من هو الأهم والأفضل... تشابلن أم كيتون؟

سؤال يتردد منذ مائة سنة

TT

من هو الأهم والأفضل... تشابلن أم كيتون؟

ما زالت المحكمة منعقدة منذ 100 سنة أو نحوها بين اثنين من ملوك الكوميديا، بل لنقل مَلكَي الكوميديا بلا منازع: بستر كيتون وتشارلي تشابلن. السؤال الذي يوجهه النقاد والجمهور الهاوي للكوميديا وذاك المتيّـم بحب السينما الصامتة هو من بين هذين الكوميديين الكبيرين أجدر بأن نعتبره أكثر أصالة وأعلى موهبة وأهم تاريخاً؟
ما يزيد المسألة تعقيداً أن هذه المحكمة تستند في حيثيات هذه القضية إلى حسنات أكيدة يتمتع بها كل طرف وتشهد انقساماً بين هواة الكوميديا الصامتة. البعض يفضل تشارلي تشابلن والبعض الآخر لا يحيد عن تأييده بستر كيتون.

- خلفية لا تخلو من التشابه
تمهيداً لمحاولة الإجابة عن سؤال أيهما الأفضل (إذا ما كان سيقيد لهذه المحاولة أي نجاح هنا) لا بد من القول، إن تشارلي تشابلن لديه، لليوم، قاعدة شعبية أكبر من تلك التي لكيتون. الناس من حول العالم وقعوا في حب الصعلوك وضحكوا لحركات كيتون، لكنهم وجدوه أكثر ابتعاداً عنهم. ولهذا سبب مهم.
تشابلن كان رجل أعمال بارعاً. كيتون لم يكن. طموح تشابلن كان من البداية النجاح وحده، وهو قال ذات مرّة «أنا في السينما لكي أصنع ثروة». ليس أنه لم يكن يستحقها، لكن المقابل عند كيتون أرفع شأناً؛ فذلك الكوميدي اشتغل في السينما لأجل الفن، ونستطيع أن ندرك ذلك من خلال مراقبة دقيقة لأعماله (70 فيلماً قصيراً و15 فيلماً طويلاً)، وكيف مكّنها من الخروج من نطاق الموقف الفردي وحده صوب إشراك رتب وأوجه الحياة المختلفة في أعماله.
هو ذكاء تشابلن مختلطاً بطموحه الذي دفعه، وقد وُلد في السادس عشر من أبريل (نيسان) من سنة 1899، لمغادرة بريطانيا صوب نيويورك متوسماً النجاح في السينما التي بدت منذ ذلك الحين، أي نحو سنة 1908، أكثر سعة وإنتاجاً. الظروف ساعدته آنذاك من حيث إنه كان انتمى إلى فرقة «فرد كارنو» الكوميدية المسرحية التي كانت تقدّم على مسارح لندن استعراضاتها المضحكة. وهذه قررت التوجه إلى نيويورك مع أعضائها (وبينهم تشابلن) لتقديم «نمرهم» التي لم تكن تزيد على سبل تهريج مباشر.
في حين عاد أفراد الفرقة إلى لندن، بقي من بينهم اثنان فقط هما تشارلي تشابلن وستان لوريل الكوميدي النحيف الذي شكّـل نصف الثنائي المعروف بلوريل وهاردي.
ذكاء وطموح تشابلن قاده للعمل في شركة كيستون ستديوز النيويوركية التي تخصصت في إنتاج الأفلام الضاحكة القصيرة، وذلك في سنة 1914. والدافع الذاتي نفسه أوصله إلى قرار الاشتراك بتأسيس شركة خاصة لتوزيع الأفلام لجانب الممثل دوغلاس فيربانكس والممثلة ماري بيكفورد والمخرج (غير الكوميدي) د. و. غريفيث.
ليس هناك أي إدانة لمنهج تشابلن بصفته رجل أعمال، ولا لنجاحاته في هذا السبيل؛ فهو مزج بين الجانب التجاري والجانب الفني بمهارة لا تُـقاوم واستطاع أن يجني حب الملايين من رواد السينما حول العالم جنباً إلى جنب الأرباح التي مكّـنته سريعاً من المحافظة على مسافة عملية واضحة بينه وبين كل أترابه الآخرين في صناعة الفيلم الكوميدي بدءاً بكيتون ومروراً على هارولد لويد وروسكو فاتي أرباكل وهاري لانغدون على وجه التحديد.
كيتون، الذي وُلد في بلدة صغيرة في ولاية كانساس في الرابع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1895، جاء من ظرف مختلف إلى حد. فبينما ورد تشابلن من عائلة لندنية فقيرة وخسر والدته عندما تم إدخالها، وهو بعد ما زال في التاسعة من العمر، إلى مصحة نفسية. عاش كيتون في كنف والديه. لم تكن أحوال العائلة المادية بالسوء ذاته، مقارنة بأحوال عائلة تشابلن، لكنها لم تكن مستقرة، بل كثيرة التنقل بسبب اشتغال الأبوين على مسارح كوميدية استعراضية جوّالة.
في السنة التي وُلد فيها تشابلن، كان كيتون تسلق خشبة المسرح وهو في الثالثة من عمره. عنوان البرنامج الذي قدّمه والداه كان «ذا ثري كيتونز» (The Three Keatons) للدلالة على أن الطفل الصغير هو من أساس الفرقة.
كلاهما، تشابلن وكيتون، إذ حطّا على أرض الكوميديا والتحقا بقطاره في سن مبكرة، يشتركان في أنهما اكتفيا بالقدر القليل من التعليم. القدر الذي مكنهما لاحقاً من الكتابة والقراءة (بما في ذلك كتابة وقراءة سيناريوهاتهما).

- عناصر مشتركة ومتباينة
معظم ما هو مشترك بينهما في مرحلة النشأة، ينتهي هنا لتبدأ الطريق بالانفصال بينهما كل في اتجاه موازٍ ومنافس.

- كيف يسقط وكيف ينهض
أولى لُـبنات هذا الاختلاف يكمن في طبيعة الإلقاء: كيتون هو عجينة الكوميديا البدنية. شغله صغيراً على المسرح عرّضه للكثير من تمثيل مشاهد الخطر البدنية لدرجة أنه ألّف هذه المخاطر التي طوّعت جسده على تحملها وكوّنت ليونة عظامه وتلقائية استخدام البدن في أشكال عدة. بذلك وُلد كيتون من رحم العمل صغيراً في المسرح والسيرك والحركات الصعبة. ومارس تلك الحركات ووظفها لاحقاً في مشاهد مذهلة بعد مرور مائة سنة على بعضها.
تشابلن ورد على نحو طبيعي أكثر. لقد ابتدع شخصيته (شارلو ذا الشارب القصير والقبعة ذات الأطراف القصيرة والسروال الواسع والحذاء المعكوف) بصورة مدروسة. وضعها ولم يرثها. لم يعتمد على الحركة لذاتها، بل على رد الفعل الذي تليها وهنا يلتقي مع لوريل وهاردي وهارولد لويد. والفارق في هذا الشأن يتبدّى من خلال دراسة رد فعل كل من كيتون وتشابلن على لازمة متكررة في أفلامهما وهي السقوط أرضاً.
في فيلم لتشابلن فإن السقوط يحمل قدراً من التمثيل. تشابلن يريد أن يضع هذا السقوط بين هلالين. في أي من أفلام كيتون السقوط هو الحدث ولا حاجة إلى تمييزه. تبعاً لذلك حين يسقط تشابلن أرضاً، فإن تمثيله السقطة هو تمهيد لإظهار كيف سينهض من سقوطه. كلاهما، السقوط والنهوض، يدخل في عداد تمثيل اللحظة لعرضها مطوّلة. عند كيتون، بالمقابل، فإن السقوط والنهوض أسرع. حالتان متوازيتان لا تكاد الأولى أن تنتهي حتى تعقبها الثانية (إلا إذا كان هناك حدث سينتج عن السقوط ذاته).
بذلك؛ فإن النهوض سريعاً والمواصلة يخطفان المشاهد صوب الدهشة. في حين أن سقوط تشابلن ونهوضه يمنحانه وقتاً أطول لتكوين الضحكة التي يرتاح الجمهور إليها؛ لأنها منحته وقتاً للمشاركة أطول.
هذا جزء من اختلاف أكمل وأوسع بين الاثنين يتعلق بدراسة فن الإلقاء ويشترط دراسة أوسع شأناً.

- الوحدة مقابل المشاركة
بستر كيتون هو الشخص الذي يبدأ وينتهي وحيداً. وحدته جزء من شخصيته التي لا تضحك. تشابلن قد يبدأ وحيداً، لكنه يجد شريكاً يتبادل وإياه العاطفة الإنسانية (كما في «الفتى») أو الحب (نهايات بعض أفلامه التي تصوّره وقد انتهى بصحبة الفتاة التي أحب متجهين صوب بداية جديدة). الضحك في هذا النطاق، يضع تشابلن ممثلاً لعاطفة وكيتون ممثلاً لحالة أعمق وجدانياً.
عند كيتون هذه الوحدة ضرورية لفرز الحالة العاطفية. شرط لكتابة الدور: هو دوماً يريد الفوز بإعجاب الطرف الآخر. نجده يحتاج إلى حب أبيه في «ستيمبوت بوت بل». يحتاج إلى حب الفتاة («الجنرال» أو «كاميرامان»). وهو وإن يحصل على ما يريد أحياناً يبقى وحيداً في كيانه كما لو أن نيل الحب فعل لا ينتهي.
أحياناً أخرى قد ينقلب عليه بالعواقب كما الحال في «سبع حظوظ» (1927) عندما يعلن عن حاجته إلى الزواج قبل الساعة السابعة مساءً شرطاً لتمكينه من ورث ملايين الدولارات فإذا بجمهور غفير من النساء (أكثر من مائة) يطاردنه في الشوارع ويدخل الكنيسة وراءه، كل تطلب أن تكون العروس.
هذا، وسواه من الأفلام، يجعل كيتون في مدار أوسع من الأماكن والشخصيات فهو وحيد بذاته ولذاته، لكنه ليس وحيداً في محيطه الاجتماعي.3

- الشكل والمحتوى
عند تشابلن المحتوى يأتي قبل الشكل. عند كيتون الشكل قبل المحتوى.
في «اندفاع الذهب» (1925) نجد مضمون الفيلم غالباً في مطلعه وحتى نهايته على الشكل حتى في المشاهد الشهيرة لتشابلن وهو يتعرض لخطر تحوّل شريكه إلى آكل لحم بشر من شدة جوعه. ما يستنبطه تشابلن من حركات هنا بديع وعبقري معاً بما في ذلك طبعاً تناول رباط الحذاء كما لو كان «سباغتي» بقناعة تثير تعجب وغيظ ذلك الشريك (قام به ماك سواين). لا ينسى تشابلن أن يرش الملح على شريط الحذاء ويتناوله بالشوكة تماماً كما يفعل لو كان يتناول الأكلة الإيطالية الأشهر. بعد ذلك هناك الحذاء نفسه الذي يعامله تشابلن معاملته السمكة.
هذا جزء من تلاقي تشابلن مع الجمهور على نحو عريض. على العكس منه كيتون الذي يريد للشكل أن يأتي في مقدمة المضمون وبالتالي تلك العلاقة. هذا واضح في «ستيمبوت بل جونيور» (1928) عندما نراه وقد نجا من سقوط جدار عليه لمجرد أن الجدار فيه فتحة لنافذة تم قياس بعدها بدقة لكي تسقط، حيث يقف من دون أن يُصاب بأذى. هذا المشهد، وسواه الكثير في أفلام أخرى، يقع (ويثير الذهول لليوم) رافعاً من قيمة كيتون ممثلاً ومخرجاً ومصمماً فريداً لأفلامه. في آخر اهتماماته منح نفسه نصف دقيقة يعبّـر فيها للجمهور عن مشاعره لنجاته، بل ينطلق سريعاً لمشهد آخر حتى يحافظ على تواصل كوميديا الحركة التي يؤمن بها.

- موضع السخرية
كل من كيتون وتشابلن ساخران؛ كون الكوميديا مبنية، في أحد أسسها، على السخرية من شيء ما رئيسي لدى كل كوميدي: الذات أو الآخر أو المدينة أو العصر الخ... عند تشابلن سخريته تنضوي على التقليل من شأن الآخر سواء أكان رجل شرطة (مصدر الكثير من النكات بالنسبة لكلا الكوميديين) أو رجلاً مدنياً.
ما يسيء لفن تشابلن هو أن هذه السخرية تحمل نقداً غير متوازن. فبينما تتوجه للنيل من الآخر تعفي نفسها من اللوم. تشابلن هو الإنسان المحب الذي قد يضطر إلى الخطأ وفي هذه الحالة، كما في فيلمه القصير «المغامر» (1917) سيتصرف كما لو أن الخطأ هو خطأ الآخرين حياله.
في هذا المثال نجده هارباً من السجن ومن مطاردة رجال البوليس الذين يفشلون في القبض عليه. طوال تلك المحاولة يتعرض كل شرطي لعقوبة من الضرب والسقوط (مبررة بأن الجمهور يضحك متفشياً عندما تكون الضحية من رجال القانون). ثم ينقذ تشابلن فتاة وأمها من الغرق كذلك الرجل الضخم الذي كان يحاول كسب عاطفتها. كرد جميل تستضيفه الفتاة (إدنا بورفيانس) في منزل والديها الثريين. فجأة ينتمي شارلو إلى المجتمع الراقي، ولو أن ممارساته ما زالت من الطبقة الشعبية.
انتماء شارلو إلى ذلك المجتمع ادعاء لكي لا يكشف للفتاة التي أنقذها والتي تبادله الإعجاب حقيقة أمره. لكن مفهوم التصرف بصفته ثرياً يكشف عن سخريته من تلك الطبقة، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن تشابلن من بين أكثر ممثلي عصره ثراء في ذلك الحين. كما أن مشاهده وهو يتصرف بصفته ثرياً معاكسة لمشاهد كيتون وهو في دور الثري. كيتون لا يسخر من الثراء (ولا من الفقر)، بل يلعب دوره تبعاً لشروط الحكاية.
اندماج كيتون بشخصيته هو أقرب واقعية. هناك سخرية، لكنها لا تعكس حقداً، بل تستخدم لغاية الضحك الخالص وهي تنطلق وتنتهي به هو. حين يحاول الدفاع عمن يحب لا يرفس غريمه على قفاه. لكن لاحظ ما يحدث في «المغامر» أو ابدأ بتعداد الرفسات التي يوجها تشابلن لكل من عاداه (تزيد على عشرين رفسة) لتجد أنها جزء من ابتزاز كوميدي للجمهور يقتحم حدود التهريج.

- المضمون الاجتماعي
ليس صحيحاً أن أفلام بستر كيتون خالية من المضمون، لكن - وكما ذكرت آنفاً - هي في المركز التالي من الاهتمام. هذا كان كافياً للتغاضي عنها لدى جمهور المثقفين الذي صفق لتشابلن انغماسه في الجانب السياسي في بعض أفلامه. يكفيه في ذلك فيلمه «الديكتاتور العظيم» (1940) حيث يتعرض لشهوة هتلر (من دون تسميته) للسيطرة على العالم. ومشهد رفعه العلم الأحمر الذي سقط من الشاحنة العابرة في الوقت الذي تصل إليه مظاهرة عمالية في «أزمنة معاصرة».
هذان الفيلمان يجمعان كل تلك الثنايا من الأفكار التي سبق له تداولها في بعض أفلامه عن الفقر والحاجة إلى العدالة وعن المهاجرين وسلطة القوي على الضعيف. وهذه غابت عن معظم ما أورده كيتون في أفلامه باستثناء أنه تعامل مع التاريخ الأميركي ذاته أكثر من تعامله مع السياسة، كما الحال في «الجنرال» (1926) الذي عرض للحرب الأهلية بين الشمال والجنوب ومع عناصر المجتمع (سود وآسيويين)، وهو أمر غاب عن أعمال تشابلن.
يمكن الغوص أكثر في فروقات أخرى، لكن ذلك سيكون على حساب شروط التحقيق الصحافي. ما يمكن أن نخلص إليه هو أن كليهما مبدع بطريقته. هذا ليس من باب تعادل النقاط وخروجهما معاً متوازياً مع الآخر، بل من باب أن الحقيقة في النهاية تتبع أي نوع من الجمهور نحن. فمن يحبذ الرسالة الظاهرة والعاطفة الواضحة ويجد فيهما السبب الذي يدفعه إلى مشاهدة فيلم ما سيفضل تشارلي تشابلن بالطبع.
أما الذين يريدون ما هو أصعب منالاً من ذلك ويهوون تصاميم المشاهد ودورها في خلق مشاهد صعبة التنفيذ، لكنها منفذة ببراعة فنية عالية، فإن بستر كيتون هو من يعتبرونه الفنان الأعلى مقاماً، خصوصاً أن الرجل كان مخرجاً أفضل، في التفاصيل كما في العناصر الأساسية كإدارة المجاميع وتوظيف المونتاج، من زميله تشابلن.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.