إردوغان يدعو الأتراك لتحويل مدخراتهم بالدولار واليورو إلى الليرة

الحكومة تتحدث عن مؤامرة خارجية للتلاعب بسعر العملة التركية

TT

إردوغان يدعو الأتراك لتحويل مدخراتهم بالدولار واليورو إلى الليرة

سعت الحكومة التركية إلى تبديد مخاوف المستثمرين بشأن الاقتصاد، في ظل التقلبات الحادة في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية ومواصلة التضخم معدلاته المرتفعة مع زيادة العجز في المعاملات الجارية وارتفاع معدل البطالة.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأتراك، أمس (السبت)، إلى تحويل مدخراتهم بالدولار واليورو إلى الليرة مع سعيه لدعم العملة المتداعية التي خسرت نحو 20% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام.
وقال إردوغان أمام حشد في مدينة أرضروم شرق البلاد قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها في الرابع والعشرين من يونيو (حزيران): «إخواني الذين يحتفظون بالدولارات واليورو تحت الوسادة، اذهبوا وحوّلوا أموالكم إلى الليرة. سنحبط هذه اللعبة معاً».
من جانبه قال نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية محمد شمشك، إن المخاوف المتعلقة بتوازن الاقتصاد الكلي في تركيا؛ تأتي على خلفية تقلبات سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، لافتاً إلى وجود جوانب قوية لدى تركيا لمواجهة هذه التقلبات.
وقال شيمشك، في كلمة خلال حفل توزيع جوائز «رجال العام في الاقتصاد» الذي تنظمه للمرة الـ21 مجلة «الإيكونوميست» بمدينة إسطنبول، إن هناك تهويلاً كبيراً للمخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد التركي. وأشاد المسؤول التركي بالقرار الذي اتخذه البنك المركزي التركي، الأربعاء الماضي، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك رفع سعر فائدة الإقراض من 13.5% إلى 16.5%، في مسعى لمواجهة التراجع الحاد في سعر الليرة التركية أمام الدولار، حيث فقدت 21% من قيمتها منذ مطلع العام الجاري.
وشدد شمشك على أن السياسة المالية تعد أقوى جانب تتمتع به تركيا، مشيراً إلى أن بلاده خلال السنوات الـ15 الماضية كانت كل عام ونصف العام تقريباً تُجري انتخابات واستفتاءات، ورغم ذلك بلغ عجز الحساب الجاري 1.9% العام الماضي، في حين أن هذه الرقم يصل إلى 4.4% في البلدان متوسطة النمو.
وبخصوص علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي، قال شمشك إن هناك علاقات إيجابية بدأت تنتعش مع الاتحاد وإن الجهود المتعلقة بتحديث الاتحاد الجمركي، بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي ستشهدها تركيا في 24 يونيو المقبل، ستسفر عن نتائج لأن هذا الأمر فيه منفعة للجانبين.
وكان الاتحاد الأوروبي وتركيا قد وقّعا بروتوكولاً إضافياً عام 2005، بخصوص توسيع الاتحاد الجمركي، بشكل يستوعب الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار الجهود المكثفة التي يبذلها البنك المركزي التركي لكبح التراجع العنيف في سعر صرف الليرة التركية، أعلن البنك طرح تسهيلات جديدة للبنوك في ما يتعلق بتسديد قروض إعادة الخصم المسحوبة قبل 25 مايو (أيار) الجاري والمستحقة حتى 31 يوليو (تموز) المقبل، على التصدير وخدمات عائدات النقد الأجنبي.
وذكر البنك في بيان، صدر مساء أول من أمس، أنه في حال سداد تلك القروض في موعدها المحدد، سيتم احتساب سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار عند 4.2 ليرة، واليورو عند 4.9 ليرة، والجنيه الإسترليني عند 5.6 ليرة.
وتعد «إعادة الخصم» أداة تتبعها البنوك المركزية حول العالم للسيطرة أكثر على معروض النقد بالعملة المحلية في السوق، وما لذلك من تأثير مباشر على معدلات التضخم وأسعار الفائدة.
وأضاف البيان أنه «في حال كان سعر تداول العملة في تاريخ إصدار القرض أعلى من معدل التثبيت، فتقرر أخذ سعر تداول العملة بتاريخ إصدار القرض أساساً في السداد».
ويهدف البنك المركزي من هذه التسهيلات إلى تحقيق توازن أكبر في معروض الليرة التركية داخل السوق المحلية مقابل النقد الأجنبي، ما يسرع من تعديل موازين التضخم وأسعار الفائدة، وبالتالي جعل أسعار الصرف حقيقية، بعيداً عن المضاربات التي تشهدها سوق الصرف المحلية مؤخراً.
كان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، قد قال، الخميس، إن ارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة التركية «مؤقت ومصطنَع».
في السياق ذاته، أرجع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أسباب اضطراب أسعار العملة المحلية في الآونة الأخيرة إلى «عمليات تلاعب»، مؤكداً أن الحكومة تعرف مصدرها. وقال يلدريم، في كلمة خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إزمير: «نحن على علم بمصدر التلاعب بسعر الليرة (دون أن يحدده)، ونقول لهم وللمتعاونين معهم في الداخل لن تنجحوا الآن كما لم تنجحوا بالأمس، مهما فعلتم ومهما دبّرتم من مكائد».
وقال يلدريم إن تركيا ستواصل تحطيم الأرقام القياسية في مجالات الصناعة والصادرات والسياحة، ومن خلال التدابير التي اتخذتها الحكومة والقوانين التي سنّتها، ستواصل تركيا بخطى ثابتة تحقيق النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن عدد السياح الذين زاروا البلاد في الثلث الأول من العام الجاري بلغ 8 ملايين سائح، بزيادة 50% مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي. ولفت رئيس الوزراء التركي إلى أنّ الأزمة المالية العالمية عام 2008، مرّت دون أن تترك أثرها على اقتصاد البلاد، قائلاً: «من المعلوم أنّ الأحداث التي تشهدها الساحة الأميركية تؤثر في اقتصادنا، ولكن اقتصادنا قائم على أسس متينة».
وشهد سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار ارتفاعات وانخفاضات حادة خلال الأيام القليلة الماضية، ما دفع البنك المركزي إلى اتخاذ إجراءات طارئة، ويستقر السعر حالياً على 4.70 ليرة للدولار، وهو سعر مرتفع أيضاً على الرغم من الجهود التي بُذلت لوقف تدهور الليرة التي هوت إلى أسوأ سعر لها الأسبوع الماضي بلغ 4.93 ليرة للدولار قبل أن يتدخل البنك ويرفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس الأسبوع الماضي.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).