«ضبابية» موقف بوتفليقة من الولاية الخامسة «تربك» رئاسية 2019

المعارضة الجزائرية تطرح فكرة «رئيس توافقي» يقود البلاد خلال «مرحلة انتقالية»

TT

«ضبابية» موقف بوتفليقة من الولاية الخامسة «تربك» رئاسية 2019

ما يزال اهتمام الإعلام والطبقة السياسية في الجزائر، سواء من الموالاة أو المعارضة، مشدودا إلى الرئيس بوتفليقة، وما يزال يطرح نفس السؤال: هل سيمدد حكمه بالترشح للولاية الخامسة، أم سيستجيب لحالة بدنه الذي أصابه الضعف منذ 27 من أبريل (نيسان) 2013. تاريخ إصابته بجلطة دماغية أفقدته التحكم في أغلب حواسه، وأقعدته على كرسي متحرك. ومنذ ذلك اليوم لم يحدث الرئيس الجزائريين بشكل مباشر، وغاب عن حملة رئاسية 2014. وخاضها بدلا عنه رئيس وزرائه سابقا عبد المالك سلال، بصفته مدير الحملة، وغالبية الوزراء وقادة بعض الأحزاب الذين عرفوا بولائهم الشديد له. وفي خطاب القسم الدستوري عجز بوتفليقة عن قراءة فقرة كاملة منه بعكس ما تفرضه هذه المناسبة، ما ترك انطباعا بأنه سيواجه صعوبة كبيرة في الوفاء بأعباء الولاية الرابعة.
لكن رغم العجز الذي يعاني منه بوتفليقة، تصرّ أربعة أحزاب كبيرة من «كتلة الموالاة» على أنه «المسير الفعلي للبلاد»، وبأنه لا أحد بإمكانه أن يقودها في المرحلة المقبلة غيره، وهذه الأحزاب هي «جبهة التحرير الوطني»، التي يرأسها بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحي، و«تجمع أمل الجزائر»، و«الحركة الشعبية الجزائرية»، اللذان يرأسهما وزيران سابقان.
وبخصوص احتمال اكتفاء بوتفليقة بأربع ولايات قال جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير»، لـ«الشرق الأوسط»، «لا أعتقد أن الرئيس سيخيب آمال المواطنين ممن ناشدوه إكمال مسيرة البناء، التي بدأها عام 1999. أنا على يقين بأنه سيضحي من جديد من أجل الجزائر».
ويرى الموالون للرئيس أن استمراره في الحكم سيكون بمثابة تضحية منه، بذريعة أن صحته لا تسمح. لكن «الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة التي تواجهها الجزائر ستدفعه إلى البقاء في الحكم». وهذا المفهوم انطوت عليه رسالة للرئيس نشرها متوجها بها للجزائريين، عشية استحقاق 2014، جاء فيها «ناشدتموني مواصلة المسيرة برغم أنكم لاحظتم أنني لم أعد قادرا على التسيير، وقد قررت النزول عند رغبتكم وفاء للجزائر، التي أفنيت من أجلها زهرة شبابي».
وفي حال عزف الرئيس عن «الخامسة»، يتوقع مراقبون اختيار النظام واحدا من عدة أشخاص، يجري ترشيحهم في الإعلام مع اقتراب كل انتخاب، وهم أحمد أويحي، وعبد المالك سلال، ووزير الطاقة سابقا شكيب خليل. كما يتم الحديث منذ فترة عن رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد صالح ليكون خليفة للرئيس، والذي قال لمقربين منه «لقد فعلها المشير عبد الفتاح السيسي في مصر، فلم لا أنا؟!».
وترى المعارضة، وخاصة الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، والحزب الليبرالي «جيل جديد»، أن ولاية خامسة محتملة «هي أسوأ سيناريو بإمكانه أن يحدث للجزائر»، على أساس أن غياب الرئيس في الداخل والخارج طيلة السنوات الماضية أفرز شعورا عاما بالضعف، وعدم القدرة على حل المشاكل والأزمات، فضلا عن الغياب عن المحافل الدولية الكبيرة. وفي هذا السياق تطرح المعارضة حاليا فكرة «رئيس توافقي»، تختاره مع رجال النظام، ليقود البلاد خلال «مرحلة انتقالية». إلا أن المقترح لقي رفضا شديدا من طرف «الموالاة».
في غضون ذلك، وعلى عكس القيادات السياسية الوازنة في الجزائر، والتي فضلت التريث حتى يحسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في موضوع الولاية الخامسة، «تجرأ» قيادي في حزب يساري مغمور على إعلان ترشحه لرئاسية 2019. مبديا ثقة كبيرة في النفس على منافسة مرشح النظام، سواء كان بوتفليقة أو أيا من الأسماء الكبيرة التي يجري تداولها عشية كل استحقاق رئاسي.
وقال فتحي غراس، المتحدث باسم «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، الحزب الشيوعي الجزائري سابقا، في دردشة مع صحافيين إنه لا يعطي صدقية لما يشاع بأن نتيجة استحقاق 2019 محسومة لصالح الشخص الذي يختاره النظام ليكون رئيسا، مشددا على أنه «يثق» في حظوظه، رغم علمه المسبق بأن كل الرؤساء بعد الاستقلال فرضهم الجيش، بمن فيهم بوتفليقة، ومنهم من نحاهم في شبه انقلاب كما حدث مع الشاذلي بن جديد، حسب تعبيره.
ويطرح غراس هنا جدلا واسعا بخصوص مدى احترام قادة الجيش لتعهداتهم بالابتعاد عن السياسة، منذ دخول البلاد عهد التعددية السياسية والحزبية قبل 30 عاما. وحسب بعض المحللين السياسيين، هناك قناعة عامة بأنه لا يمكن لأي شخص أن يصل إلى سدة الحكم من دون اتفاق مسبق مع الجيش بشأن احترام مجموعة من «الثوابت»، وفي مقدمتها الحفاظ على الطابع الجمهوري للنظام، وتحجيم دور «الإسلاميين».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.