مطعم «صبري» للمأكولات الشعبية ملتقى طلاب جامعة القاهرة

ازدحام دائم في مطعم صبري الذي يقدم المأكولات الشعبية والمشويات
ازدحام دائم في مطعم صبري الذي يقدم المأكولات الشعبية والمشويات
TT

مطعم «صبري» للمأكولات الشعبية ملتقى طلاب جامعة القاهرة

ازدحام دائم في مطعم صبري الذي يقدم المأكولات الشعبية والمشويات
ازدحام دائم في مطعم صبري الذي يقدم المأكولات الشعبية والمشويات

لافتة ضخمة، تزيّن واجهة المطعم الذي يقترب عمره من نصف قرن، ويقع في الجهة المقابلة من جامعة القاهرة بمنطقة «بين السرايات» الشهيرة بالجيزة. يزدحم المطعم برواده من طلاب وطالبات الجامعة، على مدار اليوم، ويقدم لهم المأكولات الشعبية والمشاوي، إنه مطعم «صبري»، أحد أقدم مطاعم المنطقة وأشهرها على الإطلاق، الذي يفضله الكثيرون لأسعاره المدروسة والرخيصة، وقربه من بوابات الجامعة بجانب جودة الطعام المقدم.
لا تخطئ عينك مشاهدة رواد المطعم العريق من طلاب الجامعة من الفئتين، بجانب الطلاب القاهريين وأبناء الحضر الباحثين عن أطعمة سريعة، وأبناء القرى والأرياف الذين وجدوا في المدينة الجامعية، القريبة من المطعم، ملاذا للعيش في أيام الدراسة، وفي «صبري» أطعمة ذات أسعار جيدة، إذا ضنت عليهم «المدينة» بوجبة غذائية مشبعة.
المأكولات الشعبية من الفول والطعمية والباذنجان والبيض المسلوق والمقلي، هي الأطباق الرئيسية لرواد «صبري»، تليها مجموعة من مأكولات اللحوم، مثل «الشاورما» التي تتصدر واجهة المحل، في حين تتدرج الأسعار في «المشاوي»، من الدواجن المشوية، وحتى اللحوم والكفتة ذات المذاق الشهي، بينما يتوسطها «الكريب» الساخن.
صورة مؤسس المطعم: «الحاج صبري» لا تزال تقبع حتى الآن داخل المطعم الذي يتخذ من عبارة «اسم له تاريخ» شعارا له، قبل أن يرحل «صبري» تاركا سيرة مطعمه بين الطلاب.
من سندوتشات السجق والكبدة الساخنة، انطلق مطعم صبري في السبعينات، قادما من محافظة قنا بحثا عن الرزق في القاهرة، من المحل ذاته في مساحة أصغر نشأ المطعم، حتى توسع لمساحته الحالية، التي تجذب الطلاب باختلاف فئاتهم، وكذلك أساتذة الجامعة، بحسب نجله الأصغر «طه صبري» الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، متندرًا «اللي ما اتخرجش من صبري، ما اتخرجش من جامعة القاهرة».
أضاف صاحب المطعم «الفلافل» لقائمة الأطعمة فقط في العام 2002، بعد إلحاح الزبائن، وقلة المطاعم الشعبية التي تقدمها في المنطقة، حتى ذاع صيت صبري ورائحة مأكولاته الشهية. وجذبت كذلك وجبة الكريب الزبائن، تزامنا مع دخول السوريين إلى مصر عقب اندلاع الثورة السورية. ينقسم المطعم من الداخل إلى نصفين... الأول يستقبل ويسلم طلبات الزبائن، والآخر خاص بإعداد تلك الطلبات.
«السيرة أهم من الربح»، قاعدة آمن بها صبري، وغرسها في نفوس أبنائه الخمسة قبل رحيله منذ 14 عاما، حيث نصحهم بمعاملة الزبائن بشكل طيب، مع عدم رحيل أي طالب لا يملك أموالا دون طعام، وبخاصة من الفقراء.
عدد من مطاعم المأكولات الشعبية التي حاولت منافسة مطعم صبري، أغلقت أبوابها بسرعة. يعتقد أبناء مؤسس المطعم: أن «السبب هو جودة المنتج من الطعام، فضلا عن الأسعار المناسبة للطلبة؛ إذ تعد هي سحر مداومة الأكل مما يطهو طباخو المطعم».
«حتى الآن، يقدم عدد من خريجي جامعة القاهرة ليسألوا عن الحاج صبري، ومنهم من يأتي بأولاده ليريهم المطعم الذي ظل يأكل منه وهو طالب». يفخر بذلك أولاد صبري الذين يحفظون عن ظهر قلب أشهر خريجي جامعة القاهرة الذين أكلوا من المحل العتيق، أبرزهم عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، والباحث زكي شعراوي، ورئيس مجلس الشعب الأسبق فتحي سرور، وإعلاميين مثل عمرو أديب وخالد صلاح ويسري فودة، حسب إبراهيم صبري.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».