بردية جديدة تحل لغز استخدام الفراعنة أحجاراً لبناء الأهرامات من أسوان

حواس لـ«الشرق الأوسط»: نعرف جميع طرق نقل الحجارة

البردية التي تحدث عنها تقرير «الديلي ميل» البريطانية
البردية التي تحدث عنها تقرير «الديلي ميل» البريطانية
TT

بردية جديدة تحل لغز استخدام الفراعنة أحجاراً لبناء الأهرامات من أسوان

البردية التي تحدث عنها تقرير «الديلي ميل» البريطانية
البردية التي تحدث عنها تقرير «الديلي ميل» البريطانية

كشف تقرير نشرته صحيفة «الديلي ميل» البريطانية أمس، بأن فريقاً من الخبراء اكتشفوا دليلا حول كيفية نقل القدماء المصريين لأحجار ثقيلة من مسافات تبعد 500 ميل من أسوان (جنوب البلاد) لبناء الهرم الأكبر خوفو قبل الميلاد بـ2600 عام.
بينما رد عالم الآثار الدكتور زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق على هذا الكشف قائلا: إن «هذا الكلام ليس جديدا.. ونعرف جميع الطرق التي استخدمها المصري القديم لنقل الجرانيت من أسوان». مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه أصدر كتابا جديدا عن دار نشر بريطانية اسمه «الجيزة والأهرامات» به كثير من الأسرار عن أهرامات مصر لم تكشف من قبل... والكتاب الجديد يصدر عن دار نشر «توماس هدسون البريطانية» بالتعاون مع جامعة شيكاغو الأميركية.
وبعنوان «أخيرا كشف سر بناء الهرم الأكبر بعد أن حير العلماء لقرون»... نشرت الصحيفة تقريرها، مضيفة: «كان لغز بناء هرم الجيزة الأكبر (خوفو) في مصر، يشغل علماء الآثار لمئات السنين، قبل أن يكتشفوا دليلا يظهر كيف تمكن المصريون من تشييد أقدم عجائب الدنيا السبع.. واكتشف علماء الآثار بردية قديمة ومركبا لإقامة المراسم، ونظاما مبتكرا لمحطات المياه، يوضح كيف استطاع بناة الهرم آنذاك، نقل كتل من الحجر الجيري وحجر الصوان تزن الواحدة منها 2.5 طن (نحو 2268 كيلوغرام)، لمسافة 500 ميل (نحو 805 كلم)، لبناء مقبرة الملك خوفو.
وأعلنت الصحيفة أن اكتشاف العلماء الذي ساعد في تسليط الضوء على البنية التحتية التي أنشأها بناة الهرم، تم الإعلان عنه في فيلم وثائقي بعنوان «Great Pyramid: The New Evidence» مقرر إذاعته مساء أمس على القناة الرابعة البريطانية.. ويظهر الاكتشاف أن آلاف العمال المهرة نقلوا 170 ألف طن من الحجر الجيري عبر نهر النيل، في مراكب خشبية مربوطة سويا بواسطة حبال، من خلال نظام قنوات أنشئ خصيصا، يفضي إلى ميناء داخلي على بعد أمتار قليلة من قاعدة الهرم.
لكن الخبير والعالم الأثري حواس قال: «نحن نعرف جميع الطرق التي استخدمها المصري القديم لنقل الجرانيت من أسوان»، مضيفا في تصريحات مع «الشرق الأوسط» أمس أن نقل الحجارة كان من أمام منطقة المحاجر في أسوان، وكان هناك ميناء للحجارة به «عتالة» من الخشب، وعندما تصل المركب يتم رفعها على المركب، وتسير في نهر النيل من ميناء «ميت رهينة» لأبو رواش حتى تصل إلى قناة قريبة من الأهرامات، متصلة بقنوات وموانئ صناعية أمام الأهرامات.
ووفق ما ذكرت صحيفة «ديل ميل» فإنه عُثر أيضا على لفافة من ورق البردي في ميناء وادي الجرف، أضافت رؤية جديدة للدور الذي لعبته المراكب في بناء الهرم... وقد كُتبت هذه البردية بيد «ميري رع»، والذي كان مشرفا ومسؤولا عن 40 من أمهر العمال... وتعد هذه البردية التقرير الوحيد المكتوب بخط اليد عن بناء الهرم الأكبر، وتصف بدقة كيف نقلت أحجار الجير من طرة إلى الجيزة.
ورقة البردي التي تم اكتشافها في وادي الجرف، تعد أول دليل مكتوب حول بناء الهرم الأكبر عن تشييد قنوات مائية لنقل تلك الأحجار الجيرية إلى الجيزة عبر السفن - بحسب الصحيفة -
لكن حواس كشف عن بردية عثر عليها مؤخرا في سيناء تحدثت عن بناء الأهرامات من الحجر الجيري ووضحت البردية طريقه نقل الحجارة، مضيفا أن كتابه الجديد مكون من 22 فصلا، فيه فصل كامل عن كيف بنيت الأهرامات؟، وكيف نقلت الحجارة للأهرامات؟، موضحا أن «ما جاء في التقرير البريطاني ليس فيه أي جديد.. هذه شغلتنا...الأهرامات وأسرارها».
والمعروف أن حواس عمل من قبل مديرا لمنطقة الأهرامات، قبل أن يتولى منصب الأمين العام لهيئة الآثار، ثم وزيرا للآثار لعدة سنوات.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الفيلم الوثائقي على القناة الرابعة سيتضمن أيضا فريقا آخر من علماء الآثار الذين اكتشفوا قاربا صُمم خصيصا ليقوده خوفو في الآخرة، مما يطرح رؤى جديدة عن بناء السفن في ذلك الوقت.
لكن حواس أكد أن «الفيلم الوثائقي مجرد دعاية وكلام ليس علميا، بالاستعانة بخبراء غير متخصصين في عصر الأهرامات... لأن العلماء المتخصصين في هذا المجال معروفين عبر العالم».
وقال حواس إنه «لم يحب الدولة الحديثة من التاريخ المصري القديم على الرغم من أنها أعظم فترة عرفتها أساليب العمارة والصور الجدارية التي تظهر على حوائط المعابد كالكرنك والأقصر وأبو سمبل»، لافتا إلى أنه من أبرز ملوك هذه الدولة عهد تحتمس الأول الذي تعتبر فترة حكمه نقطة تحول في بناء الهرم ليكون مقبرة في باطن الجبل في البر الغربي بالأقصر، تتسم بالغنى والجمال في أثاثها الجنائزي، ويظهر ذلك في مقبرة الملك توت عنخ آمون.
لكن زاهي حواس يشعر بانسجام أكبر مع «الدولة القديمة» التي عمل حارسا على بوابتها كمدير لأهرام الجيزة لأكثر من عشرين عاما... وتعد أهرامات الجيزة الثلاثة التي أقيمت في عهد الأسرة الرابعة أشهر الأهرامات وأهمها في مصر الفرعونية، كذلك تمثال أبو الهول الذي تتجلى فيه قدرة الفنان المصري على الإبداع... وتبلغ الأهرامات التي بنيت لتكون مثوى للفراعنة 97 هرما.
ويشار إلى أنه رغم أن المعروف منذ وقت طويل أن حجر الصوان المستخدم في الحجرات الداخلية نُقل من أسوان التي تبعد 533 ميلا (نحو 858 كم) عن الجيزة، وأن الحجر الجيري المستخدم في تغطية الهرم نُقل من طرة التي تبعد 8 أميال (نحو 13 كم) عن الجيزة، اختلف العلماء حول طريقة نقل الأحجار.
واكتشف مؤخرا عالم الآثار مارك لينر دليلاً على وجود ممر مائي مفقود يمر تحت هضبة الجيزة. وقال لينر: «حددنا حوض القناة المركزي الذي نعتقد أنه كان منطقة التسليم الرئيسية عند سفح هضبة الجيزة».


مقالات ذات صلة

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

يوميات الشرق منظر عام لأهرامات الجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

أعلنت بعثة أثرية تابعة لمعهد الدراسات الشرقية بأكاديمية العلوم الروسية عن اكتشاف مقبرة صخرية، يعود عمرها إلى نحو 4 آلاف عام، بالقرب من هرم خوفو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».