التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

تُسهم في تنقية الهواء وخفض درجات الحرارة وتحفيز النشاط

الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)
الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)
TT

التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)
الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)

أفادت دراسة دولية بأنّ توزيع الأشجار في المدن لا يقلّ أهمية عن عددها، إذ يمكن لتخطيط المساحات الخضراء بشكل مترابط أن يُسهم في تقليل معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة والشيخوخة.

وأوضح الباحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ، بالتعاون مع الجامعة الوطنية في سنغافورة، أنّ زراعة الأشجار وحدها لا تكفي لتعزيز صحة السكان، وإنما يجب أن يكون توزيعها مدروساً لتحقيق أقصى فائدة؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «The Lancet Planetary Health».

وتُعدّ الأشجار والمساحات الخضراء عناصر أساسية لتعزيز جودة الحياة في المدن، إذ تُسهم في تنقية الهواء، وتوفير الظلّ، وخفض درجات الحرارة، وتحفيز النشاط الخارجي.

لهذا، تبنّت حكومات عدّة خططاً طَموحة للتشجير لمواجهة تغيُّر المناخ وارتفاع الحرارة. غير أنّ المدن ذات الكثافة العمرانية العالية تعاني محدودية المساحات الخضراء، مما يجعل تحسين توزيع الأشجار أولوية لتحقيق أقصى فائدة.

وخلال الدراسة، حلّل الباحثون العلاقة بين توزيع الأشجار وصحة سكان المدن، معتمدين على بيانات دقيقة لغطاء الأشجار ضمن نطاق 500 متر من أماكن إقامة السكان.

ولم يقتصر التحليل على قياس المساحة المغطّاة بالأشجار، وإنما شمل مدى تقاربها وترابطها الهندسي. وربطوا هذه البيانات بمعدلات البقاء على قيد الحياة لأكثر من 6 ملايين شخص بالغ في سويسرا، مع التركيز على الوفيات الطبيعية الناتجة عن الأمراض أو الشيخوخة، مع مراعاة الخصوصية من خلال تقريب إحداثيات أماكن الإقامة لأقرب 50 متراً.

وأظهرت النتائج أنّ الأحياء ذات المساحات الخضراء المترابطة والكبيرة تتمتّع بمعدلات وفيات أقل مقارنة بالمناطق ذات الغطاء النباتي المجزّأ والموزَّع بطريقة غير منتظمة.

وكان هذا التأثير أكثر وضوحاً في المناطق الحضرية المكتظة، إذ يُفاقم التلوّث البيئي وارتفاع درجات الحرارة المشكلات الصحية المرتبطة بموجات الحرّ الشديدة، مثل الإجهاد الحراري وأمراض القلب.

وأسهمت الغابات الحضرية المتّصلة في تحسين جودة الهواء وتقليل التلوّث؛ ما انعكس إيجابياً على صحة الجهاز التنفسي. كما ساعد التخطيط الاستراتيجي للأشجار في خفض درجات الحرارة وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بموجات الحرّ.

وعزَّزت المساحات الخضراء المتّصلة الصحة النفسية والبدنية، إذ وفّرت بيئة طبيعية لممارسة النشاط البدني؛ مثل: المشي، والجري، وركوب الدراجات، مما أسهم في تقليل التوتر والقلق. كما أنّ التوزيع العادل للأشجار ضمن المدينة يضمن استفادة جميع السكان من الفوائد الصحية للمساحات الخضراء؛ مما يساعد في تقليل الفجوات الصحية بين الأحياء.

واستناداً إلى النتائج، اقترح الباحثون استراتيجيات عدّة لتعزيز دور الأشجار في التخطيط العمراني، منها إنشاء ممرات خضراء تربط بين المساحات المشجَّرة المعزولة لتعزيز التأثير الإيجابي في صحة السكان والبيئة، بالإضافة إلى تجنُّب التصميم العشوائي للغطاء النباتي، والحرص على أن تكون المناطق المشجَّرة متّصلة وذات أشكال هندسية بسيطة، مثل الدوائر والمستطيلات، لتعظيم فوائدها البيئية والصحية.


مقالات ذات صلة

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

تكنولوجيا أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

الدراسة تكشف أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزاً عن فهم التفاعلات الاجتماعية ويحتاج لإعادة تصميم ليحاكي التفكير البشري.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق الجوز يحتوي على مركَّبات نباتية تحمي القولون من الالتهابات (جامعة كونيتيكت)

تناول الجوز يومياً يحمي القولون من الالتهاب

كشفت دراسة أميركية عن أن تناول الجوز يومياً قد يسهم في تقليل الالتهابات وتحسين صحة القولون، بل قد يحدّ من خطر الإصابة بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق القتال بين الإنسان والحيوان (رويترز)

أنياب في العظام... أول دليل على قتال بين مُصارع روماني وأسد

أعلن خبراء أنَّ علامات عضٍّ على هيكل عظمي لمُصارع روماني تُمثّل أول دليل أثري مباشر على قتال دار بين إنسان وأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد (أرشيفية - رويترز)

فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد

كشف باحثون، في «مركز لانغون» الصحي بجامعة نيويورك الأميركية، و«مركز بيرلماتر للسرطان» التابع له، عن أن فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تضاريس تختلف جذرياً عن المشهد القاحل (ناسا)

المريخ كما لم نعرفه... أمطار وثلوج غيَّرت وجه الكوكب الأحمر

كوكب المريخ ربما شهد، في حقبة سحيقة، مناخاً دافئاً ورطباً نسبياً، ساعد على تساقط الأمطار والثلوج وجريان الأنهر...

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)
الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)

احتفلت الأوبرا المصرية بذكرى رحيل الموسيقار سيد مكاوي من خلال تقديم روائع ألحانه لكبار المطربين في حفل، مساء الخميس، بالتزامن مع فعاليات أقامها صندوق التنمية الثقافية بالقاهرة الفاطمية احتفاء بالموسيقار الراحل وبالشاعر صلاح جاهين.

فعلى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية قدمت فرقة الموسيقى العربية للتراث بقيادة المايسترو الدكتور محمد الموجي، عدداً من ألحان الموسيقار الراحل سيد مكاوى، التى تحمل طابعاً مميزاً يمزج الأصالة بالحداثة، من بينها أغاني «أوقاتي بتحلو»، و«شعورى ناحيتك»، و«مصر دايماً مصر»، و«الصهبجية»، و«أنا هنا يا ابن الحلال»، و«وحياتك يا حبيبي»، و«قال إيه بيسألوني»، و«اسأل مرة عليا»، و«حلوين من يومنا»، و«الأرض بتتكلم عربي»، إلى جانب نخبة من الألحان التى جمعت بصمات عدد من كبار الموسيقيين، وفق بيان للأوبرا المصرية.

فيما نظم صندوق التنمية الثقافية، فعالية بعنوان «ليلة الوفاء: في ذكرى رحيل صلاح جاهين وسيد مكاوي»، في قصر الأمير طاز بالقاهرة التاريخية، تكريماً لمسيرة اثنين من أبرز رموز الفن والثقافة في مصر، وتضمنت افتتاح معرض كاريكاتير، بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، يضم لوحات تجسّد ملامح من سيرة مكاوي وجاهين، وتعكس تأثيرهما العميق في الوجدان المصري، وتعيد تقديمهما برؤية فنية معاصرة.

وشارك في الفعالية المعماري حمدي السطوحي، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، بتقديم عرض تفاعلي بعنوان «رباعيات معمارية»، بمشاركة المخرجة والممثلة عبير لطفي، في تجربة فنية تتداخل فيها عناصر الشعر والصورة مع المعمار، مستوحاة من الرباعيات الشهيرة لصلاح جاهين وأعماله مع الفنان سيد مكاوي.

ويتضمن البرنامج عرضاً فنياً لنتاج ورشة «لحن وكلمة»، التي أُقيمت بإشراف الدكتور علاء فتحي والشاعر سامح محجوب بالتعاون مع الشاعر جمال فتحي والموسيقار خالد عبد الغفار، بتقديم أعمال فنية مستوحاة من تراث جاهين ومكاوي، وتُعيد تقديمهم من منظور إبداعي معاصر.

جانب من احتفالية احتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين بقصر الأمير طاز (الشرق الأوسط)

ويقول الشاعر جمال فتحي: «الاحتفالية في قصر الأمير طاز انطلقت من فكرة الاحتفاء بسيد مكاوي وصلاح جاهين، وقدمنا أوبريت من كتابتي بعنوان (شارع البخت) نتاج ورشة عمل بين بيت الشعر العربي وبيت الغناء العربي، وقدمنا في البداية تحية للرمزين الكبيرين وذكرنا عملهما الخالد (الليلة الكبيرة)».

وأضاف فتحي لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا خلال الاحتفالية فكرة مختلفة للاحتفاء بالموسيقار سيد مكاوي والشاعر صلاح جاهين، لنؤكد على امتداد إبداعهما عبر الأجيال التالية»، وأوضح أن «سيد مكاوي يمثل بصمة خاصة في عالم الموسيقى والغناء، فقد أخد الطابع الموسيقي التعبيري لدى سيد درويش مع الطابع الطربي لدى زكريا أحمد وجمع بين السمتين في بصمة خاصة تميز أعماله التي اشتهر بها مع أم كلثوم، أو فؤاد حداد في (المسحراتي) أو أعماله في الإذاعة، كل ذلك ترك بصمة في الوجدان وفي الموسيقى المصرية».

وبالتزامن؛ نظم مركز إبداع بيت السحيمي بشارع المعز، عرضاً فنياً بعنوان «رباعيات من زمن فات» لفرقة «ومضة» لعروض خيال الظل والأراجوز، سلطت الضوء على مسيرة (جاهين ومكاوي) الفنية والشخصية، وقدمت نماذج مختارة من أعمالهما الخالدة التي لا تزال تُشكّل علامة فارقة في تاريخ الشعر والغناء والموسيقى المصرية.