هل تؤثر نتائج فرنسا في المونديال على شعبية اليمين المتطرف؟

التعدد الثقافي الفرنسي سجل هدفا ذهبيا بعد تتويج البلاد بمونديال 1998

نجوم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 1998 يلتقون بعد 20 عاما في صورة تذكارية ويتوسطهم زين الدين زيدان (أ.ف.ب)
نجوم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 1998 يلتقون بعد 20 عاما في صورة تذكارية ويتوسطهم زين الدين زيدان (أ.ف.ب)
TT

هل تؤثر نتائج فرنسا في المونديال على شعبية اليمين المتطرف؟

نجوم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 1998 يلتقون بعد 20 عاما في صورة تذكارية ويتوسطهم زين الدين زيدان (أ.ف.ب)
نجوم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 1998 يلتقون بعد 20 عاما في صورة تذكارية ويتوسطهم زين الدين زيدان (أ.ف.ب)

عندما نالت فرنسا لقب كأس العالم 1998 انشغل الإعلام وقتها بالفريق متعدد الثقافات والذي ضم مجموعة من اللاعبين القادمين من 11 دولة أخرى، لكنهم عاشوا ونشأوا في فرنسا.
وتعرض الفريق للعديد من الانتقادات خاصة من قوى اليمين المتشدد والذي كان يرى أن هذا الفريق لا يمثل فرنسا الحقيقية.
وقال وقتها جان-ماري لوبان رئيس حزب الجبهة الوطنية اليميني إن الفريق "الأسود والأبيض والبور (وهم مجموعة اللاعبين المولودين في أوروبا لكن تعود أصولهم إلى شمال افريقيا)" لا يمثل فرنسا نهائيا.
لكنها لم تكن المرة الأولى التي يضم فيها الفريق هذا العدد من اللاعبين الذين لا تعود أصولهم إلى فرنسا.
فراؤول دياني هو أول لاعب أسود في تاريخ المنتخب في 1931 وشارك في كأس العالم 1938 بجانب عبد القادر بن بوالي وميشيل بروسو وهما أول لاعبين يمثلان فرنسا من أصول شمال أفريقية.
ولعقود ظلت فرنسا تضم العديد من اللاعبين الذين لا تعود أصولهم إلى البلاد ومن بينهم ميشيل بلاتيني والذي قادها للفوز بيورو 1984.
لكن الفوز بكأس العالم أكمل خزائن الاتحاد الفرنسي بالبطولة الوحيدة الكبيرة التي كانت تنقصها وجاء اللقب بفضل هدفين من زين الدين زيدان صاحب الأصول الجزائرية.
وضم الفريق في 1998 لاعبين من أصول من أرمينيا والجزائر وجوادلوب ونيو كالدونيا والأرجنتين وغانا والسنغال وإيطاليا وجويانا الفرنسية والبرتغال ومارتينيك وعلى رأسهم زيدان الذي ولد في مرسيليا.
لكن المشكلة في 1998 كانت ارتفاع نسبة البطالة والحالة الاقتصادية السيئة ومشاعر الغضب بين المجموعات المتعددة الثقافات بالإضافة إلى العنف العنصري وزيادة خطر الإسلاميين المتشددين وإعادة ترتيب الأحزاب اليمينية نفسها والزخم الذي نالته في الانتخابات في ثمانينات القرن الماضي.
ولم يكن هذا الفريق بمثابة الأمل للخروج من كل ذلك لكن في النهاية نجح في حصد اللقب للمرة الأولى والوحيدة في تاريخ فرنسا.
وقال جاك شيراك رئيس البلاد بعد الفوز 3-صفر على البرازيل في النهائي "هذا فوز فرنسي وبلادنا متحدة في الفوز".
ونشر الفريق المتعدد الثقافات والديانات فكرة أن فرنسا هي من فازت وأن هناك ما يجمع الفرنسيين أكثر مما يفرقهم.
وقال إيميه جاكيه مدرب فرنسا بعد الفوز باللقب "فرنسا كلها نزلت تحتفل في الشوارع".
وتصدرت صورة زيدان وهو يقبل كأس العالم ويبكي أثناء غناء السلام الوطني الفرنسي وسائل الإعلام لعدة أيام.
فيما تحدث تييري هنري هداف الفريق في البطولة والذي ولد لأب من جوادلوب وأم من مارتينيك "عندها عرفت قوة الرياضة حتى لو كنت لا اتفهم الأمر بشكل واضح".
لكن رغم تأثير الرياضة على الحياة الاجتماعية فهو تأثير مؤقت وبعد أربع سنوات من ذلك ووسط معاناة البطالة والاقتصاد حصل لوبان على 17% في انتخابات الرئاسة في 2002.
وقال الحارس برنار لاما الفائز بكأس العالم والذي نشأ في جويانا الفرنسية "كان هناك حالة من السخط والناس كانت تعيش في بؤس ولوبان نجح في استغلال كل الأمور الشيطانية الاجتماعية، القيم التي وحدتنا في 1998 تم نسفها".
وما ساعد في ذلك هي الحالة السيئة للمنتخب عندما ذهب إلى كأس العالم 2002 وهو يحمل اللقب والذي أضاف إليه لقب يورو 2000 على حساب إيطاليا.
وودع الفريق كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان من دور المجموعات بعد أداء كارثي شهد الهزيمة أمام السنغال في افتتاح البطولة وهو ما طرح بعد ذلك فكرة ألا يشارك أي منتخب بصفته حامل اللقب بل عليه خوض التصفيات.
الغريب أن أول خمسة لاعبين في قائمة الأكثر تمثيلا لفرنسا يأتون من أصول ليست فرنسية وما يجمع بينهم هو الفوز بكأس العالم ويورو 2000.
فليليان تورام يتصدر هذه القائمة برصيد 142 مباراة وولد في جوادلوب ويأتي خلفه كل من هنري ومارسيل ديساييه القادم من غانا ثم زيدان وباتريك فييرا المولود في السنغال.
وفي مقابلة مع صحيفة هآرتس الاسرائيلية في 2005 قال آلان فينكلكراوت المفكر الفرنسي والذي ولد لأبوين بولنديين "المنتخب الفرنسي أسود أسود أسود. فرنسا أصبحت سخرية اوروبا كلها بسبب ذلك".
لكن فينكلكراوت اعتذر بعد ذلك وقال إنه لم يكن يقصد أن يكون عدائيا.
ويبدو أن الأمر أخذ منحى آخر داخل الاتحاد الفرنسي فنشر موقع "ميديا بارت" للتحقيقات في أبريل/نيسان 2011 تقريرا زعم فيه أن الاتحاد كان يحاول سرا وضع نسبة من أجل الحد من وجود اللاعبين أصحاب جنسيتين في أكاديميات الناشئين الوطنية.
ونقل الموقع قول أحد مسؤولي الاتحاد رغبته في تحديد نسبة 30% للاعبين أصحاب الجنسيتين في أكاديميات الناشئين بعمر 12 و13 عاما.
وأصدر الاتحاد الفرنسي بيانا ينفي الأمر وقال "مسؤولو الاتحاد لا يملكون حق أو التصريح أو حتى وضع سياسة لتحديد نسب داخل الاكاديميات".
وفي النهاية تم إيقاف المدير الفني للاتحاد فرانسوا بلاكار دون الإعلان عن النتيجة النهائية للتحقيقات.
وقال فييرا إن التصريحات المزعومة المنسوبة للوران بلان مدرب فرنسا في ذلك الوقت كانت "خطيرة ومخزية" لكن التحقيقات برأت بلان – والذي كان واحد من أعضاء منتخب 1998- من تلك التصريحات.
وتدخلت الحكومة الفرنسية في الأمر وأصدر نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا بيانا قال فيه "تحديد أي نسبة سينهي الجمهورية الفرنسية".
وربما يعود الحديث عن الأمر مرة أخرى لو فشلت فرنسا في كأس العالم في روسيا خاصة أن أكثر من نصف الفريق الحالي يأتي من أصول غير فرنسية.
ومع تصاعد قوة مارين لوبان رئيسة حزب الجبهة الوطنية والتي خسرت بصعوبة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي ومحالاتها بإعادة تشكيل حزب اليمين المتشدد فيمكن أن يفتح فشل فرنسا في كأس العالم باب الحديث عن الأمر مرة أخرى.
ولا يختلف الوضع الحالي عن 2002 بل يمكن أن يكون أسوأ بسبب الهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد على مدار الأعوام الثلاثة الماضية والتي قُتل فيها نحو 250 شخصا بالإضافة إلى إصابة أكثر من 600 منذ 2015.


مقالات ذات صلة

رسمياً... كلويفرت يخلف يونغ في تدريب منتخب إندونيسيا

رياضة عالمية باتريك كلويفرت (رويترز)

رسمياً... كلويفرت يخلف يونغ في تدريب منتخب إندونيسيا

أعلن الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم في بيان، الأربعاء، تعيين أسطورة كرة القدم الهولندي باتريك كلويفرت مدرباً جديداً للمنتخب الوطني حتى 2027، مع خيار التمديد.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
رياضة عالمية ديشان في مقابلة مع قناة «تي إف 1» الأربعاء (أ.ف.ب)

ديشان: سأترك تدريب منتخب فرنسا في 2026

أكد مدرب منتخب فرنسا لكرة القدم ديدييه ديشان، أنه سيترك منصبه عام 2026، في مقابلة مع قناة «تي إف 1» الأربعاء.

رياضة عالمية شين تاي-يونغ (رويترز)

مفاجأة... ثوهير يقيل مدرب إندونيسيا والبديل كلويفرت

أقال الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم مدرب منتخب الرجال الكوري الجنوبي شين تاي-يونغ، كما أعلن رئيسه إريك ثوهير، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
رياضة سعودية منتخب السعودية لم يقدم ما يشفع له للاستمرار في البطولة (سعد العنزي)

هل يمكن معالجة جراح الأخضر قبل استئناف تصفيات كأس العالم؟

عندما تلقَّى المنذر العلوي بطاقة حمراء في الدقيقة 34، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يخفق الأخضر في التفوق على 10 لاعبين من عُمان في سعيه لبلوغ النهائي الخليجي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية حالة من الإحباط عاشها لاعبو الأخضر بعد الخروج الخليجي (تصوير: سعد العنزي)

رينارد يجهز تقرير «الأخضر»... و«اعتزال» العويس مجرد «ردة فعل»

مصادر قالت إن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يزال يثق بالجهازين الفني والإداري بقيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد.

سعد السبيعي (الكويت)

تركيا: «طاولة الستة» تؤكد أن الدستور يمنع إردوغان من خوض الانتخابات

قادة أحزاب «طاولة الستة» للمعارضة التركية أثناء اجتماعهم في أنقرة (موقع «خبر 7»)
قادة أحزاب «طاولة الستة» للمعارضة التركية أثناء اجتماعهم في أنقرة (موقع «خبر 7»)
TT

تركيا: «طاولة الستة» تؤكد أن الدستور يمنع إردوغان من خوض الانتخابات

قادة أحزاب «طاولة الستة» للمعارضة التركية أثناء اجتماعهم في أنقرة (موقع «خبر 7»)
قادة أحزاب «طاولة الستة» للمعارضة التركية أثناء اجتماعهم في أنقرة (موقع «خبر 7»)

بينما لم تعلن «طاولة الستة» للمعارضة التركية مرشحاً لانتخابات الرئاسة بعد، أكد قادة الأحزاب الستة المنضوية تحتها أن الرئيس رجب طيب إردوغان لا يحق له دستورياً خوض الانتخابات التي من المنتظر إجراؤها في يوم واحد مع الانتخابات البرلمانية في 14 مايو (أيار) المقبل قبل موعدها الأصلي في 18 يونيو (حزيران).
وقال قادة الأحزاب الستة، في بيان صدر عن اجتماعهم الـ11 الذي عُقد بمقر حزب «الجيد» في أنقرة واستمر 9 ساعات ليل الخميس - الجمعة، إن تركيا تدار حالياً من قبل حكومة تتصرف من دون أي اعتبار للدستور والقوانين التي لا تدع مجالاً للشك أو التأويل بشأن عدم إمكانية ترشح إردوغان للرئاسة للمرة الثالثة، ما لم يتم الإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة.
وأكد البيان أنه لا يمكن أن يكون إردوغان مرشحاً للرئاسة في انتخابات 14 مايو المقبل، وسيكون ترشحه للمرة الثالثة مخالفاً للدستور و«صفحة سوداء جديدة» في تاريخ البلاد الديمقراطي، مضيفاً أن «المعارضة تعلن للرأي العام عدم قبولها أي أمر يتجاوز الدستور والقانون».
وينص الدستور التركي على أنه لا يمكن الترشح لأكثر من فترتين رئاسيتين، مدة كل منهما 5 سنوات، ويحق الترشح للمرة الثالثة فقط في حال قرر البرلمان التوجه إلى الانتخابات المبكرة. ومن أجل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة يتعين أن يصدر البرلمان قراراً بأغلبية 360 نائباً من أصل 600، وهو ما لا يملكه الحزب الحاكم ولا المعارضة، في حين يحق لرئيس الجمهورية أيضاً أن يتخذ قراراً بتقديم أو تأخير موعد الانتخابات، لكن قراره تقديم موعدها لا يعد انتخابات مبكرة.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة تقرر تقديم موعدها من 16 يونيو إلى 14 مايو لاعتبارات تتعلق بامتحانات الجامعات والعطلات، لكن هذا لا يعني أنها «انتخابات مبكرة».
وذكرت المعارضة أن الانتخابات بذلك ستجرى وفق قرار رئاسي، بما يعني أنها ليست انتخابات مبكرة قرر البرلمان إجراءها، وبالتالي فإن ترشح إردوغان هذه المرة سيكون هو الثالث، وهو أمر غير ممكن بموجب الدستور، لكن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحليفه في «تحالف الشعب»، حزب «الحركة القومية»، يتمسكان بأن الدستور جرى تعديله لإقرار النظام الرئاسي بديلاً للنظام البرلماني في 2017، وأجريت انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في يونيو 2018. وبما أن التعديلات لا تطبق بأثر رجعي، فلا يمكن اعتبار أن إردوغان يترشح للمرة الثالثة؛ إذ يعد ترشحه للرئاسة في 2018، هو الأول وفق التعديلات الدستورية الجديدة.
وذكر البيان أن قادة «طاولة الستة» تشاوروا، خلال الاجتماع، حول مسألة المرشح المشترك للرئاسة بناء على مبدأ التوافق ومطالب الشعب، مؤكدين أن المرشح الذي سيختارونه سيكون هو الرئيس الثالث عشر لتركيا بعد إردوغان، وسيكون رئيساً مؤمناً بالنظام البرلماني المعزز والحقوق والحريات والديمقراطية، وستكتمل في عهده خريطة طريق المرحلة الانتقالية للتحول من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني المعزز.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع المقبل سيُعقد بمقر حزب «السعادة»، في 13 فبراير (شباط) المقبل.
و«طاولة الستة» هي تحالف مبادئ، وليست تحالفاً انتخابياً، وتضم 6 أحزاب معارضة هي: «الشعب الجمهوري» برئاسة كمال كليتشدار أوغلو، و«الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، و«الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«السعادة» برئاسة تمل كارامولا أوغلو، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، و«الديمقراطي» برئاسة جولتكين أويصال، وتسعى إلى إعادة النظام البرلماني المعزز، الذي انتهت من إعداد صيغته، بدلاً من النظام الرئاسي الحالي الذي تقول إنه كرس لنظام حكم الفرد، عبر إقصاء إردوغان وحزبه في الانتخابات المقبلة.
ويثير عدم تحديد الطاولة مرشحها للانتخابات الرئاسية حتى الآن جدلاً واسعاً، في ظل ما يتردد بين الحين والآخر عن خلافات على اسم المرشح، في حين قالت مصادر من حزب «المستقبل»، إن اسم المرشح الرئاسي سيعلن في 13 فبراير.
وطالب الزعيم الكردي الرئيس المشارك السابق لـ«حزب الشعوب الديمقراطية» التركي المعارض السجين، صلاح الدين دميرطاش، حزبه بدعم مرشح تلتف حوله جميع أحزاب المعارضة، وعدم تسمية مرشح منفصل لمواجهة إردوغان، مؤكداً أنه مع الدفع بمرشح مشترك.