اضطر الشاب الثلاثيني محمود عثمان إلى تغيير خطة خروجه للتنزه خلال عيد الأضحى مع زوجته وطفليه الصغيرين لتكون في المساء؛ بسبب ارتفاع درجة الحرارة، فبعدما كان يعتاد اصطحابهم صباح يوم العيد لأحد المتنزهات القريبة من منزله في ضاحية أكتوبر بمحافظة الجيزة، اكتفى خلال أول أيام العيد بالصلاة والعودة إلى المنزل.
واتفق عثمان مع زوجته على التنزه مساءً؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي سجّل في القاهرة، (الأحد)، 41 درجة مئوية خلال ساعات الظهيرة، على أن يبقوا جميعاً في المنزل لحين انكسار موجة الحر والخروج في المساء، سواء لأحد المتنزهات التي تغلق في موعد متأخر، أو الذهاب للتنزه على كورنيش النيل بوسط العاصمة، القاهرة.
عثمان قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة جعله يغير عادته في التنزه، خصوصاً مع خوفه هو وزوجته من أن يصاب طفلاهما بضربة شمس، مع كثرة تحركهما ورغبتهما في اللعب»، مشيراً إلى أن قرارهما الخروج مساءً يأتي على الرغم من حرصهما على أن ينام طفلاهما مبكراً حتى في الإجازة الصيفية.
موقف عثمان لم يختلف كثيراً عن عديد من الأسر المصرية، التي اضطرت لتغيير مخططاتها في التنزه؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، الذي جعل «بعض شوارع القاهرة وبعض الحدائق والمتنزهات تخلو من مظاهر الاحتفال المعتادة والزحام، خصوصاً في فترتَي الصباح والظهيرة».
رئيس «مركز معلومات تغير المناخ» في مصر، الدكتور محمد علي فهيم، أرجع تغيير عادات المصريين اليومية في الأعياد إلى «آثار التغيرات المناخية الحادة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من التحسّن التدريجي في درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة بسبب الكتلة الهوائية المقبلة من أوروبا؛ فإن درجات الحرارة التي ستشهد انخفاضاً يصل لنحو 10 درجات ستظل أعلى من معدلاتها الطبيعية عن مثل هذا الوقت من العام». وقال إن تغيّر عادات المصريين بالتنزه والخروج مساءً، «أصبح أمراً ضرورياً مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في النهار باستثناء بعض المدن الساحلية».
أما عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة»، الدكتور مجدي بدران، فعدّ البقاء في المنزل، الحل الأمثل للتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة ما لم يكن الخروج ضرورياً، مشيراً إلى أن «درجات الحرارة المُسجّلة في أيام العيد تجعل هناك فرصاً أكبر عند التعرض لها لوقت طويل للإصابة بالإجهاد الحراري، والتعرض لضربة شمس، مع زيادة معدلات فقدان المياه والملح من جسم الإنسان».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن بجانب الأطفال يكونون أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس في مثل هذا التوقيت، لافتاً إلى «ضرورة توخي الحذر، والالتزام بالإجراءات الوقائية حال الاضطرار للخروج والتعرض المباشر للشمس».
وتشهد الحدائق والمتنزهات المختلفة في الأعياد إقبالاً كبيراً من المواطنين مع تسجيل بيع عشرات الآلاف من التذاكر بشكل يومي، خصوصاً في نطاق القاهرة الكبرى، وبعضها يغلق في وقت مبكر عند الخامسة مساءً، في حين يشهد عيد الأضحى الحالي أول إغلاق لحديقتَي «الحيوان»، و«الأورمان» في القاهرة الكبرى؛ بسبب أعمال التطوير بهما.
عودة إلى رئيس «مركز معلومات تغير المناخ» الذي أكد أن التّحسّن النّسبي في درجات الحرارة في أوقات الصباح خلال الأيام المقبلة سيسمح لبعض العائلات بالخروج والتنزه؛ لكن بشكل أكبر سيكون الإقبال على المتنزهات في المساء لضمان عدم التعرض لمشكلات صحية.