بنايات طشقند الحديثة... إرث معماري وإلهام للمحافل الدولية

استوحيت منها أجنحة أوزبكستان في "إكسبو أوساكا" و"بينالي فينيسيا"... وتنتظر مكانها في قائمة اليونيسكو

أوتيل أوزبكستان رمز معماري (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)
أوتيل أوزبكستان رمز معماري (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)
TT

بنايات طشقند الحديثة... إرث معماري وإلهام للمحافل الدولية

أوتيل أوزبكستان رمز معماري (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)
أوتيل أوزبكستان رمز معماري (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)

لمدينة طشقند بأوزبكستان طابع خاص؛ فهي تتميز بالبنايات العصرية في الغالب، وليست أي بنايات؛ فهي تتميز بالحجم الضخم والامتداد على مساحات واسعة، ولا يبدو ذلك غريباً في المدينة التي تتميز بشوارعها العريضة التي تحدها الحدائق والأشجار. ولكن للبنايات التي تصادفنا تاريخاً ومعماراً متميزاً.

وفي العموم، تستحق المباني الحديثة التي بُنِيت في النصف الثاني من القرن العشرين الزيارة والتأمل في تفاصيل المعمار الحديث المخلوط بعوامل من التراث الإسلامي للمدينة. لكل بناية حكاية ومصممون معماريون من الروس والأوزبك، ولكن العنصر الجامع بينها هو المعمار المميز بالصلابة والقوة والضخامة، أمر كان مهماً بعد الزلزال المدمر الذي قضى على أجزاء كبيرة من طشقند في عام 1966.

كلية الفنون الجمهورية (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)

وحالياً، يجري مشروع ضخم لحصر ومعاينة مباني مدينة طشقند الأيقونية بأوزبكستان التي جعلت من المدينة مركزاً مهماً في آسيا الوسطى إلى درجة أن أُطلق عليها لقب «موسكو الشرق». وبحسب جايان عوميروفا المدير التنفيذي لمؤسسة تنمية الفنون والثقافة تحت إشراف وِزَارَة الثقافة في أوزبكستان، فالطرز المعمارية التي تميزت بها المباني في طشقند خرجت عن الأنماط الأوروبية، ودمجت الأنماط التراثية والأشكال الإسلامية مع التصاميم المعاصرة.

عوميروفا تقود مع فريق من المعماريين والباحثين وخبراء الترميم العالميين مشروعاً ضخماً لأرشفة وتوثيق العمارة الحداثية في طشقند. وأسفرت مجهودات المؤسسة عن تسجيل 20 مبنى في القائمة الوطنية، لتصبح مواقع تراثية محمية. وتنتظر المنظمة قرار اليونيسكو بإدراج 16 من المباني تحت بند التراث العالمي.

تشير عوميروفا في مقدمة كتاب Tashkent Modernism إلى أهمية المحافظة على البنايات الشهيرة، وأنه أصبح أمراً ملحاً، لا سيما بعدما دُمّرت بناية «بيت السينما» الشهير في طشقند عام 2017. وتضيف: «لقد أدركنا بوضوح أن المباني التي أصبحت رموزاً لطشقند الحديثة تحتاج إلى حماية من الدولة وحملة لرفع مستوى الوعي بأهميتها». وبحسب تقرير اليونيسكو تُعدّ البنايات الـ16 «نماذج بارزة للعمارة السوفياتية الحديثة، بفضل تصميمها الفريد. كما تعكس التعاون بين معاهد التصميم في طشقند وموسكو، وتطور البحث المعماري من عام 1960 إلى عام 1991. وقد أدّت التجارب إلى ابتكارات في علم الأنماط والتقنيات لمقاومة الزلازل، وتخفيف آثار المناخ، والتكيُّف مع الثقافة الإقليمية».

جايان عوميروفا المديرة التنفيذية لمؤسسة تنمية الفنون والثقافة تحت إشراف وِزَارَة الثقافة في أوزبكستان (ACDF)

أُتيحت لـ«الشرق الأوسط» المشاركة في جولة مركزة على أهم المباني بالمشروع، برفقة عدد من الخبراء العالميين الذي يعملون حالياً على توثيقها في كتاب يصدر قريباً. وركزت الجولة أيضاً على أهمية المعمار الحديث في استلهام موضوعات أجنحة الدولة في «إكسبو أوساكا» و«بينالي فينيسيا» للعمارة. وفيما يلي نظرة على بعض المباني الأيقونية بالعاصمة الأوزبكية.

متحف الدولة لتاريخ أوزبكستان

يقع المتحف في مبنى ضخم بواجهة تحمل كثيراً من العناصر الشرقية المتمثلة في أسلوب الأرابيسك الذي يميز الواجهة. انتهى بناء المبنى في 1974 وصممه معماريون روس ليكون أحد المتاحف المخصصة للزعيم الروسي لينين.

وبحسب المهندسة المعمارية، المشاركة في المشروع إيكاترينا جولوفاتيوك، وهي أيضاً قيمة مشاركة على جناح أوزبكستان في بينالي فينيسيا للعمارة التي رافقتنا في الجولة؛ فالمتحف أصبح مقياساً للمباني المماثلة بعد ذلك، كما أنه أصبح أيقونة رمزية لمدينة طشقند.

تقول جولوفاتيوك إنَّ المبنى يتميز ببنائه من الصلب الذي اعتبر ملائماً لمدينة عاصرت زلزالاً مدمراً في الستينات.

وتؤكد أن التصميم المعماري أكد العناصر التراثية التقليدية مثل «البانجارا» أو السواتر الخشبية، وهي تماثل المشربيات الخشبية التي تميز المباني التقليدية في البلاد الإسلامية التي كانت تستخدم لحجب أشعة الشمس المباشرة، وأيضاً للخصوصية.

اللافت أن المباني الحديثة في أوزبكستان خلال الستينات، وحتى التسعينات من القرن الماضي كثفت من استخدام العناصر التراثية وعناصر الأرابيسك في واجهات المباني. وأصبح استخدام طراز السواتر الخشبية أو المشربيات جامعاً بين الوظيفة والعناصر الجمالية.

متحف التاريخ بطشقند (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)

بناية زم تشونغ السكنية

يعد المعماريون نمط بناية زم تشونغ في طشقند مرادفاً لمفهوم «المحلة»، وهو ما يوازي نظام «الحارة». والبناية يمكن اعتبارها مجتمعاً سكنياً، بحسب تصميمها المعتمد على وجود فناء واسع له شرفة ضخمة مفتوحة تطل عليه أبواب الشقق، ويتكرر كل ثلاثة أدوار. نصعد مع الفريق المعماري المصاحب لتفقد أدوار البناية الفريدة في تصميمها، وهو للمعمارية أوفيليا آيدينوفا.

التصميم بالفعل مختلف. ومع أن البناية تحتاج إلى صيانة، فإن ذلك لم يُفقِدها أهميتها، ولا خصوصيتها التي يحرص عليها السكان. تقترب منا سيدة يبدو عليها الانزعاج من وجود غرباء في المبنى، وتتساءل لماذا نحن هنا. ويجيبها أحد المعماريين بغرضنا من الزيارة، وأننا برفقة واحدة من السكان. هذا الاهتمام يدل على الإحساس بالجماعة، كما يقول المعماري المرافق لنا: «السكان هم من يتولون إدارة هذا المبنى، ولا يريدون التدخل الخارجي في أمورهم».

تقول لنا سيدة من السكان إن الفناءات الموزَّعة على المبنى هي مساحات للقاء السكان، وقد تحتضن الأفراح أو حفلات الشواء.

على السطح نرى بركة للسباحة كان الصغار يسبحون فيها في أوقات الصيف، ونعرف أن هذه البركة مهمة لتصميم العمارة، حيث يساعد ثقل الماء على توازن البناية.

جانب من بناية بناية زم تشونغ السكنية (كاريل بالاس. من كتاب "طشقند: عاصمة الحداثة"، ريزولي نيويورك. بإذن من مؤسسة أوزبكستان لتنمية الفن والثقافة.)

أوتيل أوزبكستان

يُعتبر هذا الفندق بتصميمه اللافت على هيئة صفحة كتاب مفتوح من أهم النماذج البصرية المميزة لمعمار مدينة طشقند. شُيّد المبنى في عام 1974 بوسط المدينة، ويتميز بواجهته التي تشبه الشبكة الخراسانية، وتحمل طابعاً جمالياً مقتبساً من فن الأرابيسك... مزج فريق المعماريين في هذا التصميم الهائل حجماً بين الاستفادة من الشكل الجمالي للمبنى وحماية الغرف من أشعة الشمس المباشرة.

السينما البانورامية

المبنى الدائري للسينما البانورامية يحتل رقعة ضخمة من الأرض تحيط به مساحات فارغة تُركت عمداً لضمان حركة الجماهير التي تفد لهذا المبنى الذي يحتضن فعاليات مهرجان طشقند السينمائي الدولي. يجسد المبنى روح المدينة في ستينات القرن الماضي، ويكتسب أهمية خاصة، بسبب تصميمه التجريبي.

السينما من خارجها، كما داخلها، تتميز بالحجم الضخم. ومن الواضح أنها صُمّمت لأعداد كبيرة جداً من الجمهور، غير أن نمط السينما البانورامية لم يستمر طولياً، ما جعل الشاشة الضخمة والتقنيات المعدة لمثل هذه العروض من دون فائدة.

ولهذا يتم تحويل نشاطات السينما لاستضافة مسرحيات ومؤتمرات أو جلسات للكونغرس وما شابه ذلك.

مبنى السينما البانورامية (الشرق الأوسط)

مبان ملهمة

ضمَّت الجولة زيارة مبانٍ مختلفة الوظائف، مثل محطة مترو «كوزمونوت» المخصصة للاحتفاء بعلماء ورواد الفضاء من أوزبكستان، ومبنى فرن الطاقة الشمسية في منطقة باركنت خارج العاصمة، وهو الذي مثَّل الإلهام لجناح الدولة في «إكسبو أوسكا» باليابان... هناك أيضا مبنى البازار الضخم «خورسو» المميز بقبة هائلة تضمّ أسفل منها مساحات واسعة حيث تُقام منصات لبيع الخضراوات والأطعمة والملابس. مبنى السيرك أيضاً من المباني التي تطمح أوزبكستان لأرشفتها.

محطة مترو "كوزمونوت" (الشرق الأوسط)

جناح أوزبكستان ببينالي فينيسيا

يبدو بارعاً استخدام أجنحة الدولة في المحافل العالمية أنماط العمارة المحلية لتسليط الضوء عليها؛ ففي «بينالي فينيسيا للعمارة» استوحى المعماريان إيكاترينا جولوفاتيوك وجياكومو كانتوني تصميم الجناح من مبنى Heliocomplex «معهد الشمس للعلوم المادية» خارج العاصمة طشقند. ويتأمل الجناح في أهمية معمار أوزبكستان الحديث وإمكاناته، ويتناول الأهمية التاريخية والمعاصرة لمبنى «معهد الشمس»، مسلطاً الضوء على دوره العلمي وأهميته الثقافية خارج الحدود الوطنية.

مبنى معهد الشمس للعلوم المادية (الشرق الأوسط)

يمثل Heliocomplex «معهد الشمس للعلوم المادية» آخر المشروعات العلمية للاتحاد السوفياتي، وبُنِي عام 1987 ويُعدّ واحداً من اثنين في العالم متخصصَيْن في دراسة تحولات المواد تحت درجات حرارة هائلة، ويتميز المبنى بموقعة المتربع على تلة عالية وبتصميمه اللافت والمرايا التي تغطي واجهته. خلال زيارتنا للمبنى نلحظ وجود العائلات التي تحرص على زيارة المبنى وإتاحة الفرصة للأطفال للاطلاع على التجارب العلمية البسيطة التي يقوم بها فريق من الخبراء أمام الزوار. وبحسب بيان العرض، فسيقدم القيمان سرداً مزدوجاً لـ«معهد الشمس»، مستكشفين إرثه المتناقض، كإنجاز تكنولوجي متقدم وبنية تحتية شكلتها قيود عصره. سيسلط المعرض الضوء على كيفية تجسيد هذا الهيكل للتناقضات؛ فهو حداثي وقديم، مستدام وغير مستدام، تعليمي وسري، احتفالي ونفعي. من خلال إعادة تفسير أهميته المعمارية والعلمية. يهدف المعرض إلى إثارة نقاشات حول الحفاظ على التراث والابتكار ودوره في صياغة المستقبل. وسيعرض داخل الجناح بعض القطع التي زينت المعهد، ويتم حالياً تفكيك بعض الثريات العملاقة التي تتخذ من الشمس موضوعاً لها، ولها جماليات عالية.

جناح أوزبكستان في أوساكا والمسجد الكبير

تضم مدينة خيوة في ولاية خوارزم بغرب أوزبكستان أعجوبة أثرية، تتمثل في قلعة إيجان، وهي مدينة داخلية مسورة داخل المدينة، ومحمية كموقع تراث عالمي. تحوي المدينة القديمة أكثر من 50 أثراً تاريخياً تعود للقرن الثامن عشر والتاسع عشر.

المسجد الجامع في خيوة (الشرق الأوسط)

ومن أمثلة هذه المباني المسجد الجامع الذي شيد في القرن العاشر، وأعيد بناؤه في عامي 1788 و1789م، ويتميز ببهو معمد يتألف من 112 عموداً خشبياً مأخوذة من بناية المسجد القديم. هناك جو خاص للمسجد المنخفض السقف، ويمثل الوقوف بين الأعمدة المتتالية وتأمل الطريقة التي ثُبّتت بها في الأرضية تجربة ممتعة للزائر.

بعض الأعمدة الخشبية أصابتها الأَرَضَة، وبعضها الآخر تم استبداله، ونلحظ خلال الجولة أن العواميد الجديدة تختلف في لونها ونقوشها. تعمل حالياً بعثة ترميم ألمانية على ترميم بعض الأعمدة وتثبيت القطع المتكسرة بها عبر إضافة قطع من خشب مماثل.

جانب من تصميم جناح أوزبكستان في «إكسبو أوساكا» (أتيليه بروكنر - مؤسسة تنمية الفنون والثقافة في أوزبكستان ACDF

المسجد الجامع أيضاً كان ملهماً لتصميم جناح أوزبكستان في «إكسبو أوساكا» الذي يحمل عنوان «حديقة المعرفة... مختبر للمجتمع في المستقبل»، وصمَّمه أتيليه بروكنر، ويركز على مفهوم الاستدامة والابتكار والثقافة الأوزبكية.

يمزج الجناح المكوَّن من طابقين، بمساحة 750 متراً مربعاً، بين التقاليد والتصميم المستقبلي، ليعكس دورة حياة الحديقة. ويُعيد الجناح تفسير تراث مدينة خيوة كمساحة معاصرة للتجمع والتبادل. يدمج هيكله بين الطوب والطين، اللذين يُمثلان الأرض والتراث، وخشب السوجي، وهو نوع من السرو يُزرع بالقرب من أوساكا.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري ينشر صورة نادرة للأميرة ديانا أمام تابوت «الملك توت»

يوميات الشرق المتحف المصري يحتفي بزيارة الأميرة ديانا لتوت عنخ آمون (المتحف المصري)

المتحف المصري ينشر صورة نادرة للأميرة ديانا أمام تابوت «الملك توت»

في إطار استعادة الكنوز المصرية والترويج لها عالميا، نشر المتحف المصري بالتحرير صورة أرشيفية نادرة تعرض لأول مرة للأميرة ديانا، أميرة ويلز، أثناء زيارتها للمتحف.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يفتتح رسمياً في 3 يوليو (تموز) المقبل (وزارة السياحة والآثار)

مصر لتعزيز استثماراتها السياحية بإقامة المتاحف وزيادة الغرف الفندقية

تراهن مصر على عدة محاور لتعزيز استثماراتها في قطاع السياحة، بما يساهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر في هذا القطاع.

محمد الكفراوي (القاهرة )
ثقافة وفنون حصان صلصالي من مقبرة الحجر، يقابله رأس حصان مشابه من قلعة البحرين

حصان صلصالي من مقبرة الحجر الأثرية في البحرين

يحتفظ متحف البحرين الوطني بمجموعة متنوعة من التماثيل الصغيرة المنجزة بتقنية الطين المحروق

محمود الزيباوي
يوميات الشرق الأقصر تعج بأسرار الحضارة المصرية القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تكشف أسرار «توابيت الأطفال» بالأقصر

تسعى وزارة السياحة والآثار المصرية إلى كشف أسرار توابيت الأطفال التي تم اكتشافها مؤخراً في منطقة العساسيف بالأقصر (جنوب مصر).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من مشروع مركز شمالات الثقافي بالدرعية (مركز شمالات الثقافي)

«مركز ثقافي» في الرياض و«إسنا» المصرية ضمن جائزة «الآغاخان» للعمارة

اختارت مؤسسة «الآغاخان» مشروعي «مركز شمالات الثقافي» بالدرعية التابعة لمنطقة الرياض في المملكة العربية السعودية، ضمن القائمة القصيرة لجائزتها في العمارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

يُعدن تدوير الملابس... ملكات ونجمات لا يمانعن ارتداء الفستان ذاته مرتَين وأكثر

من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)
من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)
TT

يُعدن تدوير الملابس... ملكات ونجمات لا يمانعن ارتداء الفستان ذاته مرتَين وأكثر

من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)
من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)

يُحكى أنّ الملكة إليزابيث انتعلت الحذاء ذاته خلال 50 عاماً. وكلّما كان نعلُه يتلف كانت تطلب إرساله إلى التصليح، ولا تستبدل حذاء جديداً به إلا عندما يسوء حاله كلياً. ووفق صحيفة «تلغراف» البريطانية، فإنّ ذاك الحذاء الأسود الشهير كان يُصمّم خصيصاً لملكة بريطانيا الراحلة من قبل علامة «أنيللو وديفيد».

انتعلت الملكة إليزابيث الحذاء الأسود ذاته خلال 50 عاماً (أ.ب)

وفي سلوكٍ يبدو متوارثاً داخل العائلة المالكة في بريطانيا، لا تمانع كيت ميدلتون من أن تحذو حذو جدّة زوجها. فهي لا تتردّد في ارتداء الملابس ذاتها، والظهور فيها أكثر من مرة، ولعلّ الحذاء البيج ذا الكعب العالي هو الثابت الدائم في إطلالة أميرة ويلز. وقد تسبّب ذلك في ارتفاعٍ مطّرد لمبيعات هذا التصميم.

يكاد لا يغيب الحذاء البيج عن إطلالات أميرة ويلز كيت ميدلتون (فيسبوك)

لم تخرج الملكة الحالية كاميلا، الزوجة الثانية للملك تشارلز، عن التقليد الذي أرسته الملكة الأم. فبعد سنتين على حفل زفافها، أعادت كاميلا ارتداء الفستان الذي خرجت فيه من عقد القران المدني، وذلك خلال الجمعية العمومية في ويلز عام 2007. وبعد 20 عاماً على ارتباطها بتشارلز، أطلّت بفستان الزفاف مرةً ثالثة خلال زيارة رسمية إلى روما قبل أشهر. وفي كل مرة أعادت ارتداء ذلك الفستان، أدخلت كاميلا إليه تعديلات طفيفة، وإكسسوارات بسيطة جعلته يبدو جديداً.

أعادت كاميلا ارتداء فستان زفافها مرة في 2007 ومرة أخرى في 2025 (رويترز)

لا تقتصر ظاهرة إعادة تدوير الملابس لدى المشاهير على العائلة البريطانية المالكة، بل تنسحب على وجوهٍ معروفة كثيرة من عالم التمثيل، والغناء، والموضة.

وعلى قاعدة أنّ العريس قد يذهب لكن فستان العرس يبقى، أخرجت المغنية الأميركية غوين ستيفاني ثوبها الأبيض من الخزانة عام 2017، وذلك بعد 15 عاماً على زفافها الذي انتهى بالطلاق. من أجل إطلاق أحد ألبوماتها الغنائية، اختارت ستيفاني فستان كريستيان ديور، وأدخلت إليه بعض التعديلات.

المغنية غوين ستيفاني في نسخة محدثة عن فستان زفافها ما بين 2002 و2017 (فيسبوك)

أما الممثلة البريطانية كايرا نايتلي فقد عكست المشهد، إذ إنها ارتدت في زفافها عام 2013 الفستان ذاته الذي كانت قد لبسته في احتفالية جوائز البافتا عام 2008. الفارق بين الإطلالتين هي السترة التي ارتدتها فوق الفستان، والتي كانت سوداء في الإطلالة الأولى، وبيضاء في الثانية.

وعلى ما يبدو فإنّ نايتلي لا تشبع من هذا الفستان، وهو من تصميم دار «شانيل»، بما أنها أعادت ارتداءه مرة ثالثة، وذلك خلال حفل عشاء في نهاية عام 2013.

ارتدت الممثلة كايرا نايتلي فستان زفافها ثلاث مرات (فيسبوك)

بدورها، أعادت الممثلة إيما ستون ارتداء ثوبها الأبيض بعد سنتين على زفافها. ففي حفل «ميت غالا» عام 2022، أطلّت ستون بفستان لويس فويتون الأبيض القصير الذي شهد على ارتباطها بالممثل ديف ماك كاري عام 2020.

وكلما كان ثوب الزفاف بسيطاً، أصبحت إعادة ارتدائه سهلة. وفيما كان يُنظر إليه في الماضي على أنه قطعة ثمينة وسريعة العطب، تطلّ فيها المرأة يوم زفافها حصراً ثم تخبئها في الخزانة مدى العمر كذكرى، تبدّلت المعادلة حالياً.

حرصاً على الاستدامة، وفي وجه الإسراف في عالم الموضة وصناعة الملابس، بات عدد م نجمات هوليوود يخترن فساتين زفاف بسيطة تشبه أي ثوبٍ آخر، ويمكن ارتداؤها خارج إطار العرس. فيما تعتمد أخريات إعادة التدوير، أي إنهنّ يُدخلن تعديلات جذرية على الفستان الأساسي، كالتقصير، أو صبغه بلون جديد، أو تغيير التصميم، ليظهرن به مجدداً في شكلٍ لا يشبه ما كان عليه.

الممثلة إيما ستون أعادت ارتداء فستان زفافها في حفل ميت غالا عام 2022 (إكس)

من النجمات المعروفات بإعادة تدوير ملابسهنّ، أو الإطلالة بالثوب ذاته أكثر من مرة، الممثلة كيت بلانشيت. أكان على السجّادة الحمراء لكبرى المهرجانات السينمائية العالمية، أم في المؤتمرات الصحافية، أم وقوفاً على الخشبة لتسلم جائزة، لا تتردّد بلانشيت في تكرار «اللوك» ذاته.

تطرّقت النجمة العالمية إلى هذا الأمر خلال حديث صحافي فقالت: «فكرة ارتداء الملابس ذاتها في المناسبات ليست بالأمر العظيم، ولا يجب حتى التوقف عنده. نحن نفعل ذلك في حياتنا اليومية، فلمَ الاستغراب؟ نفعل ذلك بداعي العادة، أو الحاجة، أو أنه مجرّد خيار». وأضافت بلانشيت أنها لا تعيد ارتداء الملابس ذاتها انطلاقاً من حرصها على مبدأ الاستدامة فحسب، بل لتحدّي القوانين الصامتة الخاصة بالسجّادة الحمراء، والتي تقول إنه يَجِبُ ألّا تتصوّر النجمة بالفستان ذاته مرتين.

الممثلة كيت بلانشيت بالفستان ذاته في حفل الغولدن غلوب 2014 ومهرجان كان 2018 (رويترز)

أما الممثلة الرائدة في تكرار ارتداء الملابس ذاتها، فهي جين فوندا، والمعروفة بدفاعها الشرس عن البيئة. بالثوب الأحمر نفسه من تصميم إيلي صعب، أطلّت في كل من مهرجان كان 2014 وحفل أوسكار 2020.

الممثلة جين فوندا بالفستان ذاته في مهرجان 2014 وأوسكار 2020 (رويترز)

ومن بين الشخصيات المعروفة التي اعتادت أن تطلّ بالملابس ذاتها في مناسبات عامة وأمام الكاميرا، الممثلة غوينيث بالترو، والمغنية بيلي آيليش، وعارضة الأزياء كيت موس.