قبيل رحيله بأيام وقف الكاتب المصري وحيد حامد مستنداً إلى عكازه على خشبة مسرح «دار الأوبرا المصرية»، خلال ندوة تكريمه في «مهرجان القاهرة السينمائي»، قائلاً بصوت متهدج «أنا حبيت أيامي... وافتكروا أفلامي».
واستدعى مصريون مسيرة السيناريست الراحل ومعاركه مع «تنظيمات إسلامية» حين عبرّ عن أفكاره في فيلم «طيور الظلام»، اسم الفيلم الذي تصدر تريند منصة «إكس» في مصر، الخميس.
رحل وحيد حامد في 2 يناير (كانون الثاني) عام 2021 عن عمر ناهز 77 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً من الأعمال الفنية في السينما والتلفزيون يعبّر عن رؤية واضحة في مواجهة من وصفهم في كتاباته المختلفة بـ«التيارات الظلامية» على كل المستويات في المجتمع المصري.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع من أعمال الكاتب الراحل، خصوصاً فيلم «طيور الظلام» الذي عُرض للمرة الأولى عام 1995، ويتناول «مظاهر الفساد في السلطة، والسّجال بين الدولة والجماعات المتطرفة للسيطرة على المجتمع»، والفيلم من بطولة عادل إمام ورياض الخولي ويسرا، وتأليف وإنتاج وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة، وأبرزت قنوات تلفزيونية ومستخدمو «السوشيال ميديا» كثيراً من مشاهد الفيلم وحواراته.
وحيد حامد ده كان عبقري -إنت لسه مقتنع إن البلد دى أحسن بلد يا فتحى ؟ وحتفضل تدافع عنها ؟=البلد دى حتفضل أحسن بلد فى الدنيا يا على حتى لو نمت فى شوارعها وأكلت عيش حاف فيها ، وإنسى إن إنت وأمثالك حيخلينى أكرهها او أسيبها أو أشتم فيها يا على « لانكم ماتعرفوش معنى الوطن ... pic.twitter.com/AS4XhRG8ND
— كريمالمصري (@karimel06756120) December 29, 2024
وانتشرت تعليقات تستعيد أعمال حامد ضد «الأفكار الظلامية»، التي عالجها في أعمال متنوعة مثل مسلسل «الجماعة» في جزئين خلال عامي 2010 و2017، وشارك معه في الجزء الثاني الكاتب الصحافي شريف عارف بوصفه باحثاً تاريخياً. وقال عارف لـ«الشرق الأوسط»: إن «وحيد حامد كان حريصاً على توثيق جميع الأحداث بدقة في تناول كل حدث واختبار مدى منطقيته للتوصٌّل إلى الحبكة المناسبة».
..وفي الذكرى الرابعة لرحيله.. اتذكر كل ما هو جميل..أتذكر الكاتب والفنان..أتذكر الراوي والانسان..ستعيش في قلوب محبيك يا أستاذ..#وحيد_حامد #شريف_عارف #مصر#طيور_الظلام pic.twitter.com/6PD9gxkjfw
— sherif aref (@sherifaref2020) January 2, 2025
وكتبت الناقدة الفنية نيرمين جودة على منصة «إكس»: «وحيد حامد من أجرأ من كتب في الدراما المصرية عن الفكر المتطرف والإرهاب، وتعاطي المجتمع المصري مع هذا الفكر بين مؤيد ومعارض».
واتّسمت أعمال الكاتب الراحل بـ«الجرأة، وكان له مشروع ثقافي وفكري قدمه من خلال أعماله السينمائية والدرامية، وظلّت جمله الحوارية تتردد على لسان الجمهور»؛ وفق نقاد. وقد وصفته وزيرة الثقافة السابقة إيناس عبد الدايم في بيان تأبين رسمي بأنه «صاحب مواقف مهمة تُكتب بحروف من نور في تاريخ الوطن، وقدم أعمالاً خالدة تعبّر عن أحلام المجتمع».
من جانبه، عدّ عارف الكاتب الراحل «مستشرفاً للمستقبل»، وقال إنه «كان صاحب موقف سياسي، ودائماً ما كان ينحاز للطبقات الفقيرة، وقد أفصح عن أشياء رأيناها في المستقبل، فهو مثلا من أطلق مصطلح (الدواعش) من أصحاب الفكر على المتطرفين عموماً، وتكمن براعته في تقديمه سينما الواقع التي يدمج فيها جزءاً من الخيال الاستشرافي المستقبلي»، لافتاً إلى أن فيلم «طيور الظلام» تحديداً «قفز فوق الوقت والتاريخ والواقع لمدة ربع قرن، وهي سينما تعتمد على صدق الكاتب وتحرر عقليته».
واستشهد بعض مستخدمي «السوشيال ميديا» بمشاهد من أفلام متنوعة لوحيد حامد للتدليل على استشرافه للمستقبل والربط بين مشاهد الأفلام القديمة ومواقف المسؤولين الأخيرة.
عبقرية وحيد حامد pic.twitter.com/9jYluk8qmA
— amr zeen (@amr_zeen) January 2, 2025
وقدم حامد عشرات الأفلام السينمائية من بينها «البريء» و«الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«المنسي»، و«معالي الوزير»، و«دم الغزال»، و«عمارة يعقوبيان»، كما قدم كثيراً من المسلسلات، من بينها «العائلة»، و«البشاير»، و«أحلام الفتى الطائر».
ووفق الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، فإن «وحيد حامد من الشخصيات التي لا تحتاج مناسبة ليتصدّر (الترند)، فأعماله تفرض نفسها دائماً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «حامد تناول خلال منتجه السينمائي أو التلفزيوني قضايا كثيرة كما استشرف أزمات عدّة؛ مما جعله حاضراً دائماً في وجدان الجمهور».
ويرى الناقد المصري أنه «لا يمكن تعويض أقلام مثل وحيد حامد، وأسامة أنور عكاشة، وأخيراً بشير الديك، فلا يوجد من يملأ الفراغ الذي تركه هؤلاء الكبار، لذا لا يزال الناس يستدعون أعمالهم المميزة».