«مهرجان بيروت للمطاعم» يجمع اللبنانيين على مائدة واحدة

الخبز والملح يعيدان الحياة إلى «محطة قطار مار مخايل»

ساحة مركز قطار مار مخايل تحولت لـ«مهرجان بيروت للمطاعم» - أجواء من الفرح خيمت على زوار المهرجان
ساحة مركز قطار مار مخايل تحولت لـ«مهرجان بيروت للمطاعم» - أجواء من الفرح خيمت على زوار المهرجان
TT

«مهرجان بيروت للمطاعم» يجمع اللبنانيين على مائدة واحدة

ساحة مركز قطار مار مخايل تحولت لـ«مهرجان بيروت للمطاعم» - أجواء من الفرح خيمت على زوار المهرجان
ساحة مركز قطار مار مخايل تحولت لـ«مهرجان بيروت للمطاعم» - أجواء من الفرح خيمت على زوار المهرجان

في باحة سكة الحديد التابعة لمركز «محطة قطار مار مخايل» في بيروت (Trainstation)، يقدم أكثر من 50 مطعماً ومقهى على أرضها أطايب من أكلات لبنانية وغربية مشاركة في «مهرجان بيروت للمطاعم» في نسخته الثانية.
هذه اللوحة التي شكّلت بحركتها وإيقاعها الفرحين وجهاً من وجوه بيروت المضيئة، جمعت تحت سقفها اللبنانيين من كل حدب وصوب، بعد أن قصدوها بالمئات من أجل تمضية وقت جميل يرفّهون خلاله عن أنفسهم باللقمة الطيبة والجلسة الدافئة. فنقابة أصحاب المطاعم من ناحية وشركة «هوسبيتاليتي سيرفيسيز» من ناحية ثانية اللتان تنظمان هذا المهرجان برعاية وزارة السياحة في لبنان للسنة الثانية على التوالي، وضعتا تحت تصرفهما باقة من أهم وأفضل المطاعم في العاصمة.
ولعلّ اختيار ساحة «محطة قطار مار مخايل» المهجورة منذ أكثر من ربع قرن موقعا له، أكمل برمزيته التاريخية مشهدية التقاء اللبنانيين تحت سقف واحد تبادلوا فيه الخبز والملح.
وتلوّنت هذه البانوراما لفن حسن الأكل بعناصر من مطبخي لبنان الأصيل والحديث معا، كما أنها لم تستثن عنصر المطبخ الغربي من دخول هذا السباق لفتح الشهية، بعد أن اختلطت رائحة «الشاورما» و«النقانق» و«المنقوشة بالصعتر» مع تلك المنبعثة من شرائح اللحم المشوية على الطريقة الفرنسية والأميركية وحتى المكسيكية والمطعمة بخلطات جبن التشيدر وصلصة الـ«باربكيو» وغيرها من عناصر المطبخ الاستوائي الشهيرة.
«إن هذا المهرجان بحد ذاته يعكس وجه لبنان الحقيقي، حيث نلتقي فيه مع المطبخ اللبناني بكل عناصره المميزة، وهو موجود في بقعة واحدة متواضعة وبسيطة إلى جانب مطابخ غربية عديدة». يقول وزير السياحة في لبنان أفيديس كيدانيان الذي التقيناه على أرض المهرجان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذا النوع من المهرجانات يولّد الحيوية وتفاعلا لا يشبه غيره بين اللبنانيين المجتمعين على مائدة واحدة دون أي تفرقة». وأشار كيدانيان بأنه كان يتمنى لو أن منظمي هذا المهرجان يبقونه فاتحا أبوابه أمام الجميع طيلة أيام السنة.
«الفلمنكي» و«الأستاذ» و«الدنيي هيك» و«اسكو بار» و«فريد بيسترو» و«لو بيتي غري» و«كوكليه» و«بوبوف» و«مشاوي بيروت» و«داليدا سوشي بار» و«كبابجي» إضافة إلى 40 مطعما ومقهى غيرها، شكّلت لائحة المطاعم المشاركة في هذا المهرجان. وقد توزعت في مختلف أقسامه عناصر من شوارع لبنان القديم ترجمت بعربات خشبية تبيع الترمس والعصائر، وبصاج حديدي يخبز «المنقوشة» اللبنانية بالكشك أو الصعتر، وبأسياخ شاورما لحم البقر والدجاج، وبكراسي خيزران «قهوة القزاز» البيروتية القديمة، إضافة إلى مجموعة أكشاك تعرض المونة اللبنانية.
«لطالما شكّلت اللقمة اللبنانية لغة تواصل بين بعضنا ومع الغرب، وكوننا نحرص على الحفاظ على هذه القيمة التراثية في لبنان فإن «مهرجان بيروت للمطاعم» يمثل الصورة الحقيقية التي نريد إظهارها والتمسك بها في هذا المجال». تقول جومانا دموس سلامة المديرة الإدارية لشركة «هوسبيتاليتي» المنظمة للحدث. وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «يكفي أن نلاحظ ملامح الفرح والسعادة تغمر الوجوه هنا، حتى نعرف تماما أن اللبنانيين يتوقون إلى السلام والوحدة والتمتع بالحياة». من ناحيته أشار الشيف اللبناني يوسف عقيقي الذي تمّ تكريمه خلال افتتاح المهرجان لإبداعاته في عالم الطهي بعد أن وضع مطعم «برغندي» (في أسواق بيروت) على لائحة أفضل 50 مطعما في العالم من قبل خبراء تغذية وأعضاء الأكاديمية العالمية على شبكة «سي إن إن»، إلى أن هذا المهرجان هو بمثابة تظاهرة ثقافية ينتظرها اللبنانيون في موعدها من كل عام، لأنها تعرفهم على أفضل مطاعم بيروت من ناحية، وعلى وجبات لذيذة غربية وشرقية لم يسبق أن تناولوها من قبل. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يشرفني أن أكرّم من قبل فعاليات هذا المهرجان وعملية اندراج مطعم (برغندي) على لائحة أفضل 50 مطعما في العالم لهو فخر للبنان بالمرتبة الأولى».
الموسيقى رافقت هذا الحدث من خلال عزف حي لفرقة غنائية وقف أفرادها بلباسهم الأبيض والأزرق مع اعتمار قبعة على رؤوسهم، ينشدون أغاني لاتينية وأخرى إنجليزية وأميركية ليضفوا على جلسات زوار المعرض أجواء الحيوية والديناميكية.
«نحرص على المشاركة في هذا المهرجان سنويا، كونه يضاهي بعناصره وحسن تنظيمه معارض عالمية معروفة، كما أن المطبخ الأرمني بات مطلوباً كثيراً في لبنان بعد أن شق طريقه بقوة بين الناس منذ 10 سنوات حتى اليوم». تقول مارال المشاركة في المهرجان عن مطعم «باتشيغ» صاحب الوجبات الأرمنية اللذيذة. أما سيرج خوري الذي وقف أمام مجسم كرتوني يصور شخصية «الأستاذ» التي أطلقها على اسم محله فقال: «الأستاذ يرمز إلى الطباخ اللبناني القديم الذي كان مفتول اليدين والشاربين ومعروفا بأستاذته في تحضير الطعام، ونحن في مطعمنا اتخذنا من هذه الشخصية عنوانا، كون كلّ ما نحضره من وجبات طعام لبنانية فيه، تستوفي شروط (الأستذة) إن بمكوناتها الطازجة أو في طريقة تحضيرها».
تحتار في أي زاوية من زوايا هذا المكان تجلس، فتحت ظلال أشجار مطعم «عنب» في استطاعتك أن تتذوق أطباقا لبنانية عريقة: «ورق عنب» و«رقاقات البسطرما بالجبن» و«الكبة الصاجية» وغيرها، فيما تشدّك قعدة لبنانية عريقة في مقهى «الفلمنكي» لتدخين النارجيلة على أريكة مريحة، فتتناول شراب التوت مع قطعة «منقوشة» وطبق «الشنكليش» البلدي. أما في مطعم «كوكليه» الفرنسي الطابع فلن تستطيع تفويت تذوق شرائح «البرغر» مع جبنة «بري» الفرنسية، وطبق «الإنتركوت مع البطاطا المشوية والمتبلة بباقة أعشاب منكهة». كلّ ما يخطر على بالك من أطباق لبنانية ومكسيكية ويابانية وإيطالية هي بمتناول يديك في «مهرجان بيروت للمطاعم»، ولذلك عليك أن تتسلح بمعدة فارغة قبل التوجه إليه لأنك لن تستطيع مقاومة إغراءات الأطباق الشهية التي يجمعها تحت سقفه، وكذلك جلساته المتنوعة التي تدعوك تلقائيا لتمضيتها في أرجائه بحضور «فاغونات» قطار مار مخايل التي تراقبك كشاهد وحيد من بيروت أيام العز.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.