بخّاخ أنفي يُخفّف معاناة مرضى الخرف

توفّر النتائج نقطة انطلاق لبحوث أوسع حول دور الأوكسيتوسين في العلاج

باحثتان مشاركتان بالدراسة رصدتا فاعلية العلاج باستخدام البخّاخ الأنفي (جامعة ويسترن أونتاريو)
باحثتان مشاركتان بالدراسة رصدتا فاعلية العلاج باستخدام البخّاخ الأنفي (جامعة ويسترن أونتاريو)
TT
20

بخّاخ أنفي يُخفّف معاناة مرضى الخرف

باحثتان مشاركتان بالدراسة رصدتا فاعلية العلاج باستخدام البخّاخ الأنفي (جامعة ويسترن أونتاريو)
باحثتان مشاركتان بالدراسة رصدتا فاعلية العلاج باستخدام البخّاخ الأنفي (جامعة ويسترن أونتاريو)

توصّلت دراسة كندية إلى أنّ العلاج باستخدام بخّاخ أنفي يحتوي على هرمون الأوكسيتوسين يمكن أن يُحسّن عوارض اللامبالاة لدى مرضى الخرف الجبهي؛ وهو أحد الأشكال الشائعة للخرف المبكر.

وأوضح الباحثون من جامعة ويسترن أونتاريو أنّ هذا البخّاخ يمثّل خطوة واعدة في معالجة أحد العوارض الأساسية لهذا المرض، الذي لا يزال يفتقر إلى علاج فعّال حتى الآن. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Lancet Neurology».

ويعاني مرضى الخرف الجبهي تدهوراً في وظائف الفصين الجبهي والصدغي في الدماغ، مما يؤدّي إلى تغيّرات ملحوظة في السلوك واللغة وصنع القرارات.

وغالباً ما يفقد هؤلاء المرضى الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يحبّونها، ويصبحون غير مبالين تجاه عائلاتهم وأصدقائهم وحتى حياتهم اليومية. يُعدُّ هذا النوع من الخرف أحد أشكال الخرف المبكر، ويصيب عادةً الأشخاص بين سنّ الـ40 و65 عاماً. ويتّسم المرض بعوارض مثل الاندفاعية وتغيير العادات الغذائية واللامبالاة؛ ما يصعّب على المرضى وأسرهم التعايش معه من دون دعم طبّي وعلاجي فعّال.

وأجرى الفريق تجربة سريرية شملت 74 مريضاً من 11 مركزاً بحثياً في كندا والولايات المتحدة. وخضع المرضى لعلاج باستخدام بخاخ الأوكسيتوسين مرتين يومياً، كل 3 أيام، لمدة 6 أسابيع، تحت إشراف مقدّمي الرعاية. جرى تقويم مستويات اللامبالاة باستخدام مؤشّر يحدّد شدّة العوارض النفسية العصبية وتأثيرها في مقدّمي الرعاية.

والأوكسيتوسين هرمون تنتجه الغدّة النخامية في الدماغ، وله دور في تعزيز التفاعل الاجتماعي، وتطوير الروابط العاطفية، وتنظيم المشاعر مثل الثقة والتعاطف.

ويُستخدم بخّاخ أنفي لإيصال الهرمون مباشرة إلى الدماغ عبر الأغشية الأنفية، ما يسمح له بالتأثير في المناطق العصبية المسؤولة عن السلوكيات والمشاعر.

وأظهرت النتائج تحسُّناً ملحوظاً في درجات اللامبالاة لدى المرضى الذين تلقّوا العلاج ببخّاخ الأنف مقارنةً بالمجموعة التي تلقَّت العلاج الوهمي.

وذكر مقدّمو الرعاية المشاركون أنّ المرضى بدأوا في إظهار سلوكيات إيجابية بسيطة، مثل الاتصال بأفراد الأسرة أو القيام بتصرّفات عفوية مثل إعداد القهوة لشركائهم.

ورغم أنّ هذه التغييرات كانت طفيفة، فإنها تحمل أهمية كبيرة؛ إذ تعيد بعض مظاهر الحياة الطبيعية إلى علاقة المرضى بعائلاتهم، وفق الباحثين.

وقال فريق البحث إنّ هذه الدراسة تقدّم دليلاً على أنّ العلاج بهرمون الأوكسيتوسين يمكن أن يخفّف من أحد أكثر العوارض شيوعاً وإزعاجاً لهذا النوع من الخرف.

وأضاف الفريق أن تحسُّن اللامبالاة، ولو بشكل طفيف، يُحدِث فرقاً كبيراً في حياة مقدّمي الرعاية، ويخفّف من العبء النفسي والاجتماعي عليهم.

وأشار الباحثون إلى أنّ النتائج توفّر نقطة انطلاق لبحوث أوسع حول دور الأوكسيتوسين في علاج العوارض النفسية العصبية للخرف؛ ما قد يؤدّي إلى تحقيق تحسينات أكبر في المستقبل.


مقالات ذات صلة

فكّاها يُشبهان المنجل... اكتشاف نملة مرعبة عمرها 113 مليون سنة

يوميات الشرق «نملة الجحيم» (رويترز)

فكّاها يُشبهان المنجل... اكتشاف نملة مرعبة عمرها 113 مليون سنة

حدَّد العلماء تفاصيل بقايا متحجِّرة لأقدم نملة معروفة، وهي حشرة مجنّحة ذات فكين مُخيفين يُشبهان المنجل، عاشت قبل نحو 113 مليون سنة في عصر الديناصورات.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
تكنولوجيا أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

الدراسة تكشف أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزاً عن فهم التفاعلات الاجتماعية ويحتاج لإعادة تصميم ليحاكي التفكير البشري.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق الجوز يحتوي على مركَّبات نباتية تحمي القولون من الالتهابات (جامعة كونيتيكت)

تناول الجوز يومياً يحمي القولون من الالتهاب

كشفت دراسة أميركية عن أن تناول الجوز يومياً قد يسهم في تقليل الالتهابات وتحسين صحة القولون، بل قد يحدّ من خطر الإصابة بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق القتال بين الإنسان والحيوان (رويترز)

أنياب في العظام... أول دليل على قتال بين مُصارع روماني وأسد

أعلن خبراء أنَّ علامات عضٍّ على هيكل عظمي لمُصارع روماني تُمثّل أول دليل أثري مباشر على قتال دار بين إنسان وأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد (أرشيفية - رويترز)

فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد

كشف باحثون، في «مركز لانغون» الصحي بجامعة نيويورك الأميركية، و«مركز بيرلماتر للسرطان» التابع له، عن أن فحوصات الدم قد تتنبأ بعودة سرطان الجلد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثارت عملية الهدم الجديدة لمدافن بجبانة القاهرة التاريخية، انتقادات واتهامات للمجلس الأعلى للآثار ووزارة السياحة والآثار، بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية، لـ«إتاحة الفرصة لهدم كثير منها»، من أجل إنشاء جسور بالمنطقة.

وبدأت أزمة هدم المقابر التاريخية بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، حيث أزالت الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة عدداً من المقابر بحي الإمام الشافعي، لتنفيذ مشروع لتطوير المنطقة يتضمن إنشاء طرق ومحاور مرورية جديدة، وهو ما أثار جدلاً مجتمعياً وانتقادات واسعة.

السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ورغم وعد بعض المسؤولين الحكوميين بالتوقف عن عمليات الهدم، لحين صدور تقرير من اللجنة المشكلة لدراسة حالة المدافن التراثية العام الماضي، فإن عمليات الهدم استؤنفت مجدداً، ولم يصدر عن اللجنة المشكلة أي جديد.

الدكتور جمال عبد الرحيم، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة العلمية الأثرية الفنية الخاصة بتطوير مقابر القاهرة التاريخية، أكد أن «اللجنة لم تجتمع منذ تشكيلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم تشكيل اللجنة في مارس (آذار) 2024، لمراجعة تقرير كان من المفترض أن يصدر عن لجنة تم تشكيلها قبلها بشهر، عن المقابر التاريخية والحلول الممكنة للحفاظ عليها، لكننا لم نجتمع منذ تشكيل اللجنة، ولم يطلب منا المجلس الأعلى للآثار أي رأي، ولم نتلقَّ أي تقارير».

مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتضم المنطقة عدداً من المقابر التاريخية، منها جبانات الإمام الشافعي، وباب الوزير، والسيدة نفيسة، وتحوي رفات مئات الشخصيات التاريخية، بجانب أسرة محمد علي باشا، والمنطقة مسجلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» موقع تراث عالمياً منذ عام 1979، لما تتمتع به من قيمة تاريخية وتراثية وفنون معمارية فريدة.

جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويرى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الخبير الأثري الدكتور محمد عبد المقصود، أن «الحكومة تتحايل على القانون، وتتقاعس عن تسجيل المقابر التاريخية آثاراً لتمرير هدمها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل المسؤولين طوال السنوات الماضية يبررون عمليات هدم المقابر التاريخية بأنها ليست مسجلة بوصفها آثاراً، على الرغم من أن تسجيلها مسؤولية الحكومة نفسها، وقانون الآثار يلزم الدولة بتسجيلها»، مؤكداً أن «دوامة هدم المقابر التاريخية لن تنتهي، فمن الواضح أن الحكومة ماضية في تنفيذ هدمها لصالح إنشاء طرق ومحاور مرورية، بدعوى تطوير المنطقة»، حسب تعبيره.

وحدد قانون «حماية الآثار» رقم 117 لسنة 1983، عدداً من الشروط لتسجيل الآثار، ونصت المادة الأولى من القانون على أنه «يعدّ أثراً كل عقار أو منقول متى توافرت فيه الشروط التالية: أن يكون نتاجاً للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة، أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى ما قبل مائة عام»، وعدّ القانون «رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله».

مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ومع تصاعد الانتقادات لعمليات هدم المقابر ومناشدات أطلقها أثريون وشخصيات عامة خلال السنوات الماضية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو (حزيران) 2023، بتشكيل لجنة لتقييم ودراسة نقل المقابر التاريخية، كما وجه السيسي، وفق بيان الرئاسة المصرية حينها، بإنشاء ما يسمى «مقبرة الخالدين» في موقع مناسب، «لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر». ولاحقاً، حددت الحكومة موقعاً لإنشاء «مقبرة الخالدين» بمدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة).

مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأعرب خبراء عن استيائهم من طريقة تعامل وزارة السياحة والآثار مع هذا الملف، واتهموها بـ«المماطلة» لامتناعها عن تسجيل المباني الأثرية والتراثية، وقال الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة «الدفاع عن الحضارة المصرية»، إن «الحكومة تتقاعس وتماطل في تسجيل المقابر التاريخية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «نقل المقابر التاريخية من مكانها لأي مكان آخر سيمحو ذاكرة المكان، فهذه المقابر جزء من النسق التراثي والمعماري للقاهرة التاريخية».

وأكد أن «التطوير والتنمية ليس مبرراً للنقل، فالأثر أهم من الاستثمار والكباري ومحاور الطرق».

ويرى ريحان أن «نقل المقابر العتيقة سيفسد النسق التراثي للقاهرة التاريخية كلها، ويفقدها شخصيتها»، كما أن «الحكومة المصرية ملتزمة بالحفاظ على هذه المقبرة وفق (اتفاقية التراث العالمي) لعام 1972، وهي اتفاقية تتعلق بحماية مواقع التراث العالمي الثقافية والطبيعية».