المعارضة التركية تطلق «مؤتمر العدالة» استكمالاً لمسيرتها

آلاف المشاركين يناقشون انتهاكات حقوق الإنسان وغياب القانون

مشاركون في «مؤتمر العدالة» للمعارضة التركية التي تحاول تجميع قواها استعداداً لانتخابات 2019 (أ.ف.ب)
مشاركون في «مؤتمر العدالة» للمعارضة التركية التي تحاول تجميع قواها استعداداً لانتخابات 2019 (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التركية تطلق «مؤتمر العدالة» استكمالاً لمسيرتها

مشاركون في «مؤتمر العدالة» للمعارضة التركية التي تحاول تجميع قواها استعداداً لانتخابات 2019 (أ.ف.ب)
مشاركون في «مؤتمر العدالة» للمعارضة التركية التي تحاول تجميع قواها استعداداً لانتخابات 2019 (أ.ف.ب)

قال رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، إن تركيا تشهد «انقلابا على المدنية»، وإن هناك 80 مليون مواطن في تركيا متعطشون للعدالة. واستهل كيليتشدار أوغلو كلمته في افتتاح «مؤتمر العدالة» الذي أطلقه حزبه أمس السبت في مدينة جناق قلعة شمال غربي البلاد، ويستمر 4 أيام، بهدف تسليط الضوء على قضية غياب العدالة وتراجع دولة القانون في تركيا منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) العام الماضي وحالة الطوارئ المفروضة منذ ذلك الوقت، بقوله إن البلاد «متعطشة للعدالة».
ووجه كيليتشدار أوغلو خطابه إلى الآلاف ممن تجمعوا لحضور المؤتمر في الهواء الطلق، قائلا: «هناك 80 مليون شخص (عدد سكان تركيا) متعطشون للعدالة... واجبي أن أسعى إلى تحقيق العدالة. وواجبي أن أقف إلى جانب الأبرياء في وجه الطغاة». وسبق أن قطع كيليتشدار أوغلو في 25 يونيو (حزيران) الماضي مع الآلاف من أنصار حزبه مسافة 450 كيلومترا سيرا على الأقدام من العاصمة أنقرة إلى مدينة إسطنبول للاحتجاج على الحكم الذي صدر في حق نائب من الحزب أنيس بربر أوغلو، الذي حكم عليه بالمؤبد لتسريبه معلومات سرية إلى صحيفة «جمهورييت» المعارضة تظهر نقل أسلحة بواسطة شاحنات تابعة للمخابرات إلى تنظيم داعش في سوريا، حيث اتهم بإفشاء أسرار الدولة بغرض التجسس السياسي أو العسكري. ورفع المشاركون في المسيرة التي اختتمت بتجمع حاشد ضم أكثر من مليون شخص في 9 يوليو (تموز) الماضي شعارا واحدا هو «العدالة»، وهو ما شكل أكبر تجمع لمعارضي الرئيس رجب طيب إردوغان منذ أعوام.
وندد كيليتشدار أوغلو بحملة الاعتقالات والإقالات الواسعة التي تشهدها تركيا للمرة الأولى في تاريخها، واصفا إياها بـ«الانقلاب على المدنية».
ولفت كيليتشدار أوغلو إلى طرد آلاف الأكاديميين من الجامعات قائلا: «السجون مكتظة بالصحافيين. والنواب في الحبس. الحكم الذي صدر بحق بربر أوغلو (في 24 يونيو) كان القطرة التي أدت إلى أن يطفح الكيل». وتابع: «لدينا الكثير من المواطنين القابعين في السجون فقط لأنهم ينتمون إلى المعارضة... النضال من أجل الحقوق هو واجب الشجعان في هذا البلد».
وأوقفت السلطات التركية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة وحالة الطوارئ التي تلتها أكثر من 50 ألف شخص، كما أوقفت عن العمل وفصلت أكثر من 150 ألفا آخرين بينهم عسكريون وقضاة ومدرسون وعناصر في الشرطة وأجهزة وهيئات الدولة المختلفة.
ويتضمن «مؤتمر العدالة» جلسات يومية تتطرق إلى مختلف انتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إلى السلطات التركية، في أول حدث من هذا النوع ينظمه حزب الشعب الجمهوري، الذي يقود المعارضة في البلاد ويتعرض لضغوط من جانب إردوغان والحكومة عبر اتهامات بدعم الانقلابيين والدفاع عن الإرهابيين. وبحسب مسؤولين عن تنظيم المؤتمر فإن فكرته تقوم على إتاحة الفرصة لجميع من يرغب في عرض أفكاره ورؤاه حول الحرية والعدالة والقانون لأن يفعل ذلك بحرية.
وقبل انعقاد المؤتمر انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان صورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو وهو يتناول الغداء مع زوجته في عربة مخصصة له أثناء المسيرة التي نظمها في يونيو الماضي، حيث ظهر مرتديا قميصا داخليا بسبب حرارة الجو، واعتبر إردوغان أن هذه الصورة تشكل إهانة للأتراك.
ورد كيليتشدار أوغلو قائلا إنه من الأجدر بإردوغان التعامل مع مشكلات البلاد بدلا من إبداء انزعاجه من قميصي ليل نهار. وبحسب حزب الشعب الجمهوري فإن اختياره مدينة جناق قلعة لعقد المؤتمر يحمل طابعا رمزيا كبيرا، إذ إنها المدينة التي شهدت معركة غاليبولي التي صدر خلالها الجيش العثماني القوات المتحالفة أثناء الحرب العالمية الأولى. وباتت المعركة رمزا للمقاومة التي أدت إلى تأسيس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة في 1923.
وكانت مسيرة العدالة التي نظمها الحزب في يونيو أزعجت إردوغان حيث نظمت من دون مشكلات وسط حماية من قوات الأمن، ورأى كيليتشدار أوغلو، في مقابلة تلفزيونية مساء الأربعاء الماضي، أن «مسيرة العدالة» فاقت المعتاد. وأضاف: «لقيت دعما من الجماهير لم أكن أنا نفسي أتوقعه لأن هذا البلد متعطش للعدالة».
ولمح إردوغان مرارا إلى أن زعيم كيليتشدار أوغلو قد يتعرض للتحقيق، بعد أن أثارت المسيرة قلقا بسبب ضخامة أعداد المشاركين فيها، وبعد أن قال كيليتشدار أوغلو إنها ستكون البداية لتجميع قوى المعارضة لإسقاط إردوغان في الانتخابات الرئاسية في 2019 بعد أن تمكن عبر الاستفتاء على تعديل الدستور في 16 أبريل (نيسان) 2017 من توسيع سلطاته.
في سياق متصل، أفرجت السلطات التركية عن 3 آلاف متهم جنائي، أغلبهم مدانون بالسرقة والقتل مع إخضاعهم للرقابة القضائية بموجب مرسوم جديد صادر عن الحكومة في إطار حالة الطوارئ.
وتهدف السلطات من خلال هذا المرسوم، إلى إفساح المجال داخل السجون بعد امتلائها بسبب آلاف الأشخاص الذين اعتقلوا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.


مقالات ذات صلة

التركي توبراك يعتزل بابتسامة بعد مسيرة حافلة في البوندسليغا

رياضة عالمية عمر توبراك (الشرق الأوسط)

التركي توبراك يعتزل بابتسامة بعد مسيرة حافلة في البوندسليغا

أعلن المدافع التركي عمر توبراك، الذي خاض أغلب مسيرته في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم، الخميس، اعتزال كرة القدم الاحترافية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

إردوغان تعليقاً على وفاة غولن المتهم بمحاولة انقلاب 2016: لاقى «ميتة مشينة»

قال الرئيس التركي إردوغان، الثلاثاء، عن وفاة الداعية الإسلامي المعارض المنفي فتح الله غولن، إنه لاقى «ميتة مشينة»، وإنه «شيطان على هيئة بشر».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا مجمع المحاكم  في إسطنبول (أ.ف.ب)

مطالبات بإلغاء قانون يستهدف الكلاب الضالة في تركيا

تقدم حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، بطلب إلى المحكمة الدستورية اليوم الخميس لإبطال قانون لحماية الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (أنقرة )
شؤون إقليمية لقاء أكشنار المفاجئ مع إردوغان في 5 يونيو الماضي فجر أزمة مع حليفها السابق كليتشدار أوغلو (الرئاسة التركية)

صدام حاد بين أكشنار وكليتشدار أوغلو على خلفية زيارتها لإردوغان

طغت على السطح السياسي في تركيا معارك بين الحلفاء السابقين في المعارضة دارت حول اتهامات بـ"الخيانة" لرئيسة حزب "الجيد" السابقة ميرال أكشنار.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة التركية تقتاد منفذ هجوم حديقة مسجد إسكي شهير إلى التحقيقات (إكس)

مخابرات تركيا تضبط خلية سيبرانية باعت معلومات لتنظيمات إرهابية

أعلنت المخابرات التركية عن تفكيك خلية تجسس سيبراني مؤلفة من 11 شخصاً استولت على بيانات شخصية لآلاف الأشخاص في تركيا وكثير من دول العالم، والقبض على أعضائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».