تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية القديمة، وتعيد تقديمها بصورة تدمج بين التراث والحاضر، جميعها مرسومة على ورق البردي.
وينطلق المعرض في إطار الاهتمام الدولي المتزايد بالتراث المصري ورموزه الحضارية، حيث نظّمته مؤسسة المنتدى الدولي للفن من أجل التنمية، بالتعاون مع منظمة اليونيسكو، ويستمر خلال الفترة من 1 إلى 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وعدّ مدير المتحف المصري بالتحرير، الدكتور علي عبد الحليم، المعرض يهدف إلى تسليط الضوء على نبات البردي بوصفه أحد أهم وأقدم رموز الهوية والحضارة المصرية القديمة، واستعراض الدور التاريخي الذي لعبه باعتباره مادة أساسية للكتابة والمعرفة، وكيف تحوّل في العصر الحديث إلى مصدر إلهام للفنون المعاصرة حول العالم.
وأكّد عبد الحليم «اعتزاز المتحف المصري باحتضان هذا الحدث الذي يجمع بين الفن والتراث في أعرق متاحف العالم»، وثمّن جهود الفنانين المشاركين الذين استلهموا الحضارة المصرية القديمة في أعمالهم.

وشارك في المعرض نحو 50 فناناً من أجيال مختلفة، بعضهم من المقيمين في مصر، قدّموا أعمالهم الفنية على ورق البردي. وعبّرت معظم الأعمال عن مشاهد ولقطات ورموز مرتبطة بالحضارة المصرية القديمة، أو الدمج بينها وبين الحياة المعاصرة.
وأكّدت الدكتورة نوريا سانز، مديرة المكتب الإقليمي لليونيسكو بمصر والسودان، اهتمام اليونيسكو بالبردي المصري، باعتباره جزءاً أصيلاً من التراث الإنساني، مشيرة إلى جهود المنظمة في دعم تسجيل عناصر التراث غير المادي المرتبطة به.
وحول فلسفة المعرض، قالت الفنانة رندا رؤوف، مؤسسة مبادرة الرسم على ورق البردي، إن «المبادرة تقوم على إعادة وصل الماضي بالحاضر، وإبراز مفهوم الاستدامة الحقيقية من خلال التراث والبيئة والفن».
وقدّمت الفنانة داليا البحيري، سفيرة المبادرة، كلمة سلّطت فيها الضوء على أهمية المعرض في إبراز الهوية المصرية عبر الفن، ودور المتحف المصري باعتباره رمزاً تاريخياً يحتضن هذا النوع من الفعاليات، التي تربط الجمهور بجذور الحضارة المصرية.

ويوضح الدكتور أشرف رضا، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، أن «هذا المعرض انطلق من مبادرة أطلقتها الفنانة رندا رؤوف بمؤسسة المنتدى الدولي للفن من أجل التنمية، لإحياء خامة ورق البردي بعد اندثارها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المبادرة انطلقت من عدة شهور، وتحدثت عن القيمة الحضارية لهذا الورق، باعتبار مصر من أوائل الشعوب التي استخدمته. ولا يصح أن نترك هذا السبق التاريخي أن يندثر، فدعت الفنانين لرسم أعمالهم على ورق البردي بدلاً من الورق العادي أو (الكانفاس) أو القماش الذي اعتادوا الرسم عليه».
ويمثل المعرض فرصة للجمهور والباحثين والفنانين للاطلاع على مجموعة مختارة من الأعمال الفنية الدولية التي تستلهم تاريخ البردي ودلالاته الحضارية، في قلب واحد من أهم المتاحف المصرية.

وشارك في المعرض مجموعة كبيرة من الشباب، وفق رضا، مؤكداً أن «كل فنان رسم بالطريقة التي اعتاد أن يرسم بها، سواء بطريقة تعبيرية أو تجريدية أو غيرها من الأساليب والمدارس الفنية، لكن المهم أن يقدم منتجه النهائي على ورق البردي».
و«تضيف إقامة هذا المعرض داخل المتحف المصري بعداً خاصاً للحدث، حيث يلتقي التاريخ العريق مع الإبداع المعاصر في تجربة فنية وثقافية متكاملة تعزز من مكانة مصر مركزاً عالمياً للفن والتراث»، وفق بيان المتحف.
ويلفت الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، إلى أن «اختيار المكان المناسب لعرض هذه الأعمال في المتحف المصري بالتحرير، يضمن نجاح المعرض في تقديم رسالته، فالفنانون كانوا سعداء جداً بعرض أعمالهم إلى جانب الآثار المصرية القديمة العظيمة، وأصبح المعرض كأنها يدمج أو يمزج بين الأعمال القديمة والمعاصرة».
وشارك رضا بلوحة «أبجدية التاريخ» على ورق البردي، وقال إن «الجميل في هذا المعرض أن صاحبة المبادرة تنتوي أن تخرج بهذا المعرض إلى خارج مصر، والسفر به لأكثر من دولة أوروبية، لتقدم الفنون المصرية المعاصرة على الخامة المصرية القديمة».

