يأخذ فصل الخريف من كلّ عام بلدة بعبدات الواقع في منطقة المتن اللبناني إلى وجهة فنّية، صارت بمثابة موعد دائم لدى اللبنانيين. فأوراقه الصفراء تتحوّل إلى نغمات محمّلة بمقطوعات موسيقية، يعزفها فنانون من لبنان وخارجه ضمن مهرجان «موسيقيات بعبدات».
في الدورة السابعة لهذا الحدث، التي تُقام تحت عنوان «أوتار الأمل»، تُنظَّم 7 حفلات، 6 منها في بعبدات (الكنيسة الجديدة)، وواحدة تستضيفها العاصمة. وابتداء من 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تنطلق فعاليات المهرجان وتستمر حتى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومن مبدأ تشجيع طلاب الموسيقى في لبنان ودعمهم، يفتتح المهرجان بأمسية موسيقية لبنانية بامتياز، يُشارك فيها طلاب من المعهد الوطني العالي للموسيقى، ويُحييها بعزف على البيانو بيتر شمعون، وإيلينا الخوري، وفارس عبد الله، وكريستيان عيسى، ورامي طنّوس.
ويشير مدير المهرجان سليمان قرباني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ خيارات العازفين في المهرجان تنبثق من مبدأ التواصل بالموسيقى. ويتابع: «نهدف دائماً إلى إقامة حوار ثقافي بين روّاد المهرجان والفنانين الذين يُحيونه، ولذلك نركن دائماً إلى خيارات تتنوَّع ما بين محلّية وخارجية. وهو ما يؤدّي إلى تواصل ثقافي جامع. فلبنان بلد منفتح على الجميع، ونرغب دائماً في التأكيد على التنوّع الذي يحتضنه».

تأسَّس مهرجان «موسيقيات بعبدات» عام 2017، وأخذ على عاتقه تقديم مواهب لبنانية وأخرى أجنبية، واختار فصل الخريف موعداً لحفلاته. وفي العامين المنصرمين اضطر إلى إيقاف حفلاته بسبب الحرب.
وعن الدورة السابعة لهذا العام، يوضح قرباني: «كنّا قد نسّقنا مع عازفين لإحياء نسخات سابقة، وجرى تأجيلها بسبب الحرب التي شهدها لبنان. لذلك أعدنا الاتصال بهم ليُشكّلوا نجوم المهرجان في هذه الدورة، وكانوا متحمّسين جداً للعودة».
في 20 أكتوبر، تحيي السوبرانو آنا الهاشم حفلاً غنائياً يرافقها خلاله عازف البيانو الألماني هولغر غروشوب. ويُشكّل هذا الحفل الأول من نوعه في بلدها الأم لبنان، فآنا روسية ألمانية لبنانية الأصل، وتُعد من أشهر مغنّيات الأوبرا في أوروبا. ويتضمَّن حفلها مقطوعة موسيقية لعازف البيانو اللبناني هتاف خوري، كما تحضّر معزوفات أوبرالية لموزار، ورخمانينوف، وروسيني.

أما العازفان التوأمان ساري وعيّاد خليفة، فيُقدّمان أمسية 25 أكتوبر من فعاليات المهرجان، ببرنامج مؤلَّف من مقطوعات موسيقية على آلتَي البيانو والتشيلو من تأليفهما، مُطعّمة بنفحات شرقية، إلى جانب مقطوعات معروفة لعازفين عالميين. ويُخصّصان لفتة تكريمية للموسيقي الراحل بوغوص جلاليان.
وفي 28 أكتوبر، يقدّم عازف البيانو الفرنسي ساشا مورين حفلاً موسيقياً يوصف بأنه من أبرز المواهب الشابة في فرنسا. وخلال الأمسية، يعبُر الحضور معه في حقبات موسيقية مختلفة تشمل باخ وموزار وشومان وشوبرت، فيستعيد الحاضرون شريطاً طويلاً من موسيقى «الباروك» والكلاسيكية والرومانسية، بما يبرز تطوّر الموسيقى من القرن السادس عشر حتى الثامن عشر.
وفي الأول من نوفمبر، ينقل المهرجان جمهوره إلى الأجواء البرازيلية في حفل يحييه الرباعي أرتور ساتيان، ليعيش معه محبّو هذا النوع لحظات تنقلهم إلى إيقاعات «السامبا» و«بوسا نوفا» وغيرهما.
وفي 7 منه، يقدّم الرباعي اللبناني ياريفان رحلة موسيقية أرمنية في كاتدرائية سان غريغوري في بيروت، وهو الحفل الوحيد الذي يُقام في العاصمة. يعزف خلاله الرباعي مقطوعات أرمنية شهيرة، حديثة وقديمة. ثم يعود الفريق نفسه في اليوم التالي، 8 نوفمبر، إلى بعبدات ليقدّم مقطوعات أجنبية ويختتم المهرجان.
تُقام الحفلات في الكنيسة الجديدة في بعبدات، ويحرص القائمون على المهرجان على تأمين المواصلات لمَن يرغب من خلال شركات نقل خاصة.







