صعود نجم تشان شهادة بحق يورغن كلوب

بصمات المدرب الألماني بدأت تظهر على أداء ليفربول

كان تشان في الفترات الأخيرة بمثابة مايسترو خط وسط ليفربول («الشرق الأوسط»)
كان تشان في الفترات الأخيرة بمثابة مايسترو خط وسط ليفربول («الشرق الأوسط»)
TT

صعود نجم تشان شهادة بحق يورغن كلوب

كان تشان في الفترات الأخيرة بمثابة مايسترو خط وسط ليفربول («الشرق الأوسط»)
كان تشان في الفترات الأخيرة بمثابة مايسترو خط وسط ليفربول («الشرق الأوسط»)

جاء الأداء المتألق للاعب خط وسط المنتخب الألماني إمري تشان في الفوز بنتيجة 4 - 0 على استاد أنفيلد، بمثابة دليل على تفوق مدرب ليفربول على نظيره في آرسنال ليس على الصعيد التكتيكي فحسب، وإنما كذلك على صعيد تنمية المهارات الفردية للاعبين
خلال المؤتمر الصحافي الذي استمر 130 ثانية والذي عقد في أعقاب الهزيمة الأخيرة التي مني بها آرسنال على استاد أنفيلد، اعترف آرسين فينغر أن لاعبيه كانوا أقل عن لاعبي ليفربول من النواحي البدنية والفنية والذهنية. ورغم قسوة هذا الاعتراف، فإنه حال استمراره في الحديث لفترة أطول، ربما كان مدرب آرسنال ليطرح شرحاً أكثر تفصيلاً للهيمنة التي أصبح يتمتع بها ليفربول بقيادة يورغن كلوب.
الواضح أن مدرب ليفربول تفوق بذكاء على فينغر على الصعيد التكتيكي، ليرفع بذلك سجله أمام آرسنال في إطار الدوري الممتاز إلى 10 نقاط من إجمالي 12 ممكنة. والمؤكد أن اعتماد كلوب على ثلاثة لاعبين بخط الوسط وثلاثة آخرين في الهجوم لم يكن بمثابة مفاجأة لمدرب آرسنال في أعقاب اختياره آرون رامزي وغرانيت جاكا لتشكيل الدرع المفترض للفريق في وسط الملعب.
بدا واضحاً أن الفريق الفائز كان أداءه أقوى وأكثر حدة، الأمر الذي ربما يعكس جدولاً قبل الموسم جرى تصميمه للفوز في جميع المباريات المهمة في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا والانتقال لدور المجموعات. وشرح كلوب أن التفوق الذهني للاعبيه نبع من رغبتهم في أن يثبتوا لأنفسهم أنهم قادرين على محاكاة الأداء المتألق الذي قدموه أمام فريق هوفنهايم في مباراتي الذهاب والإياب في دور التأهل لدور أبطال أوروبا. أيضاً، يعكس ذلك الأداء وحدة صف لاعبي ليفربول تحت قيادة كلوب، الأمر الذي افتقر إليه آرسنال بوضوح على امتداد المباراة التي انتهت بهزيمته بنتيجة 4 - 0.
وعكس أداء إمري تشان المتألق جانباً آخر لتفوق كلوب على نظيره في آرسنال: التنمية الفردية. في الواقع، قدم اللاعب الدولي الألماني أداءً متميزاً في صفوف خط وسط ليفربول، مثلما كان الحال أمام هوفنهايم، عندما تفوق أيضاً كل من جوردان هندرسون والهولندي جورجينيو فينالدوم على لاعبي خصمهم الألماني. وسلط إسهام تشان خلال المباراة وقدرته على الإبداع والاضطلاع بالأدوار الدفاعية على الوجه الأكمل، الضوء على السبب وراء تمسك كلوب بلاعب ربما يكون هذا موسمه الأخير مع ليفربول.
الملاحظ أنه بمختلف أرجاء صفوف ليفربول، ثمة أفراد ارتفع مستوى لياقتهم البدنية وتأثيرهم داخل الملعب على نحو لافت تحت قيادة كلوب. وإذا كان سخط أليكس أوكسلاد تشامبرلين داخل آرسنال قبل انتقاله إلى ليفربول يكمن في بطء وتيرة جهود تنميته الفردية، وليس شروط العقد الذي كان معروضا عليه، فإننا قد نغفر له إذا كان قد أطال النظر إلى لاعبي الخصم بغيرة وحسرة قبل أن يلتحق بهم. في الواقع، لقد ازدهر أداء تشان على نحو لافت هذا العام رغم مشاركته الموسم الماضي وهو مصاب وتحفظه على بعض الأمور المرتبطة بدوره في الفريق، ما يعتبر أحد الأسباب وراء عدم توقيعه عقده الجديد مع النادي حتى هذه اللحظة.
وقال اللاعب البالغ 23 عاماً والذي دخل عامه الأخير من تعاقده مع ليفربول: «لقد قدمنا أداءً جيداً للغاية أمام آرسنال. وأعتقد أن الفريق يستحق إشادة كبرى عن ذلك. وأرى أن الجميع أبلى بلاءً عظيماً ولا أظن أن بمقدور المرء تقديم أداء أفضل عن ذلك. ولا ينبغي لأحد أن ينسى أننا كنا في مواجهة آرسنال. متى كانت آخر مرة فاز ليفربول على آرسنال بنتيجة 4 - 0؟ في الواقع، كان الأداء رائعاً، ومن المؤكد أن هذا سيمنحنا ثقة ويمكننا الآن خوض مباريات دولية بروح سعيدة وواثقة. وأرى أن هذه بداية جيدة ينبغي لنا العمل على استمرارها».
من ناحية أخرى، ترددت أقاويل باستمرار حول سعي يوفنتوس لضم لاعب خط الوسط السابق لدى باير ليفركوزن وبايرن ميونيخ. إلا أن كلوب استطاع أن يقنع مسؤولي النادي مدى أهمية اللاعب للفريق، خاصة مع عودة ليفربول إلى صفوف النخبة الأوروبية. والمؤكد أن إمكانية تحقيق مزيد من التنمية الفردية ستشجع تشان على الالتزام بعقد جديد مع ليفربول، رغم أن المدرب كان يأمل في حسم هذا الأمر من شهور ماضية. من ناحية أخرى، لم يبد أي مؤشر على أن اللاعب جابه صعوبة في الالتزام بالتعليمات الهجومية الصادرة إليه أمام الفرق المنافسة والتي كانت واضحة في المواجهات التي خاضها ليفربول مؤخرا.
من جانبه، قال تشان: «كان المدرب يتوقع ذلك منا نحن لاعبي خط الوسط، وحاولت الاضطلاع بذلك. بطبيعة الحال، ليس بإمكاني فعل ذلك طيلة الوقت، لكنني حاولت الاضطلاع به بمعدل أكبر عن العام الماضي. وحتى الآن، حققت إنجازاً جيداً. وأعتقد أن بمقدوركم ملاحظة أننا خلال المواجهات السابقة هذا الموسم لعبنا بنشاط كبير أمام الفرق المنافسة، وكذلك ملاحظة أننا أبلينا بلاءً حسناً للغاية خلال الفترة السابقة لانطلاق الموسم. وداخل الفريق، الجميع يشعر بالرضا وأنه في حالة جيدة وهذا أمر بالغ الأهمية».
وأضاف: «إذا أمعنتم النظر إلى مقاعد البدلاء، سيتضح لكم أننا فريق قوي وعميق للغاية. ونملك كذلك لاعبين أقوياء بالفريق. ولم يكن ديفوك أوريغي مشاركاً أمام آرسنال وهو لاعب رائع، وهذا مؤشر على مدى قوة الفريق. كما أننا نملك الثقة ونقدم كرة قدم جيدة. وقد كان أداؤنا رائعاً ونحن بحاجة للمضي قدماً على هذا النهج، فهذه مجرد البداية».


مقالات ذات صلة

وفاة ساركيتش حارس مرمى ميلوول الإنجليزي عن 26 عاماً

رياضة عالمية ماتيا ساركيتش (أ.ف.ب)

وفاة ساركيتش حارس مرمى ميلوول الإنجليزي عن 26 عاماً

أكد نادي ميلوول المنافس في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي لكرة القدم وفاة حارس مرماه ومرمى الجبل الأسود ماتيا ساركيتش اليوم السبت عن 26 عاما.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الدنماركي هيولماند يتحدث إلى اللاعبين كير وهويلوند خلال جلسة تدريبية في فرويدنشتات (أ.ب)

فيهورست: إريكسن وهويلوند سيتألقان في «اليورو» رغم عثرات يونايتد

قال مورتن فيهورست مساعد مدرب منتخب الدنمارك الأول إن الثنائي كريستيان إريكسن وراسموس هويلوند سيظهران فائدة اللعب سويا في مانشستر يونايتد خلال اللعب في «اليورو».

«الشرق الأوسط» (شتوتغارت)
رياضة عالمية لويس غيليرمي «نادي وست هام»

وست هام يتعاقد مع الجناح البرازيلي الشاب غيليرمي

أعلن وست هام يونايتد، تاسع الدوري الإنجليزي لكرة القدم، الخميس، تعاقده مع الجناح البرازيلي الشاب لويس غيليرمي من بالميراس، بعقد مدته 5 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية احتل تشيلسي المركزين الـ12 والـ6 في موسمين تحت قيادة الملاك الجدد (إ.ب.أ)

كم تبلغ قيمة تشيلسي بعد موسمين من ملكية تود باهلي وكليرليك؟

بحسب شبكة The Athletic تزيد قيمة تشيلسي الآن بمقدار 500 مليون جنيه إسترليني على مبلغ 2.3 مليار جنيه إسترليني المدفوع في صفقة الاستحواذ على النادي في عام 2022.

ذا أتلتيك الرياضي (لندن)
رياضة عالمية تن هاغ يحتفل بكأس إنجلترا الذي كان سببا في منحه فرصة جديدة مع مانشستر يونايتد (ا ف ب)

يونايتد يمنح تن هاغ فرصة جديدة على أمل تصحيح الأوضاع الموسم المقبل

على عكس التوقعات، ارتفعت أسهم المدرّب الهولندي إريك تن هاغ للاستمرار في منصبه مدرباً لمانشستر يونايتد الإنجليزي، بعد قناعة السير جيم راتكليف الشريك في ملكية

«الشرق الأوسط» (لندن)

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»