الاعتداء الجنسي على الأطفال... وباء صامت

مضاعفات نفسية وجسدية يجب على الآباء والأمهات ملاحظتها

الاعتداء الجنسي على الأطفال... وباء صامت
TT

الاعتداء الجنسي على الأطفال... وباء صامت

الاعتداء الجنسي على الأطفال... وباء صامت

من المعروف أن الاعتداء الجنسي على الأطفال (Child Sexual Abuse) من المشاكل الصحية الخطيرة التي تهدد المجتمعات الحديثة، وتتسبب في آثار مدمرة للطفل على المستويين النفسي والعضوي، وربما تلازم الطفل طيلة حياته.
وتكمن المشكلة الأساسية في الاعتداء الجنسي على الطفل في أنه من الأمور المسكوت عنها، ليس بغرض التعتيم أو التقليل من أهميتها، لكن لأن الطفل الضحية في الأغلب لا يصرح بما حدث، إلى ذويه، إما بدافع الخوف أو عدم الدراية الكاملة بما يحدث.
وتبعاً لدراسة حديثة تم نشرها فإن طفلة من كل 4 أطفال إناث على وجه التقريب تتعرض لاعتداء جنسي. والأمر ينطبق على الأطفال الذكور أيضاً، ولكن بنسبة أقل. وهناك طفل من كل 6 أطفال يتعرض لاعتداء جنسي، وهو الأمر الذي يجعله أقرب إلى الظاهرة أو الوباء الصامت (Silent Epidemic).
- زيادة الاعتداءات
أوضحت الدراسة أن 40 في المائة من المعتديين يكونون من معارف الطفل، ودائرته المقربة، التي يمكن أن تشمل بعض أفراد العائلة، بينما تكون هناك نسبة أخرى تبلغ 40 في المائة من الأطفال الأكبر عمراً أو الأقوى بدنياً، التي يختلط فيها الاعتداء الجنسي بالاعتداء البدني. ولا يصرح الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي في الأغلب بالواقعة. وحاولت الدراسة معرفة لماذا تزداد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، رغم زيادة التوعية والبرامج المؤهلة للتعرف على التحرش، سواء للأطفال (بطريقة مبسطة) أو للآباء. وخلصت إلى أن هناك عدة أسباب منها أن الطفل يشعر أن الأهل لن يصدقوا ما سوف يقوله، إذ إن هناك نسبة تبلغ 30 في المائة من الآباء لا يصدقون ادعاءات الأطفال بالفعل بشأن التحرش الجنسي، ويعتبرون الأمر سوء فهم من الطفل.
أما بالنسبة للأطفال الأكبر عمراً في بداية المراهقة، أو الذين يدركون ما يحدث على وجه التحديد، فهناك البعض منهم من يشعر بالذنب تجاه ما حدث لهم، ويعتقدون أنهم أو أنهن لا بد فعلوا شيئاً ما أدى إلى حدوث ذلك مما يدخل المراهق أو المراهقة في حالة نفسية سيئة، وتكريس حالة من الخجل والشعور بالعار، خصوصاً في المجتمعات المحافظة والمغلقة.
إضافة إلى ذلك، وفي كثير من الأحيان، يقوم المعتدي بتغذية هذا الشعور بالذنب في نفسية المراهق الضحية، وهو أمر في منتهى الخطورة، ويمكن أن يؤدي إلى أن يحاول المراهق التخلص من حياته جراء الشعور بالذنب. وهناك البعض منهم يدرك أن إخبار العائلة أو المحيطين به حتى في حالة تصديقه سوف يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويين النفسي والاجتماعي، في حالة أن يكون فرداً من أفراد العائلة، مما يتسبب في ألم نفسي مضاعف، ولذا يفضل الصمت.
- مضاعفات نفسية وبدنية
يؤدي الاعتداء الجنسي إلى عزلة المراهق وانطوائه وفقدانه الثقة في نفسه، وفي الآخرين، ويصاب بالاكتئاب، ويمكن أن يبدأ في تجربة المواد المخدرة، أو ينخرط لاحقاً في سلوك عنيف معادٍ للمجتمع، فضلاً عن الانحرافات الجنسية، ويفكر بشكل جدي في الانتحار. وتبعاً للإحصاءات فإن الأطفال والمراهقين ضحايا الاعتداء الجنسي عرضة لمحاولات الانتحار بمقدار من 7 إلى 13 ضعفاً أكثر من غيرهم من عموم البشر. وأشارت الدراسة إلى أن الاعتداء الجنسي ليس له أعراض معينة باستثناء التغيرات النفسية التي تحدث للطفل أو المراهق، والتي يمكن أن تمر من دون ملاحظة كجزء طبيعي من عملية البلوغ، وهو ما يزيد الأمر صعوبة، حيث إن المرض العضوي على سبيل المثال يمكن التعرف عليه من الأعراض وإجراء الفحوصات والتوصل إلى العلاج.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة الحديث مع المراهق في حالة ملاحظة تغيرات نفسية تستمر لفترات طويلة مثل الانعزال وفقدان الشهية وفقدان الوزن، والعزوف عن المشاركة في الأنشطة المحببة إليه سابقاً، والتأخر الدراسي، وكذلك تجنب بعض الأشخاص والأماكن، وسؤاله من دون خجل وبشكل غير مباشر عن احتمالية أن يكون قد تعرض لاعتداء جنسي (مثل التطرق إلى موضوع الاعتداءات الجنسية والتحرش بشكل عام في المجتمع مع التأكيد على أن المعتدى عليه هو ضحية في كل الأحوال، ولا يجب عليه الخجل والشعور بالذنب، وضرورة الإفصاح مهما كان الأمر مؤلماً، حيث إن ترك الأمور من دون إفصاح يؤدي إلى عواقب أسوء)، وبذلك يتم تشجيع المراهق على الحديث من دون جرح لمشاعره.
وحذرت الدراسة من أن المجتمع يمكن أن يكون مساهماً في زيادة نسبة الحدوث بشكل غير مباشر، نظراً للتعتيم وتجاهل الأمر، والتظاهر بأن هذه الاعتداءات نادرة جداً ولا يجب التطرق إليها ولفت النظر لها. وتبعاً للإحصاءات العلمية، فإن هذه المزاعم منافية للحقيقة.
كما ذكرت أن على الآباء أن يتحلوا بالشجاعة ووضع الاعتداء الجنسي كاحتمال وارد الحدوث، وضرورة نشر التوعية بذلك في أوساط المتعاملين مع المراهقين من المدرسين والمدربين في النوادي، كما نصحت الدراسة أيضاً بضرورة أن تكون هناك قوانين رادعة في حالة التحقق من حدوث الاعتداء، حتى في حالة أفراد الأسرة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تراجع الجريمة مخافة العقاب.
في النهاية أكدت الدراسة على ضرورة توفير الدعم والحب والاحتواء للمراهق ضحية الاعتداء، ونصحت الآباء بتشجيع الحديث المفتوح بينهم وبين أبنائهم، وضرورة أن تكون هناك بيئة صحية نفسية، حيث إن المشكلات النفسية في المنزل توفر بيئة خصبة للمراهق للبحث عن الأمان النفسي خارج المنزل مع أشخاص أكبر عمراً، مما يمكن أن يعرضه لخطورة الاعتداءات. وكذلك أكدت الدراسة على ضرورة زيادة التوعية بشكل دوري في المدارس والنوادي ومؤتمرات الشباب.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

صحتك التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

توصّل باحثون في كندا إلى أن التوتر يغير الطريقة التي يجري بها تخزين واسترجاع الذكريات السلبية بالدماغ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة (رويترز)

دماء المرضى قد تستخدم لإصلاح عظامهم المكسورة

كشفت دراسة بحثية جديدة عن أن دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل مريض بالسرطان (رويترز)

هل يقلل التعافي من السرطان احتمالات الإصابة بألزهايمر؟

منذ سنوات، بدأ الباحثون وخبراء الصحة في دراسة العلاقة بين السرطان وألزهايمر، وما إذا كان التعافي من المرض الخبيث يقلل فرص الإصابة بألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل (أ.ف.ب)

حياة أطول بصحة أفضل... النشاط البدني يضيف 5 سنوات لعمرك

أكدت دراسة جديدة أن النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك حبات من التفاح (أرشيفية - أ.ب)

بدائل طبيعية ورخيصة الثمن لعقار «أوزمبيك» السحري لكبح الشهية

ترشح خبيرة تغذية أطعمة طبيعية ورخيصة الثمن لها تأثير مقارب من عقار «أوزمبيك» السحري لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

طريقة لتطوير لغة الأطفال بعد زراعة قوقعة الأذن

الأسماء المستندة إلى الشكل قد تُسهم في تطوير اللغة لدى الأطفال بعد الجراحة (جامعة ميامي)
الأسماء المستندة إلى الشكل قد تُسهم في تطوير اللغة لدى الأطفال بعد الجراحة (جامعة ميامي)
TT

طريقة لتطوير لغة الأطفال بعد زراعة قوقعة الأذن

الأسماء المستندة إلى الشكل قد تُسهم في تطوير اللغة لدى الأطفال بعد الجراحة (جامعة ميامي)
الأسماء المستندة إلى الشكل قد تُسهم في تطوير اللغة لدى الأطفال بعد الجراحة (جامعة ميامي)

توصّلت دراسة أجرتها جامعة «ميامي» الأميركية إلى أنّ الأطفال الذين يمتلكون مفردات تحتوي على نسبة أعلى من الأسماء المستندة إلى الشكل، مثل: «كرسي» و«كوب»، بعد فترة قصيرة من زراعة القوقعة؛ يُظهرون تطوّراً لغوياً أفضل في السنوات التالية.

وأوضح الباحثون أنّ هذه النتائج تؤكّد أهمية التركيز على تعليم أسماء الأشكال لدعم الأطفال في مرحلة ما بعد زراعة القوقعة. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Developmental Science».

تُعدّ جراحات زراعة قوقعة الأذن للأطفال إجراءً طبياً يهدف إلى تحسين السمع لدى الأطفال الذين يعانون فقدان سمع شديد أو كامل. وخلال الجراحة، يُزرع جهاز إلكتروني صغير في الأذن الداخلية لتحفيز الأعصاب السمعية مباشرة، مما يمكّن الطفل من سماع الأصوات المحيطة.

وهذا العلاج فعّال بشكل خاص للأطفال الذين تُزرَع لهم الغرسات في سنّ مبكرة (قبل 3 سنوات)؛ إذ يساعدهم في اكتساب القدرة على السمع بشكل طبيعي، مما يحسّن جودة حياتهم عموماً.

وتُسهم هذه العملية في تحسين قدرة الأطفال على سماع الأصوات والكلمات؛ مما يُساعد في تطوير مهاراتهم اللغوية والتواصلية.

واستندت الدراسة إلى بيانات جُمعت ضمن مشروع طويل الأمد حول تطور الأطفال بعد زراعة القوقعة؛ إذ يجري قياس قدراتهم اللغوية قبل الجراحة وبعدها كل 6 أشهر.

وكشفت النتائج عن أنّ الأطفال الذين كانت مفرداتهم تحتوي على نسبة أكبر من الأسماء المستندة إلى الشكل سجّلوا مفردات أكبر وحقّقوا نتائج أعلى في اختبارات اللغة مقارنةً بأقرانهم، وكانوا أكثر قدرة على اللحاق بأقرانهم من ذوي السمع الطبيعي.

وتشير الأسماء المستندة إلى الشكل إلى كلمات مثل: «كرسي» أو «كوب»، التي تصف فئة من الأشياء بناءً على شكلها، بدلاً من خصائص أخرى مثل: اللون أو المادة.

وأظهرت الدراسة أنّ هذا النوع من المفردات يساعد في تحسين المفردات النحوية واللغوية للأطفال الذين خضعوا لجراحات زراعة قوقعة الأذن؛ مما يُسهم في تقليص الفجوة اللغوية مع أقرانهم ذوي السمع الطبيعي.

وقال الباحثون إنّ تعلُّم مزيد من الأسماء الشكلية كان له تأثير كبير في عدد الكلمات التي يعرفها الأطفال، وكذلك على مهاراتهم النحوية. وأضافوا أن هذه النتائج تبرز تأثير طبيعة الكلمات التي يتعلّمها الطفل في تطوره اللغوي، وكان التأثير أكثر وضوحاً لدى الذين خضعوا لزراعة قوقعة الأذن.

وأشار الفريق إلى أنّ هذه الدراسة تقدّم دلالة قوية على أهمية المفردات النوعية في دعم تطوّر اللغة لدى الأطفال، خصوصاً أولئك الذين يعانون فقدان السمع؛ مما قد يُسهم في تغيير طريقة تصميم برامجهم التعليمية في المستقبل.