​آلاء عبد النبي: «ذكرياتك عني كفاية؟» غيّر طريقة تعاملي مع أعمالي

الفنانة الليبية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» عن تجربتها في «421 للفنون»

الفنانة آلاء عبد النبي تتحدث لزائرين عن بعض أعمالها في المعرض (421 للفنون)
الفنانة آلاء عبد النبي تتحدث لزائرين عن بعض أعمالها في المعرض (421 للفنون)
TT

​آلاء عبد النبي: «ذكرياتك عني كفاية؟» غيّر طريقة تعاملي مع أعمالي

الفنانة آلاء عبد النبي تتحدث لزائرين عن بعض أعمالها في المعرض (421 للفنون)
الفنانة آلاء عبد النبي تتحدث لزائرين عن بعض أعمالها في المعرض (421 للفنون)

لا تخفي الفنانة الليبية - البريطانية آلاء عبد النبي سعادتها بما حققه معرضها الفردي الأول، الذي نظّمه لها «مجمع 421 للفنون» في أبوظبي بموسمه الشتوي لعام 2025، والذي تقدم من خلاله مجموعة أعمال تستكشف مفهوم المحاكاة أو "التشابه الزائف" من منظور نقدي، وانطلق في 22 يناير (كانون الثاني) ومستمر حتى 30 أيار (مايو) الماضيين.

عبد النبي واحدة من الفنانات والفنانين الذين نالوا نصيباً من «421 للفنون»، الذي يعد منصة في أبوظبي مستقلة مخصصة لدعم الممارسات الإبداعية الناشئة، إذ خصّها هذا العام بأول معرض فردي لها بعنوان «ذكرياتك عني كفاية؟».

الفنانة آلاء عبد النبي (421 للفنون)

وتحدثت إلى «الشرق الأوسط» عن تجربتيها في أبوظبي: انضمامها إلى برنامج التطوير الفني لـ«421 للفنون»، ومعرضها الفردي الأول، وقالت: «كان (برنامج 421) تجربة محورية بالنسبة لي، إذ أتاح لي فرصة لتطوير ممارستي الفنية ضمن بيئة حوارية مع فنانين آخرين وموجهين. أما العمل على معرض فردي فغيّر الطريقة التي أتعامل بها مع أعمالي. من أهم الدروس التي استخلصتها كان إدراك كيفية تفاعل مجموعات الأعمال المختلفة بعضها عن بعض، سواء على المستوى المفاهيمي أو المكاني. لقد أضاف ذلك طبقات من التعقيد إلى العمل بطريقة وجدتها مثيرة، مما أتاح آفاقاً أوسع للاستكشاف».

طابع مفاهيمي

الخلفية التعليمية لعبد النبي ليست فنية تماماً، إذ درست تخصصاً في التصميم المتعدد التخصصات، الذي يركز على تصميم الصور المتحركة، والتصميم المكاني والتجريبي، والتركيبات الفنية، وتقول: «منذ ذلك الحين، أصبحت ممارستي الفنية لا تقتصر فقط على كيفية وجود الأشياء بذاتها، بل تمتد إلى كيفية تفاعلها مع الفضاء المحيط، سواء كان ذلك داخل قاعة عرض بيضاء أو في مساحة عامة. بالنسبة إلي، يعد التفاعل مع العمل الفني بأهمية العمل نفسه، وكذلك قرب الأشياء وتاريخها من أجسادنا. كان البحث من خلال التصميم جزءاً أساسياً من دراستي، ولا يزال يشكّل أسلوب عملي اليوم. وعلى الرغم من أن أعمالي تحمل طابعاً مفاهيمياً، فإنها دائماً ما تبدأ بالبحث، حيث أستخدم تاريخ الأشياء لفهم العالم الذي نعيش فيه».

الفنانة آلاء عبد النبي ومدير معرض «مجمع 421» فيصل الحسن يتحدثان في ندوة على هامش المعرض (421 للفنون)

لكن في معرضك «ذكرياتك عني كفاية؟»، تركزين على استكشاف مفهوم «التشابه الزائف»، كيف وصلت إلى هذه الفكرة، وما الذي يثير اهتمامك بشأنها؟ تجيب عبد النبي: «أصبحت مهتمة بشكل خاص بكيف تُبنى الحقيقة، وكيف تعيد الأشياء سرد نسخة محددة من الحقيقة وتقديمها من خلال أيقوناتها، وكيف يستمر حفظ هذه الأيقونات التي تُضمن في الأشياء وترميمها. بدأتُ أتساءل عن معنى تفاعل الجمهور المعاصر مع هذه السرديات. ففي عالم يغمره تدفق الصور والتمثيلات، كيف يمكننا التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مصطنع؟ بدأتُ في التفكير في هذه الأيقونات والتمثيلات من خلال نظرية الفيلسوف الفرنسي جان بودريار، حيث يصبح التمييز بين الحقيقي والمحاكاة أكثر ضبابية. يشير بودريار إلى أنه في عالمنا اليوم، لم تعد الصورة تعكس الواقع، بل باتت تخلق واقعاً خاصاً بها، وهو ما يُعرف بـالمحاكاة أو (التشابه الزائف). وفي معرضي دعوت الزوار للتفكير في كيفية تجاوز الصور والرموز لدورها التمثيلي للحقيقة، لتصبح قادرة على بناء هذه الحقيقة وصياغة فهمنا لما هو حقيقي وما هو وهمي. من خلال تقديم سرديات بديلة يدفع المعرض للتأمل في مدى سهولة خلق (حقائق جديدة) عبر الأيقونات والصور البصرية».

الفنانة آلاء عبد النبي ( 421 للفنون)

وتعتقد عبد النبي أن «الفن يلعب دوراً أساسياً في تشكيل الطريقة التي نتذكر بها التاريخ ونفسّره. فالرموز الثقافية تحمل طبقات متعددة من المعاني التي تتغير بمرور الزمن، مما يؤثر على الذاكرة الجماعية بطرق قد لا تكون واضحة دائماً. أنا مهتمة بكيفية حفظ هذه الرموز أو إعادة توظيفها أو محوها، وما يكشفه ذلك عن السرديات التي نختار الحفاظ عليها».

يطرح المعرض تساؤلات حول كيفية «رعاية» المؤسسات للأشياء التي تحمل تواريخ عنف. ما الذي تأملين أن يستخلصه الجمهور من هذا النقد؟ ترد: «أريد أن يدرك الناس بشكل نقدي كيف تؤطر المؤسسات وتعرض الأشياء التي تحمل تاريخاً من العنف. ماذا يعني أن (نهتم) بشيء يحمل في طياته تاريخاً من التهجير أو الدمار أو الاستغلال؟ غالباً ما تقدم المتاحف والأرشيفات نفسها بوصفها مساحات محايدة، لكنها في الواقع تسهم في تشكيل المعاني من خلال الحفظ والعرض والتصنيف. لا يهدف هذا المعرض إلى تقديم إجابات، بل إلى الكشف عن هذه الأنظمة وطرح تساؤلات حول معنى الحفظ ذاته، وما إذا كان من الممكن أن يكون الحفظ شكلاً من أشكال المحو أو السيطرة. ويستكشف المعرض علاقة الأشياء بالمساحات العامة والفنية والمتحفية، مسلطاً الضوء على ضرورة تعقيد السرديات في كل من هذه السياقات، وكيف تتجلى هذه الإشكاليات بطرق متشابهة أو مختلفة عبر هذه المساحات».

«الأسد البربري»... من أعمال الفنانة آلاء عبد النبي في المعرض (421 للفنون)

وعن كيفية موازنتها بين هذه المقاربات المختلفة في عمليتها الإبداعية، تقول عبد النبي: «بالنسبة لي، يشكل البحث دائماً نقطة الانطلاق، لكنه لا يقتصر على جمع المعلومات فحسب، بل يتعلق بتعقيد هذه التواريخ والانخراط في عمليات تخيلية وتكهنية للتدخل الفني. أرى ممارستي الفنية كأنها محادثة بين هذه الأساليب المختلفة، وليس كأنها عمليات منفصلة تحتاج إلى تحقيق توازن بينها. فالبحث يوجّه القرارات الفنية، والتداخلات الفنية بدورها تفتح آفاقاً جديدة للتفكير في البحث. كما أن التجريب بالمواد يُعد جزءاً أساسياً من ممارستي، فمن الضروري الجمع بين البحث «الأكاديمي» القائم على الأدبيات والبحث الحسي والتجريبي القائم على التفاعل المادي».

الفنانة آلاء عبد النبي متحدثة إلى زوار عن أحد أعمالها (421 للفنون)

وعن تطلعاتها المستقبلية، تقول: أرغب في مواصلة التعمق في الأفكار التي أعمل عليها، ولكن أيضاً دفعها نحو أشكال جديدة. في الآونة الأخيرة، أفكر كثيراً في كيفية مواجهة التاريخ داخل المساحات المؤسسية وخارجها. كما أود استكشاف وسائط مختلفة، خاصة الأساليب الأكثر مكانية والغامرة التي تعزز تجربة التفاعل مع الأشياء والصور. في النهاية، كل ما أسعى إليه هو الاستمرار في طرح الأسئلة والتفاعل مع العالم بطرق صريحة وضرورية».


مقالات ذات صلة

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وجه مرسوم على ورق هندي مصنوع من القطن (الشرق الأوسط)

«تاريخ الورق»... معرض مصري لسبر أغوار الذاكرة الإنسانية

لا يتعامل الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا مع الورق باعتباره وسيطاً فنياً فحسب، بل يقدّمه على أنه مركز تاريخي يمكن عبره إعادة النظر إلى رحلة الإنسان نفسه.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال الفنانين تناولت مظاهر الحياة في الأقصر (قومسير الملتقى)

«الأقصر للتصوير» يستلهم تراث «طيبة» وعمقها الحضاري

بأعمال فنية تستلهم التراث القديم والحضارة الموغلة في القدم لمدينة «طيبة» التاريخية، اختتم ملتقى الأقصر أعماله الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.