د. ياسر عبد العزيز
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أجرت «دويتشه فيله» حواراً مع كاتب هذه السطور، حين كان يُدرّب عدداً من الإعلاميين العرب في العاصمة القطرية الدوحة على قواعد العمل الصحافي الرشيد ومبادئه، وهو الحوار الذي تم نشره تحت العنوان التالي: «(الجزيرة) ذراع إخبارية لخدمة مصالح سياسية...
تتطور صناعة الإعلام في العالم العربي على صعد التقنية واتساع مساحات التغطية وتزايد معدلات التأثير بشكل مطرد، لكنها مع ذلك تبقى عاجزة عن تطوير الإطار التنظيمي والأخلاقي الذي يحكمها بالوتيرة ذاتها؛ وهو الأمر الذي ينعكس في أنماط أداء صحافية حادة، وتدخلات حكومية خشنة ومزعجة، ومظالم لأطراف قد لا تجد إنصافاً في مواجهة ممارسات مُسيئة. لقد سعى الإعلام العربي منذ عقود إلى الاقتداء بالمنظومات الإعلامية الغربية البارزة في تطوير عناصر الصناعة على مستوى «الكادر» والآلة، لكنه مع ذلك أخفق في مجاراة التطور القانوني والأخلاقي الذي شهدته تلك المنظومات عبر تراكم تجارب ودراسات أثمرت أنساقاً من الضبط، الذي يجتهد في
حين حاول المفكر الأميركي الشهير جوزيف ناي أن يصوغ العلاقة بين الإعلام والرأي العام في كتابه المهم: «القوة الناعمة: سبل النجاح في عالم السياسة الدولية»، الذي صدر في العام 2004.
لم يكن هذا الخلاف قد احتدم في الإعلام العربي حتى منتصف التسعينيات الفائتة، حين ظهرت هذه الفضائية الرائجة، ورمت أحجاراً كثيرة ثقالاً في مختلف البرك، وراحت تخلط التقنية المبهرة بالمهنية المصطنعة بالخط السياسي للممول، مازجة كل هذا بنمط محدد من التأويل الديني. برز الخلاف على استخدام لفظ «شهيد» في مقابل لفظ «قتيل» ضمن التغطيات الإخبارية مع صعود دور وسائل الإعلام العربية ذات نطاق التغطية والبث الإقليميين Pan Arab Media؛ إذ كمن هذا الخلاف لعقود في ظل توافق إعلامي بين الوسائط ذات الارتكاز الجغرافي المحلي مفاده: «نستخدم لفظ شهيد عند وصف قتلانا وقتلى حلفائنا، ولفظ قتيل لقتلى أعدائنا وغير المتحالفين معنا
في 30 أغسطس (آب) الماضي، حلت الذكرى الـ13 لرحيل الروائي المصري نجيب محفوظ؛ حيث تسابقت وسائل إعلام عدة على استعادة ملامح مهمة من حياته، أو استعراض أفكار وتصريحات أدلى بها خلال مسيرته الإبداعية المُشرقة. وفي هذا الإطار، أُعيد نشر حوار نادر أجرته الصحافية الفرنسية شارلوت الشبراوي مع الأديب الحاصل على جائزة نوبل، لمجلة «باريس ريفيو»، في عام 1992؛ وهو حوار بديع وحافل بالمفاجآت والآراء الجريئة، التي لم يعتد محفوظ على البوح بها علناً. من بين أكثر من عشر أفكار صالحة لإثارة الدهشة وتفجير الجدل ضمن هذا الحوار، تبرز فكرة مهمة يمكن من خلالها أن نبدأ نقاشاً جاداً حول قضية حرية الرأي والتعبير من جانب، واستح
لا يكاد يمرّ يوم من دون أن نسمع عن إعلامي ارتكب خطأ أثناء ممارسته عمله في إحدى وسائل الإعلام في منطقتنا والعالم، وهو أمر مفهوم بطبيعة الحال؛ إذ يعمل الإعلاميون ضمن إطار محددات وقيود صعب ومعقد، ولعل أخطر ما فيه أن جزءاً معتبراً من أدائهم يكون على الهواء مباشرة؛ وهو أمر يجعل الزلة أو الخطأ بمنزلة رصاصة إذا خرجت لا يمكنها أن تعود. يرتكب العاملون في أي مجال عمل كثيراً من الأخطاء؛ وهو أمر يمكن أن يقع فيه الساسة والقضاة والأطباء والمهندسون والجنود في ميدان المعركة، ولكن ما يجعل الأمر مختلفاً في المجال الإعلامي عاملان مهمان؛ أولهما أنّ القيود المفروضة كبيرة وخطيرة ومتعددة، وثانيهما أنّ الإعلام شأن جم
عاش الفيلسوف والمنظر الثّقافي الفرنسي جان بودريار بين العامين 1929 و2007، ومع ذلك فقد استطاع أن يصف بيئتنا الاتصالية الرّاهنة بأدق وصف ممكن، حين قال: «في هذا العالم تزداد المعلومات أكثر فأكثر... بينما يصبح المعنى الحقيقي أقل فأقل». خصص بودريار وقتاً كبيراً لإلقاء الضوء على أدوار التزييف والتشبيه والمحاكاة في سلب الواقع واقعيته، وبناء سياق مصطنع بديل، يعيش خلاله الناس مخدرين ومنومين... أسرى لاختلاقات تشبه الحقائق، لكنّها أبعد ما تكون عنها. يقول الفيلسوف: «ستضحى التشبيهات في المجتمع المعولم أشدّ مصداقية من الواقع ذاته...
يحفل تاريخ الإعلام العالمي بصحافيين خلطوا بين مواقفهم وآرائهم الشخصية من جانب، وبين التزاماتهم المهنية من جانب آخر، وبسبب هذا الخلط وقعت أحداث مؤسفة، وتم ارتكاب مخالفات، وأحياناً جرائم. يسود انطباع قوي بين أوساط الإعلاميين والصحافيين حول العالم، مفاده أن مهنتهم هي «مهنة الرأي»، حتى إن عدداً من نقابات الصحافيين في بلدان مختلفة يُسمي نفسه هكذا: «نقابة أصحاب الرأي»، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة وضبط. بالنسبة إلى الصحافة، فهي مهنة تجمع بين نمطين من أنماط الأداء: أولهما هو الخبر، وثانيهما هو الرأي، ومن الضروري أن يتم تقديم كل منهما بمعزل عن الآخر، ومن اللازم أن يتم إعلان طبيعة كل منهما عند التعامل مع ا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
