مصر: منع إمام مسجد غنى لأم كلثوم بإحدى الفضائيات من اعتلاء المنابر

القرار جدد مطالبات بإصدار قانون يقنن ظهور المشايخ في برامج «التوك شو»

الشيخ إيهاب يونس إمام وخطيب مسجد على إحدى الفضائيات
الشيخ إيهاب يونس إمام وخطيب مسجد على إحدى الفضائيات
TT

مصر: منع إمام مسجد غنى لأم كلثوم بإحدى الفضائيات من اعتلاء المنابر

الشيخ إيهاب يونس إمام وخطيب مسجد على إحدى الفضائيات
الشيخ إيهاب يونس إمام وخطيب مسجد على إحدى الفضائيات

أثار قيام الشيخ إيهاب يونس، إمام وخطيب مسجد في مصر، بغناء أغنية «لسه فاكر» لأم كلثوم وهو يرتدي الزي الأزهري، أو ما يسمى «الكاكولة» على إحدى الفضائيات... حفيظة المشاهدين ونشطاء مواقع التواصل، وبخاصة أنهم لم يعتادوا أن يسمعوا شيخا يغني.
ويعتبر الأزهريون زيهم رمزا للوجاهة الاجتماعية والدينية والشرف والكبرياء، فيرتدي الزي الأزهري كل من يتعلم في الأزهر، أو يتخرج فيه فيصبح إماما لمسجد، أو شيخا لمعهد، أو دكتورا جامعيا يدرس العلوم الشرعية، فضلا عن كبار المسؤولين الدينيين في الدولة. و«الكاكولة»، عبارة عن جلباب مفتوح من الأمام له بطانة، وهو أشبه بجاكيت البدلة؛ لكنه طويل يصل إلى ظاهر القدم، ويرتدى تحته جلباب أبيض، ويزين «الكاكولة» طربوش أحمر ملفوف بشال أبيض يسمى العمامة.
غناء الشيخ دفع وزارة الأوقاف المصرية إلى منعه من اعتلاء منبر الإمامة والخطابة وإلقاء والدروس الدينية، إضافة إلى إحالته للتحقيق.
ما قام به الشيخ يونس، وهو إمام وخطيب مسجد علي بن أبي طالب التابع لإدارة أوقاف السلام (شرق القاهرة)، جدد مطالبات تقنين ظهور المشايخ وعلماء الأزهر إعلاميا على الفضائيات، عقب سلسلة من الفتاوى المثيرة للجدل في مصر أطلقها المشايخ والدعاة، آخرها إباحة شرب السجائر والشيشة.
وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: إن «الشيخ يونس سوف يتم التحقيق معه بمقر الوزارة خلال ساعات»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتداء الزي الأزهري أثناء الغناء يتنافى مع هيبة العالم الأزهري»، رافضا أي محاولات من وسائل الإعلام لتشويه هيبة المشايخ والدعاة.
واتهم مغردون على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الشيخ يونس، بالإساءة للزي الأزهري، ومحاولته استغلاله في لفت الأنظار إليه، وتسليط الأضواء عليه، وبخاصة أنه صاحب فرقة إنشاد ديني مغمورة.
وسبق أن شارك الشيخ الأزهري بصوته في فيلم «الكنز» الذي أخرجه شريف عرفة، من بطولة محمد رمضان، ومحمد سعد، وأحمد رزق، وهند صبري... وقدم الشيخ يونس 3 مقطوعات غنائية عندما عرض الفيلم في موسم أفلام عيد الأضحى.
من جانبه، قال الشيخ رسمي عجلان، من مشايخ الأزهر: إن «الوجوه التي تظهر أصحاب العمامة الأزهرية بمظهر مبتذل، تحاول الحط من قدر علماء الأزهر عبر الفضائيات». مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: إن إهانة هذا الزي هو في الحقيقة إهانة للعلم الذي يقدم وللصورة الذهنية عن المشايخ والعلماء، والتقليل من شأنهم، والجرأة عليهم.
ويشار إلى أن بعض برامج «التوك شو» والمسلسلات الدرامية تحرص على «حشو» الأعمال الدرامية بشخصية أزهرية في شكل كوميدي، للسخرية منهم، والحديث في موضوعات مثيرة للجدل.
ولا تزال فتاوى مشايخ وعلماء كبار الأزهر مثل «تحريم تحية العلم في الجامعات»، و«إجازة بيع الآثار والتنقيب عليها»، تطل بظلالها على المشهد في البلاد، وكان آخر هذه الفتاوى إباحة شرب السجائر أو المعسل (الشيشة).
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المسؤول عن الفضائيات في مصر، من جهته، يستعد لإصدار قرار بمنع البرامج الحوارية وبرامج الفتاوى التي تستضيف المشايخ على الشاشات، وتثير بلبلة في المجتمع.
في السياق ذاته، قال النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان): إن «البرلمان يستعد لإصدار قانون لمواجهة فوضى ظهور المشايخ إعلاميا»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: هذه «الإجراءات لضبط المشهد الإعلامي... وتقنين ظهور المشايخ على الشاشات».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».