انتخابات جيبوتي النيابية تقسم المعارضة بين مشارك ومقاطع

TT

انتخابات جيبوتي النيابية تقسم المعارضة بين مشارك ومقاطع

بدأ الجيبوتيون، في هذه المستعمرة الفرنسية السابقة التي استقلت عام 1977 وتحتل موقعاً استراتيجياً على مدخل البحر الأحمر، أمس بالإدلاء بأصواتهم في انتخابات نيابية دعا قسم كبير من المعارضة إلى مقاطعتها، ويتوقع أن تعزز سلطة حزب الرئيس إسماعيل عمر جيله، الذي يتولى منصبه منذ 1999. فالمعارضة منقسمة، كما حصل في الانتخابات الرئاسية في 2016 التي فاز بها جيله بسهولة، وهذا ما يتكرر مرة أخرى مع الانتخابات النيابية. حركة «التجدد الديمقراطي» و«التجمع للعمل والديمقراطية» و«التنمية البيئية والتحالف الجمهوري»، قررت ألا تقدم أي مرشح.
لكن أحزاباً معارضة أخرى اختارت المشاركة وإن لم يكن لديها مرشحون إلا في بعض الأماكن، وهي المركز الجيبوتي الديمقراطي الموحد في الجنوب، والاتحاد من أجل الديمقراطية والعدالة - الحزب الجيبوتي للتنمية في جيبوتي المدينة، والفرع الآخر للتحالف الجمهوري للتنمية في تاجورا (وسط). والحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الأكثرية الرئاسية) ممثل في كل دائرة. ويرى من يدعون إلى المقاطعة أن هذه الانتخابات لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون عادلة وشفافة، وأن أحزاب المعارضة التي تشارك فيها لا تقوم إلا بتأييد النظام.
وأعلن ذكريا عبد اللهي، رئيس الرابطة الجيبوتية لحقوق الإنسان والنائب السابق في المعارضة، أن البطالة والفقر جعلا الناس «غير مكترثين بهذه الانتخابات». وقال: إن «لوائح الأحزاب المسماة معارضة أعدها الحزب الحاكم واللجنة الانتخابية ليست مستقلة. رئيسها هو مستشار رئيس الوزراء».
وأكد عبدو قادر دواليه فيسي، أحد الناخبين القلائل في مركز اقتراع في جيبوتي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الناس على اطلاع تام، يعرفون جيداً كيف يصوتون، وأعتقد أن الأمور ستجري، كما هي العادة، على ما يرام».
وقال عبد الرحمن محمد جيله، رئيس التجمع من أجل العمل والديمقراطية والتنمية البيئية، والعمدة السابق لجيبوتي، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «أحزاباً تقول إنها معارضة تقوم بالإشادة بمزايا النظام. هذا دليل إضافي على أن هذه الأحزاب موالية للائتلاف الحاكم. وهذه الانتخابات لن تؤدي إلى شيء». في 2013، خاضت المعارضة موحدة في الانتخابات النيابية تحت راية اتحاد الإنقاذ الوطني، المؤلف من سبعة أحزاب، وأعلنت فوزها، حتى ولو أن النتائج الرسمية أكدت فوز الاتحاد من أجل الأكثرية الرئاسية. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2014، وقع اتفاق - إطار مع الحكومة، أعطى المعارضة 10 نواب، وأعلن إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة. لكن هذا الاتفاق مهّد لانقسامات جديدة في إطار المعارضة التي اختلفت بشأن المشاركة أو مقاطعة الانتخابات الرئاسية 2016. تنظم هذه الانتخابات بعد صدور قانون نص على تخصيص 25 في المائة من مقاعد النواب للنساء، في مقابل 10 في المائة في السابق. لكن عبد اللهي قال: إن «هذه الـ25 في المائة من النساء في البرلمان، مسخرة الهدف منها إرضاء المجموعة الدولية».



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.