«تابوت الإسكندرية الغامض» يثير جدلاً في مصر والإعلام الغربي

أثريون استبعدوا وجود جثة الإسكندر الأكبر بداخله... وصحف أجنبية تحذر من اللعنة

«تابوت الإسكندرية الغامض» يثير جدلاً في مصر والإعلام الغربي
TT

«تابوت الإسكندرية الغامض» يثير جدلاً في مصر والإعلام الغربي

«تابوت الإسكندرية الغامض» يثير جدلاً في مصر والإعلام الغربي

أثار التّابوت الحجري الضخم الذي اكتشفته السّلطات المصرية في مدينة الإسكندرية (شمال القاهرة بـ200 كيلومتر)، قبل أسبوعين، جدلاً كبيراً داخل مصر وخارجها، بعدما انتشرت تقارير وأخبار تتحدث عن احتمالية وجود جثمان الإسكندر الأكبر داخل التابوت، وهو ما انتشر بكثافة في مصر عبر وسائل التّواصل الاجتماعي. بينما حذّرت بعض الصّحف الأجنبية وشخصيات دولية شهيرة من فتحه خشية اللعنة التي يمكن أن تصيب العالم جراء ذلك، حسب وصفهم. وخلق هذا المناخ الهوليوودي حالة من الضجيج حول هذا الكشف الذي تم عن طريق الصدفة أثناء إعادة بناء منزل في الإسكندرية، لنكتشف لاحقا أنه «ضجيج بلا طحين، لأنّنا أمام اكتشاف عادي جدا»، كما وصفه الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط». وقال حواس: إنّ «الحالة البسيطة للمقبرة التي وجد بها التابوت، وعدم احتوائها على أي نقوش، كان لا بد أن يدفعنا من البداية إلى استبعاد فكرة أنّه تابوت الإسكندر الأكبر». وأضاف: «الإسكندرية القديمة تضمّ كميات كبيرة من الآثار التي لم تكتشف بعد، ومن المعتاد ظهور مثل هذه الاكتشافات عند إعادة بناء المنازل، لذلك توجد لجان أثرية في مواقع البناء بشكل دائم».
وعثر على التابوت الذي يبلغ طوله 9.8 قدم (ما يقدر بـ3 أمتار) ويعود للعصر البطلمي في حي سيدي جابر بمدينة الإسكندرية، وهو الحي الذي يُعتقد أنّ الإسكندر الأكبر نفسه مدفون به، وهو ما جعل صحيفة «إكسبرس» البريطانية تثير احتمالية أن يكون خاص بـ«الإسكندر الأكبر»، وهو ما نفاه المجلس الأعلى للآثار مساء أمس، حين قال أمينه العام الدكتور مصطفى وزيري إنّ التّابوت هو لأحد الكهنة وليس لملك أو إمبراطور.
وإذا كانت رواية الإسكندر الأكبر قد استبعدت بهذا التّصريح، فالمخاوف من حدوث اللعنة عند فتح التّابوت لا تزال باقية، إذ استدعى التابوت كل الأساطير التي كتبت عن اللعنة التي أصابت مكتشفي مقبرة الملك الفرعوني الشهير «توت عنخ آمون».
من جانبها، كانت وزارة الآثار المصرية قد أعلنت أخيرا، أنّها ستفتتح التابوت خلال أيام، بواسطة مواسير سميكة مخصّصة لرفع غطاء التابوت حتى يجري التّعرف عمّا في داخله. وقال المهندس وعد الله أبو العلا، رئيس قطاع المشروعات في وزارة الآثار: «إذا تم العثور على شيء داخل التّابوت سيجري التّعامل معه على الفور من خلال فريق مرمّمين متّخصص سيكون موجوداً في الموقع على أن يُنقل أي مكتشف إلى أي مخزن متحفي في الإسكندرية، لمعالجته والبدء في إجراءات التّرميم للحفاظ عليه».
إلا أنّ الدكتور حواس قال لـ«الشرق الأوسط»: «ما أعلمه أنّ التّابوت فُتح، ولم تحدث لعنة أو أي شيء».
من جهته، أشار بسام الشمّاع الكاتب في علم المصريات، إلى بُعد آخر كان ينبغي أن يدفعنا لاستبعاد رواية أن التّابوت خاص بالإسكندر الأكبر، وهو خاص برأس التمثال التي عثر عليها بجوار التابوت.
وقال الشّماع لـ«الشرق الأوسط»: «رأس التماثيل الخاصة بالإسكندر الأكبر لها ملامح يعرفها كل المتخصّصين من حيث الأنف والعينين، ولا تظهر هذه الملامح في رأس التمثال المكتشفة بجوار التابوت». وتعجب الشّماع من روايات اللعنة التي يصرّ عليها الغرب على الرّغم مما أحرزوه من تقدّم في مجال العلوم وأضاف: «من يتحدث عن اللعنة يسيء للحضارة الغربية، فهو مثل رهبان الملك الذي خجل أن يخاطب هارون الرّشيد أن يبعث له بمن يصلح له الساعة، حتى لا يعرف أنّهم ارتكبوا عاراً باسم فرنسا». وأشار كاتب المصريات إلى الكشف الذي حدث قبل أيام في منطقة سقارة عندما تمكنت البعثة الأثرية المصريّة الألمانية، من العثور على ورشة كاملة للتّحنيط ملحق بها حجرات للدفن بها مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين (664 - 404 ق.م)، قائلاً: «لم نسمع أنّ أفراد هذه البعثة أصابتهم لعنة الفراعنة».
وكان كتّاب غربيون قد استدعوا تفاصيل فيلم المومياء «The Mummy» الذي عُرض في عام 1999، للتّحذير من فتح التّابوت باعتباره تجسيداً للأمور السّيئة التي يمكن أن تحدث للمتطفّلين على التّوابيت القديمة المغلقة بإحكام.
وكتب ديفيد ميلنر الذي يعمل محرراً في النسخة الأسترالية من مجلة Game Informer، في تغريدة له: «بصفتي من محبي فيلم The Mummy، أقول (لا تفتحوا التّابوت الملعون)». وكرّر جيت هير الذي يعمل لصالح مجلة «ذي نيو ريبابليك» «The New Republic» النّصيحة ذاتها، وقال: «إذا كنّا قد تعلمنا شيئاً من فيلم المومياء، فلن يكون هذا الشيء سوى أنّ التابوت يجب ألّا يُفتح».
فيما تساءل نيل غيمان، كاتب الرّوايات والقصص المصورة البريطاني، بنبرة متوجّسة «كيف ستسير الأمور عند فتح التابوت؟»، ورد عليه زميله نيك موسلي: «ماذا لو أعدنا دفن التّابوت الأسود المشؤوم، وتظاهرنا بأنّنا لم نعثر عليه من الأساس؟».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».