«ملتقى النصّ» يوصي بمركز وطني لتدوين التراث الشفوي السعودي

حراك لردم الفجوة بين المكتوب والرواية الشفهية

جانب من الجلسات الختامية قبل إعلان التوصيات (الشرق الأوسط)
جانب من الجلسات الختامية قبل إعلان التوصيات (الشرق الأوسط)
TT
20

«ملتقى النصّ» يوصي بمركز وطني لتدوين التراث الشفوي السعودي

جانب من الجلسات الختامية قبل إعلان التوصيات (الشرق الأوسط)
جانب من الجلسات الختامية قبل إعلان التوصيات (الشرق الأوسط)

خرجت نقاشات ملف «التاريخ الأدبي والثقافي في السعودية بين الشفاهية والكتابية»، الذي ينظمه النادي الأدبي الثقافي في جدة، ضمن «ملتقى قراءة النص»، بخمس توصيات رئيسية للحفاظ على الأدب الشفهي المحلي، واستعادة ما يمكن، وتوثيقه ونقله للأجيال بقوالب مختلفة تتوافق مع معطيات العصر الحديث.

وأبرز التوصيات لإتمام عملية التوثيق، تتمثل في ضرورة تأسيس مركز وطني لتدوين التراث الشفوي السعودي، كما ركزت التوصيات على أهمية تشجيع المرويات الشعبية، ودعمها بوصفها رافداً مهماً في تدوين التراث، كذلك السعي الدؤوب من خلال الأبحاث المؤصلة إلى ردم الفجوة بين الأدب المكتوب والرواية الشفهية، مع أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة في رصد التراث وجمعه، وتوثيق الفنون، والأهازيج، والحكايات الشعبية.

وشدد المشاركون ضمن توصياتهم على العمل لديمومة الملتقى، وذلك يرجع لحاجة المشهد الثقافي والأدبي لمخرجاته، وإفادة الأقسام الأكاديمية بالجامعات وأقسام الدراسات العليا على وجه الخصوص، مقدمين في نهاية جلساتهم التي استمرت 3 أيام شكرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ لما يبذلانه من اهتمام كبير ورعاية فائقة، ودعم للمشهد الثقافي والأدبي، كما قدموا الشكر لوزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، ومستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، ولنائبه الأمير سعود بن مشعل، ومحافظ جدة الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، لدعمهم واهتمامهم بالملتقى والحراك الثقافي والأدبي في منطقة مكة.

د. عبد الله السلمي رئيس النادي الأدبي يلقي كلمته في ختام الملتقى
د. عبد الله السلمي رئيس النادي الأدبي يلقي كلمته في ختام الملتقى

ودعا المشاركون إلى ضرورة الاهتمام بمخرجات هذا المُلتقى وطباعة البحوث المقدمة فيه، مع تكاتف المؤسسات الأدبية من أندية وجمعيات للنهوض بالمشاريع الريادية التي تخدم الأدب السعودي، مُؤكدين في الوقت نفسه على صياغة برامج ودورات لتنمية المواهب الأدبية والثقافية لجيل الشباب والفتيات بما يحفظ الهوية السعودية ويعزز من حضورها المحلي والعالمي، داعين إلى توجيه الأقسام العلمية والمراكز البحثية في الجامعات السعودية إلى ضرورة الاهتمام بنتائج هذه الملتقيات، ودراسة مادتها الثقافية والإبداعية، ورسم اتجاهاتها المعرفية والنقدية والأدبية.

وتنوعت الأطروحات خلال أيام الملتقى، إلا أنها ركزت في مجملها على أهمية التوثيق الشفهي؛ كونه جزءاً أساسياً من الإرث الثقافي للأدب السعودي الذي لم يحظَ في بداياته بالاهتمام المطلوب من جميع المختصين والمهتمين بالثقافة؛ لذلك كما يرى المشاركون فإن إقامة مثل هذه الملتقيات واستقطاب كل شرائح المجتمع يسهمان بشكل كبير في الحفاظ على الأدب الشفوي الذي يتناقل من جيل إلى آخر، والذي استمر لفترات طويلة مصدراً أساسياً لنقل الروايات، والأخبار، والأشعار، في حين أتى التوثيق الكتابي لاحقاً ليحفظ هذه المرويات.

وسيلعب الذكاء الاصطناعي في المرحلة القادمة دوراً مهماً في الحفاظ على هذا الأدب، وهو ما ركز عليه كثير من المشاركين في الجلسات، معوّلين على هذا الذكاء في تحليل النصوص المنطوقة، وتصنيفها، وتقديمها في سياقات متعددة، مع حفظها بالشكل المطلوب لتكون مرجعاً في التعريف بهذا النوع من الأدب، وكيف عاش لأعوام طوال رغم فقدان جزء من هذا الأدب لأسباب مختلفة.

ملتقى النص أوصى بضرورة إنشاء مركز لتدوين التراث الشفوي السعودي (الشرق الأوسط)
ملتقى النص أوصى بضرورة إنشاء مركز لتدوين التراث الشفوي السعودي (الشرق الأوسط)

وشهد اليوم الأخير عدداً من الجلسات، منها الجلسة المحورية حول الإعلام ودوره تحت عنوان «الإعلام السعودي القديم وثقافة الشِّفاهية»، وكيف قام الإعلام السعودي القديم بدور مهم ومؤثر في المشهد الثقافي والأدبي في السعودية، مما أسهم في تعزيز الهوية الوطنية والعربية والإسلامية، وتكريس اللغة العربية وتعزيز دورها كمصدر رئيسي للتواصل، ونشر الوعي الثقافي في المجتمع، علماً أن الإعلام السعودي القديم كان يعتمد على الصحافة والإذاعة، ومع التطور الإعلامي وظهور التلفزيون أصبح المشهد الثقافي أكثر تنوعاً وانتشاراً.

وفي مواكبة التطورات الكبيرة التي شهدها الإعلام السعودي حضر «الإعلام الحديث» بقوة في عدد من جلسات اليوم الختامي تحت عنوان «البودكاست الرقمي» بوصفه الوجه الجديد للإعلام الأدبي والثقافي، وناقشت الجلسة الدور والإسهامات الجديدة ما بين الواقع والمأمول، وخاصة أن الأعوام الأخيرة شهدت ظهور عدد كبير من البودكاستات الأدبية والثقافية التي تقدم محتوى متنوعاً يجذب فئات مختلفة من الجمهور الباحثين عن مختلف الأجناس الأدبية، مما يساعد في تعزيز الانتماء للهوية الثقافية؛ لذلك فهو وسيلة حديثة مهمة وواعدة لدعم المحتوى الأدبي والثقافي الذي يوفر منصة مهمة للأدباء والمثقفين للتواصل مع جمهورهم.


مقالات ذات صلة

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

الخليج المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

عدَّ مجلس التعاون الخليجي إعادة إعمار سوريا واستقرارها «ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها»، مؤكداً استمرار دعم المبادرات التي تضعها على مسار التعافي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)

مبادرات شبابية للفوز بإفطار الصائمين على الطرقات في جدة

درج الصائم أن يُردد مع رفع أذان المغرب وقبل أن يتسلل الطعام إلى جوفه «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله»، هذه هي الحالة التي يخرج بها الصائم من يوم

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج جانب من المحادثات الأميركية - الأوكرانية في جدة الثلاثاء (د.ب.أ)

تأكيد عربي على محورية السعودية في صناعة السلام

أكد مجلس التعاون الخليجي، أن استضافة السعودية للمحادثات الأميركية - الأوكرانية تعكس مكانتها المحورية كدولة رائدة في صناعة السلام وحل النزاعات عبر الحوار.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج دائرة القضاء في دبي (وام)

السجن والغرامة والإبعاد لسيدة خليجية في دبي بتهمة الشغب والاعتداء

حكمت محكمة الجنايات في دبي، على سيدة خليجية، بأحكام بالسجن والغرامة والإبعاد عن البلاد، وفقاً للمعلومات الصادرة الاثنين.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج جانب من اجتماع وزراء خارجية دول الخليج الـ163 في مكة المكرمة (مجلس التعاون)

«الوزاري الخليجي» يؤكد دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه

أكد الاجتماع الوزاري الخليجي دعم مجلس التعاون لثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، ورفض أي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة بوصفه انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

سعيد الأبيض (مكة المكرمة)

«السبع»... نقاط الضعف تكاد تغلُب نقاط القوة

شخصية باسم ياخور تراوح مكانها (غولدن لاين)
شخصية باسم ياخور تراوح مكانها (غولدن لاين)
TT
20

«السبع»... نقاط الضعف تكاد تغلُب نقاط القوة

شخصية باسم ياخور تراوح مكانها (غولدن لاين)
شخصية باسم ياخور تراوح مكانها (غولدن لاين)

لم يُقنع الممثل السوري باسم ياخور حتى الآن بأنه يخرج من شخصية «العربجي» التي قدَّمها في جزأين. يطلُّ في مسلسل «السبع» بتعديلات ضئيلة. هو الخيِّر وسط الأشرار، والبطل المُنقذ في اللحظات الأخيرة. غاضبٌ دائماً يستعدّ للافتراس. تمرُّ 17 حلقة والدور يُراوح مكانه.

ذلك يؤثّر في تقييم المسلسل، وإنْ لا بدَّ من الاعتراف بأنه يحمل الحدث المشوِّق. فخيوطه مُترابطة، وإيقاعه يسير بتصاعُد. ومع ذلك، يعمُّ شعور بأنه استكمالٌ لجزء أكثر مما كونه مسلسلاً جديداً. ما يُنقذ هو الخطّ الموازي المُمثَّل بثنائية أمل عرفة وعبد المنعم عمايري. هنا يتنحَّى ظلّ «العربجي»، ويتبيَّن وجه العمل الآخر.

المقارنة ضارَّة بكل ما هو تابع، وهنا تسطَعُ في البراري، وحتى في شكل الخصومة بين الشخصيات. فباسم ياخور ندُّه أيضاً طارق مرعشلي. والأخير يقدّم دوره كأنه امتداد لشخصية «الهرايسي»، مع اختلاف يُسجّله المظهر. وهنا تُسرَق حمولات ويتسابق عليها الرجال. وهنا يحدُث الانقسام في الآراء، ويذهب بعضٌ مع البطل مقابل بعضٍ آخر مع خصمه. الدرس محفوظ غيباً.

يعمُّ شعور بأنه استكمالٌ لجزء أكثر مما كونه مسلسلاً آخر (غولدن لاين)
يعمُّ شعور بأنه استكمالٌ لجزء أكثر مما كونه مسلسلاً آخر (غولدن لاين)

ذلك يجعل مكائد «ثريا» (أمل عرفة) في كفّة خاصة. هي المحرِّك للحدث المُنتَظر. تؤدّي الدور الذي يُبيّن حنكة فنّية، وتتعامل معه بإدراك أنه المؤثّر في السياق. وإنْ كان حتى الآن لم يفلش جميع أوراقه، فهو لافت وبارز. تتدخّل الخبرة في رفع مستواه، وكاريزما الشخصية في جعله بين الأفضل في البطولة النسائية رمضانياً على مستوى الأداء وتوظيف الأدوات.

ينطلق المسلسل (قصة بشار مارديني، وتأليف سيف حامد وفادي سليم) من سرٍّ خطير تدور حوله الحكاية ومعظم ما يتشعَّب منها. فـ«ثريا»، بالتواطؤ مع «عزيز» (عمايري)، يدّعيان الأبوّة لطفل بعد سرقته، ويُكملان حياتهما بكذبة. الطفل هو «رزق» (أداء جيّد لبلال مارتيني)، شقيق «السبع» من دون علمه. لكنَّ السرَّ خرج عن اثنين، فشكَّل تهديداً على منزل «ثريا» وعائلتها. نرى الابتزاز والمناورة والتلويح بقَلْب الطاولة. عند هذا الحدّ، يستمدّ العمل (إنتاج «غولدن لاين») نقاط قوّته.

تتعامل أمل عرفة مع الدور بإدراك أنه المؤثّر في السياق (غولدن لاين)
تتعامل أمل عرفة مع الدور بإدراك أنه المؤثّر في السياق (غولدن لاين)

نشهد المناكفات بين عناصر المتصرّفية والمُنقضّين على الحمولة. اللافت هذه المرة أنّ يزن خليل يؤدّي دوراً يُحسَب له. فشخصية «سعيد أفندي» لا تُعنَى بالجانب العسكري فحسب، وإنما تحمل تشابُكاً عائلياً. يتفنّن المسلسل في حَبْك الخيوط حدَّ أنه يجعل من مُشاهدة جميع الحلقات ضرورة لفَهم السياق وقراءة الخلفية. المجيء بشخصيات خارج دائرة الأبطال الرئيسيين -منهم روعة السعدي بدور «فريال» ابنة «ثريا» والخارجة على طوعها، وجبريل الحسام بدور «فضل»، العامل لدى «عزيز» ثم المُقرَّب منه بالمصاهرة- يُغني الأحداث بما يتجاوز الضوء الواحد المُلقى على جهة واحدة.

يتفنّن المسلسل في حَبْك الخيوط (غولدن لاين)
يتفنّن المسلسل في حَبْك الخيوط (غولدن لاين)

حتى الآن، لم تُبيّن أمل بوشوشة أنّ شخصية «زمرد» من أفضل أدوارها. وإذا كان المسلسل يقدّم لمحة عن حياة الغجريات من خلالها وجيني إسبر بشخصية «جمرة»، فإنَّ كليشيه «الغرام والانتقام» لا تزال الطاغية، من دون أن تمنح بوشوشة موقفاً حاسماً من التألق الاستثنائي. عشقها لـ«السبع» يتحوَّل إلى مواجهة شرسة في كلّ مرة يُصارحها برفضه، لتتّخذ مسارها التصاعدي بالهروب من العشيرة والتسبُّب بتسريع وفاة والدها لعملها أنه استبدل بها أخرى.

الأخرى هي جفرا يونس بشخصية «منتورة». دورها محوري، تُتقن أداءه. في العمل حضور نسائي يتفوّق حتى الآن على شخصية «السبع» ومؤدّيها. فمِن اللامعات، حلا رجب بشخصية «مطيعة». إنها إحدى نقاط القوّة. تشابُك الخيوط يُبيّن أنها أبعد من مجرّد عاملة منزل. فهي المُخطِّطة والمُنفِّذة، والمُحرِّكة لشخصية «ثريا» نحو أسوأ احتمالاتها. الدور مما يُعلِّم بين أدوارها ويُشكِّل منعطفاً.

لم تُبيّن أمل بوشوشة بعد أنّ شخصية «زمرد» من أفضل أدوارها (غولدن لاين)
لم تُبيّن أمل بوشوشة بعد أنّ شخصية «زمرد» من أفضل أدوارها (غولدن لاين)

يُنتظَر الصِدام الكبير حين يعلم «السبع» أنّ «رزق» شقيقه، وثمة أيدٍ اقترفت الجريمة. يُمرِّر المخرج فادي سليم مَشاهد من ذاكرته وصراعه مع الطفل الذي شهد عنف الأب وسلوكياته الموحشة. يُقنِع ياخور في تجسيده الحِمْل وقسوة تجارب الطفولة. وبانفلاش الماضي على الحاضر، تتراءى مخاوفه من الزواج والإنجاب، إلى أن يخطَّ القدر مصيراً لم يحسب حسابه.

عبد المنعم عمايري أستاذ في شخصية «أبو الرزق»: متلعثم وتابع ومُحنَّك في وقت واحد. علاقته بـ«السبع» ستشهد عاصفة. وبانتظار اكتشاف كنز «الفراز» (تيسير إدريس)، تمرُّ أحداث تكشف المستور وتضع نقاطاً على الحروف. التلاعُب بألوان الصورة فكرةُ إخراجية للتميُّز وإضفاء مناخ المكان على الكادر، لكنها تُرخي شعوراً بالعتمة والانقباض وتُسبِّب نفوراً. يسير المسلسل واثقاً بأنه يحمل أحداثاً يمكن انتظارها. لكنه لا يُقنِع بأنه الأفضل، ولا يُحقّق دائماً متعة المُشاهدة. شبح «العربجي»، وشخصية باسم ياخور المُكرَّرة، ومزاج العنف والسرقات، نقاط ضعف لا يُستهان بها.