مومباي تعمل بمبدأ: «من المزرعة إلى المائدة»

اختر خضراواتك بنفسك واترك الطهي للطاهي

مؤسسا المشروع في مومباي
مؤسسا المشروع في مومباي
TT

مومباي تعمل بمبدأ: «من المزرعة إلى المائدة»

مؤسسا المشروع في مومباي
مؤسسا المشروع في مومباي

تخيل أنك طلبت طبقاً من المعكرونة بمطعم، وطلب منك التجول وسط مكان مليء بالخضراوات لجمع ما تريد من الطماطم والقرع الصيفي والأعشاب من المزرعة، قبل مشاهدة الطاهي يتولى إعداد ما طلبته باستخدام تلك المقادير الطازجة.
هذا بالضبط ما يفعله مطعم «كرافت ديلي بريستو»، في عاصمة الهند التجارية مومباي، من خلال حديقته الرأسية التي يزرع فيها النباتات الصغيرة، مثل الطماطم الكرزية ومسطردة الخردل والبازلاء والقمح، وغيرها.
ويتحدث الطاهي باول كيني بفخر عن ثمار الطماطم والطماطم الكرزية التي تنمو على الأجناب، مشيراً إلى «النباتات الصغيرة المزروعة في أوانٍ صغيرة بالمطعم، وإلى المساحة المزروعة التي زادت تدريجياً إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن. نقوم هنا أيضاً بزراعة ما نحتاجه من أعشاب، مثل الريحان والكزبرة والنعناع، لكننا نشتري متطلباتنا اليومية الطازجة من المزرعة».
بيد أن هذه التجربة ليست الأولى من نوعها، حيث اتجه الطهاة الهنود إلى تبني الاتجاه الجديد الذي يعتمد على التنقل ما بين المزرعة والطاولة مباشرة، والذي يتضمن إنتاج المقادير الموسمية بالمزرعة من دون استخدام أي كيماويات أو مبيدات حشرية لإعداد العشاء الطازج بالنكهات المحلية. فقد قررت المطاعم الهندية عدم الاعتماد على المقادير المستوردة، والتركيز على الحصول على أفضل ما لدى البائعين المتجولين، ليس الخضراوات والفاكهة فحسب، بل الجبن المحلي والعسل والأعشاب والقهوة أيضاً.
ويعتبر مطعم «ذا تيبل»، ويعنى الطاولة، أحد أشهر المطاعم في مومباي، وهو رائد مصطلح «من المزرعة إلى الطاولة» في المدينة. وفي هذا المطعم، بإمكانك إعداد طاولة طازجة كل يوم، فالأطباق عالمية لكنها بسيطة. وعلى مدار السنوات الخمس التي تلت الافتتاح، تمكن المطعم من حصد عدد من الجوائز، منها جائزة «تايم أوت بيست ريستورانت»، التي تمنح لأفضل مطعم في الهند، عام 2014، وجائزة «تايم فوود أوارد»، التي تمنح لأفضل مطعم يقدم المأكولات الأوروبية، عامي 2012 و2013، ناهيك عن تصنيفه ضمن أفضل 500 مطعم في آسيا.
وأفادت غوراي ديفديال، التي أسست المطعم مع زوجها جاي يوسف الذي مثل القوة الدافعة خلفها، بأنهما أرادا أن تكون النكهات والمقادير هي البطل الحقيقي، وأن تكون الأطباق بسيطة، وأضافت أن «مطعم (ذا تيبل) ينمو مع نمو المحاصيل التي يزرعها بمزرعته التي تحتل مساحة هكتار. وحالياً، نزرع السبانخ في المزرعة والبنجر والجزر الأحمر، بالإضافة إلى كثير من الخضراوات الورقية الخضراء والطماطم».
ويستخدم مطعم «ذا تيبل» منتجاته الطازجة في إضافة بيتزا موسمية إلى قائمته. واستطردت غوراي: «لن يكون الطبق بالكامل من المزرعة، لكننا نقدم 10 أطباق، غالبية مقاديرها تزرع بمزرعتنا. وعلى سبيل المثال، طبق كوهلربي ريزوتو وطبق السلطة الخضراء من إنتاج مزرعة المطعم».
ولم تكن ديفيديال الوحيدة التي استهوتها العلاقة بين مواسم الزراعة في الهند والخضراوات المزروعة محلياً بمزرعتها. فقد كان مطعم «إليبسيس مومباي»، الذي يديره مالكه كلفين تشينغ، الأول الذي ينفذ هذه الفكرة في قائمة طعامه، التي يقوم بتغييرها بصفة يومية. وفي هذا السياق، أفاد تشينغ: «نحن نلتزم أمام زبائننا بتقديم أرقى المقادير، ولذلك فإن تبنينا لمفهوم (من البيت للمزرعة) ما هو إلا تطوير طبيعي لهذا المفهوم. ولم تكن المبادرة سهلة، ولكي نحافظ على رقي مستوى ما نقدمه، فإن الطاهي تشانغ يعمل بالتعاون مع المزارعين المحللين ليعلمهم طريقة جمع وتغليف الثمار».
وبحسب تشانغ، فالخضراوات المحلية ليست بالوفرة نفسها التي يتمناها، وتغيير قائمة الطعام تعطيه مرونة أكثر في التجول في السوق لتقديم منتجات الموسم الطازجة. واستطرد شانغ قائلاً إنه «بتغيير القائمة كل يوم، فإننا نضمن بذلك تقديم أفضل المنتجات المحلية المتاحة». ويعتبر راديكا خبيراً في إعداد الطعام من المنتجات الطازجة الخالية من الكيماويات. وبحسب الناقد المختص بالطعام سيرمان باهالا: «يعتبر مفهوم (من المزرعة إلى الطاولة) من الأساليب الشيقة التي ظهرت أخيراً. اليوم، نحن المستهلكين لا نريد تناول الطعام لمجرد أنه لذيذ الطعم أو أنيق المظهر، بل نريد شيئاً طازجاً غنياً بالفيتامينات. نحن كهنود عادة ما نصر على الوجبات الطازجة المطهية في البيت، ولنساير حركة العالم بالغة السرعة، فقد انزلقنا تجاه الطعام نصف المطهي. ولسوء الحظ، فإن كثيراً من المطاعم استخدمت هذا الأسلوب كطريقة لخفض الكلفة، لكن من الجميل أن نرى ونتذوق الخضراوات الطازجة النقية الخالية من الكيماويات التي وجدت طريقها إلى موائدنا ومعدتنا، وذلك من شأنه تحسين صحتنا وأسلوب حياتنا».
ولم تكن مومباي وحدها من تبنى مفهوم «من المزرعة إلى الطاولة»، فمدينة دلهي هي الأخرى سارت على المنوال نفسه. فالمزرعة المنزلية البالغ مساحتها 5 آلاف متر مربع، بوسط فندق بالمان بمنطقة أروسيتي بمدينه دلهي، غنية بنبات القرع واليقطين. ويحدث في بعض الأحيان أن يتناول الضيوف بعضاً من تلك المزروعات أو الأعشاب، أو يصنعون منها المشروبات. ولقد سار الطاهي أجاي أناند، الذي يعمل بمطعم فندق «بالمان أروسيتي»، على النهج الجديد، بأن تبني مفهوم «من المزرعة إلى الطاولة» بمطعم الفندق. وفي هذا الصدد، قال أناند: «لقد تعلمت مفهوم (من المزرعة إلى الطاولة) في فرنسا، عندما كنت أعمل لدى شركة ميشلين، فأفكاره بشأن إعداد حديقة مطبخه الخاص شكلت مصدر إلهام لي».
ورغم أن رغبة المزارعين في أن يصبحوا جزءاً من موضة الطعام العالمي الجديدة ربما كانت سبباً لانتشار فكرة «من المزرعة إلى الشوكة»، فإن هذا الاتجاه الجديد يدعمه عدد من المزارعين المحترفين الذين نفذوا الفكرة في ردهات وشرفات منازلهم ومزارعهم، مما جعلنا نعيد تقييم الطرق التقليدية لتناول الطعام.
وقد بدأ أشينتا أناند، الذي لم يتعد عمره 22 عاماً، الحاصل على مؤهل دراسي في فن الطهي من مدينة أدلايد، الزراعة على سبيل التسلية، وبدأ العمل بمطعم «تري» الذي يقدم المأكولات على الطريقة الأوروبية بعدما شرع في زارعة الخضراوات، وسرعان ما أتقن الشاب الصغير المهنة، وبدأ في التنقل من مطعم لآخر، ليعرض على الطهاة شراء منتجاته. وبعد عام من البيع للمطاعم، ذاعت شهرته كمزارع، واستأجر مزرعة بمنطقة «تشارتبار». ويتولى أناند توفير الطعام لبعض مطاعم دلهي الكبرى، وقد أصبح أكثر قرباً من الطهاة.
يعمل كل من ساشين وشاويتا داربوار بمزرعة تحمل اسم «طازج ببساطة»، حيث يقومان بزارعة الزهور الغريبة والخضراوات والفواكه والخضراوات ذات الأوراق الخضراء على مساحة هكتارين، باتباع ما يعرف بالزراعة الهيدروكربونية، ويعتبر الاثنان الموردين الوحيدين لكل أنواع السلطات الورقية والتوت وخضراوات السلطة والزهور الصالحة للأكل للفنادق الكبرى بمدن بنغلارو وتشناي وحيدر أباد ومومباي.
ويقول ساشين: «أنا ابن مزارع يعمل بمحال الدواجن. ورغم أننا أغلقنا المشروع العائلي، ما زلت أحتفظ بمزرعة والدي بمدينة ديرا غوان، بمدينة دلهي، حيث نزرع الخضراوات والأعشاب من دون استخدام مبيدات حشرية. لدي بقرتان أستفيد من حليبهما، و200 دجاجة، لأنني لا أحب البيض الذي يباع في الأسواق، فأنا ما زلت أتبع الأساليب القديمة في الزراعة. فهنا، ترى الطيور حرة الحركة من حولك، ويجرى إطعامها بشكل مناسب، والنتيجة تراها في لون البيض البرتقالي الفاقع».
ويعتبر كانجو وأناند من بين أبناء المدينة الذين استهوتهم الزراعة، وكذلك صناعة الجبن وزارعة القهوة وغيرها، انطلاقاً من رغبتهم في هذا العمل. وفي الحقيقة، فإن هذه المزارع الصغيرة التي يتفانى أصحابها في تحسين جودة منتجاتها مناسبة للطهاة الذين يقومون باستئجارها، مما ساعد في تنامي الاتجاه الذي بات يعرف باسم «من المزرعة إلى الشوكة» في الهند.
كذلك اتجه أليس هلما وأمبيكا سيث، مالكا عدد من المطاعم، إلى زراعة ما تحتاجه مطاعمهما بمزرعتهما التي تبلغ مساحتها هكتارين بمنطقة «فاسانت كونج»، اللتين تنتجان محاصيل تجريبية جديدة وغير معهودة هناك، تشمل أنواعاً من الزهور القابلة للأكل. ولهلما وأمبيكا مزرعة على مساحة 30 هكتاراً بمنطقة هريانا للزارعة كبيرة الحجم تتولى بيع إنتاجها للغير بغرض التجارة.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.