بكين تعلن خفض جمارك السيارات عشية التوافق مع واشنطن

تفاصيل التسوية الصينية ـ الأميركية لا تزال غامضة

تخفيض الرسوم سيكون موضع ترحيب شركات صناعة السيارات الناشطة في الصين (أ.ف.ب)
تخفيض الرسوم سيكون موضع ترحيب شركات صناعة السيارات الناشطة في الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تعلن خفض جمارك السيارات عشية التوافق مع واشنطن

تخفيض الرسوم سيكون موضع ترحيب شركات صناعة السيارات الناشطة في الصين (أ.ف.ب)
تخفيض الرسوم سيكون موضع ترحيب شركات صناعة السيارات الناشطة في الصين (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة المالية الصينية أمس الثلاثاء أن الصين ستخفض رسوم الاستيراد على معظم السيارات من 25 إلى 15 في المائة، بينما ستُخفض رسوم استيراد بعض أجزاء السيارات إلى ستة في المائة، اعتبارا من مطلع يوليو (تموز) المقبل بعد تحسن العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
ويعد هذا الخفض إيجابياً بالنسبة لشركات صناعة السيارات، لكنه قد لا يحقق مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ لا تزال الرسوم الصينية أعلى بكثير من الرسوم الأميركية البالغة 2.5 في المائة.
ويأتي الإعلان بعد أيام من التوصل إثر مفاوضات في واشنطن إلى اتفاق أتاح تجنب حرب تجارية، بين نائب رئيس وزراء الصين ليو هي ووزير الخزانة الأميركي ستيفين منوتشين. وقال الرئيس شي جينبينغ في أبريل (نيسان) الماضي إن الصين ستخفض الرسوم على السيارات في نهاية السنة في إطار سلسلة إجراءات عدت بمثابة غصن زيتون مده إلى ترمب.
ولا شك أن تخفيض الرسوم سيكون موضع ترحيب شركات صناعة السيارات الناشطة في الصين، مثل تويوتا التي تورد إليها علامة لكزيس، وفورد التي ترسل إليها معظم سيارات لينكولن.
في وقت سابق من هذه السنة أعلنت الصين أنها ستزيل القيود على ملكية الشركات في قطاع السيارات بعد أن كان يتعين على معظم المصانع الأجنبية إنشاء شركات مختلطة مع شركات صينية مملوكة للدولة.
وتحدد الصين حاليا الحد الأقصى للملكية الأجنبية في أي شركة مختلطة في قطاع السيارات بخمسين في المائة. لكن يتوقع أن تغير التعديلات سقف الشراكة للشركات المصنعة للسيارات العاملة بالطاقة الجديدة ابتداء من هذه السنة، على أن يتبع ذلك السيارات التجارية في 2020 ومن ثم سيارات الركاب في 2022.
ورغم أن التسوية التي تم التوصل إليها في عطلة نهاية الأسبوع بين واشنطن وبكين من خطر اندلاع حرب تجارية، لكن الأميركيين حصلوا على القليل من التنازلات من الجانب الصيني في وقت لا تزال هناك نقاط أساسية يصعب حلها.
وأكد الطرفان السبت التزامهما بخفض العجز التجاري الكبير بين الولايات المتحدة والصين، وهو بين مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيسية. ومن أجل تحقيق ذلك، سيتعين على الصين زيادة عملياتها الشرائية للمنتجات والخدمات الأميركية «بشكل كبير» وفتح أسواقها المحلية أكثر.
ووصف كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون الاقتصادية لاري كودلو نتائج المفاوضات بأنها «خطوة كبيرة». وقال لشبكة «سي إن بي سي» إنه يمكن اعتبار ما تم التوصل إليه «أمرا يشبه معاهدات السلام بطريقة ما»، مضيفا أن «التفاصيل ستأتي لاحقا».
وقبل أيام فقط، ترقبت أسواق الأسهم احتمال اندلاع حرب تجارية قد تعيق النمو الاقتصادي العالمي. وقال أستاذ السياسة التجارية في جامعة «كورنيل» الأميركية إسوار براساد إن «اللافت هو أن جولتين من المفاوضات المكثفة أثمرتا في أفضل الحالات عن هدنة مؤقتة، في حين لا تزال الخلافات الأساسية بشأن التجارة وغيرها من المسائل الاقتصادية دون حل».
ويتفق الخبير التجاري في مجلس العلاقات الخارجية إدوارد آلدن مع هذا الرأي، مؤكدا: «أعتقد أن هذا في أفضل الأحوال اتفاق مبدئي». ورأى الخبيران أن إدارة ترمب بدت مستعدة لإعلان النصر، نظرا لإقرار الجانب الصيني بضرورة خفض العجز التجاري الأميركي مع الصين الذي بلغ أكثر من 357 مليار دولار في 2017، لكن المحللين أشاروا الاثنين إلى غياب التفاصيل والأرقام المرتبطة بالتسوية.
وبالنتيجة، فاز فريق ترمب التفاوضي بحسب آلدن بـ«التزام صيني مبهم» لشراء مزيد من البضائع والخدمات الأميركية. وكتب رئيس قسم اقتصادات آسيا في مؤسسة «أوكسفورد إيكونوميكس» لويس كويجس في بحث أن الصين لم تخضع للضغط الأميركي للموافقة على خفض العجز التجاري بمائتي مليار دولار، وهو مطلب اعتبر أنه «مستحيل تقريبا من الناحية العملية».
وبعد إعلانه عن رسوم بنسبة 25 في المائة على الحديد الصلب وعشرة في المائة على الألمنيوم في مارس (آذار)، صعد ترمب تهديداته في الأسابيع اللاحقة بفرض رسوم على واردات صينية تصل قيمتها إلى 150 مليار دولار.
وعلى مدى سنوات، ندد ترمب بخلل الميزان التجاري مع الصين معتبرا أن ذلك يشكل تهديدا للوظائف والأعمال التجارية الأميركية. ودعا الصين إلى وضع حد لممارساتها التجارية التي اعتبرها غير عادلة وتحديدا النقل الإجباري للتكنولوجيا والمعرفة الفنية أو «سرقتها» وهو ما تشير الشركات الأميركية إلى أن بكين تشترطه للسماح لها بالعمل في الصين.
وأكد مراقبون أنه نظرا لكل ذلك، كان بيان البيت الأبيض السبت مبهما وعاما. ونوه كوجيس إلى أن البيان لم يشر إلى سياسات الصين الصناعية والتقنية «المثيرة للجدل بشكل كبير في الولايات المتحدة» وغيرها.
وأكد آلدن أنه في حال لم تحصل واشنطن على التزامات من بكين غير تلك التي تم الحديث عنها السبت، «فسيشكل ذلك فشلا كبيرا بالنسبة لإدارة ترمب»، مشيرا إلى التعارض بين الواقع والتغريدات التي نشرها ترمب صباح الاثنين.
وقال الرئيس عبر «تويتر» إن «الصين وافقت على شراء كميات ضخمة من المنتجات الزراعية الإضافية».
لكن آلدن رأى أن اعتبار الزيادات المحتملة في الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين انتصارا كبيرا يعد أمرا «سخيفا»، مؤكدا أن هذه لم تكن يوما المشكلة. وبالنسبة إليه، فإن المشكلة تكمن في التكنولوجيا واتجاه التطور التكنولوجي.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.