أول عمل فنّي أنجزه روبوت «بشريّ» يُباع بمليون دولار

يشكّل انعكاساً للتزاوج المتنامي بين الذكاء الاصطناعي وسوق الفنّ العالمية

آفاق جديدة في سوق الفنّ العالمية (إ.ب.أ)
آفاق جديدة في سوق الفنّ العالمية (إ.ب.أ)
TT

أول عمل فنّي أنجزه روبوت «بشريّ» يُباع بمليون دولار

آفاق جديدة في سوق الفنّ العالمية (إ.ب.أ)
آفاق جديدة في سوق الفنّ العالمية (إ.ب.أ)

بيعت لوحة فنّية أنجزها روبوت الذكاء الاصطناعي لشخصية عالم الرياضيات الشهير، آلان تورينغ، الذي كان رمزاً لفكّ الشيفرات خلال الحرب العالمية الثانية، بمبلغ 1084800 دولار أميركي (836667 جنيهاً إسترلينياً) في مزاد علني.

وذكرت «بي بي سي»، أنه وفق دار «سوذبيز» للمزادات، كان ثمة 27 عرضاً لشراء العمل الفنّي الرقمي «معبود الذكاء الاصطناعي»، الذي قُدِّر في البداية أن يُباع بين 120 ألف دولار (9252 إسترلينياً) و180 ألفاً (139 ألف إسترليني).

وإذ يُعدّ آلان تورينغ رائداً في مجال علوم الكومبيوتر، ويُعرف بأنه «والد الذكاء الاصطناعي»، قالت دار المزادات إنّ هذه الصفقة التاريخية «تفتح آفاقاً جديدة في سوق الفنّ العالمية، وتُحدّد معياراً لبيع الأعمال الفنّية التي أنجزتها الروبوتات بشرية الشكل».

وأضافت أنّ العمل من إنتاج الروبوت «آي - دا»، وهو «أول عمل فنّي يُباع في مزاد بواسطة روبوت بشري الشكل».

العمل هو صورة كبيرة الحجم للعالِم الذي درس في كلية «كينغز كوليدج» بكامبريدج. ولعب تورينغ دوراً حاسماً في فوز الحلفاء على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، إذ ساعد في فكّ الشيفرات وفهم آلة «إنيغما» الشهيرة في «بلتشلي بارك»، التي كانت ألمانيا ترسل من خلالها رسائل سرّية مشفَّرة.

بعد الحرب، صمَّم مفصلاً لجهاز كومبيوتر رقمي بالمعنى الحديث.

وقالت «سوذبيز» إنّ المزاد الإلكتروني أسفر عن شراء اللوحة من مشترٍ مجهول بمبلغ «تجاوز كثيراً التقدير الأولي للسعر».

لحظة مهمة في عالم الفنون البصرية (إ.ب.أ)

وأضافت أنّ السعر الذي حقّقه «يُعدّ لحظة فارقة في تاريخ الفنّ الحديث والمعاصر، ويعكس التزاوج المتنامي بين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وسوق الفنّ العالمية».

بدوره، قال روبوت «آي - دا»، الذي يستخدم نموذجَ لغة متقدِّماً للتحدُّث: «القيمة الرئيسية لعملي هي قدرته على تحفيز الحوار حول التقنيات الناشئة». وأضاف أن العمل «يدعو المشاهدين للتفكير في طبيعة الذكاء الاصطناعي والحوسبة، وفي الوقت عينه النظر في التحدّيات الأخلاقية والاجتماعية لهذه التطوّرات».

وتابع الروبوت: «آلان تورينغ أدرك هذه الإمكانية، وهو ينظر إلينا، بينما نركض نحو هذا المستقبل».

في السياق عينه، قال مدير استديوهات روبوت «آي - دا»، آيدان ميلر: «يمثّل المزاد لحظة مهمة في عالم الفنون البصرية، إذ يلفت عمل (آي - دا) الأنظار إلى التغيّرات في عالم الفنّ والمجتمع، بينما نتعامل مع عصر الذكاء الاصطناعي المتنامي».


مقالات ذات صلة

بيروت تنفض عنها غبار الحرب وتستقبل الأعياد

يوميات الشرق سينتيا كرم تقدم مسرحية «نزلُ الميلاد» على خشبة «مونو» (الشرق الأوسط)

بيروت تنفض عنها غبار الحرب وتستقبل الأعياد

كل مدينة أو بلدة في لبنان حضّرت على طريقتها لاستضافة أيام الأعياد، والتزمت بإقامة أسواق وعروض مسرحية ولقاءات مع «سانتا كلوز».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق يعاني كثير من الأشخاص كوابيس مستمرة تتعلق بعملهم (رويترز)

هل تعاني من كوابيس تتعلق بعملك؟ دراسة تكشف السبب

يعاني كثير من الأشخاص كوابيس مستمرة تتعلق بعملهم ووظائفهم تجعلهم يستيقظون وهم يشعرون بالتوتر أو القلق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق إحدى أكثر القلاع دراماتيكية في إنجلترا (الصندوق الوطني)

​«برج الملك» الفاخر في قلعة بإنجلترا يستقبل الزوار بعد 378 عاماً

أصبح الجناح الفخم الذي شُيّد لابن ويليام الفاتح ودُمّر جزئياً خلال الحرب الأهلية الإنجليزية متاحاً للزوار للمرّة الأولى منذ نحو 400 عام بفضل منصّة عرض جديدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أحد الزبائن ينظر من منظار خارج المقهى (أ.ب)

«ستاربكس» تفتتح مقهى يتيح إطلالة على كوريا الشمالية (صور)

افتتحت سلسلة مقاهي «ستاربكس» الأميركية مقهى جديداً في كوريا الجنوبية يقع على برج مراقبة على الحدود مع كوريا الشمالية

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الأميرة ديانا تواصلت مع جدّتها المتوفّاة وبراد بيت صادقَ عرّافاً... ماذا بين المشاهير وعالم الغَيب؟

الأميرة ديانا تواصلت مع جدّتها المتوفّاة وبراد بيت صادقَ عرّافاً... ماذا بين المشاهير وعالم الغَيب؟

مع نهاية كل عام يتزايد الاهتمام بعالم الأبراج لمعرفة ماذا تحمل السنة الجديدة. لكن بالنسبة إلى بعض المشاهير، علمُ الغَيب رفيق كل المواسم.

كريستين حبيب (بيروت)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».