الحريري: على «حزب الله» التزام الحياد لضمان مضي لبنان قدماً

جعجع والجميل أكدا أن سلاح الحزب هو أصل المشكلة

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: على «حزب الله» التزام الحياد لضمان مضي لبنان قدماً

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، أمس، إن على جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران أن تتوقف عن التدخل خارجيا وأن تقبل سياسة «الحياد» من أجل وضع نهاية للأزمة السياسية في بلاده.
وأضاف الحريري في مقابلة مع شبكة «سي نيوز» التلفزيونية الفرنسية نقلتها «رويترز»: «لا أريد حزبا سياسيا في حكومتي يتدخل في دول عربية ضد دول عربية أخرى».
وتابع: «أنا في انتظار الحياد الذي اتفقنا عليه في الحكومة... لا يمكننا أن نقول شيئا ونفعل شيئا آخر».
في سياق متصل, توّج الرئيس اللبناني ميشال عون مشاوراته التي أجراها أمس في القصر الجمهوري مع رؤساء التكتل النيابية والقوى السياسية الممثلة بالحكومة طوال، بلقاء عقده مساءً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، للبحث عن مخرج للأزمة السياسية التي خلّفتها استقالة الحريري الأخيرة، انطلاقاً من ثلاثة عناوين رئيسية، هي التزام مبدأ النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، والتمسّك باتفاق الطائف، والتأكيد على علاقات لبنان مع أشقائه العرب.
وقد خلصت المشاورات إلى أجواء إيجابية، ستتبلور نتائجها في الأيام القليلة المقبلة، وفق مصادر مقرّبة من الحريري، حيث شددت على أن الأخير «تلقى ضمانات بالتزام (حزب الله) بالحياد ودور سلاحه خارج لبنان».
وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان، أن الرئيس ميشال عون «أجرى مشاورات تمّ خلالها طرح المواضيع التي هي محور نقاش بين اللبنانيين، للوصول إلى قواسم مشتركة تحفظ مصلحة لبنان». وقالت: إن الرئيس عون «أشاد بالتجاوب الذي لقيه من رؤساء وممثّلي الكتل النيابية، الذين شدّدوا على ضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية والاستقرار الأمني والسياسي» وتذليل العقبات أمام ما يعيق نهوض الدولة». وأكدت أن «نتائج المشاورات ستعرض على المؤسسات الدستورية بعد استكمالها إثر عودة الرئيس عون من إيطاليا».
الأجواء التفاؤلية التي أشاعتها رئاسة الجمهورية، لاقتها رئاسة الحكومة بالحديث عن «أجواء مريحة خلصت إليها المشاورات». حيث أكدت مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة سعد لحريري، لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الجمهورية «قدم في نهاية المشاورات تطمينات، للحريري بأن (حزب الله) عازم على تقديم التطمينات التي تريح البلد». ولفتت إلى أن الحريري أُبلِغ من عون أن الحزب «قدم تعهداً واضحاً بالتزام الحياد والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة، خصوصاً بما يتعلّق بدور سلاحه في الخارج، لكن الحريري طلب إجراءات ملموسة في هذا الشأن».
وأوضحت المصادر المقربة من الحريري، أن عون وبري «وعدا رئيس الحكومة ببلورة هذه الضمانات ضمن أطر المؤسسات الدستورية، وذلك بعد عودة رئيس الجمهورية من زيارته المقررة إلى روما الأربعاء (غداً)، وأن تترجم تنازلات فعلية لـ(حزب الله) على أرض الواقع، تسمح بلملمة وضع البلد وعودة مؤسساته إلى العمل بشكل طبيعي». وقالت المصادر نفسها: كان الحريري صريحاً خلال اللقاء الثلاثي، وهو أبلغ عون وبري بأنه «يريد أفعالاً وليس أقوالاً فحسب، فإذا لمس خطوات إيجابية ومطمئنة تكون مبررات الاستقالة انتهت، أما إذا كانت الوعود مجرّد حبر على ورق، فإن الاستقالة تصبح قائمة ونافذة».
وكانت المشاورات بدأت بلقاء جمع الرئيس عون ووزير المال علي حسن خليل، ممثلاً حركة «أمل» وكتلة «التحرير والتنمية»، وبعد اللقاء قال: «أكدنا التزامنا البيان الوزاري للحكومة ووثيقة الوفاق الوطني، وهناك توافق على النقاط المثارة والواردة في البيان الوزاري، ونحن متفائلون بالتوصل إلى تفاهم يعيد تفعيل عمل الحكومة ويجنّب لبنان أي خضة تصيب استقراره السياسي والأمني».
أما رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، فأشاد بعد اللقاء بقدرة وشجاعة عون في «إدارة الأزمة العابرة والصعبة التي مرّ بها لبنان، وحكمته في دوزنتها من أجل الخروج من المأزق». ورأى جنبلاط أنه «من الأفضل ومن الحكمة ألا يشار في أي محادثات قادمة إلى قضية السلاح (حزب الله) لأننا سنعود إلى الحوارات السابقة، وهذا الأمر غير مُجدٍ؛ فلنتحدث عن النأي بالنفس وكيفيته».
بدوره، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في تصريح له بعد لقائه عون، إلى أنه طرح رأي حزب «القوات» بالأزمات الحالية. وقال: «جميعنا متمسكون بالتسوية، وكلنا نريد الاستقرار، لكن الاستقرار له مقومات»، معتبراً أن «البعض يُلبس الأزمة ما ليس لها، وإذا أردنا أن نصل إلى نتيجة يجب الذهاب إلى السبب العميق للأزمة». وأوضح أن «موضوع سلاح (حزب الله) مطروح، ويمكن الذهاب إلى مرحلة (لا يموت الديب ولا يفنى الغنم)، وبذلك نؤمّن كل مقومات الاستقرار المطلوبة، خصوصاً في ظل الأزمات في المنطقة»، كاشفاً عن أن «ما يجري هو إعادة نظر في التسوية».
بدوره، أكد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل في تصريح له من قصر بعبدا، أن المطلوب «حياد لبنان الكامل عن الصراعات التي لا تتعلق بالدفاع عن لبنان، وليس فقط النأي بالنفس». وقال: إن «شرط الحياد هو السيادة، ولا حياد من دون سيادة كما لا دولة من دون سيادة، والشرط الأساسي للحياد هو سيادة الدولة وحصرية السلاح بيد الدولة»، مشيراً إلى أن «المشكلة الكبرى هي في دور السلاح في الداخل»، معتبراً أن «المشاورات أمر إيجابي ويجب أن تستكمل تحت سقف المؤسسات».
من جهته، قال رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد، من القصر الجمهوري: «بحثنا مع الرئيس عون فيما يتعلق بحماية لبنان وضمان استقلال قراراه، واستئناف عمل حكومته وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها»، مشيراً إلى أن الآراء «كانت متطابقة مع الرئيس عون، ونأمل أن ننطلق من القول إلى الفعل».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.