مونديال 2018... فرصة بوتين الثمينة لاستعراض عضلات «روسيا الحقيقية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين («الشرق الأوسط»)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين («الشرق الأوسط»)
TT

مونديال 2018... فرصة بوتين الثمينة لاستعراض عضلات «روسيا الحقيقية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين («الشرق الأوسط»)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين («الشرق الأوسط»)

عادةً ما تخلو كأس العالم، أهم وأبرز بطولات كرة القدم حول العالم، من الاعتبارات السياسية بشكل كبير، حيث تُنحى الجوانب السياسية جانباً وتفرض كرة القدم نفسها على المشهد، لكن الوضع ربما يختلف في أول نسخة من البطولة تحتضنها روسيا.
ولا شك في أن كأس العالم تمثل فرصة لروسيا من أجل استعراض حداثتها وعالميتها، ولكن يبدو أيضاً أنها تمثل فرصة ثمينة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل استعراض أهمية بلاده على الساحة العالمية من الزاوية الرياضية كما هو الحال على الصعيد السياسي.
وقال بوتين: «لدينا 6 ملايين مواطن يمارسون كرة القدم في بلادنا، إضافة إلى الكثيرين الذين يعشقونها».
وأظهر بوتين اهتماماً كبيراً بالمونديال، الذي تقام منافساته في 11 مدينة روسية خلال الفترة ما بين 14 يونيو (حزيران) و15 يوليو (تموز)، مثلما فعل قبل 4 أعوام عندما استضافت بلاده دورة الألعاب الأولمبية الشتوية (سوتشي 2014).
وكان بوتين، رئيس الوزراء حينذاك، قد سافر إلى مدينة زيوريخ السويسرية في عام 2010 للترويج لملف روسيا لطلب استضافة مونديال 2018، قبل عملية التصويت المزدوجة المثيرة للجدل والتي شهدت منح روسيا وقطر حق استضافة بطولتي 2018 و2022 على الترتيب.
اتهامات بالفساد
وكانت عملية التصويت محور واحد من عدة تحقيقات في ادعاءات فساد بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وكانت فضائح الرشوة والفساد قد أسفرت عن توجيه اتهامات ضد مسؤولين كبار وكذلك تغييرات في رئاسة «فيفا».
ودائماً ما كانت تنفي روسيا ادعاءات الفساد، وظل السويسري جوزيف بلاتر الرئيس السابق لـ«فيفا» ومواطنه جياني إنفانتينو الرئيس الحالي للاتحاد الدولي، مرحَّباً بهما في موسكو.
واهتزت أرجاء الرياضة الروسية بشكل كبير مع ادعاءات الانتشار الممنهج والمدعوم من قبل الدولة للمنشطات بين الرياضيين الروس خلال أولمبياد سوتشي الشتوي.
وشهدت الفترة التالية لتلك الدورة الأولمبية، تزايد الأخطاء السياسية لروسيا من وجهة نظر الغرب، بما في ذلك دعم متمردين انفصاليين في أوكرانيا، والتدخل «الوحشي» في سوريا وكذلك الاشتباه في شن هجمات قرصنة على الحكومة الألمانية، والتدخل في الانتخابات الأميركية والفرنسية.
وجاءت محاولة قتل العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا لتوتر الأجواء أيضاً بين الشرق والغرب، ولكن الأمر بشكل عام يتمثل في وجهة نظر غرب أوروبا بينما لا تبدو صورة روسيا بنفس السلبية لدى دول أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
حرب معلومات
وتدرك القيادة السياسية في روسيا، جيداً هذا الوضع، وقد صرحت فالنتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، المجلس الأعلى للبرلمان خلال زيارة أجرتها مؤخراً لمدينة فولغوغراد المشاركة في احتضان فاعليات المونديال، بأن روسيا تواجه حرب معلومات.
وأضافت أن قنوات أجنبية تحاول تلطيخ صورة وسمعة روسيا، «ولكن الآن، سيأتي ملايين الضيوف ليروا روسيا على حقيقتها، والروس الحقيقيين، ولن يكون لحرب المعلومات تأثير عليهم».
كذلك ترى شخصيات معارضة، مثل معلق كرة القدم الشهير فاسيلي أوتكين أنه لا يُفترض الربط بين الأمور السياسية وكأس العالم.
وقال أوتكين في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية «مثل أي ناخب في هذا البلد، لديّ اعتراضات على القيادة، ولكن لا شيء أكثر أو أقل من المعتاد (يتعلق بكأس العالم)».
ولم تعلن أي دولة مقاطعتها لكأس العالم، وقد أبدى المشجعون الأجانب إقبالاً على الحضور إلى روسيا، حسب ما قاله أوتكين.
وأوضح: «كل التذاكر جرى بيعها. والكثير من الجماهير قادمة من أميركا، التي لا تشارك في البطولة».
ومع ذلك، قال أوتكين: «ولكن هل يُفترض بنا أن نتناسى على مدار 4 أسابيع من كرة القدم، أن المخرج المسرحي الروسي كيريل سيريبرينيكو يخضع للإقامة الجبرية وأن الناشط الحقوقي الشيشاني أيوب تيتييف في الحبس؟».
وأضاف أوتكين: «لن أنساهم ولو لثانية واحدة. ولكننا في روسيا يجب أن نحل هذه القضايا دون الإخلال بإطار عملنا وقوانيننا».
وبعد إنفاق نحو 40 مليون يورو (نحو 47 مليون دولار) في أولمبياد سوتشي، ضخت روسيا، حسب الأرقام الرسمية، أكثر من 10 مليارات يورو من أجل كأس العالم.
ويذهب جزء كبير من المبلغ على تكاليف الاستادات، كما جرى تحديث المطارات والبنى الأساسية لوسائل النقل بالمدن التي تستضيف الفاعليات.
وقال أركادي دفوركوفيتش رئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2018، إن البطولة ساعدت روسيا على التعافي من التراجع الاقتصادي الذي شهدته الأعوام الثلاثة الماضي.
دور الأمن
ويتوقع أن يلعب الأمن دوراً بارزاً خلال البطولة. فقد كانت السلطات الروسية قد منعت، بشكل فعال، مثيري الشغب من المشجعين من حضور مباريات كأس القارات 2017، كما أن قوات الأمن ستتخذ الاحتياطات للتصدي لأي هجمات إرهابية محتملة خلال المونديال.
وستحمل فترة إقامة البطولة ما يشبه التحدي بالنسبة إلى ضيوف روسيا في ما يتعلق بتفقد أنحاء مختلفة من البلد الشاسع، وهو ما يشبه ما كان عليه الوضع في مونديال البرازيل قبل 4 أعوام.
وقال أوتكين إن حقيقة أن المونديال يقام في 11 مدينة ويغطي آلاف الأميال «هي رائعة، حيث إن لدينا مشكلة تتمثل في أن السياح لا يعرفون سوى موسكو وسان بطرسبورغ».


مقالات ذات صلة

هل يمكن معالجة جراح الأخضر قبل استئناف تصفيات كأس العالم؟

رياضة سعودية منتخب السعودية لم يقدم ما يشفع له للاستمرار في البطولة (سعد العنزي)

هل يمكن معالجة جراح الأخضر قبل استئناف تصفيات كأس العالم؟

عندما تلقَّى المنذر العلوي بطاقة حمراء في الدقيقة 34، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يخفق الأخضر في التفوق على 10 لاعبين من عُمان في سعيه لبلوغ النهائي الخليجي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية حالة من الإحباط عاشها لاعبو الأخضر بعد الخروج الخليجي (تصوير: سعد العنزي)

رينارد يجهز تقرير «الأخضر»... و«اعتزال» العويس مجرد «ردة فعل»

مصادر قالت إن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يزال يثق بالجهازين الفني والإداري بقيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد.

سعد السبيعي (الكويت)
رياضة عربية يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

ينوي يونس محمود الترشح لرئاسة الاتحاد العراقي للمرة الأولى في تاريخه.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة سعودية جانب من اجتماع سابق للمكتب التنفيذي لكأس الخليج (الشرق الأوسط)

الخميس إعلان استضافة السعودية «خليجي 27» في سبتمبر 2026

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي ستعقد اجتماعاً في الكويت، الخميس، وستُمنح استضافة النسخة المقبلة للسعودية.

سعد السبيعي (الكويت)
رياضة سعودية كليمنت لينغليت خلال إحدى مباريات أتلتيكو في الدوري الإسباني (رويترز)

لينغليت: استضافة مونديال 2034 نتاج لاهتمام السعودية بالرياضة

قال الفرنسي كليمنت لينغليت لاعب أتلتيكو مدريد المنافس في الدوري الإسباني إن فوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034، نتاج للاهتمام بالرياضة.

سلطان الصبحي (الرياض )

الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
TT

الكنيست يصادق على قوانين «إصلاح القضاء» متجاهلاً التحذيرات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم الاثنين (أ.ب)

صادق الكنيست الإسرائيلي، في وقت مبكر الثلاثاء، بالقراءة الأولى على مشاريع قوانين «الإصلاح القضائي» المثيرة للجدل التي تقيد يد المحكمة العليا وتمنعها من أي مراجعة قضائية لبعض القوانين، كما تمنعها من عزل رئيس الوزراء. ومر مشروع قانون «التجاوز» بأغلبية 61 مقابل 52، بعد جلسة عاصفة وتعطيل طويل وتحذيرات شديدة اللهجة من قبل المعارضة، حتى تم إخلاء الكنيست بعد الساعة الثالثة فجر الثلاثاء.

ويمنح التشريع الذي يحتاج إلى قراءتين إضافيتين كي يتحول إلى قانون نافذ، حصانة لبعض القوانين التي تنص صراحة على أنها صالحة رغم تعارضها مع أحد قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل. ويُطلق على هذه الآلية اسم «بند التجاوز»؛ لأنه يمنع المراجعة القضائية لهذه القوانين.

ويقيد مشروع القانون أيضاً قدرة محكمة العدل العليا على مراجعة القوانين التي لا يغطيها بند الحصانة الجديد، بالإضافة إلى رفع المعايير ليتطلب موافقة 12 من قضاة المحكمة البالغ عددهم 15 قاضياً لإلغاء قانون. وينضم مشروع «التجاوز» إلى عدد كبير من المشاريع الأخرى التي من المقرر إقرارها بسرعة حتى نهاية الشهر، وتشمل نقل قسم التحقيق الداخلي للشرطة إلى سيطرة وزير العدل مباشرة، وتجريد سلطة المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات، وإلغاء سلطة المحكمة العليا في مراجعة التعيينات الوزارية، وحماية رئيس الوزراء من العزل القسري من منصبه، وإعادة هيكلة التعيينات القضائية بحيث يكون للائتلاف سيطرة مطلقة على التعيينات.

كما يعمل التحالف حالياً على مشروع قانون من شأنه أن يسمح ببعض التبرعات الخاصة للسياسيين، على الرغم من التحذيرات من أنه قد يفتح الباب للفساد. قبل التصويت على مشروع «التجاوز»، صوّت الكنيست أيضاً على مشروع «التعذر»، وهو قانون قدمه الائتلاف الحاكم من شأنه أن يمنع المحكمة العليا من إصدار أوامر بعزل رئيس الوزراء حتى في حالات تضارب المصالح. وقدم هذا المشروع رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست أوفير كاتس، بعد مخاوف من أن تجبر محكمة العدل العليا رئيس الحزب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التنحي، بسبب تضارب المصالح المحتمل الذي قد ينتج عن إشرافه على خطة تشكيل القضاء بينما هو نفسه يحاكم بتهمة الفساد. وبموجب المشروع، سيكون الكنيست أو الحكومة الهيئتين الوحيدتين اللتين يمكنهما عزل رئيس الوزراء أو أخذه إلى السجن بأغلبية ثلاثة أرباع، ولن يحدث ذلك إلا بسبب العجز البدني أو العقلي، وهي وصفة قالت المعارضة في إسرائيل إنها فصّلت على مقاس نتنياهو الذي يواجه محاكمة بتهم فساد.

ودفع الائتلاف الحاكم بهذه القوانين متجاهلاً التحذيرات المتزايدة من قبل المسؤولين السياسيين والأمنيين في المعارضة، وخبراء الاقتصاد والقانون والدبلوماسيين والمنظمات ودوائر الدولة، من العواقب الوخيمة المحتملة على التماسك الاجتماعي والأمن والمكانة العالمية والاقتصاد الإسرائيلي، وعلى الرغم من الاحتجاجات الحاشدة في إسرائيل والمظاهرات المتصاعدة ضد الحكومة. وأغلق متظاهرون، صباح الثلاثاء، بعد ساعات من مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروعي «التجاوز» و«التعذر»، الشارع المؤدي إلى وزارات المالية والداخلية والاقتصاد في القدس، لكن الشرطة فرقتهم بالقوة واعتقلت بعضهم.

ويتوقع أن تنظم المعارضة مظاهرات أوسع في إسرائيل هذا الأسبوع. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد دعا، الاثنين، رؤساء المعارضة الإسرائيلية للاستجابة لدعوة الليكود البدء بالتفاوض حول خطة التغييرات في الجهاز القضائي، لكن الرؤساء ردوا بأنهم لن يدخلوا في أي حوار حول الخطة، ما دام مسار التشريع مستمراً، وأنهم سيقاطعون جلسات التصويت كذلك. وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «يسرائيل بيتنو» المعارض بعد دفع قوانين بالقراءة الأولى في الكنيست: «هذه خطوة أخرى من قبل هذه الحكومة المجنونة التي تؤدي إلى شق عميق في دولة إسرائيل سيقسمنا إلى قسمين».

في الوقت الحالي، يبدو من غير المحتمل أن يكون هناك حل وسط على الرغم من دعوات الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لوقف التشريع. وكان قد أعلن، الاثنين، أنه يكرس كل وقته لإيجاد حل لأزمة الإصلاح القضائي، قائلاً إن الوضع هو أزمة دستورية واجتماعية «خطيرة للغاية». ويرى هرتسوغ أن خطة التشريع الحالية من قبل الحكومة خطة «قمعية» تقوض «الديمقراطية الإسرائيلية وتدفع بالبلاد نحو كارثة وكابوس». وينوي هرتسوغ تقديم مقترحات جديدة، وقالت المعارضة إنها ستنتظر وترى شكل هذه المقترحات.

إضافة إلى ذلك، صادق «الكنيست» بالقراءة الأولى على إلغاء بنود في قانون الانفصال الأحادي الجانب عن قطاع غزة، و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد 18 عاماً على إقراره. ويهدف التعديل الذي قدمه يولي إدلشتاين، عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إلى إلغاء الحظر على المستوطنين لدخول نطاق 4 مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة عام 2005، وهي «جانيم» و«كاديم» و«حومش» و«سانور»، في خطوة تفتح المجال أمام إعادة «شرعنتها» من جديد. وكان إلغاء بنود هذا القانون جزءاً من الشروط التي وضعتها أحزاب اليمين المتطرف لقاء الانضمام إلى تركيبة بنيامين نتنياهو. ويحتاج القانون إلى التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة ليصبح ساري المفعول.