145 مهرجاناً في موسم سينمائي حافل حتى نهاية العام

من «لوكارنو» و«البندقية» إلى «البحر الأحمر»... عروض أولى وتنافُس عربي على استقطاب الأفلام

المهرجانات لقاءات وحكايات (لوكارنو- أ.ب)
المهرجانات لقاءات وحكايات (لوكارنو- أ.ب)
TT

145 مهرجاناً في موسم سينمائي حافل حتى نهاية العام

المهرجانات لقاءات وحكايات (لوكارنو- أ.ب)
المهرجانات لقاءات وحكايات (لوكارنو- أ.ب)

عليك أن تكون مليونيراً حتى تستطيع إيفاء موسم المهرجانات حقّه من الحضور والاهتمام، منتقلاً من مهرجان إلى آخر لتُشبع نهمك من الأفلام الجديدة؛ كل زمرة منها معروضة فيما يُشبه سلسلة أعياد متوالية.عليك أيضاً أن تحتفظ بقائمة من الأفلام التي تُشاهدها تباعاً لئلا يختلط عليك الأمر في نهاية السنة، مُتسائلاً إذا ما شاهدت هذا الفيلم المعيّن في ذلك المهرجان أو في سواه. والأفضل طبعاً أن تجد الوقت لكتابة بضعة أسطر بعد كلّ مشاهدة لئلا يختلط عليك الأمر عندما تسترجع ما شاهدته وعلى أيّ شاشة.

عروض أولىحقيقة الأمر أنّ المدّة ما بين منتصف يوليو (تموز) الماضي وحتى نهاية السنة مليئة بالمهرجانات. ينتهي الواحد منها ليبدأ الآخر، وفي أحيان كثيرة تتقاطع، فإذا بأحدها يبدأ قبل نهاية المهرجان الذي قبله بأيام.لا نتحدّث عن المهرجانات الصغيرة، فهذه تتوالى بمعدل مهرجانين إلى ثلاثة كل يوم من أيام السنة، لكننا نتحدّث عن مهرجانات من وزن التشيكي «كارلوفي فاري»، والإسباني «سان سابستيان»، والسويسري «لوكارنو»، والإيطالي «البندقية»، والكندي «تورنتو»، والأسترالي «ملبورن»، عدا المهرجانات العربية التي تتكثَّف في الشهرين الأخيرين من السنة؛ وهي السعودي «البحر الأحمر»، المغربي «مراكش»، والمصريان «الجونة» و«القاهرة»، والتونسي «قرطاج». هذه جزءٌ من كلّ، فالعدد الكامل من المهرجانات التي تتوالى من نصف الشهر المذكور حتى نهاية السنة يبلغ 145 مهرجاناً.

السينما تجمع ما تفرّقه المسافات (مهرجان البندقية)

قد تتساءل إذا ما كان هناك كمّ كافٍ من الأفلام لتغطي كل هذه المهرجانات. والجواب نعم. على سبيل المثال، يعرض مهرجان «لوكارنو» أكثر من 20 فيلماً عرضاً أول، ويعرض «البندقية» نحو 30 فيلماً عرضاً أول داخل المسابقة الرئيسية وخارجها، أما «تورنتو» فلديه هذا العام 18 فيلماً لم يسبق عرضها.الباقي لا بأس إذا ما استعارته المهرجانات بعضها من البعض الآخر؛ من دون أن يعني ذلك أنّ ما يعرضه مهرجان «لندن» مثلاً أو «ملبورن» قائم فقط على أفلام التبادُل. كلاهما سبق وتخصص –كما «تورنتو»– بعرض الأفلام التي سبق عرضها في المهرجانات التي سبقت كلّ واحد منهما. حينها (حتى التسعينات)، كانت تُعرف بـ«مهرجان المهرجانات»، وهي تسمية مناسبة لمهرجان لا يجذب ما يكفي من العروض العالمية الأولى، ويختار، بديلاً، عرضَ أهم ما سبق لمهرجانات أخرى توفيره.

كل مهرجان... نافذة جديدة على العالم (مهرجان تورنتو)

من مهرجان إلى آخريقع مهرجان «لوكارنو» في مطلع هذا الموسم. الدورة الحالية، التي انطلقت في 6 أغسطس (آب) الحالي، وتنتهي في 16 منه، تتمتّع بحضور خاص، لكونه بات منذ سنوات أحد أهم المهرجانات الأوروبية. ولكونه الاختيار الأول لأفلام المخرجين الجدد (أول أو ثاني عمل) يجعله متميّزاً عن سواه. وقد حشد هذا العام 15 فيلماً في المسابقة و22 فيلماً خارجها.المهرجان الكبير أيضاً، ذو التاريخ العريق، هو «ملبورن الدولي» الذي بدأ في 7 الحالي وينتهي في 24 منه؛ إلى جانب مهرجان «سيدني» الذي يُقام في الشهر السادس من كلّ عام. المهرجانان عريقا الحضور، ولو أنّ الإقبال العالمي عليهما ينحصر غالباً في المنطقة الجغرافية القريبة وبمن يُدعَى من المخرجين المُشاركين.أما زِينة الصيف، فهو مهرجان «البندقية» بلا ريب، المُنافس الأول لمهرجان «كان»، الذي كثيراً ما يعرض أفلاماً في المسابقة هي –إلى جانب أنها عروض أولى عالمياً– من أفضل ما يمكن للناشط والهاوي مشاهدته. ينطلق في دورته الـ82 في 27 أغسطس الحالي، ويستمرّ حتى 9 سبتمبر (أيلول) المقبل.خلال أسبوعه الأول، ينطلق مهرجان «تورنتو» الذي لا يزال بوابة العروض الأولى في أميركا الشمالية. بعض أفلام «البندقية» تطير إلى هناك، لكن المهرجان الكندي لديه كثير من أفلام تقصده أولاً.بعد أيام من انتهائه، يمكن أن تستقل الطائرة وتعود إلى أوروبا، حيث مهرجانات «سان سابستيان»، و«هلسنكي»، و«براغ»، و«زيورخ» من بين ما يحتشد في الشهر المقبل.

موسم الأفلام لا ينام (لوكارنو- إ.ب.أ)

اتجاهاتلك أن تقصد آسيا لحضور مهرجان «بوسان» في كوريا الجنوبية، أو تجتاز الحدود الكندية نحو الولايات المتحدة لتتابع مهرجانات في «سان دييغو» و«نيويورك» (مهرجانان). أما إذا كانت الرغبة مشاهدة أفلام أميركية حديثة في أوروبا، فعليك بمهرجان «دوفيل» الفرنسي الذي بات أكثر من مجرّد عرض للأفلام الهوليوودية الجديدة.الحال ذاتها في أيّ اتجاه تختاره خلال الأشهر التالية حتى نهاية السنة، مع العلم أنّ البارز من بين 52 مهرجاناً تُقام في أكتوبر (تشرين الأول)، يمتد «ريو دي جانيرو» في البرازيل (ممتاز بسبب تشكيلته من الأفلام اللاتينية) ما بين 2 و12 من الشهر. مهرجان «لندن» السينمائي (8-19) بات علامة مهمة بعد عقود من النشاط المستمرّ. في إسبانيا، هناك مهرجان «سيتجيس» (9-19)، وهو المقصد العالمي الأول لسينما الفانتازيا والخيال العلمي والرعب. يتبعه عن كثب مهرجانات «وورسو» (بولندا: 10-19)، و«الجونة» (مصر: 16-24)، و«فيينا» (النمسا: 16-28)ـ و«طوكيو» (27 أكتوبر حتى 5 نوفمبر/ تشرين الثاني).

منافسة عربيةعربياً، وبعد مهرجان «الجونة»، ينطلق مهرجان «القاهرة» من 12 إلى 21 نوفمبر، وبعد انتهائه، يبدأ مهرجان «الدوحة» من 20 إلى 28 منه. في يوم ختامه، ينطلق مهرجان «مراكش» حتى 6 ديسمبر (كانون الأول)، أي بعد يومين من إطلاق الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر» في مدينة جدة، الذي يستمر 9 أيام من 4 إلى 13 الشهر الأخير من السنة.ختاماً لهذه المهرجانات العربية، هناك أيام «قرطاج» السينمائية في تونس السنوي، التي تبدأ دورتها الجديدة في 13 ديسمبر حتى 20 منه.هذا الحشد من مهرجانات السينما في بلاد العرب لطالما اختار هذا الجزء من السنة لإقامته. يعود ذلك لسبب وجيه، وهو أن نهاية العام تثمر عن انتهاء عدد من المخرجين العرب من أفلامهم. كذلك تتيح المهرجانات العربية لنفسها الاستزادة مما عُرض عالمياً في المهرجانات الأخرى، خصوصاً «البندقية».هذا الاحتشاد العربي في الشهرين الأخيرين من العام يُضاعف التنافس على استقبال الأفلام العربية. مباراة كبيرة خلف الكواليس لاستقطاب الأفلام العربية الجديدة لتُشارك في المسابقة أو تُعرض خارجها. وكثيراً ما شكا بعض هذه المهرجانات من أنه لا يجد ما يكفي من أفلام لعرضها، لكونها تفضّل الذهاب إلى المهرجان الآخر.


مقالات ذات صلة

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

يوميات الشرق الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

ترى المخرجة أن مهنة التمريض رغم اعتمادها على النساء فإنها لا تمنحهن التقدير المستحق، ولذلك تسعى إلى إبراز هذا التناقض والاعتراف بقيمة جهودهن الحقيقية.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.