«فات الميعاد»... دراما حول الخضوع باسم الحب والواجب العائلي

المسلسل بطولة أسماء أبو اليزيد وأحمد مجدي

أحمد مجدي وأسماء أبو اليزيد في مسلسل «فات الميعاد» (الشركة المنتجة)
أحمد مجدي وأسماء أبو اليزيد في مسلسل «فات الميعاد» (الشركة المنتجة)
TT

«فات الميعاد»... دراما حول الخضوع باسم الحب والواجب العائلي

أحمد مجدي وأسماء أبو اليزيد في مسلسل «فات الميعاد» (الشركة المنتجة)
أحمد مجدي وأسماء أبو اليزيد في مسلسل «فات الميعاد» (الشركة المنتجة)

بشارة درامية غير تقليدية، تجسدت في صوت «كوكب الشرق» أم كلثوم، وهي تلقي كلمات أغنيتها «فات الميعاد» كمن يلقي حكماً نهائياً لا رجعة فيه، تبدأ حلقات المسلسل الدرامي الاجتماعي الذي انطلق عرضه، أخيراً، على الشاشات، حاملاً اسم الأغنية الشهيرة، لكن على عكس ما قد يُفهم من السياق العاطفي للأغنية، لا يحكي العمل عن نهاية قصة حب، بل عن بدايات متعثرة لعلاقات تبدو مستقرة من الخارج، لكنها تتآكل بصمت في الداخل.

المسلسل من بطولة أسماء أبو اليزيد، وأحمد مجدي، ومحمد علي رزق، وأحمد صفوت، وهاجر عفيفي، ومحمد أبو داود، وتأليف عاطف ناشد، وإسلام أدهم، وناصر عبد الحميد، وإخراج سعد هنداوي، من إنتاج شركة «سكوير ميديا» للمنتج إبراهيم حمودة، ورغم أن العمل يدور في إطار اجتماعي، فإنه لا يعتمد على الاستعطاف، بل يعرض واقعاً ثقيلاً كما هو، بلا رتوش ولا تجميل.

ويذكر أن قلب الحكاية هو «بسمة» التي تجسد شخصيتها أسماء أبو اليزيد، امرأة شابة تجد نفسها وسط بيت عائلة، لا كضيفة ولا شريكة، بل ككائن قابل للتطويع، زوجها «مسعد» يقوم بدوره أحمد مجدي ورث موقع الأب في الأسرة بعد وفاته، دون أن يرث حكمته أو سلطته، فأصبح يمارس على زوجته سلطة لا تشبهه. حبه لها مشروط بالبقاء تحت السيطرة، وتحت مظلة أمه «عبلة» (سلوى محمد علي) التي تدير البيت بسلطة الأم العاطفية، عبر الشعور بالذنب والواجب والتضحية.

مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

هذه السيطرة تمتد لما هو أبعد من الزواج، إلى علاقة «مسعد» بأخيه الأصغر «عبد المنعم»، ويجسده محمد علي رزق، الابن المدلل الفاشل، الذي يدفع أخاه لسرقة زوجته فقط ليخرجه من السجن، كل شيء مبرر داخل هذا البيت، ما دامت «عبلة» تقرّه، وما دام الشقيق الأكبر مطالباً دائماً بالستر، ولو على حساب من يحب.

في جانب آخر، تعيش «سارة» وتقوم بدورها ولاء الشريف صراعاً من نوع مختلف مع زوجها «معتصم» الذي يجسده أحمد صفوت، ويواجهان مشكلة تأخر الإنجاب، لكن الضغط يقع كله على كتفيها وحدها، «الأب» محمد أبو داود لا يرى في الأزمة مشكلة مشتركة، بل فرصة لتزويج ابنه من أخرى وإنجاب الحفيد. ورغم تمسك «معتصم» بزوجته، فإنه يمارس عليها ضغطاً باسم الحب، دون أن يمنحها حماية حقيقية.

ويقول مخرج المسلسل سعد هنداوي إن اختيار اسم «فات الميعاد» لم يكن اختزالًا لرغبة في استحضار تراث، بل لأن هناك صلة مباشرة بين مضمون الأغنية والدراما، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الشارة لم تُستخدم كخلفية فقط، بل كامتداد عاطفي لما ستكشف عنه الحلقات، خصوصاً مع تقدم الأحداث وتشابك العلاقات».

وأوضح أن «اقتراح استخدام التتر جاء من المنتج الذي رأى أن صوت أم كلثوم يمكن أن يمنح المسلسل بعداً وجدانياً خاصاً، وهو ما اقتنعت به، خصوصاً أن العمل من البداية يحمل نفس اسم الأغنية، ورغم التكلفة المالية للحصول على الحقوق وغيرها من الأمور الإجرائية فإنهم تمكنوا بالفعل من تجاوزها».

وأشار هنداوي إلى أن «كل شخصية خضعت لتحضير دقيق، ليس فقط من حيث الحوار أو التصرفات، بل من جانب فهم خلفياتها النفسية والتاريخية»، مؤكداً أن الوقت الذي استغرقه التحضير انعكس على صدق الأداء، سواء من أبطال العمل أم ضيوف الشرف الذين عد مشاركتهم إضافة حقيقية، على حد تعبيره.

وأشار الناقد محمد عبد الرحمن إلى أهمية الطرح الاجتماعي الواضح في الأحداث، مشيداً بالبطولة الجماعية التي لا تركز على نجم واحد، بل على شبكة متكاملة من العلاقات، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعجبتني جرأة العمل في تناول قضية تعنيف المرأة، ليس فقط جسدياً أو لفظياً، بل نفسياً وعاطفياً، وهو النوع الأقل تمثيلاً على الشاشة».

مسلسل «فات الميعاد» يدور في إطار اجتماعي (الشركة المنتجة)

وهناك رأي يدعمه الناقد محمد عبد الخالق الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن القصة، وإن بدت مألوفة في خطوطها العامة، خصوصاً فيما يتعلق بالخلافات المادية بين الأزواج وتداخل الذمم المالية، إلا أن العمل قدمها بشكل نفسي غير تقليدي، مفعم بالتقلبات والمفارقات الإنسانية».

وأشار إلى التوازن الظاهر في العلاقة بين أحمد مجدي وأسماء أبو اليزيد، معرباً عن أمله أن يحتفظ المسلسل بنفس الإيقاع الذي بدأ به.


مقالات ذات صلة

ظهور محمود الخطيب في مسلسل درامي يشغل مواقع التواصل في مصر

يوميات الشرق محمود الخطيب يتوسط محمد فراج والمنتج أحمد الجنايني والمخرج وليد الحلفاوي وخالد كمال (منصة نتفليكس)

ظهور محمود الخطيب في مسلسل درامي يشغل مواقع التواصل في مصر

أثار ظهور الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، في مشهد درامي بمسلسل «كتالوج» الذي بدأ عرضه اليوم عبر منصة «نتفليكس» تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق من مسلسل «الخطيئة الأخيرة» في دور الشرير (إنستغرام الفنان)

طارق تميم... من الكوميديا إلى أدوار الشرّ والتحدّي مستمر

طارق تميم يُجسّد تحولاً لافتاً في مسيرته الفنية، منتقلاً من الكوميديا إلى أدوار الشرّ باحتراف، مع حفاظه على شغفه العميق بالمسرح.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق سلوى محمد علي تؤكد حبها لدور «عبلة» في «فات الميعاد» (إنستغرام)

سلوى محمد علي لـ«الشرق الأوسط»: التمثيل يعالجني نفسياً

قالت الفنانة المصرية سلوى محمد علي إنها تعاطفت مع شخصية الحماة «عبلة» التي أدتها في مسلسل «فات الميعاد».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق شروق وزيزي مصطفى في لقطة من مسلسل «راجل وست ستات» (يوتيوب)

وفاة الفنانة المصرية شروق عن عمر ناهز 73 عاماً

غيّب الموت الفنانة المصرية شروق عن عمر ناهز الـ73عاماً، وتم تشييع جثمانها من مسجد «السيدة نفيسة»، بالقاهرة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق كريم محمود عبد العزيز في شخصية «الأمير شمس الدين» بالمسلسل (الشركة المنتجة)

نهاية «مملكة الحرير» تفتح الباب لاستعادة وهج الدراما الخيالية بمصر

دارت أحداث مسلسل «مملكة الحرير» في إطار من الخيال والفانتازيا، وفي زمان ومكان غير محدَّدَيْن، مُنطلقة من حادث اغتيال الملك «نور الدين الثاني» وزوجته.

انتصار دردير (القاهرة)

أخلاقيات قياس الرأي العام وشعبية الرموز السياسية في كتاب جديد

قياس الرأي العام باستطلاعات الرأي العلمية (الشرق الأوسط)
قياس الرأي العام باستطلاعات الرأي العلمية (الشرق الأوسط)
TT

أخلاقيات قياس الرأي العام وشعبية الرموز السياسية في كتاب جديد

قياس الرأي العام باستطلاعات الرأي العلمية (الشرق الأوسط)
قياس الرأي العام باستطلاعات الرأي العلمية (الشرق الأوسط)

قليلة هي الكتب والدراسات التي تتناول طريقة قياس الرأي العام بشكل منهجي علمي منضبط وفق معايير محددة، ومعطيات تفضي إلى مؤشرات تطمح لتحري الدقة، وتُشير إلى ظواهر حية، وأحياناً إلى تقييمات شعبية للأوضاع والرموز السياسية.

هذا ما يُقدمه كتاب جديد صدر، أخيراً، عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي، تحت عنوان «قياس الرأي العام... بصيرة المجتمعات وصنّاع السياسات» من تأليف الدكتور ماجد عثمان، وزير الاتصالات المصري الأسبق، الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، والدكتورة حنان جرجس، نائب الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة).

يتناول الكتاب المنهجيات الإحصائية المرتبطة بقياس الرأي العام، والاعتبارات العملية لاستطلاعات الرأي العام، والمواءمات التي تنطلق من صعوبة تطبيق المنهجية الإحصائية بحذافيرها في بعض المواقف على أرض الواقع.

عبر 12 فصلاً، يتناول المؤلفان استطلاعات الرأي العام منذ بداية تعريف المصطلح، وما ينبني عليه من اعتبارات عملية في الشارع وسبل توظيفه للتعريف بالتفضيلات المجتمعية، كما يتطرّق إلى مراحل تطور وسائل القياس أو الاستطلاعات، ومجالات استخدامها في المؤسسات العامة ودوائر صنع القرار.

ويؤكد الكتاب أنه يربط بين الدراسة أو المنهجية النظرية، والخبرة العملية، من خلال تقديم دراسات واستطلاعات للرأي العام في مصر وعدد من الدول العربية على مدى سنوات، مع تأكيد تقاطع المنهج الإحصائي أو علم الإحصاء الذي تستند إليه قياسات الرأي العام مع فروع معرفية أخرى، مثل العلوم السياسية والإعلام وعلم الاجتماع وعلم النفس.

ويسعى الكتاب إلى تبسيط التناول الإحصائي لاستطلاعات الرأي بعيداً عن التناول الرياضي المتقدم للأدوات الإحصائية، مع الإشارة إلى إحالات يمكن للقارئ المتخصص الرجوع إليها.

وتكمن أهمية الكتاب، إلى جانب موضوعه الحيوي والثري، في الخبرة الممتدة التي يمتلكها مؤلفه الأول الدكتور ماجد عثمان، أستاذ الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي شغل عدة مناصب مهمة في مجال تخصصه، منها توليه إدارة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء المصري بين عامي (2005-2011)، والذي يُعدّ من الأدوات الرئيسية في صنع السياسات واتخاذ القرارات، كما أسس مؤسسة مستقلة لقياس الرأي العام، وإجراء استطلاعات الرأي بطريقة معيارية، وهو مركز «بصيرة» الذي يتولى رئاسته، إلى جانب توليه منصب الرئيس غير التنفيذي لمجلس إدارة شركة «المصرية للاتصالات»، ومدير المركز الديموغرافي بالقاهرة عام 2004، وهو حاصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2024.

في حين تُعدّ المؤلفة الثانية للكتاب، الدكتورة حنان جرجس، من الخبراء البارزين محلياً وإقليمياً في مجالات الإحصاء والديموغرافيا وقياسات الرأي العام والبحوث الكمية، وقد تم تعيينها عضواً بالمجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر عام 2024، وهي الشريك المؤسس ونائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «بصيرة».

وقد امتدت أبحاث ودراسات «بصيرة» لتغطي دولاً كثيرة في الوطن العربي، من بينها إجراء دراسات في الإمارات والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والأردن وتونس والمغرب.

ويحيلنا الكتاب إلى الصعوبات التي تواجه قياس الرأي العام في بعض البيئات السياسية التي تستشعر عدم الارتياح لاستطلاعات الرأي، تحسباً لنتائج غير مواتية تكشف مواطن خلل في برامج يجرى تنفيذها، أو تُشير إلى عدم رضا عن سياسات يتم تبنيها أو تعكس تراجعاً في شعبية الرموز السياسية، الأمر الذي يُشكل ضغوطاً ترى بعض الأنظمة السياسية أنها في غنى عنها، وفق ما ورد في مقدمة الكتاب.

ويتناول المؤلفان الاعتبارات الأخلاقية والقانونية لإجراء استطلاعات الرأي العام، مؤكدين أن الاستطلاعات ليست مجرد عملية جمع بيانات، ولكنها تخضع لاعتبارات أخلاقية وقانونية صارمة لضمان حماية المشاركين في الاستطلاع من جانب، ودقة النتائج من جانب آخر.

وتتمثل الاعتبارات الأخلاقية في ضمان سلامة المستجيب، بحيث لا يترتب على إدلائه برأيه ضرر مباشر أو غير مباشر، وضمان خصوصية المستجيب، لأن الهدف من الاستطلاع التعرف على اتجاهات الرأي العام ككل، وليس كل شخص على حدة، وكذلك ضمان حق المستجيب في معرفة الهدف من الاستطلاع والجهة الممولة له، وكيف سيتم استخدام النتائج. ومن الاعتبارات الأخلاقية أيضاً القواعد الواردة في مدونات السلوك المهني والأخلاقي للعاملين في مجال استطلاعات الرأي العام.

ويتضمن الكتاب عدداً من القوانين والنصوص الدستورية التي تنظم مسألة قياس الرأي العام، وتؤكد حرية التعبير، وتنظم أيضاً مسألة التعداد والإحصاء، ليقدم للقارئ العام ما يمكن اعتباره «مانفيستو» متكامل الأركان لقياس الرأي العام عبر الاستطلاعات العلمية والمنهجية المنضبطة التي تُغذي بصيرة المجتمعات، وترسم خريطة طريق أمام صناع السياسات.