نشهد حالياً معركة حامية الوطيس عنوانها أفلام عيد الأضحى والخطة الاستراتيجية هي الاستحواذ على القسط الأكبر من «العيدية».
في عيد الفطر الماضي حُسمت المعركة ومنذ الأسبوع الأول لصالح فيلم «هروب اضطراري»، الذي وصلت إيراداته إلى أكثر من نصف أرقام شباك التذاكر، والتي بلغت بالجنيه المصري 110 ملايين نحو 6 ملايين دولار.
بمقياس السوق المصرية، هو رقم يستحق التوقف عنده في ظل صناعة سينمائية تعاني تدهورا حادا لا يمكن لأحد إغفاله.
في قراءة موجزة لأفلام عيد الفطر الماضي تستطيع أن تقول إن أحمد السقا هو النجم الذي خرج منتصراً بفارق ضخم، عن النجم الذي كان من المفترض أن ينافسه بقوة وهو محمد رمضان في فيلم «جواب اعتقال»، الذي حل ثالثاً، بينما الذي جاء في المركز الثاني هو تامر حسني الذي حاول كعادته أن يحصل على ألقاب جديدة بإضافة صفة «العالمي» إلى اسمه لمجرد أنه استأجر المسرح الصيني في هوليوود وعرض فيلمه وطبع بصمة، كل ذلك مقابل أجر، وليس لأنه حقق مثلاً إنجازاً غير مسبوق على الشاشة.
في النهاية، لن يستطيع البقاء في دور العرض من الأفلام الستة سوى «هروب اضطراري»، الذي يؤكد خبراء التوزيع أنه حقق رقماً غير مسبوق تجاوز كل الأرقام السابقة، وآخرها أحمد حلمي في العام الماضي بفيلم «لف ودوران»، الرقم الذي يتناولونه بكل فخر هو 2 مليون دولار، وإن كنت أرى أن اعتبار، هذا الرقم هو الأعلى في كل تاريخ السينما المصرية يحمل ظلماً شديداً للحقيقة والمنطق. من الناحية العلمية حتى نتمكن من تحقيق المقاربات والمقارنات علمياً، علينا أن نضع في الحسبان قيمة الجنيه الشرائية وعدد السكان، ومن خلال ذلك يصبح للرقم دلالة. مثلا ليلي مراد هي أغلى نجمة عرفتها الشاشة العربية لأن أجرها وصل في الأربعينات إلى 15 ألف جنيه مصري عندما كان الجنيه يساوي جنيهاً ذهبياً وأيضاً قرشين ونصف القرش.
يبقي أن نتوقف عند هذا الصراع الذي يراه البعض مباشراً بين فيلمين «الكنز» للمخرج شريف عرفة وبطولة محمد رمضان وهند صبري ومحمد سعد وروبي ومحيي إسماعيل الذي يعود بعد غياب، وفيلم «الخلية» للمخرج طارق العريان والذي يحتل المقدمة فيه أحمد عز.
الفيلم الأول فرصته كما أراها نظرياً أكبر، ولكن يجب أن نضع في الحسبان أن العملي غير النظري، التجربة العملية التي تتحقق من خلال تفاعل الجمهور مع الشريط السينمائي لا يمكن الحكم عليها مسبقا. فيلم «الكنز» سيقدم فقط جزؤه الأول، حيث إن شريف عرفة قام بتصوير الفيلم على جزأين، ومن المنتظر أن يلحق الجزء الثاني بالعرض قبل نهاية هذا العام.
نجحت تجربة شريف عرفة عندما قدم الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» قبل ثلاثة أعوام، والفارق أن الجزء الثاني لم يكن متفقا عليه من البداية، ولكن نجاح الجزء الأول في «الجزيرة» دفعهم للثاني. بينما هذه المرة، فإنه من البداية نظراً لثراء الأحداث في السيناريو الذي كتبه عبد الرحيم كمال في تجربته السينمائية الثانية بعد فيلمه «على جنب يا أسطى»، عبد الرحيم صار الآن من أهم كتاب الدراما التلفزيونية على الخريطة، وعندما يشارك مع مخرج بحجم شريف عرفة يجب أن نتوقف عند التجربة وننتظرها بكل ترقب.
محمد رمضان في آخر فيلمين له «آخر ديك في مصر» لعمرو عرفة و«جواب اعتقال» لمحمد سامي، لم يستطع أن يحقق الأرقام المتوقعة لنجم بحجمه، رغم أن الترقب له يضعه في مكانة رقمية أعلى. الفيلم الأول يصنفونه بالكوميدي، والحقيقة أن «آخر ديك» فقير جداً على مستوى الكوميدية، وهكذا كان شريطاً طارداً للجمهور، بينما الفيلم الثاني «جواب اعتقال» يصنفونه في قائمة السينما السياسية والحقيقة أنه ساذج في بنائه، رغم أن الفكرة هي مكافحة الإرهاب. كان فيلماً مباشراً وفجاً، وأصبح بالنسبة لرمضان وكأنه قفزة للخلف. في كل الأحوال، كانت هناك هزيمتان رقميتان لرمضان مهما حاول هو التبرير والتفسير، ولكن لا يعني ذلك أفول محمد رمضان فهو لا يزال نجماً جاذباً، لكن الفيلمين يتحملان القسط الوافر من الهزيمة، رغم كل ذلك لا يزال رمضان هو النجم المفضل لشركات الإنتاج والتوزيع بدليل أنه النجم الوحيد المتعاقد على بطولة خمسة أفلام قادمة، كما أنه محجوز لأربعة مسلسلات تلفزيونية حتى 2021، وفيلم «الكنز» فرصته ليؤكد أنه لا يزال نجم الشباك الأول. طبعاً الفيلم على الشاشة به أكثر من نجم ولكن اسم رمضان من المؤكد يحتل المكانة الأولى، ويؤدي فيه أكثر من شخصية، ولدينا محمد سعد المشارك أيضاً في البطولة، اسم سعد فقد قدرته على أن يستمر نجم شباك، وتوقفت كل المشروعات التي كان مرشحاً لها.
جاءه طوق النجاة في اللحظة التي انسحب فيها أحمد السقا من المشاركة في بطولة «الكنز» على الفور قرر عرفة الدفع باسم محمد سعد، وهو رهان صعب جداً، الدور مؤكد ليس كوميدياً، عرفة يراهن هذه المرة على الممثل محمد سعد.
ينتظر سعد أن يعيد تقديم نفسه مجدداً للجمهور في «الكنز» وكأنها ولادة فنية ثانية له، هذا هو ما يترقبه فعلاً ويتمناه طبعا سعد، ورغم ذلك فأنا لا أتصور أن سعد من الممكن أن يعود مجدداً بطلاً مطلقاً كما كنا نشاهده في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، لكنه سيستعيد مكانته ممثلا موهوبا على الخريطة، وهذا هو الأبقى له.
الفيلم كما واضح من «التريلر» يتحرك عبر الزمان والمكان منذ العصر الفرعوني، ومن هنا تبدو أهمية المخرج شريف عرفة في إنجاز شريط مختلف للجمهور المتعطش لمثل هذه التجارب. ولدينا الفيلم الثاني «الخلية» للمخرج طارق العريان، الذي يتعرض أيضا لقضية الإرهاب والتطرف الديني، والعريان من المخرجين الذين يجيدون ببراعة تقديم أفلام الحركة بإبداع، وذلك قبل نحو 20 عاما، كما أن أحمد عز يحرص على إضفاء قدر من المرح على الشخصية التي يؤديها في العمل الفني، وتلك هي الورقة الرابحة التي سيستغلها العريان لكي يضع الفيلم بالضبط على موجة الناس.
وتبقي أفلام أخرى مثل «طلق صناعي» لخالد دياب بطولة ماجد الكدواني وحورية فرغلي و«شنطة حمزة» لأكرم فاروق، بطولة حمادة هلال وهو المطرب الثاني بعد تامر الذي يحرص على مكانته الدائمة على الخريطة السينمائية. وفيلم «بث مباشر» للمخرج الجديد مرقص عادل بطولة سامح حسين الذي عادة لا تحقق أفلامه إيرادات مرتفعة، لكنها غالباً محدودة التكاليف؛ ولهذا لا تحقق خسائر. وأيضا هناك فيلم «خير وبركة» في رهان للمرة الثانية على الممثل الكوميدي على ربيع وإخراج سامح عبد العزيز، ويشاركه البطولة محمد عبد الرحمن، وذلك بعد «حسن وبقلظ»، الذي حقق نجاحاً متوسطاً قبل عام؛ ولهذا فإن الترقب كبير لعلي ربيع، هل يتحقق كنجم كوميدي قادم، أم أن عليه العودة لأداء دور صديق البطل؟... الفيلم الثاني له كبطل هو الذي يملك بعد عرضه الإجابة.
نعم، المفروض طبقاً لكل المؤشرات السابقة، أن يحقق «الكنز» ويليه «الخلية» الإيرادات الأكبر في صراع أفلام العيد، لكن من ينتصر منهما في تلك معركة، وهل هناك مفاجأة ما من الممكن أن تتحقق ربما، وبين الحين والآخر كثيراً ما نكتشف أن الجمهور له رأي أخر.
{كنز} محمد رمضان يواجه {خلية} أحمد عز في أفلام العيد
{كنز} محمد رمضان يواجه {خلية} أحمد عز في أفلام العيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة