8 فنانين يُعيدون تشكيل المشهد الاستشفائي في بيروت

الخريطة الوريدية والستارة والصوت أدوات تأمُّل ترافق رحلة العلاج

عمل زينة وريّا بدران يتجاوز الجماليات البصرية ليلامس مشاعر المرضى (المُلحقة الإعلامية)
عمل زينة وريّا بدران يتجاوز الجماليات البصرية ليلامس مشاعر المرضى (المُلحقة الإعلامية)
TT

8 فنانين يُعيدون تشكيل المشهد الاستشفائي في بيروت

عمل زينة وريّا بدران يتجاوز الجماليات البصرية ليلامس مشاعر المرضى (المُلحقة الإعلامية)
عمل زينة وريّا بدران يتجاوز الجماليات البصرية ليلامس مشاعر المرضى (المُلحقة الإعلامية)

داخل أروقة المركز الطبّي في الجامعة الأميركية ببيروت، حيث تتقاطع النظرات القلقة بأصوات الأجهزة، تنفتح فجوة غير متوقّعة: الفنّ. مشروعٌ أطلقته منصة مؤقتة للفن (TAP) عام 2017 بعنوان «مشروع شفاء عام»، جاء ثمرة لسلسلة من التدخّلات الفنية المُكلَّفة في مواقع محدّدة داخل المستشفى، ودعوة لتأمّل العلاقة بين الجسد المريض والمكان.

8 فنانات وفنانين معاصرين استُدعوا إلى مقاربة الفضاء الطبّي من زاوية مختلفة، تحت إشراف القيّمة أماندا أبي خليل والقيّمة المُشاركة نور عسيران. فقد دُعوا إلى تأمُّل المركز الطبّي بوصفه «لا مكاناً»، أو - كما وصفه الأنثروبولوجي والباحث الفرنسي مارك أوجيه - فضاءٌ يعبره الناس من دون أن تنشأ فيه علاقات اجتماعية أو إحساس بالانتماء. هنا، حيث يغيب الاستقرار وتُعلَّق الحياة، أراد الفنّ أن يعيد تكوين شعور ما بالحضور.

تمزج كاثرين كاتاروزا بين الخريطة الوريدية للجسم البشري وخريطة بيروت (المُلحقة الإعلامية)

الفنانون تمارا السامرائي، وكاثرين كاتاروزا، وحاتم إمام، ولارا تابت، ونديم مشالوي وشريف صحناوي، وزينة بدران وابنتها ريا، استجابوا لهذا التحدّي بتقديم أعمال تأمّلية تبحث في الأصوات والأجساد والوجوه، وفي المادّة العضوية والبشرية التي تُشكّل هذا الفضاء.

من خلال إدماج الأعمال الفنّية ضمن البنية الحديثة للمركز، يُكرّس هذا المشروع المستشفى بوصفه موقعاً للتفاعل البحثي بين الفنّ والمجال الطبّي، ويفتح مساحات جديدة للتعاون بين الفنانين والعاملين في الرعاية الصحية. كما يمنح المرضى والزوار تجربة فنّية تفاعلية في بيئة أُنتجت خصيصاً لاستقبال هذا النوع من التعبير.

من بين الأعمال المعروضة، يبرز فيلم الفنانة زينة أبو الحسن (10 دقائق) بوصفه نقطة تلاقي بين التجربة الشخصية لرعاية المرضى وبين الجمهور العام، إذ يُضيء على العملية الإبداعية الكامنة خلف بعض الأعمال، موسِّعاً بذلك نطاق تأثيرها.

أما الفنان البصري ومصمّم الغرافيك اللبناني حاتم إمام، فابتكر منحوتة مُتحرّكة تُرافق المرضى في غرف الجراحة اليومية؛ صُمِّمت لتُحاكي حالة الانتظار التي تسبق العمل الجراحي. تتألّف القطعة من هيكل مقعّر من البليكسي محفور عليه مشهد طبيعي، ومُثبّت على قاعدة معدنية مضاءة من الداخل بأضواء «ليد». تُوضع المنحوتة قرب سرير المريض، لتوفّر له مشهداً بصرياً يُضفي طمأنينة، ويأخذه في رحلة تخيّلية تتجاوز حدود الغرفة الباردة.

حاتم إمام ابتكر منحوتة مُتحرّكة تُرافق المرضى في غرف الجراحة (المُلحقة الإعلامية)

في عملها التركيبي، تمزج الفنانة البصرية والمصوّرة الفوتوغرافية الفرنسية كاثرين كاتاروزا بين الخريطة الوريدية للجسم البشري وخريطة مدينة بيروت، مستخدمةً خامات دقيقة مثل الرصاص والخيط الأحمر والسلك النحاسي. عملها استكشاف داخلي للجسد، حيث التفرُّد والاختلاف، لكنه يخرج إلى العلن عبر التمثيل البصري، مُستلهماً من تقنيات رسم الخرائط.

تمزج كاثرين كاتاروزا بين الخريطة الوريدية للجسم البشري وخريطة بيروت (المُلحقة الإعلامية)

بدورها، تقدّم الطبيبة والفنانة لارا تابت عملاً يربط بين البنية الجينية لـ3 أفراد وارتباطهم بـ3 مراحل في تاريخ المركز الطبي: ما قبل التشييد، في أثناء البناء، وما بعد الافتتاح. من خلال الحمض النووي بكونه عنصراً جوهرياً في تكوين الهوية، تبني تركيباً ضوئياً ينبض بالحياة، في محاولة لإدخال مفهوم الهوية الفردية إلى الفضاء العلاجي.

تحاول لارا تابت إدخال مفهوم الهوية الفردية إلى الفضاء العلاجي (المُلحقة الإعلامية)

أما الفنانة التشكيلية والرسامة الكويتية تمارا السامرائي، فاستوحت عملها من الصور البصرية للبطاقات البريدية، من شواطئ وجبال ومواقع سياحية، وحوّلتها إلى لوحات مائية صغيرة تُطبع لاحقاً على الستائر المحيطة بأسرَّة العلاج الكيميائي. بهذا، تتحوّل 4 وحدات علاجية إلى حجرات حالمة تُتيح للمرضى مساحة للانفصال المؤقت عن الجسد المُثقل بالعلاج.

تمارا السامرائي تُتيح مساحة للانفصال المؤقت عن الجسد المُثقل بالعلاج (المُلحقة الإعلامية)

في بُعدٍ سمعي مختلف، انشغل المؤلّف الموسيقي نديم مشالوي وعازف الغيتار الارتجالي شريف صحناوي بأصوات المركز الطبي: من همس الأجهزة إلى الأصداء المحيطة. سجَّلا أصواتاً من مواقع متعدّدة داخل المستشفى، وأعادا تركيبها لإنتاج نغمتَيْن جديدتَيْن، بالإضافة إلى لحن انتظار هاتفي، ونبضة صوتية قصيرة تُستخدم في المصاعد. الأصوات الجديدة لا تكتفي بوظيفتها، وإنما تُعيد تأويل العلاقة بين الإنسان والآلة.

أصوات نديم مشالوي وشريف صحناوي تُعيد تأويل العلاقة بين الإنسان والآلة (المُلحقة الإعلامية)

ومن ضمن المشاركين أيضاً، الفنانة زينة بدران وابنتها ريا، في عمل مشترك يجمع بين تجربة الأمّ الرسامة والمتخصّصة بالطباعة، صاحبة الخلفية العلمية؛ وتجربة الابنة، الكاتبة. في حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُعبّر زينة عن صلتها العميقة بالمكان، إذ عاشت 30 عاماً قرب الجامعة الأميركية. ورغم حذرها من التعاون مع ابنتها في عمل فنّي واحد لانفصال مسارَيْهما وعدم تدخّل إحداهما بالأخرى، شعرت بأنّ هذا المشروع جمعهما في نقطة تلاقٍ واحدة.

ترى زينة وريّا بدران في الفنّ العام مساحة لإرسال رسائل إلى المجتمع (المُلحقة الإعلامية)

ترى زينة بدران في الفنّ العام مساحة لإرسال رسائل إلى المجتمع وتعزيز الحسّ المدني، بينما يبقى الفنّ الحميمي أكثر ارتباطاً بالتجربة الذاتية للفنان. عملهما المُشترك يتّخذ شكل لوحة متعددة الوسائط تُحاكي خلايا الإنسان، وتضمّ تفاصيل وتركيبات كيميائية مُستلهمة من تخصص العلمي، مصحوباً بقطعة صوتية أنجزتها ريا، ناتجة عن مقابلات أجرتها مع موظّفي المستشفى حول تفاعلاتهم الطبّية والإنسانية.

تدرك زينة بدران أن للفنّ دوراً في التخفيف من التوتّر والقلق والإحباط، وأنّ لهذه الأعمال تأثيراً يتجاوز الجماليات البصرية، لتلامس مشاعر المرضى وتُعيد بناء شعورهم بالانتماء. فكما تقول، الهدف هو تخفيف العزلة الاجتماعية وتحسين نتائج الصحة من خلال استحضار الإبداع داخل فضاء الاستشفاء.

هكذا، يتقاطع الفنّ مع الطبّ، من موقع الضرورة، مثل نافذة ضوء في قلب التجربة، وصوت داخلي يقول للمريض بهدوء: «لستَ وحدك».


مقالات ذات صلة

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

يوميات الشرق لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

المعرض يهدف إلى تعزيز الوعي بالهوية المصرية وبقيمة المتاحف، ويقدّم أعمالاً متنوعة تمزج بين السخرية والطرح الإنساني لإيصال رسائل ثقافية وفنية قريبة من الجمهور.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وجه مرسوم على ورق هندي مصنوع من القطن (الشرق الأوسط)

«تاريخ الورق»... معرض مصري لسبر أغوار الذاكرة الإنسانية

لا يتعامل الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا مع الورق باعتباره وسيطاً فنياً فحسب، بل يقدّمه على أنه مركز تاريخي يمكن عبره إعادة النظر إلى رحلة الإنسان نفسه.

منى أبو النصر (القاهرة )

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.


من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».