فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

آثاريون أكدوا تضمّنه معلومات مغلوطة

طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)
طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)
طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

رغم التقدم العلمي الهائل، فإن طريقة بناء أهرامات الجيزة، التي مرّ على إنشائها نحو 4 آلاف و500 سنة، لا تزال لغزاً كبيراً، إذ لم يتمكن أحد من العلماء تأكيد إحدى النظريات العلمية لبنائها.

وجدّد مقطع فيديو قصير مُولَّد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة. ففي حين أعرب بعض متابعي مواقع التواصل الاجتماعي عن ميلهم لما تضمنه الفيديو، فإن آثاريين أكدوا تضمّنه معلومات مغلوطة.

وأظهر الفيديو بعض العمال العمالقة وهم يحملون الأحجار وينقلونها إلى منطقة بناء الأهرامات، لكن الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار الإسكندرية، ومدير منطقة آثار الأهرامات سابقاً، استبعد وجود عمال عمالقة وقت بناء الأهرامات، كما صوّرها مقطع الفيديو، لكنه في الوقت نفسه أيّد بعض اللقطات التي صوّرت عملية تقطيع ونقل الأحجار على زلاجات عملاقة.

وأضاف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «النظرية الأقرب للتصديق التي يؤمن بها قطاع كبير من الآثاريين المصريين والأجانب هي استخدام طريقة (الرامبات) أو المنحدرات الترابية، لنقل الأحجار عبر الزحافات إلى أعلى، لا سيما طريق مينا هاوس».

ويوضح أن بعض القطع الأثرية المكتشفة توثق سحب تمثال عملاق بواسطة 172 عاملاً، وهو ما يعطي مؤشراً على طريقة بناء الأهرامات.

يشار إلى أن حجر الصوان المُستخدم في الحجرات الداخلية نُقل من أسوان التي تبعد نحو 858 كيلومتراً جنوب الجيزة، كما نُقل الحجر الجيري المستخدم في تغطية الهرم من طرة، التي تبعد نحو 13 كيلومتراً عن الجيزة.

أحد الطرق بين أهرامات الجيزة الثلاثة (الشرق الأوسط)

وكشفت برديات عُثر عليها خلال السنوات الماضية، أن العمال كان يجري منحهم وجبات غذائية من التمر والخضراوات والدواجن واللحوم، إضافة إلى المنسوجات.

ودلّت برديات وادي الجرف، التي جرى اكتشافها حديثاً على أن عمال الأهرامات كانوا يحصلون على أجور ولم يعملوا دون مقابل، أو بـ«السخرة»، كما كان يردد البعض، وأن الفراعنة المصريين كانوا حريصين على توفير الطعام المناسب لهم.

وكان قد تردد أنه جرى بناء الأهرامات بـ«بالسُّخرة»، لكن الدكتور وسيم السيسي، الباحث في المصريات، نفى ذلك، وقال في تصريحات سابقة: «يوجد كثير من المفاهيم الخاطئة عن الحضارة المصرية القديمة، منها ما يتعلق بالأهرامات، وأنها بُنيت بالسخرة»، مؤكداً أن «هناك برديات أثبتت منح إجازات للعاملين في بناء الأهرامات، إضافة إلى اكتشاف مقابر العمال من بناة الهرم الأكبر بجواره، وهو ما ينفي فكرة السخرة».

الأهرامات الثلاثة بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويرى عبد البصير أن «الهرم كان هو المشروع القومي في مصر القديمة، وكان الجميع يشاركون فيه حبّاً للملك، وكان هو المشروع الذي أسهم في بناء مصر، وكتب لها الخلود على وجه الزمن»، لافتاً إلى «المكان الذي عاش ومات فيه العمال الذين اشتركوا في بناء المجموعات الهرمية لكل من الملك خفرع والملك منكاورع، إضافة إلى بقايا سكنية أقدم، ترجع لعهد الملك خوفو».

واكتشف فريق بحثي خلال العقد الماضي فراغاً داخل الهرم الأكبر، يصل حجمه إلى 30 متراً، خلال البحث عن حجرة دفن سرية للملك خوفو، الذي لم يُعثر على المومياء الخاصة به، لكن الأبحاث لم تصل إلى نتيجة حتى الآن.

وقال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في تصريحات سابقة: «إن بردية وادي الجرف أوضحت كيف نُقلت الأحجار لبناء الأهرامات، وهناك كثير من الاكتشافات التي أكدت مصرية الأهرامات، ومصرية من قاموا بإنشائها».

وتتحدث بردية وادي الجرف عن شخص يُدعى ميرر كان رئيساً للعمال الذين كانوا يقطعون الحجارة لبناء الأهرامات وينقلونها عبر النيل في مراكب.

وكانت هناك محاولة عام 2010 لاكتشاف ما الذي يوجد خلف حجرة الدفن الرئيسية، وقد أُدخل روبوت لاكتشاف غموض الأبواب السرية داخل هرم خوفو، لكن المحاولة لم تُسفر سوى عن باب.

في السياق نفسه، يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن «رفع الأحجار في مصر القديمة كانت له طرق معروفة، جاءت في كتابات سومرز كلارك وأنجلباك في كتابهما (فن البناء في مصر القديمة)، وإدوارز في كتابه (أهرام مصر)، حيث أكدوا صحة ما ذكره المؤرخ الإغريقي ديودور الصقلي، الذي زار مصر 60 – 57ق.م. بأن الهرم بُني بالطرق الصاعدة؛ حيث كانوا يبنون طريقاً متدرج الارتفاع تُجر عليه الأحجار، ويتصاعد مع ارتفاع الهرم حتى يصل ارتفاعه في النهاية إلى مستوى قمة الهرم نفسها، ويلزم في الوقت نفسه أن يمتد من حيث الطول، وبعد انتهاء بناء الهرم يزيلون هذا الطريق».

الهرم الأكبر خوفو (الشرق الأوسط)

وأوضح الدكتور ريحان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية تؤكد طريقة البناء بالطرق الصاعدة، والدليل على ذلك الهرم الناقص للملك سخم – سخت أحد خلفاء زوسر الذي اكتشفه العالم الأثرى زكريا غنيم عام 1953، وهذا الهرم قد أوقف العمل به قبل أن يتم، لذلك لم تتم إزالة الطريق الصاعد الذي كان يستخدمه عمال البناء في نقل الأحجار، كما عثر على بقايا هذه المنحدرات عند هرم أمنمحات في اللشت، وهرم ميدوم».

ووفق ريحان، فإن «عالم الآثار المصري أحمد فخري، قد ذكر أن الطريق الذي يصعد فوقه زوار هرم خوفو من الناحية الشمالية للهضبة ليس إلا جسراً مكوناً من الرديم المتخلف عن بناء الهرم، وكان يستخدمه العمال لجلب الأحجار ومواد البناء الأخرى، وتوجد حتى الآن بقايا طريق صاعد آخر على مسافة طويلة من الجهة الجنوبية، وقد أقيم عليه بعض منازل القسم الغربي من قرية نزلة السمان».


مقالات ذات صلة

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.

يوميات الشرق «ميدان طلعت حرب»... محور رئيسي وسط القاهرة الخديوية (تصوير:عبد الفتاح فرج)

شارع طلعت حرب... بؤرة تحولات القاهرة وعنوان تاريخها المتألق

يقطع شارع طلعت حرب باسمه ورسمه الأيقونيَّين وسط العاصمة المصرية القاهرة، محمَّلاً بعبق التاريخ الذي يُطلُّ من شرفات بناياته العتيقة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

أغنية «برج الثور» تعيد محمد رمضان إلى دائرة الأزمات

محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)
محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)
TT

أغنية «برج الثور» تعيد محمد رمضان إلى دائرة الأزمات

محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)
محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)

أعادت أغنية «جوانا... برج الثور» الفنان المصري محمد رمضان إلى دائرة الجدل والأزمات مجدداً؛ حيث ظهر رمضان في الكليب الغنائي الذي طرحه قبل يومين عبر قناته الرسمية بموقع «يوتيوب» وشاركه خلالها الرابر «أفرو بي» وهو يتحدث بطريقة تشبه طريقة الرئيس المصري الراحل أنور السادات المعروفة، ويدخن «البايب» الذي اشتهر به الرئيس الراحل خلال ظهوره العام.

وتعرّض رمضان عقب طرح الأغنية لتحركات قانونية؛ حيث تقدَّم أحد المحامين المصريين ببلاغ يتهم رمضان بالإساءة للرئيس السادات من أجل تحقيق مكاسب، دون مراعاة لقيمته باعتباره أحد الرموز المصرية. كما تقدم كريم طلعت السادات حفيد الرئيس الراحل وعضو مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) بطلب إحاطة للمجلس طالب خلاله باتخاذ إجراءات ضد رمضان، مشيراً إلى أن ما قام به «يعدّ إهانة لرمز من رموز الوطن»، معتبراً أن «أي تجاوز بحق الرموز الوطنية يستوجب عقوبات رادعة؛ نظراً لمكانتهم التاريخية، وحماية للإرث الوطني».

الملصق الدعائي لأغنية «برج الثور» (حساب محمد رمضان على موقع فيسبوك)

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقلد فيها رمضان شخصية السادات، بل قام بذلك في أكثر من ظهور إعلامي وفني، من بينها قيامه بتجسيد شخصية السادات في مسلسل «كاريوكا» قبل 12 عاماً. وحسب تصريحات إعلامية أعاد نشرها محمد رمضان عبر خاصية «ستوري» بحساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على تقليده للرئيس السادات في كليب أغنية «برج الثور» جاء فيها «ما حدث هو شرف عظيم... فهو بطل الحرب والسلام وصاحب نوبل وأسطورة التاريخ لم ولن يغفلها على مر العصور».

وتحدث رمضان عن علاقته بعائلة السادات، ووصفها بعائلته الثانية، كما أشار لعلاقته الطيبة بالمهندس جمال السادات، والسيدة جيهان السادات، كما أوضح رمضان أنه تواصل مع السيدة نهى السادات نجلة الرئيس الراحل لأنه كان على يقين بما سيحدث، ولم يلمس في حديثها شيئاً، وفق قوله.

ويرى الناقد والكاتب المصري سمير الجمل أن «محمد رمضان تحول من ممثل إلى (تقليعة)، وظهوره كمغنٍ هي محاولة لصناعة نجومية الفرد، بعيداً عن مشاركة أي عنصر آخر من صناع العمل الفني لعدم استحواذهم على الأضواء».

وأضاف الجمل لـ«الشرق الأوسط» أن «الاستهانة برمز سياسي مثل الرئيس السادات ووضعه في كليب غنائي وتقليده يعدّ نوعاً من الإجرام الفني الذي يجب المعاقبة عليه لأنه وضع شيئاً في غير محله ولم يتناول الشخصية في عمل تمثيلي مثلما فعلها أحمد زكي، بل قام بتقليده في كليب غنائي». وطالب الجمل النقابات الفنية التابع لها الفنان بـ«اتخاذ موقف ومعاقبة رمضان»، معتبراً أن «ما حدث هو اعتداء على رمز من رموز الدولة الذين يجب احترامهم كي لا نصبح فاقدين للأصالة والأصول».

الفنان محمد رمضان (صفحته على موقع فيسبوك)

وحسب تعليقات «سوشيالية» وصفت رمضان من قبل بالفنان «المثير للجدل»، وذلك بعد نشره فيديوهات عدة عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل من بينها «إلقاء دولارات في حمام السباحة»، و«استعراض أغراض شخصية مصنوعة من الذهب»، بجانب خضوعه لجلسة «مساج وتنظيف للبشرة».

وتعرض رمضان أيضاً لانتقادات بعد قيامه بحملة ترويجية لأحد منتجات المقاطعة، بالإضافة لدعاوى قضائية عدة، من بينها اتهامه بالتشهير بأحد البنوك، وكذلك دعوى من الإعلامي عمرو أديب بتهمة «السب والقذف»، انتهت بحكم بالتعويض المالي لصالح أديب في يناير (كانون الثاني) 2023، وتغريم رمضان مبلغ 300 ألف جنيه، وإلزامه بالتعويض المدني.

وخلال الأيام الماضية تحدثت وسائل إعلامية محلية عن وجود خلافات بين رمضان والفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، على خلفية تصريحات الأخير بالعرض الخاص لأحدث أفلامه «الحريفة 2». وعلى المستوى الفني يغيب محمد رمضان للعام الثاني على التوالي عن المنافسة في موسم الدراما الرمضاني المقبل منذ تقديمه مسلسل «جعفر العمدة»، لكنه يواصل تصوير أحدث أفلامه «أسد»، الذي يتناول قضية التفرقة العنصرية.