مخاطر «السمنة المركزية»
يعتقد الكثيرون، خطأ، أن تمتعهم بوزن طبيعي أو قريب من الطبيعي يجعلهم يعيشون حياة صحية بعيدة عن أمراض العصر المميتة. إلا أن دراسات حديثة أشارت إلى عكس ذلك، وأظهرت نتائجها أن الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي ويعانون في الوقت نفسه من السمنة المركزية Central Obesity (تراكم الدهون في منطقة البطن، أي ما يعرف بالكرش أو البِطْنَة) سوف يعانون من نتائج أسوأ على المدى الطويل، مقارنة بأقرانهم الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، ولكنهم يحملون أوزانهم الزائدة في مكان آخر عدا المنطقة المركزية من الجسم.
ولدعم هذه النتائج والتأكد من احتمالية تكرارها في دراسات أخرى واسعة النطاق، فحص علماء من جامعة لفبورو في بريطانيا (Loughborough University) بيانات لمجموعة كبيرة من السكان بلغ عددهم 42702 من المشاركين سجلت بياناتهم من 10 سنوات سابقة ضمن المسوحات الصحية السنوية المختلفة لإنجلترا واسكوتلندا. وتم تصنيف المشاركين إلى فئات كالتالي: ذوو وزن عادي، وزن عادي مع سمنة مركزية، زيادة الوزن، زيادة الوزن مع سمنة مركزية، سمنة مفرطة، وسمنة مفرطة مع سمنة مركزية. تم ذلك التصنيف بالاعتماد على مؤشر كتلة الجسم BMI ونسبة الخصر إلى الورك (waist - hip ratio). ونشرت نتائج هذه الدراسة في دورية الطب الباطني Annals of Internal Medicine في 26 أبريل (نيسان) 2017.
وأشارت النتائج إلى أنه بالمقارنة مع المشاركين من الوزن العادي من دون سمنة مركزية، وُجد أن الأشخاص الذين لديهم سمنة مركزية سواء كانوا من أصحاب الوزن الطبيعي، أو أولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة كانوا في خطر متزايد للوفاة من أي سبب، شأنهم في ذلك شأن جميع المشاركين الذين كانوا يحملون وزنهم الزائد في المنطقة المركزية من الجسم (سمنة مركزية)، بغض النظر عن مؤشر كتلة الجسم، فقد وجد أنهم كانوا في خطر متزايد للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية. وقد علق على هذه النتائج البروفسور مارك هامر، المؤلف المشارك ورئيس فريق هذه الدراسة، بأن هذه النتائج توفر للباحثين دليلاً جديداً على أن الأشخاص معرضون للخطر حتى وإن كانوا يتمتعون بمعدل «صحي» من مؤشر كتلة الجسم، وهذه الأبحاث الأخيرة تدعم نتائج الدراسات السابقة الأصغر حجما، والتي تظهر أن الوزن الطبيعي للأشخاص الذين يعانون من السمنة المركزية لم يبعدهم عن شبح الخطر المتزايد من الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب.
الوقاية من التجلطات الدموية
من الأخطاء الشائعة في كثير من مجتمعات العالم أن المرضى وذويهم يرغبون في تنويم مرضاهم في المستشفيات لأطول فترة ممكنة بغرض منحهم أفضل فرص الشفاء، وخاصة في الدول التي تقدم لمواطنيها العلاج مجانا. ومثل هؤلاء لا يعرفون أن بيئة المستشفيات تعتبر من أخطر مصادر العدوى بالأمراض. وإلى جانب هؤلاء، هناك فئة الأقارب الذين ينصحون مرضاهم بالنوم على السرير وملازمته لأيام متتالية حتى يمثلوا للشفاء التام. ومثل هؤلاء لا يعرفون مخاطر ملازمة الفراش وأنها تؤدي لتكون التجلطات الدموية الوريدية المميتة.
إن الحقائق العلمية المثبتة بالدراسات تشير إلى أن التنويم الطويل بالمستشفيات يعتبر عاملا من أهم عوامل الإصابة بالجلطة الوريدية «venous thromboembolism (VTE)»، حيث ارتفعت نسبة الإصابة بالمرض داخل المستشفيات إلى 60 في المائة من جميع حالات (VTE) التي حدثت أثناء أو بعد دخول المستشفى.
وتظهر آخر الأرقام أنه رغم أن 7 في المائة فقط من الناس يقولون إنهم يشعرون بالقلق إزاء تجلط الدم ويهتمون بهذا الحدث المرعب، يموت واحد من كل أربعة أشخاص في جميع أنحاء العالم بسبب الظروف الناجمة عن تجلط الدم، مما يجعله سببا رئيسيا للوفاة والعجز على الصعيد العالمي.
لهذا السبب، تهتم الجمعية الدولية للتخثر الدموي وإرقاء الدم «The International Society on Thrombosis and Haemostasis (ISTH) «بنشر التوعية بهذا المرض وتدعو بشدة إلى تثقيف المرضى على عوامل الخطر وعلامات حدوث الجلطة الوريدية.
وقد تحدث جلطة الأوردة الدموية العميقة من دون أي أعراض، ومن دون أن يدري بها المريض وتعرف بعد ذلك من أحد مضاعفاتها كالجلطة الرئوية الحادة أو متلازمة ما بعد الجلطة. وإن ظهرت بعض الأعراض فإنها تعتمد على مكان وسبب تكون الجلطة وامتدادها، ومن ذلك:
> الألم، قد يكون متوسطا أو شديدا بحيث إنه يمنع المشي، والأكثر شيوعاً أن يسبب صعوبة في المشي دون أن يمنع المشي تماماً.
> التورم، يعتمد على مكان الجلطة، فجلطة الوريد الرئيسي تؤدي إلى تورم أحد الساقين أو الفخذين أكبر من الآخر الطبيعي، وهذا التورم قد يكون بسيطا ولا يكتشف بالعين المجردة إلا فقط بالقياس في الطرفين، وقد يكون التورم واضحاً للعين وللقياس.
> ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.
ومن أهم الخطوات للحد من خطر الإصابة بجلطة دموية في الوريد:
> الإقلاع عن التدخين،
> شرب الكثير من السوائل للحفاظ على رطوبة الجسم، تناول الطعام الصحي، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي أو السباحة، لتحسين الدورة الدموية في الساقين.
> ارتداء جوارب ضاغطة، خاصة أثناء التنويم بالمستشفى أو عند السفر في رحلة جوية طويلة.
> خلال التنويم بالمستشفى، قد يقترح الطبيب المعالج إعطاء حقنة يومية لدواء يقلل احتمال حدوث تجلط في الدم، خصوصا للمرضى المعرضين للحالة بشكل كبير.
وأخيرا، يجب أن يعطى المرضى الذين يعتبرون في خطر من الإصابة بالجلطة الوريدية العلاج الوقائي المناسب، وينبغي أن يتم توجيه المرضى المنومين بالمستشفيات إلى ضرورة التحرك من على السرير أو على الأقل القيام بتمارين القدم - الساق في أقرب وقت ممكن من تنويمهم أو بعد إجراء أي عملية جراحية تستلزم النوم طويلا على السرير.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]