منزل «كفافيس» متحف سكندري مفتوح يوثق تاريخ الشاعر اليوناني

«الشرق الأوسط» رصدت أهم مقتنياته ومراحل تطويره

مكتب الشاعر قسطنطين كفافيس - لافتة توضح اسم شارع كفافيس
مكتب الشاعر قسطنطين كفافيس - لافتة توضح اسم شارع كفافيس
TT

منزل «كفافيس» متحف سكندري مفتوح يوثق تاريخ الشاعر اليوناني

مكتب الشاعر قسطنطين كفافيس - لافتة توضح اسم شارع كفافيس
مكتب الشاعر قسطنطين كفافيس - لافتة توضح اسم شارع كفافيس

بداخل العقار رقم 4 الدور الثالث بشارع «قسطنطين كفافيس»، المتفرع من منطقة «محطة الرمل» في الإسكندرية، عاش شاعر اليونان الأبرز كفافيس مطلع القرن الماضي، ومثّل إنتاجه الشعري خلاصة الثقافة اليونانية السكندرية، فيما حفظت سيرته التاريخ الرائع للجالية اليونانية، واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية التي عاشت في مصر.
25 عاما قضاها قسطنطين كفافيس في المنزل المشار إليه، قبل أن يتوفى في عام 1933 في المستشفى اليوناني بالإسكندرية، بعد صراع مع مرض السرطان، وقد مثّلت تلك السنوات قمة نضوجه الفني، حيث كتب قصائده الأبرز بذلك المنزل وكان يهديها لأصدقائه في طبعات خاصة، أو ينشرها في المطبوعات المحلية، إذ لم يصدر له سوى ديوان واحد مطبوع خلال سنوات عمره التي تعدت السبعين عاما. وخلال بداية التسعينات من القرن الماضي، نجحت «المؤسسة اليونانية للثقافة» في إعادة الوهج إلى هذا المنزل التاريخي، وتحويله إلى متحف، يضم أهم مقتنيات الشاعر، بعد أن كان مجرد نزل صغير متواضع، يقصده العابرون الغرباء إلى الإسكندرية، للمبيت به ليلة أو ليلتين.
في البداية، لم يكن رقم المنزل الذي عاش به الشاعر محددا بدقة، حيث ذكرت المؤسسة اليونانية على موقعها الإلكتروني إنه على الرّغم من التأكد من رقم العقار الذي عاش به الشاعر، إلا أن رقم المنزل نفسه لم يكن محدداً، لذلك استقرت المؤسسة على اختيار تلك الشقة بالدور الثاني، لأنّها الشقة الوحيدة بالعقار التي تحتوي على شرفة واسعة أُشير إليها في رواية معاصري «كفافيس».
بدورهم، استجاب مسؤولو حي شرق في مدينة الإسكندرية إلى جهود المؤسسة اليونانية، وغيّروا اسم الشارع ليحمل اسم الشاعر اليوناني، بعد أن كان الشارع يعرف باسم شارع شرم الشيخ، وخلال القرن الماضي، كان يعرف بشارع ليبسوس، وقتها كان يضم عدداً من أفراد الجالية اليونانية.
ويرى الشاعر السكندري ميسرة صلاح الدين، أنّ وجود متحف للشاعر اليوناني «قسطنطين كفافيس» بالإسكندرية تأكيد على مبدأ التنوع الثقافي والحضاري للمدينة، منذ بنائها على يد الإسكندر الأكبر، حيث زادت أعداد الأجانب الوافدين إلى الإسكندرية، نتيجة للفتوحات، واندمجوا في ثقافة المدينة وأضافوا إليها.
عند دخولك المنزل حيث عاش كفافيس، تنتقل من العصر الحالي إلى العصر الملكي في مصر، حين عاش الآلاف من مواطني الجاليات الأجنبية، مندمجين في أجواء متسامحة، ومنفتحة على الآخر، فيما التُزم بنمط الأثاث المميز لبدايات القرن الماضي، ليبدو المنزل تماما كما كان خلال حياة الشاعر الراحل، حتى وإن لم تكن قطع الأثاث المستخدمة قطع أصلية، كما أكد لنا حارس المتحف محمد السيد. مضيفا أنّ القطع الأصلية من زمن كفافيس نفسه في المتحف، تقتصر على المرآة المعلقة في غرفة المكتب، وصوان صغير في غرفة النوم، ومكتب كان يستخدمه للكتابة اليومية، وضع في مدخل المنزل، وعليه دفتر ضخم، حتى يسجل الزائرون انطباعاتهم عن المكان. كما ضمت مقتنيات المنزل الكثير من أشعار كفافيس بخط يده، وبعض اللوحات الفنية من وحي قصائده، للفنان الكرواتي ستانيسلاف ماريغانوفيك وآخرين، إضافة إلى أكثر من 70 عملا نقديا وأدبيا عن الشاعر بلغات مختلفة، من ضمنها العربية.
تضمنت الصور المعلقة على الجدران لقطات متعددة لكفافيس في مراحل عمرية مختلفة، هو وأصدقاؤه وعائلته التي بدا خلالها كأي رجل مصري، من الطبقة الأرستقراطية وقتها، كما عكست الصور أيضا علاقته الاجتماعية الواسعة، فيما برزت لوحة زيتية بحجم كبير للخديوي إسماعيل الذي عاصره والده، وكان مقرباً منه.
يصف الشاعر ميسرة صلاح الدين الجو الثقافي بالإسكندرية خلال حياة كفافيس بتميّزه بالزخم والتنوع، وكانت الأعمال الأدبية تصدر باللغات الفرنسية واليونانية والإيطالية بجانب العربية.
تزامن ذلك مع تحول المدينة إلى مركز تجاري عالمي هام، ممّا ساهم في وفود الأجانب إلى الإسكندرية، كما ازدهرت حركة المسرح والغناء، وكان أبرز رواد الحركات الفنية في مصر من الإسكندرية، كسيد درويش، وسلامة حجازي.
وبالفعل فقد أدت شهرة المدينة إلى جذب عدد من الأدباء الغربيين، كالكاتب الإنجليزي «إي إم فورستر» الذي جاء إلى الإسكندرية لكتابة روايته الأشهر «الطريق إلى الهند»، حيث تعرف على كفافيس، وساهم في نقل أعماله إلى الأدب الإنجليزي.
وبجانب عدد من التماثيل النصفية للشاعر الراحل، وُضع قناع يحمل ملامحه على وسادة قرمزية، وهو القناع الذي صنع قبل أيام من وفاته، خلال وجوده في المستشفى اليوناني، حيث غُطي وجه الشاعر بطبقة من الكريم، ووُضع نوع معين من الجبس عليه لصنع قالب يشبه ملامحه. ربما نبع طلب الشاعر بصنع القناع في أيامه الأخيرة من عدم قدرته على التواصل مع العالم من حوله، بعد أن فقد قدرته على الكلام، بسبب وصول المرض الخبيث إلى الحنجرة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».