري زكي سعد، قبل 78 سنة، والذي اكتشف العديد من المقابر الأخرى مثل مقابر نبت وخنوت زوجتي الملك ونیس.
وحصل «مِحو» الذي عاش في عهد الملك بيبي الأول على 48 لقباً نُقشت على حجرة دفنه والتابوت الخاص به ومن أهمها رئيس القضاة والوزير، والمشرف على كتابة وثائق الملك، ومشرف على مصر العلیا، وحاكم الإقلیم. وهذه المقبرة عائلية تضم ابن وحفيد مِحو، وتضم ثلاثة أبواب وهمية.
وقال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، خلال المؤتمر الصّحافي، إنّه «كان يعمل في المنطقة عام 1993، وخلال عمله سقطت قطعة من الطّوب اللبن كشفت عن نص مكتوب على باب المقبرة»، مشيراً إلى أنّ «النّص يتضمّن ألقاباً مهمة لمِحو، الذي كان وزيراً ومشرفاً على القصر الملكي ورئيساً للقضاة، ومن بين ألقابه لقب كان مخصصاً للآلهة»، معتبراً افتتاح المقبرة «أكبر دعاية للآثار والسياحة والمصرية».
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنّ «مقبرة «مِحو» تعد من أجمل وأكمل مقابر الدولة القديمة في سقارة والتي لا تزال تحتفظ ببهاء ألوان مناظرها الرائعة، وكثرة التفاصيل في المناظر التي أُضيفت في عصر الأسرة السادسة ولم تظهر في مقابر الأسرة الخامسة بسقارة ومنها منظر تزاوج التماسيح ومنظر السلحفاة».
ومن أهم المناظر التي صُورت على جدران المقبرة منظر لصاحب المقبرة يصید الطیور بعصا الرمایة والأسماك بالحربة في الأحراش، وهو من المناظر التي تدل على نفوذ صاحب المقبرة، الذي حرص على نقشه في الحجرات الأولى والأقرب لرؤیة الزوار، بالإضافة إلى منظر الزراعة، ومنظر صید الأسماك بالشبكة الكبيرة، ومنظر الطهي وصناعة البیرة، والموسيقى والرقص الأكروباتي، والذي لم يظهر في سقارة إلّا في الأسرة السادسة فقط.
وقال عادل عكاشة، رئيس الإدارة المركزية للقاهرة والجيزة بوزارة الآثار، إنّ «مشروع ترميم وتطوير المقبرة شمل ترميم وتنظيف النّقوش الملونة على جدران المقبرة بالطرق الميكانيكية والكيماوية، وتثبيت الألوان الضعيفة، بالإضافة إلى تطوير منظومة الإضاءة للمقبرة وتغطية بئر الدفن».
من جهته قال صبري فرج، مدير عام منطقة سقارة، إنّ المقبرة تقع جنوب السور الجنوبي لمجموعة هرم زوسر المدرج بنحو ستة أمتار، وتضم حجرات دفن لابنه «مري رع عنخ»، وحفيده «حتب كا الثاني».
وعلى هامش الافتتاح تفقّد وزير الآثار الأعمال داخل المقبرة الجنوبية للملك زوسر، وأعمال الترميم الجارية بمقبرة «تي» سقارة، التي من المقرر افتتاحها قريباً، ووعد بانتهاء أعمال ترميم هرم زوسر المدرج التي امتدت لأكثر من 10 سنوات، مع بداية العام المقبل.
وأوضح وزيري أن «تي» والمشرف على أهرامات ملوك الأسرة الخامسة من الدولة القديمة، وعلى الرغم من عدم تقلّده منصب الوزير، فإنه شيد مقبرة كبيرة الحجم.
وهذه المقبرة اكتُشفت على يد عالم الآثار مارييت عام 1865، وتعد من أجمل مقابر سقارة، وتشتهر بنقوشها الملونة ومناظرها التي صوّرت صناعة الخبز والجعة.
ومنذ اكتشاف مقبرة «تي» لم تجرِ بها أي أعمال ترميم، حتى بدأت البعثة المصرية - التشيكية بالتعاون مع مرمّمي منطقة آثار سقارة بأعمال ترميم وتنظيف جدران المقبرة من الأتربة وتثبيت الألوان، وسيبدأ فريق العمل بتركيب إضاءة حديثة للمقبرة وألواح زجاجية على جدرانها لحمايتها.
الدكتور محمد مجاهد، نائب مدير البعثة التشيكية الأثرية، المسؤولة عن ترميم مقبرة «تي» بالتعاون مع المرممين المصريين، قال لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «تي من أوائل الناس الذين بنوا مقابر كبيرة الحجم، مما يشكل دليلاً على قوة علاقاته»، مشيراً إلى أنّه «كان الكاهن المسؤول عن المجموعة الهرمية في الأسرة الخامسة، وكان يلقب بكاهن الشمس».
ويضيف مجاهد أنّ المقبرة «كانت مهدمة بالكامل وأعاد مارييت بناءها، لكن لم تُنظّف الجدران وتُثبّت الألوان وهو ما نقوم به اليوم».
وأثارت المقبرة جدلاً مؤخراً بعدما جرى نشر صور لها تبين وجود مراوح داخلها، وهو ما أثار الهجوم على وزارة الآثار التي أوضحت أنّ المراوح كانت موجودة في أثناء عمل المرممين خصوصاً أن الجو داخل المقبرة في فصول الصيف شديد الحرارة، وكانت الجولة داخل المقبرة بهدف أن يطّلع الإعلام على الوضع داخل المقبرة التي ما زالت أعمال الترميم مستمرة بها. وأشار مجاهد إلى أنّه «سيجري تركيب إضاءة وألواح زجاجية لحماية رسومات المقبرة، كما نخطّط لجعلها مناسبة لزيارة ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تزويدها بممر حجري ورامب يسهل حركتهم».
وشملت الجولة المقبرة الجنوبية التي يجري ترميمها حالياً، قبل فتحها للزيارة، وتقع المقبرة على بعد 28 متراً تحت سطح الأرض، وتضم مجموعة من الفينسات الزرقاء المثبتة على حوائطها.
وقال وزيري إنّ «المقبرة الجنوبية تعدّ أحد العناصر المهمة للمجموعة الجنائزية للملك زوسر، واكتشفها عالم الآثار (فيرث) عام 1928، وهو من أطلق عليها هذا الاسم نظراً إلى وقوعها في الجهة الجنوبية الغربية من المجموعة الجنائزية».
وهناك اختلاف بين العلماء بشأن المقبرة، فالبعض يعتبرها قبراً رمزياً للملك زوسر، وآخرون يقولون إنّها كانت مكاناً لوضع الأواني الكانوبية التي تحتوي على أحشاء الملك.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».