«مهرجان الصويرة»... فنانون من العالم في لقاء مع «كناوة»

مهرجان «كناوة» بالصويرة
مهرجان «كناوة» بالصويرة
TT

«مهرجان الصويرة»... فنانون من العالم في لقاء مع «كناوة»

مهرجان «كناوة» بالصويرة
مهرجان «كناوة» بالصويرة

يعود «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» في دورته الـ21 التي تنطلق غداً في مدينة الصويرة المغربية، ببرمجة غنية ومتنوعة، يتوزعها الشق الموسيقي بمشاركة فنانين من المغرب والخارج، ومنتدى حقوق الإنسان الذي ينظّم بدورته السابعة في موضوع «حتمية المساواة»، ومائدة مستديرة في موضوع «الثقافة والإدماج الاجتماعي: ما إسهام ائتلاف المدن العربية لمكافحة العنصرية والتمييز وكره الأجانب والتعصب؟»، فضلاً عن فقرة «شجرة الكلمات»، وورشات ومعرض فني في موضوع «مركز آلات أفريقيا».
ويَعِد المنظمون خلال دورة العام الجاري التي تتواصل على مدى 4 أيام، بلحظات قوية من التبادل والإثارة، بشكل يجعل من المظاهرة فرصة إضافية للتذكير بالجذور الأفريقية لهذا المهرجان الذي «أعطى نفساً جديداً لفن كناوة، بفضل روحه التي تجمع بين التبادل والمزج».
بالنسبة إلى نائلة التازي العبدي، منتجة المهرجان، تراهن دورة هذه السنة التي تستضيف على هامشها أو في إطارها لقاءات عديدة حول موضوعات أساسية، على الجيل الجديد من المعلمين الشباب، الذين أخذوا المشعل من أساتذتهم، بغية استمرارية هذه الموسيقى المغربية ذات الأصول الأفريقية.
لا تنسى التازي أن تتحدث عن الشهرة التي صارت للمهرجان، بحكم ارتكازه على الأخوّة والكرامة وكل القيم الكونية، مشدّدة على المجهودات التي تضاعفت لتحقيق ما رُسم له منذ 20 سنة، إذ تقول: «جعل فن كناوة رمزاً أساسياً للثقافة المغربية والأفريقية، وتسجيل الصويرة في لائحة مدن الثقافة العالمية»، هذه المدينة التي تُقدَّم على أساس أنّها «مدينة التاريخ والفن والمستقبل»، والتي لطالما أسهمت في الساحة الثقافية الوطنية والدولية»، بينما «تراهن بشكل كبير على الفن والإمكانات الجمة التي يتيحها، إذ تعدّ أسمى تجسيد للدور الذي تضطلع به الثقافة كرافد للتنمية، وهو ما تمكنت المدينة من إثباته على مر السنين».
وينتظر أن تنطلق دورة هذه السنة، كما جرت العادة، بافتتاح يراد منه أن يمثل «لحظة عاطفية قوية» و«حدثاً شعبياً»، ينطلق بتجول موكب الافتتاح بألوان زاهية، يقوده «معلّمو» كناوة، في شوارع الصويرة معلناً انطلاق الاحتفالات.
ومن أجل إعطاء إيقاع لبرمجة موسيقية رائعة، يقدم المهرجان حفلاً موسيقياً افتتاحياً كبيراً، يأتي ثمرة إقامة فنية بين «سناركي بوبي»، الفرقة الموسيقية للجاز والمزج الآلي التي تضم موسيقيين موهوبين من بروكلين ومن مختلف الثقافات، من قبيل عازف القيثارة مايكل ليك، وعازف البيانو، بيل لورانس الذي يبقى من المتعودين على المهرجان؛ وحميد القصري أشهر «معلم كناوي» على الصعيد الدولي.
كما يتضمن البرنامج الموسيقي للمظاهرة، فقرات تحت عناوين «إضاءات على خلف العادة الكناوية»، و«أفريقيا تجد جذورها في الصويرة»، و«فنانون من العالم أجمع في لقاء مع كناوة»، و«الحفلات الموسيقية الحميمية»، و«ليلة ألوان الصويرة». وحيث إن مهرجان كناوة هو مكان للتعلم والمشاركة والانفتاح، فإنّ ورشات «تقاسم تجربة سناكري بوبي»، و«تقاسم عبر الزمن، إيقاعات وألوان كناوة»، و«القرقاب ورقصة كويو»، التي ستنظَّم على هامش الحفلات الموسيقية للمظاهرة، ستتيح لشباب الصويرة، إمكانية الاستفادة من مكتسبات الفنانين المدعوين.
أمّا «شجرة الكلمات» التي انطلقت منذ 2006، فتبقى إحدى اللحظات الأساسية للمهرجان، وهي تعد لحظة هدوء، ومقترحة محادثات فنية، وفاصلاً للحوار والتبادل، قبل العودة للاستمتاع بالحفلات الموسيقية.
من جهته، ينتظر أن يشكّل معرض الآلات الموسيقية الأفريقية تحت عنوان «مركز آلات أفريقيا» في رواق برج باب مراكش، فرصة لتثمين هذه الآلات، ولتعزيز سلسلة انتقال هذه المعارف المهددة، غالباً، بالانقراض، وللحفاظ على حياة وذاكرة ما نقله الأسلاف طيلة قرون من جيل إلى آخر.
وعلى هامش التظاهرة، يناقش منتدى حقوق الإنسان (الذي شكَّل منذ استحداثه في 2012، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساحة للنقاش وتبادل الأفكار، بين متدخلين مغاربة وأجانب حول الإشكاليات الراهنة)، موضوع «حتمية المساواة»، من خلال 4 قضايا رئيسة: «المساواة، التمييز، المناصفة: المفاهيم، الانعكاسات»، و«تقدم لا يُنكر، وضروب تمييز مستمرة»، و«مجتمع في دينامية: مبادرات من أجل حقوق النساء»، و«سبل الإصلاح».


مقالات ذات صلة

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (فيسبوك المخرج)

«الذراري الحمر» رحلة في أعماق العنف والبراءة

يحمل اسم «الذراري الحمر» رمزيةً مزدوجةً تُضيف عمقاً لمعاني الفيلم، فيتجاوز كونه مجرد وصفٍ للأطفال ليعكس روح القصة والرسائل الكامنة وراءها.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق «إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

«إلى عالم مجهول» يسلّط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين بأوروبا

يجدد الفيلم الفلسطيني «إلى عالم مجهول» للمخرج مهدي فليفل، تسليط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا.

انتصار دردير (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».