ملتقى «الشرق والغرب» في روما يدعو إلى دعم الحوار الحضاري لنشر السلام

جانب من لقاء باولو جنتيلوني بشيخ الأزهر بمقر رئاسة مجلس الوزراء («الشرق الأوسط»)
جانب من لقاء باولو جنتيلوني بشيخ الأزهر بمقر رئاسة مجلس الوزراء («الشرق الأوسط»)
TT

ملتقى «الشرق والغرب» في روما يدعو إلى دعم الحوار الحضاري لنشر السلام

جانب من لقاء باولو جنتيلوني بشيخ الأزهر بمقر رئاسة مجلس الوزراء («الشرق الأوسط»)
جانب من لقاء باولو جنتيلوني بشيخ الأزهر بمقر رئاسة مجلس الوزراء («الشرق الأوسط»)

أكد المشاركون في فعاليات الملتقى العالمي الثالث «الشرق والغرب نحو حوار حضاري»، الذي احتضنته العاصمة الإيطالية روما، على ضرورة دعم الحوار الحضاري الداعي لنشر قيم المحبة والتسامح والتعايش المشترك بهدف صنع غد أفضل.
وقال المشير عبد الرحمن سوار الذهب، الرئيس السوداني الأسبق، إن «الحروب أودت بالملايين من سكان الأرض بمختلف معتقداتهم وتوجهاتهم، في ظل غياب (البوصلة) التي تهدي الجميع إلى السلام والتعايش».
في السياق ذاته، أكد باولو جينتيلوني رئيس الوزراء الإيطالي، أنه أجرى مباحثات، أمس، مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والوفد المصاحب له من مصر، المشارك في الملتقى العالمي، بهدف تنسيق الجهود لنبذ العنف والكراهية والتطرف، بينما أكد الطيب أن «الأزهر لديه إصرار وعزيمة قوية للقضاء على الإرهاب والتطرف فكرياً وتجفيف منابعه». وعقد الملتقى العالمي الثالث «الشرق والغرب نحو حوار حضاري» فعالياته، أمس، بمقر المستشارية الرسولية بروما، وذلك بحضور عدد من أبرز القيادات الدينية والسياسية والفكرية من الشرق والغرب، وبهذا الخصوص قال سوار الذهب إن «مثل هذه الفعاليات (أي الملتقى) تعد وسيلة من الوسائل التي تسعى إلى إرساء قيم السلام والتعايش بين مكونات العالم، الذي أصبح بمثابة قرية صغيرة تتوحد فيها الأحلام والآمال»، مشدداً على أن غياب «بوصلة» التعايش والسلام أدى للحروب التي أودت بالملايين من سكان الأرض بمختلف معتقداتهم وتوجهاتهم.
وأوضح سوار الذهب أن الحوار «أضحى ضرورة فرضها الواقع العالمي، وهذا يدفعنا إلى فهم الآخرين، ومن ثم السعي إلى التفاعل مع الآخر، والعمل على تقريب سبل التفاعل والحوار»، مشدداً على أن عقبات الحوار بين الغرب والشرق تؤدي إلى الغلوّ الديني الذي يجب القضاء عليه في كل الأديان. من جانبه، قال الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوي، خلال كلمته التي ألقاها بالملتقى العالمي، إن «السلام نبنيه معاً، ولا يمكن أن يُعرَض بطرق أحادية الجانب»، موضحاً أن المسؤولين الدينيين «لا يملكون حلولاً يقترحونها وحدهم، لكن تأتي الحلول بالتعاون والتقارب، وكل ديانات العالم عليها دور يجب أن تقوم به لبناء السلام».
في السياق ذاته، قال الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء بمصر، إنه «عندما نتحدث عن الدولة الوطنية والأديان، يجب أن ندرك أن الاختلاف بين البشر لا ينسينا إخوتنا في الإنسانية، فنحن ننحدر من أصل واحد، كما أن الأديان تنبع من مشكاة واحدة»، مشدداً على أن «الإسلام أكد وجود التنوع وقبول الآخر، وأن رسول الله شكل نموذجاً مثالياً عن العلاقة بين الدولة الوطنية والأديان عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع وثيقةً لضمان حقوق غير المسلمين، لكنّ هذه الصورة المشرقة للتعايش بين الأديان أصابها قدر لا يُستهان به من الفتور والضعف والانهيار، ليس فقط في عالمنا الإسلامي، وإنما في العالم كله، وذلك نتيجة لما مر بعالمنا من نزاعات جسام وحروب نعاني منها حتى اليوم... ومهمتنا هنا ليست رصد الواقع، وإنما محاولة تغيير هذا الواقع عن طريق الفهم البناء والتعاون المشترك».
وكان شيخ الأزهر قد ألقى خطاباً في افتتاح الملتقى، أكد فيه أن «الأديان الإلهية لا يمكن أن تكون سبباً في شقاء الإنسان». كما عقد لقاءً مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، بحثا خلاله سبل تنسيق الجهود لنشر ثقافة التعايش والسلام ونبذ العنف والكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا ودعم الفقراء والضعفاء.
والتقى أمس رئيس الوزراء الإيطالي، شيخ الأزهر، في مقر رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي، للتباحث حول سبل تنسيق الجهود لنشر ثقافة التعايش والسلام ونبذ العنف والكراهية والتطرف، وأشاد رئيس الوزراء الإيطالي بالعلاقة القوية وروح الود والتعاون المتبادل بين الفاتيكان والأزهر، فيما يتعلّق بتنسيق الجهود للاهتمام بقضايا الضعفاء والفقراء والمحتاجين. من جهته، أكد الطيب أن «مصر تضحي بخيرة أبنائها من أجل محاربة الإرهاب والتطرف، والأزهر لديه إصرار وعزيمة قوية للقضاء على الإرهاب والتطرف فكرياً وتجفيف منابعه». وقال خلال لقائه رئيس الوزراء الإيطالي إن «التعاون العلمي بين الأزهر وإيطاليا له تاريخ طويل، ولا بد من استمراره لمكافحة التطرف والإرهاب... ونحن حريصون من خلال العمل المشترك مع بابا الفاتيكان على القضايا الإنسانية من أجل تحقيق سلام لكل الناس، ووجدنا انفتاحاً واتفاقاً كبيراً في الرؤى من أجل الضعفاء والفقراء».


مقالات ذات صلة

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج يوضح المعرض أهمية الفنون في مصاحبة كتابة المصاحف ونَسْخها عبر العصور (مكتبة الملك عبد العزيز)

معرض في الرياض لنوادر المصاحف المذهّبة

افتُتح، في الرياض، أول من أمس، معرض المصاحف الشريفة المذهَّبة والمزخرفة، الذي تقيمه مكتبةُ الملك عبد العزيز العامة بفرعها في «مركز المؤسس التاريخي» بالرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا في هذه الصورة التي التُقطت في 6 فبراير 2024 رجل يدلّ على ضريح الصوفي الحاج روزبيه المهدم في نيودلهي (أ.ف.ب)

هدم ضريح ولي صوفي في إطار برنامج «للتنمية» في دلهي

في أوائل فبراير (شباط)، صار ضريح صوفي أحدث ضحايا «برنامج الهدم» الذي تنفذه هيئة تنمية دلهي لإزالة «المباني الدينية غير القانونية» في الهند.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق مصلون يشاركون في جلسة للياقة البدنية بعد الصلاة في مسجد منطقة باغجلار في إسطنبول في 8 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

حصص رياضة داخل مساجد تركية تساعد المصلين على تحسين لياقتهم

يشارك مصلّون في حصة تدريبات رياضية في مساجد بمدينة إسطنبول التركية بعد انتهاء صلاة العصر، ويوجد معهم مدرّب لياقة بدنية.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)

«القاهرة للمسرح التجريبي» في حُلة مبهرة بتكريمات عربية وحضور فلسطيني

المعاناة الفلسطينية تتجسد في عرض «صدى جدار الصمت» (إدارة المهرجان)
المعاناة الفلسطينية تتجسد في عرض «صدى جدار الصمت» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة للمسرح التجريبي» في حُلة مبهرة بتكريمات عربية وحضور فلسطيني

المعاناة الفلسطينية تتجسد في عرض «صدى جدار الصمت» (إدارة المهرجان)
المعاناة الفلسطينية تتجسد في عرض «صدى جدار الصمت» (إدارة المهرجان)

وسط أجواء مبهرة، مشحونة بالمؤثرات البصرية واللوحات الاستعراضية والألوان والأضواء الزاهية، انطلقت فعاليات الدورة 31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، الأحد، بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بعرض وضع تفاصيله ولمساته السينوغرافية المخرج اللبناني وليد عوني.

وتضمن حفل الافتتاح حضوراً واحتفاءً خاصاً بالقضية الفلسطينية من خلال العرض الذي جاء تحت عنوان «صدى جدار الصمت»، محملاً بكل معاني التعاطف الإنساني مع شهداء وضحايا «الحرب على غزة».

واتسم العرض الذي أخرجه عوني بالطابع الاستعراضي واستبدال لغة الحوار التقليدية واستخدام الصورة المبهرة من خلال توظيف بارع للإضاءة وحركة الممثلين على خشبة المسرح مع التعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني في مشاهد متنوعة، وانقسم العرض إلى عدة «لوحات درامية» حظيت بتفاعل الجمهور، مثل مشهد الأكفان البيضاء والمفارقة البصرية مع الزي الأسود الذي ارتداه الممثلون، ولوحة تنتقد الصورة الذهنية التي يكرسها إعلام غربي للضحايا عبر تحويلهم إلى أرقام.

مزج بين شعار المهرجان وألوان علم فلسطين (إدارة المهرجان)

وعدّ المخرج ومصمم الاستعراضات وليد عوني عرض «صدى جدار الصمت» بمنزلة «تحدٍّ فني كبير كان عليه أن يخوضه بقوة وفق معادلة صعبة تبرز القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية وفي الوقت نفسه لا تنجرف للطابع التقريري المباشر وتتحول إلى نشرة أخبار»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما زاد من صعوبة التحدي هو أن العرض تجريبي له طبيعة راقصة ويمتلئ بالرموز والدلالات لكنه ذهب في النهاية إلى التركيز على البعد العالمي للقضية والعزف على وتر الضمير الإنساني».

وأضاف عوني أن «تكريمه ضمن فعاليات الدورة الجديدة من المهرجان يحمل بالنسبة له معنى شديد الخصوصية، حيث قدم بمصر 32 عرضاً تنتمي لفن الرقص الحديث في إطار المسرح التجريبي»، موضحاً أن «التجريب يعد الرهان الأساسي في مشروعه الفني كما أنه سبق وأن قدم عرض الافتتاح في مهرجان المسرح التجريبي 7 مرات في الفترة من 1998 حتى 2010».

تكريم الدكتورة ملحة عبد الله (إدارة المهرجان)

وكرّم وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو 12 شخصية من أصحاب التأثير في الحركة المسرحية عربياً ودولياً، منهم النجم محمود حميدة (مصر)، وملحة عبد الله (السعودية)، ووليد عوني (لبنان) ، ويوسف الحمدان (البحرين)، وميمون الخالدي (العراق)، وساڤاس باتساليدس (اليونان)، وجون سيبي أوكومو (كينيا).

وتستمر فعاليات الدورة الجديدة من المهرجان حتى 11 سبتمبر (أيلول) الحالي، بمشاركة 26 عرضاً تمثل 19 دولة. وتقدم للمشاركة ما يقرب من 460 عرضاً واختارت اللجنة 10 عروض مسرحية أجنبية و13 عرضاً عربياً، و3 عروض مصرية.

صورة جماعية للمكرمين خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأشار رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران إلى أن «التجريب المسرحي في معناه الأشمل يعني التمرد على محاولات الوصاية التي يسعى البعض إلى فرضها علينا سواء انطلاقاً من أنساق الماضي أو قيود الحاضر»، موضحاً في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح أن «الدورة الحالية تسعى إلى صنع حوارات هادفة لا تنتقص من أحد، بقدر ما ترسخ للديمقراطية الثقافية، التي هي أملنا الوحيد في عالم السياسة المعقد، الذي لا يؤمن إلا بالعقل التقني والمكسب المادي على حساب الأرواح، مقتاتاً على اللحم البشري النيء».