تلوث الهواء يكبد المحاصيل خسائر فادحة

تلوث الهواء في الهند يكبد المحاصيل الزراعية خسائر فادحة (جامعة ستانفورد)
تلوث الهواء في الهند يكبد المحاصيل الزراعية خسائر فادحة (جامعة ستانفورد)
TT

تلوث الهواء يكبد المحاصيل خسائر فادحة

تلوث الهواء في الهند يكبد المحاصيل الزراعية خسائر فادحة (جامعة ستانفورد)
تلوث الهواء في الهند يكبد المحاصيل الزراعية خسائر فادحة (جامعة ستانفورد)

أفادت دراسة أميركية بأن تلوث الهواء الناتج عن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم يتسبب في انخفاض كبير في غلة المحاصيل في الهند، مما يؤثر على الأمن الغذائي.

وأوضح الباحثون من جامعة ستانفورد أن التلوث يؤدي إلى تراجع إنتاج القمح والأرز بنسبة 10 في المائة أو أكثر في المناطق القريبة من محطات الفحم، ونُشرت، الثلاثاء، بدورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم».

ويعد تلوث الهواء الناتج عن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم من العوامل الرئيسية التي تؤثر على جودة الهواء وصحة الإنسان، حيث تُنتج هذه المحطات انبعاثات ضارة مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت والجسيمات الدقيقة التي تنتقل عبر الهواء لمسافات طويلة.

وشملت الدراسة 144 محطة طاقة في الهند، وركزت على تأثيرات انبعاثات أكسيد النيتروجين الناتجة عن احتراق الفحم على المحاصيل الزراعية.

وبينما تناولت الدراسات السابقة آثار تلوث الهواء الناتج عن الفحم على الصحة العامة، تعد هذه الدراسة الأولى التي تركز على التأثيرات المباشرة على الإنتاج الزراعي، وهو أمر حيوي للأمن الغذائي في الهند، البلد الذي يعد ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، ويعاني ربع سكانه من سوء التغذية، وفق الباحثين.

وتوصلت النتائج إلى أن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم تؤثر على تركيزات أكسيد النيتروجين في الهواء على مسافة تصل إلى 100 كيلومتر من الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى تراجع المحاصيل، وخاصة الأرز والقمح، وهما من المحاصيل الأساسية للأمن الغذائي في البلاد.

وفقاً للدراسة، يمكن أن يؤدي القضاء على هذه الانبعاثات في الأراضي الزراعية الواقعة ضمن دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر من محطة الفحم إلى زيادة قيمة إنتاج الأرز في الهند بمقدار 420 مليون دولار سنوياً، بينما يمكن أن يرتفع إنتاج القمح بمقدار 400 مليون دولار سنوياً.

وكشفت الدراسة أيضاً عن أنه إذا تم القضاء على هذه الانبعاثات من جميع الأراضي الزراعية في هذا النطاق خلال المواسم الحرجة (من يناير «كانون الثاني» لفبراير «شباط» ومن سبتمبر «أيلول» لأكتوبر «تشرين الأول»)، فإن ذلك سيؤدي لزيادة كبيرة في إنتاج الأرز والقمح بالهند.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة ستانفورد، الدكتورة كيرات سينغ: «لقد أردنا أن نفهم تأثيرات انبعاثات الفحم على الزراعة في الهند؛ نظراً لأن هناك ضرورة لتحقيق توازن بين تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء باستخدام الفحم والحفاظ على الأمن الغذائي».

وأضافت عبر موقع الجامعة أن الدراسة تكشف عن أن الفوائد التي قد تعود من تقليل انبعاثات محطات الفحم ستكون واسعة النطاق، وستساعد على تعزيز إنتاج المحاصيل بشكل سريع وفعال.

وأشارت إلى أن النتائج تقدم رؤى جديدة حول كيفية دمج قضايا البيئة والزراعة في السياسات الاقتصادية، مع التأكيد على أن تقليل انبعاثات الفحم ليس مفيداً للصحة العامة فحسب؛ بل أيضاً للاقتصاد الزراعي والأمن الغذائي.


مقالات ذات صلة

الجفاف وفجوات التمويل يعمّقان أزمة سوء التغذية في الصومال

أفريقيا طفل صومالي يعاني الجفاف (محمد علي عدن - «أطباء بلا حدود»)

الجفاف وفجوات التمويل يعمّقان أزمة سوء التغذية في الصومال

يواجه الصومال أزمة سوء تغذية خطيرة تفاقمت بسبب فترات جفاف طويلة ونزاع مستمر وعدم استقرار اقتصادي ونظام رعاية صحية هش.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
صحتك انعدام الأمن الغذائي الذي يُعرف بعدم القدرة على الوصول إلى غذاء صحي يؤثر على ملايين السكان حول العالم (رويترز)

دراسة: انعدام الأمن الغذائي يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 41 %

كشفت دراسة حديثة عن أن الشباب الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي معرّضون بنسبة 41 في المائة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لاحقاً في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد عمال على سفينة بضائع في ميناء سانتوس البرازيلي تحمل فول الصويا إلى الصين (رويترز)

سوق فول الصويا تترقب انتعاشاً بـ«شهية صينية»

قال تجار ومحللون إن الصين مُستعدة لاستقبال واردات قياسية من فول الصويا في الربع الثاني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مزارع مجموعة «كونتيننتال فارمز» الأوكرانية المملوكة لشركة «سالك» السعودية (الشرق الأوسط)

فرص تجارية ضخمة تنتظر مجلس الأعمال السعودي - الأوكراني

تنتظر السعودية وأوكرانيا، من مجلس الأعمال المشترك، الذي قررت الدولتان إعادته خلال العام الحالي، الكشف عن الفرص الاقتصادية والاستثمارية والتجارية.

بندر مسلم (الرياض)
الخليج سلال غذائية سعودية تجد طريقها إلى محتاجين في تشاد (واس)

كيف تساهم السعودية في مكافحة الجوع على المستوى الدولي؟

تستمر الجهود السعودية لمكافحة الجوع في العالم في وقتٍ يواجه فيه 343 مليون شخص حول العالم جوعاً حاداً إذ أنفقت ما يربو على ملياري دولار خلال عقدين.

غازي الحارثي (الرياض)

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
TT

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)

تحوّل صديقان بريطانيان من «كاشفي معادن» إلى «سجينين» بعد أن أُدينا بسرقة أحد أكبر الكنوز المكتشفة في تاريخ الجزر البريطانية، بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني (نحو 4 ملايين دولار).

وتعود جذور القصة إلى أكثر من ألف عام، وتحديداً إلى أوائل العصور الوسطى في بريطانيا، عندما دُفنت مجوهرات ذهبية وسبائك فضية ومئات العملات المعدنية على يد شخص مجهول، يُرجَّح أنه عضو في أحد جيوش الفايكنغ التي كانت تنسحب من بريطانيا آنذاك، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وفُقدت هذه الكنوز في غياهب التاريخ حتى صباح أحد أيام يونيو (حزيران) 2015، عندما بدأ كاشفا المعادن جورج باول، من مدينة نيوبورت الويلزية، وصديقه لايتون ديفيز، من بونتيبريد المجاورة، في مسح أرض في حقل بمقاطعة هيريفوردشاير، وعندها اكتشف الثنائي الكنز المفقود منذ زمن طويل، وظنا أنهما سيُصبحان أغنياء وأن حياتهما ستتغير إلى الأبد.

لكن واحدة فقط من الأمنيتين تحققت، فقد تغيرت حياتهما إلى الأبد.

ويحتاج أي شخص إلى إذن من مالك الأرض للكشف في أرضه، ولم يكن لدى باول وديفيز إذن بالوجود في الحقل الذي اكتشفا فيه الكنز. ثم، بدلاً من إبلاغ مالك الأرض والطبيب الشرعي المحلي بالاكتشاف خلال 14 يوماً كما يقتضي القانون، وضع الثنائي الكنز في كيس بلاستيكي وعادا من حيث أتيا، ونشرا صور اكتشافهما على موقع متخصص في الكشف عن الكنوز.

وحذف الصديقان الصور من الموقع ومن هواتفهما بعد ذلك بوقت قصير، لكن الإنترنت وبرامج الكشف التابعة للشرطة «لا تنسى أبداً»، وفق «بي بي سي».

وحاول باول معرفة المزيد عن الكنز بالتواصل مع تاجر العملات، بول ويلز، في متجر تحف بكارديف. وكان ويلز برفقة تاجر التحف، جيسون سلام، وعندما رأى نحو 12 عملة فضية معروضة على طاولة، صُدم. وقال ويلز: «بدت كما لو أنها دُفنت في الأرض يوم سكها. كما لو أنها لم تُستخدم قط لشراء شيء». وأضاف: «للوهلة الأولى، ظننت أنها من العصور الوسطى، من القرن الحادي عشر أو الثاني عشر». أما سلام فكان أكثر حماسة وقال إنها ربما تعود إلى القرن السابع أو الثامن.

كذب باول وديفيز وأخبرا التجار أنهما حصلا على إذن من مالك الأرض للحفر، قبل أن يُخرجا «أجمل ما عُثر عليه»، ثلاث قطع من المجوهرات الذهبية.

وحذّر التاجران الرجلين من أنهما في منطقة خطرة، وعليهما الإعلان بصورة قانونية عن هذا الاكتشاف، لكن ويلز قال إن باول «لم يُصغِ لما قاله». وافق ويلز بعد ذلك على أخذ بعض العملات المعدنية و«الاعتناء بها».

تناهى الأمر إلى مسامع بيتر ريفيل، الذي كان مسؤولاً عن الاكتشافات في برنامج الآثار المحمولة بالمتحف البريطاني عام 2015. وقال: «كانت هناك إشاعة تدور حول العثور على شيء مهم، والتفاصيل هي أن أحدهم عثر على كنز ضخم من العملات المعدنية من العصور الوسطى، وكان هناك ما لا يقل عن 300 عملة معدنية».

استعان ريفيل بشبكة خبراء الكشف الأثري لديه لمعرفة ما إذا كان أي شخص قد سمع أي شيء مؤكد، وعادوا جميعاً قائلين إنهم سمعوا الشيء نفسه تقريباً: «عُثر على كنز ضخم من العصور الوسطى».

وصلت الصور المحذوفة التي نشرها باول وديفيز على الإنترنت إلى ريفيل، الذي بحث عن عنوان بريد إلكتروني للصديقين، وأخبرهما أن أمامهما 14 يوماً للإبلاغ عن الاكتشاف. لكن باول وديفيز لم يلتزما بالنصيحة مرة أخرى.

فلقد سلما المجوهرات لمتاحف ويلز، لكن معظم العملات المعدنية الـ300 ظل «مفقوداً». وعند هذه النقطة، بدأت الشرطة التحقيق.

وفي عام 2019، تمت إدانة باول وديفيز بالسرقة و«إخفاء ما عثرا عليه». وحُكم على باول بالسجن عشر سنوات، خُفِّضت لاحقاً إلى ست سنوات ونصف عند الاستئناف، بينما سُجن ديفيز ثماني سنوات ونصف، خُفِّضت لاحقاً إلى خمس سنوات. وأُدين ويلز، تاجر العملات، بـ«إخفاء ما عثر عليه»، وحُكِم عليه بالسجن 12 شهراً مع إيقاف التنفيذ.

قضى باول وديفيز عقوبتيهما، لكن المحكمة أمرتهما لاحقاً برد نحو 600 ألف جنيه إسترليني لكلٍّ منهما، لاعتقاد القاضي أنهما ما زالا يُخفيان بشكل غير قانوني ما يصل إلى 270 قطعة نقدية ومجوهرات بهدف التربح منها.

وبعد جلسة استماع لإنفاذ الحكم في سبتمبر (أيلول) 2024، حُكم على ديفيز بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر إضافية لتخلفه عن سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني. أما باول، فقد فر هارباً، وأُلقي القبض عليه في نهاية المطاف واحتُجز في إدنبرة، قبل إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون الأول). لكن عندما كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة في يناير (كانون الثاني) 2025 للرد على تهمة عدم سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني، هرب مرة أخرى، ولا يزال هارباً حتى الآن.