بموافقة مجلس النواب المصري، بشكل نهائي، على قانون قدمته الحكومة بشأن «تنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين»، تكون السلطات قد قطعت خطوة ثالثة في مواجهة «الأفراد والتنظيمات المتطرفة»، والتي بدأت عام 2013 بإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية، ثم أعقبتها في عام 2015 بإصدار قانون «تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين».
وتواجه مصر منذ 5 سنوات تقريباً، هجمات «إرهابية» مختلفة طالت مدنيين وعسكريين من قوات الجيش والشرطة في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد، وكانت أكثر عنفاً في الفترة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في أجواء «ثورة 30 يونيو» التي واكبتها مظاهرات شعبية حاشدة ضد استمراره في الحكم.
وتحدث خبراء في شؤون الإرهاب إلى «الشرق الأوسط» بشأن الإجراء التنظيمي المصري الأخير، ومع تأكيدهم على ضرورته غير أنهم لفتوا إلى افتقاره التحركات الرسمية في هذا الصدد إلى «الدعم والتنسيق الدولي».
وينظم مشروع القانون، الذي أقره النواب، أخيراً «الإجراءات القانونية للتحفظ على أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين»، وخص القانون «لجنة مستقلة ذات تشكيل قضائي باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة باعتبار جماعةٍ أو كيانٍ أو شخصٍ ينتمي إلى جماعة إرهابية».
وفي رأي الباحث في شؤون «الجماعات الإسلامية»، أحمد بان، فإن «المعالجة المصرية لمسألة تجفيف منابع التمويل للإرهاب، تتسم بالجزئية، ولا تندرج في سياق سياسات قومية ذات أبعاد مختلفة»، وموضحاً أن «ظاهرة الإرهاب بطبيعتها معقدة البنيان تنظيمياً ومالياً، وبالتالي فإنها تحتاج لمسارات أمنية وقانونية وثقافية».
وأفاد بان في تصريحات إلى «الشرق الأوسط»، بأن «جماعة الإخوان خاصة في الفترة التي تولت فيها السلطة في مصر، تمكنت من نسج علاقات واسعة مع كيانات واسعة في المجتمع المدني وعدد من المؤسسات، الأمر الذي يعني دخول البعض منهم ضمن دائرة الاشتباه في مسألة التحفظ على أموال الجماعة»، وقال: «هذه الطبيعة الخاصة للجماعة يجب أن يتم مراعاتها خاصة أن هناك بعض من يتم إدراجهم بالخطأ في قوائم الإرهابيين».
ودعا بان إلى «تدابير دولية، سواء بشكل تشريعي في إطار القانون الدولي، أو بالاتفاقيات الثنائية، ليضع الدول الغربية أمام مسؤولياتها لتتبع ورصد مسارات تمويل الجماعات المسلحة والمتطرفة ومن ينتمون إليها أو يدعمونها، ويمكنونها من ممارسة أنشطة في مصر». ولفت الباحث المصري، إلى «حاجة القاهرة إلى بذل مزيد من الجهد مع الجانب الأميركي، في سياق تتبع مصادر تمويل الإرهابيين النشطين في مصر، وإقناع واشنطن بضرورة التعاون المعلوماتي لتتبع كيفية تحرك تلك الأموال من مصادرها الأولى وحتى وصولها إلى أيدي المسلحين».
ووفق أحدث إحصائية رسمية معلنة للجنة «حصر أموال جماعة الإخوان»، في عام 2016 فإن إجمالي ما تم التحفظ عليه من أموال عناصر في الجماعة بلغ نحو 8 مليارات جنيه (455 مليار دولار)، تنوعت بين الأرصدة المباشرة، والشركات متنوعة الأنشطة والمدارس التي يملكها عناصر في الجماعة 3 مليارات و505 ملايين جنيه.
وعدّ المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة، ماهر فرغلي، أن «تنظيم التحفظ على أموال الإرهابيين، يرتكز بالدرجة الأولى على التمويل المعلن، غير أن الإجراءات الأخيرة لا يمكنها وفق الآليات القائمة الاقتراب من الأموال السرية».
وشرح فرغلي أن «التمويل الإقليمي والدولي، هو ما يجب الانتباه له في سياق التحركات المصرية، للحد من ظاهرة تمويل الإرهاب ذات الطابع التنظيمي المتشعب»، ومشيراً إلى أن «المواجهة الأمنية القوية على أهميتها وضرورتها، تحتاج إلى دعم ثقافي، وتشريعي بطبيعة دولية يساهم في التعاون للقضاء وتجفيف منابع الإرهاب».
ويُلزم القانون الذي أقره النواب المصري: «الجهات الحكومية وغير الحكومية والهيئات والبنوك بالتعاون مع لجنة (إدارة الأموال المتحفظ عليها) وتمكين أعضائها أو ممثليهم من الاطلاع على كل ما لديها من مستندات ومعلومات»، كما يعاقب «بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عن إمداد اللجنة بالمعلومات أو البيانات أو المستندات اللازمة لأداء أعمالها مع عزله من وظيفته مدة مماثلة لمدة الحبس المقضي بها، ويعاقب بذات العقوبة كل من اتصل عمله باللجنة أو أمانتها الفنية فأفشى ما حصلت عليه اللجنة من بيانات أو معلومات».
«أموال الإرهابيين» في مصر... تشريعات مختلفة تفتقر إلى «الدعم الدولي»
8 مليارات جنيه أرصدة لـ«الإخوان» تحت التحفظ
«أموال الإرهابيين» في مصر... تشريعات مختلفة تفتقر إلى «الدعم الدولي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة