حفل افتتاح مهرجان القاهرة: نجوم حضرت وفيلم غاب

«الشرق الأوسط» في مهرجان القاهرة السينمائي 2: تحديات بدأت مع ليلته الأولى

النجمة يسرا الرئيس الشرفي للدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائي في حفل الافتتاح (رويترز) - النجم حسين فهمي في حفل افتتاح المهرجان - الممثلة البريطانية إليزابيث هيرلي - الممثلة السورية كندة علوش في حفل الافتتاح (رويترز)
النجمة يسرا الرئيس الشرفي للدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائي في حفل الافتتاح (رويترز) - النجم حسين فهمي في حفل افتتاح المهرجان - الممثلة البريطانية إليزابيث هيرلي - الممثلة السورية كندة علوش في حفل الافتتاح (رويترز)
TT

حفل افتتاح مهرجان القاهرة: نجوم حضرت وفيلم غاب

النجمة يسرا الرئيس الشرفي للدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائي في حفل الافتتاح (رويترز) - النجم حسين فهمي في حفل افتتاح المهرجان - الممثلة البريطانية إليزابيث هيرلي - الممثلة السورية كندة علوش في حفل الافتتاح (رويترز)
النجمة يسرا الرئيس الشرفي للدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائي في حفل الافتتاح (رويترز) - النجم حسين فهمي في حفل افتتاح المهرجان - الممثلة البريطانية إليزابيث هيرلي - الممثلة السورية كندة علوش في حفل الافتتاح (رويترز)

عبر مهرجان القاهرة، من خلال حفل افتتاحه ليلة أول من أمس، الثلاثاء، لمرحلة جديدة تماماً على تاريخه. فالحفل الذي أقيم في قاعة «المنارة» الرئيسية في مركز المنارة للمعارض والمؤتمرات الدولية، كان أقرب إلى حفل المناسبات السنوية مثل الأوسكار. كانت هناك فرقة موسيقية، ومسرح كبير، وفواصل موسيقية بين الجوائز، كلمات شكر وثناء من المُحتفين والمحتفى بهم وقاعة كبيرة، وحضور كثيف.
في الخارج، بساط أحمر عريض يلف المكان، مذيع تلفزيوني وثلاث مذيعات توزعن في نقاط مهمّـة «يصطادون» الشخصيات السينمائية القادمة، ويجرون معها المقابلات.
رغم ذلك، وكما يقول المثل السائد فـ«الحلو مايكملش»، حيث تلقى المهرجان وحفل الافتتاح ضربة قاصمة كان يمكن تلافيها.

كاريزما
في مجمله، كان حفل افتتاح الدورة التاسعة والثلاثين أبذخ حفل شهده مهرجان القاهرة في تاريخه، ومن بين أكثرها تنظيماًن حتى مع عدد من الهفوات السابقة لعرض فيلم الافتتاح، وهذا أمر مهم. السبب هو أن هذا الحفل، والحفل الختامي الذي سيقع في الثلاثين من هذا الشهر، ليسا من تنظيم وتنفيذ المهرجان، بل - وحسب اتفاق سخي تم التوصل إليه - من تصميم وتنفيذ عقول في محطة dmc التلفزيونية نجحت في نقل الحفل من صياغة الدورات السابقة، التي كانت كثيراً ما تعاني من تفكك وتأخر ومشكلات تقنية أو فنية، إلى نسيج واحد يستحق الثناء والإعجاب.
لكن هذا لم يكن بلا مقابل. الحفل جميل من الداخل والتنظيم على المسرح، وفي عملية توزيع المقاعد والوفود والضيوف، سلسة، لكن تأخر انطلاق الحفل لما يقرب من الساعتين أفسد ما سبق.
وتبدّى سريعاً، أن حسناوات المحطة اللواتي توزعن عند مدخل القاعة فعلن ما طُلب منهن: إجراء المقابلات مع الضيوف من الفنانين، وعدم تفويت أي منهم. من ناحيتهم لم يعارض الفنانون القادمون تسليط الضوء عليهم في مقدّمة الحفل. لكن ما بين الأسئلة التقليدية ذاتها والردود التقليدية في المقابل، تأخر البدء بالحفل لنحو ساعتين جلس فيها من وصل في الموعد المحدد طويلاً ينتظر أن ينطلق الحفل.
طبعاً، هذا ما تتوخاه المحطة التلفزيونية في مقابل إسهامها في رعاية المهرجان، لكن الثمن كاد أن يكون باهظاً.
حين انطلق كان من الطبيعي أن يغفر معظم الحضور هذا الانتظار الطويل، خصوصاً وأن الانطلاقة بدأت بالأوركسترا وهي تعزف مقاطع من أفلام مشهورة، ثم بالمطربة أصالة وهي تغني بتوزيع جديد أغنية قديمة للراحل محمد عبد الوهاب مطلعها، والجملة الأكثر تكراراً فيها، هو «الدنيا ليل والنجوم طالعة تنوّر».
بعد ذلك صعد الممثل آسر ياسين الذي اختير لتقديم الحفل وفقراته، وهو قد يكون ممثلاً واعداً، أو حتى وصل بالفعل لمرحلة إنجاز ما، لكن الكاريزما التي على مقدم الحفل التحلي بها ليست من خصاله. هذا إلى جانب أن مقدم الحفلات يحمل عادة مسؤولية ابتكار اللفتة التلقائية، والخروج المرتب والطبيعي عن النص بينما التزم الممثل به.
النص الجيد كان ما غاب عن حفل الافتتاح. طبعاً كانت هناك كلمات حميمة وتلقائية من بعض ممن اعتلى المنصة، ومن بينهم يسرا، وليلى علوي، وهند صبري، وسمير غانم، لكنه غاب عن تقديم الفقرات واشتغل كثيراً على العبارات المألوفة في مثل هذه المناسبات.
هذا باستثناء الكلمة التي ألقاها وزير الثقافة صالح حلمي النمنم، التي جاءت بمثابة تذكير بأهمية مهرجان القاهرة السينمائي في زمن حاول فيه الإرهاب تسديد ضربات ضد الوطن وضد الثقافة وضد الفن والمجتمع بأسره. كذلك برزت كلمة من القلب ألقاها الممثل ماجد الكدواني حين تسلم جائزة الاحتفاء به من يدي الممثلة ليلى علوي. كذلك بدا الممثل حسين فهمي فصيحاً وطليقاً ومناسباً في كلمته وتعليقاته.
في الخارج على ذلك البساط الأحمر كان التنويع في الأسئلة أمراً نادراً. السؤال الأول كان - بطبيعة الحال - حول رأي الضيف في هذه المناسبة. والثاني كان رأيه في قيام المحطة التلفزيونية dmc بتنظيم الحفل، والثالث كان رأي الضيف بإهداء الدورة إلى الفنانة شادية التي تربض في المستشفى مريضة.
لم تخرج الإجابات عن نطاقها المتوقع. المناسبة «عظيمة» و«دولية» والتنظيم «على مستوى عالٍ» و«الفنانة شادية هي قمة في الإبداع». طبعاً كل هذه العبارات لها نصيب من الصحة، لكن تكرارها كان نتيجة أن الطرح كان مبرمجاً بأسئلة مكررة.
في الخارج، كما على المنصّـة، لم يكن سهلاً تفويت العبارات الرنانة. الحفل بضخامته والتنظيم الناجح في مجمله ساعدا في إلهام المتحدثين بث إعجابهم المشروع، ولو باستخدام عبارات إعلاء شأن يعلم المتبصر أنها مغالاة كالقول، مثلاً وعلى نحو واثق، أن مهرجان القاهرة هو «أهم مهرجان في العالم»!

تعثر فيلم الافتتاح
كل هذا قبل أن يدعو المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد الحضور لمشاهدة فيلم الافتتاح «الجبل بيننا»، فيلمه الهوليوودي الأول له بعد سلسلة أفلامه الأوروبية التمويل والعربية القضايا السابقة. هنا بدأ الهرج والمرج واختل التوازن السابق وطفح الكيل بما ناء به.
فبعد نحو عشرين دقيقة أوقف المخرج العرض احتجاجاً على رداءة الصوت والصورة، وتقدم من الحضور باعتذار أعلن فيه هذا السبب وقال: إنه كان حرياً بإدارة المهرجان إجراء تجربة تقنية قبل الحفل للتأكد من سلامة العرض. ويتردد أن بعض المشاركين اقترح على المخرج استكمال العرض بعدما برر سوء النسخة المعروضة، لكنه رفض.
هذا الحدث يعني أن الدورة التاسعة والثلاثين انطلقت بلا فيلم افتتاح وذلك للمرة الأولى، على الأرجح، في تاريخه. ويعني أن الافتتاح بأكمله جاء ناقصاً ذلك الجزء المهم والمعبّر بعد حذفه. هاني أبو أسعد لم يكن مخطئاً، خصوصا أنه حاول تفادي إلغاء العرض عندما بحث عن إدارة المهرجان فوجدها من بين تلك التي سارعت بمغادرة الصالة صوب الصالة الأخرى، حيث نصبت وليمة العشاء.
لم يتح لنا بعد مقابلة مسؤول لتبرير ما حدث، وليس بالإمكان هنا إلا النظر إلى أعمال المهرجان وفعالياته كتعويض.
لم تكن المسألة في هذا الحفل الذي أطلق عروض المهرجان الكثيفة منذ اليوم التالي له، وفي عدد من صالات دار الأوبرا، استمرارية تجاهل أهل الفن ونجومه للمهرجان. كثيرون ممن لبوا الدعوة للحضور فعلوا ذلك؛ لأنهم لبوا الدعوات السابقة قبل أن يغيبوا عن النشاطات المختلفة اللاحقة. لكن أكثر منهم من حضر لأول مرّة ما ملأ القاعة بالكثير من وجوه التمثيل والمخرجين والمنتجين.
يقول أحد المعلقين: إن السبب وراء هذه الهجمة «النجومية» أن المحطة التلفزيونية dmc هي التي وجهت الدعوات، والممثلون (ذكوراً وإناث) يهابون رفضها لأنها بمثابة العلاقة التي تستطيع أن تثمر عن أعمال مشتركة بين الفنانين والمحطة. لكن هذا مستبعد فعلياً، والأقرب إلى الصواب أن سبب ارتفاع نسبة الحضور يعود إلى أن أهل السينما أدركوا منذ البداية أن الحفل سيكون زاخراً وحافلاً وجديداً ومختلفاً عن الحفلات السابقة. هذا لا يلغي أن الدعوة وردت هذه المرّة من طرف آخر وليس من المهرجان ذاته. طرف له شعبية أوسع وعلاقات وطيدة وأكثر تميّـزاً.
ما يدفع إلى الإعجاب هو ذلك الحماس الذي تبدّى بين الحضور. بعيداً عن روح المغالاة وعما حدث بعد الخطب، فإن العاطفة الجياشة التي عبرت عنها كلمات حسين فهمي، وهو رئيس لجنة التحكيم هذا العام، ويسرا، الرئيس الشرفي لهذه الدورة، وهند صبري، وليلى علوي وبعض الحضور الآخرين تكشف، إلى جانب حب الوطن والفخر بالانتماء إليه، عن تمنيات أن يصبح المهرجان محطة عالمية أولى.
هنا تكمن أحد أهم التحديات التي عانى منها المهرجان سابقاً، ولا تزال قائمة إلى اليوم.

طلب نيكول كيدمان
يحتاج مهرجان القاهرة إلى إعادة صياغة جديدة تتضمن رؤية لكيف يمكن له أن يتميّـز عن سواه. لا يهم أنه المهرجان العربي الوحيد المنتمي إلى «مؤسسة FIAPF» (تأسست سنة 1933 لتعني بشؤون الإنتاج والتنسيق بين المهرجانات ورعاية الحقوق الفنية)؛ فذلك فعل إداري يضمه بصفته واحداً من 15 مهرجاناً دولياً، بعضها متوسط الحجم («تالن» الأستوني و«وورسو» البولندي)، وبعضها من تلك الكبيرة («كان» و«برلين» و«فينيسيا»). لكن لا أثر لهذا الانتماء إلى ذلك البدن الإداري على قيمة أي مهرجان وقوّته أو انفراده.
على الرغم من ذلك، فإن الأسطوانة التي لا تتوقف عن اعتبار أن مهرجان القاهرة هو فريد وعالمي لمجرد أنه منتمٍ إلى تلك المؤسسة. بينما ما يحفل به الحاضر وما يبقى للتاريخ هو القيمة المتمثلة فيما استطاع حشده من أفلام وبرامج.
في هذا النطاق، يمكن لمهرجان القاهرة أن يلغي بعض برامجه المتوارثة والإتيان بمسابقات أو بتظاهرات جديدة في هذا المهرجان. يمكن له أن يقلب الطاولة رأساً على عقب ويفاجئ أضخم المهرجانات العالمية بإنشاء أقسام غير متداولة لم يؤمّها مهرجان من قبل. تبعاً لذلك؛ يزداد حجم الشعور بالمهرجان، وبالتالي حجم الاهتمام الإعلامي له.
الممثلة الأجنبية الوحيدة التي قبلت الدعوة هذا العام هي إليزابيث هيرلي، وهذا يسجل لها بلا ريب، لكن هيرلي ليست ‫نجمة (تحتل المرتبة الـ1648 بين عداد الممثلين حسب موقع pro - imdv)، ولو أن لديها حضوراً لا بأس بنجاحه‬. وسبب الغياب الكاسح لنجوم السينما العالمية هي الميزانية المحدودة التي وصلت هذا العام إلى 13 مليون جنيه، عدا دعم مؤسسة dmc الذي وظفته المحطة التلفزيونية لحفلتي الافتتاح والختام، وعدم قدرة المهرجان تحمّـل ما يشترط الممثل العالمي دفعه لقاء حضوره. وكشف مدير المهرجان الفني يوسف شريف رزق الله عن أن ميزانية جلب نيكول كيدمان، التي وافقت على الحضور إذا ما توفرت شروطها، بلغت نصف مليون دولار أي أكثر من نصف الميزانية الإجمالية للمهرجان.
إذا ما كان الحال على هذا النحو، فلِمَ تعويد الإعلام المصري أو العربي على ترقب دعوة هذا الممثل أو النجم أو ذاك؟ لِمَ لا يمكن التخلص من عبء رفع وخفض سقف التوقعات في هذا المجال.
الحال أن هناك حدوداً لا يمكن للمهرجان تجاوزها بسبب طبيعته وميزانيته، ولوجود عشرات المهرجانات الأخرى التي تلعب الدور نفسه، ونصفها ينجز المنشود له في هذا المجال. والأوان آن للحد من التوقعات الكبيرة، والعمل على التفاصيل الصغيرة التي قد تطيح بالجهود المبذولة، مثل ألا يتم عرض فيلم الافتتاح، على من تبقى من الجمهور بعدما غادر الكثيرون الصالة بسبب الوليمة، في موعده وبشروطه التنقية الصحيحة.
السيناريست والمنتج محمد حفظي يشارك هذا الرأي، ويقول معلقاً: «ما حدث خيبة أمل كبيرة. افتتاح مهرجان سينمائي كبير بجمهور يبدو أنه يحب الأضواء ويكره السينما».
وأضاف معلقاً على ما حدث مع المخرج هاني أبو أسعد: «كل أسفي لمخرج فيلم الافتتاح الذي لم يجد حتى منظمي المهرجان ليبقوا معه في الصالة أثناء عرض الفيلم».
القائمون على المهرجان، بدءاً من الوزارة ومروراً برئيسته ماجدة واصف، لا تنقصهم الخبرة ولا الرغبة العارمة في النجاح، ولا حتى البذل في سبيل ذلك. لذلك؛ سيكون من السهل اعتماد تغييرات تبتعد عن الطموحات المتعذرة وتتعامل والواقع.


مقالات ذات صلة

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

يوميات الشرق الممثل البريطاني راي ستيفنسون (أ.ب)

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

توفي الممثل البريطاني راي ستيفنسون الذي شارك في أفلام كبرى  مثل «ثور» و«ستار وورز» عن عمر يناهز 58 عامًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

«إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

أثارت تصريحات الفنان المصري محمد فؤاد في برنامج «العرافة» الذي تقدمه الإعلامية بسمة وهبة، اهتمام الجمهور المصري، خلال الساعات الماضية، وتصدرت التصريحات محرك البحث «غوغل» بسبب رده على زميله الفنان محمد هنيدي الذي قدم رفقته منذ أكثر من 25 عاماً فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كشف فؤاد خلال الحلقة أنه كان يكتب إفيهات محمد هنيدي لكي يضحك المشاهدين، قائلاً: «أنا كنت بكتب الإفيهات الخاصة بمحمد هنيدي بإيدي عشان يضحّك الناس، أنا مش بغير من حد، ولا يوجد ما أغير منه، واللي يغير من صحابه عنده نقص، والموضوع كرهني في (إسماعيلية رايح جاي) لأنه خلق حالة من الكراهية». واستكمل فؤاد هجومه قائلاً: «كنت أوقظه من النوم

محمود الرفاعي (القاهرة)
سينما جاك ليمون (يسار) ومارشيللو ماستروياني في «ماكاروني»

سنوات السينما

Macaroni ضحك رقيق وحزن عميق جيد ★★★ هذا الفيلم الذي حققه الإيطالي إيتوري سكولا سنة 1985 نموذج من الكوميديات الناضجة التي اشتهرت بها السينما الإيطالية طويلاً. سكولا كان واحداً من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية ذات المواضيع الإنسانية، لجانب أمثال بيترو جيرمي وستينو وألبرتو لاتوادا. يبدأ الفيلم بكاميرا تتبع شخصاً وصل إلى مطار نابولي صباح أحد الأيام. تبدو المدينة بليدة والسماء فوقها ملبّدة. لا شيء يغري، ولا روبرت القادم من الولايات المتحدة (جاك ليمون في واحد من أفضل أدواره) من النوع الذي يكترث للأماكن التي تطأها قدماه.

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين يظهر بعد الحادثة في نيو مكسيكو (أ.ف.ب)

توجيه تهمة القتل غير العمد لبالدوين ومسؤولة الأسلحة بفيلم «راست»

أفادت وثائق قضائية بأن الممثل أليك بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في فيلم «راست» هانا جوتيريز ريد اتُهما، أمس (الثلاثاء)، بالقتل غير العمد، على خلفية إطلاق الرصاص الذي راحت ضحيته المصورة السينمائية هالينا هتشينز، أثناء تصوير الفيلم بنيو مكسيكو في 2021، وفقاً لوكالة «رويترز». كانت ماري كارماك ألتوايز قد وجهت التهم بعد شهور من التكهنات حول ما إن كانت ستجد دليلاً على أن بالدوين أبدى تجاهلاً جنائياً للسلامة عندما أطلق من مسدس كان يتدرب عليه رصاصة حية قتلت هتشينز. واتهم كل من بالدوين وجوتيريز ريد بتهمتين بالقتل غير العمد. والتهمة الأخطر، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، تتطلب من المدعين إقناع

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سينما سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬

> أن يُقام مهرجان سينمائي في بيروت رغم الوضع الصعب الذي نعرفه جميعاً، فهذا دليل على رفض الإذعان للظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد. هو أيضاً فعل ثقافي يقوم به جزء من المجتمع غير الراضخ للأحوال السياسية التي تعصف بالبلد. > المهرجان هو «اللقاء الثاني»، الذي يختص بعرض أفلام كلاسيكية قديمة يجمعها من سينمات العالم العربي من دون تحديد تواريخ معيّنة.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».