اقتراح بتخصيص أحد الأهرامات المروية مدفناً لعالم الآثار السويسري شارل بونيه

«السوداني الأبيض» لقبه بعد إنجازاته في عالم الآثار

عالم الآثار السويسري شارل بونيه
عالم الآثار السويسري شارل بونيه
TT

اقتراح بتخصيص أحد الأهرامات المروية مدفناً لعالم الآثار السويسري شارل بونيه

عالم الآثار السويسري شارل بونيه
عالم الآثار السويسري شارل بونيه

دعا زعيم ديني وسياسي سوداني بارز إلى إطلاق حملة لتكريم عالم الآثار السويسري الشهير شارل بونيه، وإطلاق لقب «السوداني الأبيض» عليه، ودفنه في أحد الأهرامات السودانية حال وفاته – بعد عمر طويل - باعتباره امتداداً للفراعنة السود، عرفاناً بدوره في إعادة كتابة تاريخ السودان القديم، واكتشافاته في عالم الآثار التي قلبت المرويات التاريخية القديمة رأساً على عقب، وأكدت أصالة الحضارة السودانية.
ودعا رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي إلى تكريم عالم الآثار السويسري شارل بونيه، واعتباره بطلاً من أبطال السودان التاريخيين، وشبهه ببطل الرواية الشهيرة «موسم الهجرة إلى الشمال» مصطفى سعيد، الذي لقب بـ«الإنجليزي الأسود»، ودعا لتلقيب بونيه بـ«السوداني الأبيض»، وحال وفاته – بعد عمر طويل - دفنه في واحد من الأهرامات السودانية، بقوله: «أقترح أن نطلق عليه لقباً هو معكوس لقب بطل رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) وهو السوداني الأبيض، وبعد عمر طويل أن ندفنه في واحد من أهراماتنا».
يذكر أن عالم الآثار السويسري أمضى 50 عاماً ينقب في آثار الحضارة النوبية، وعلى وجه الخصوص المروية، أثبت خلالها «كشوفات مهمة» عن أصالة حضارة كرمة بين حضارات ما قبل الميلاد، وأوصلت العالم إلى قناعة بأن الفترة (2500 - 1450) قبل الميلاد شهدت حضارة عريقة.
بدأ بونيه عمله وتنقيباته منذ العام 1965، في وقت كان فيه يؤمن العالم بأن الحضارة في وادي النيل مقتصرة على الحضارة المصرية، وأن قضاء الوقت في صحاري السودان مضيعة للوقت، ونقل عنه موقع «سويس إنفو» وقتها قوله: «كنا في البداية نبحث عن آثار مصر في السودان، ثم ترسخت لدينا قناعة بأنه من الأهمية بمكان تعميق البحث عن ماضي السودان العريق، والمهم والذي له دلالة كبرى بالنسبة لكامل القارة الأفريقية».
ومنذ ذلك العام استقر بونيه في شمال البلاد وسط آثار الحضارة المروية، وأجاد بونيه اللغات المحلية المتحدرة من اللغة المروية القديمة، واستطاع إقناع العالم بأن هنا «حضارة أسطورية»، وفي هذا يقول المهدي: «قال لي بونيه إنه حين جاء للتنقيب في السودان، نصحه زملاؤه علماء الآثار بعدم تضييع وقته، وقالوا له إن السودان جغرافيا بلا تاريخ»، وتابع: «لكن حين بدأت حفرياتي وجدت أن تاريخ الإنسانية بدأ من هنا، وأن حضارة وادي النيل بدأت هنا، ثم اتجهت مع مياه النيل شمالاً».
درس بونيه المصريات بمركز الدراسات الشرقية بجامعة جنيف، ومنذ ذلك الوقت شارك في بعثة جامعة جنيف إلى كرمة، وأصبح رئيساً لها في العام 1977، وبفضل أبحاثه التي امتدت لخمسين عاماً صارت الحضارة النوبية حضارة معروفة ومشهورة.
وأثبتت كشوفات بونيه أدوار من أطلق عليهم «الفراعنة السود»، فضلاً عن كشفه تماثيلهم كواحد من أكبر إنجازاته في منطقة كرمة، وأبرزهم «تهارقا، تانوت آمون، آسبلتا، إيماني»، وأثبت أن مملكة مروي التي تزامنت تاريخياً مع الحضارة اليونانية، وأنها استطاعت الصمود أمام الرومان الذين فشلوا في إخضاعها بالقوة، وفسر تنقل مركز الحضارة المروية وعاصمتها من كرمة إلى نبته إلى البجراوية بأنه كان يهدف لتحصينها أمام غزو الرومان.
ويعد اكتشافه معبد الملك تهارقا واحدا من أهم اكتشافاته، إضافة إلى اكتشافه أكبر مقابر في التاريخ في منطقة الدفوفة الشرقية، ومنطقة «دوكي قيل»، وهي المنطقة التي عثر فيها على تماثيل الفراعنة السود الذين حكموا السودان ومصر، وهو اكتشاف اعتبره علماء الآثار تصحيحاً لمجرى التاريخ في المنطقة، اكتشاف أثبت أن الحضارة النوبية ليست تابعة للمصرية.
وكان المهدي، الذي يتحدث إلى مجموعة تواصل اجتماعي تضم قادة سياسيين وتنفيذيين في الحكومة والمعارضة، عن أهمية إعادة كتابة وقراءة تاريخ السودان، وقال: «تاريخنا كله مشوه وفي حاجة إلى إعادة كتابة»، ثم عرج على الدور الذي لعبه شارل بونيه في إعادة موضعة تاريخ الحضارات السودانية ضمن الحضارات الإنسانية الشهيرة، باعتباره عمقاً لدعوته في إعادة الكتابة بقوله: «كنوع من التقدير لهذا الرجل، علينا تكريمه».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».