كنز من العصر الحديدي قد يُغيّر تاريخ بريطانيا

800 قطعة أثرية تُبرّئ الشمال من «التخلُّف» قبل 2000 عام

الكشف قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
الكشف قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
TT

كنز من العصر الحديدي قد يُغيّر تاريخ بريطانيا

الكشف قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)
الكشف قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)

كُشِف عن أحد أكبر وأهم كنوز العصر الحديدي التي عُثر عليها في المملكة المتحدة على الإطلاق، مما قد يُغيّر فهمنا للحياة في بريطانيا قبل 2000 عام.

وذكرت «الغارديان» أنه اكتُشف أكثر من 800 قطعة أثرية في حقل بالقرب من قرية ميلسونبي بشمال يوركشاير، يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي؛ أي في وقت قريب من الغزو الروماني لبريطانيا في عهد الإمبراطور كلوديوس. ومن شبه المؤكَّد أنها مرتبطة بقبيلة تدعى «بريغانتس»، كانت تبسط سيطرتها على معظم شمال إنجلترا.

تشمل القطع أجزاء من عربات و/أو مركبات، بما فيها 28 إطاراً حديدياً ولجاماً متقناً لما لا يقلّ على 14 حصاناً، ولجامات أخرى، بالإضافة إلى رماح احتفالية، وقدرَيْن مزخرفَيْن بشكل جميل.

يقول الخبراء المشاركون في الاكتشاف، الذي وُصف بأنه ذو أهمية كبيرة على المستوى الدولي، إنّ القطع المُكتشفة قد تؤدّي إلى إعادة تقييم كيفية فهمنا لمواضيع مثل الثروة والمكانة الاجتماعية والتجارة والسفر بين قبائل العصر الحديدي القديمة في بريطانيا.

اكتشف الخبير في الكشف عن المعادن، بيتر هيدز، الكنز وأبلغ عنه، فأدرك بعد حفره الحفرة أنه بحاجة إلى مساعدة الخبراء. اتصل برئيس قسم الآثار في جامعة دورهام، البروفسور توم مور، الذي كان يُجري بحوثاً في المنطقة، فأدرك على الفور الأهمية المُحتملة للاكتشاف، ولكن لم تكن لديه فكرة أنه سيكون بهذا الحجم المذهل. وقال: «العثور على كنز أو مجموعة من 10 قطع أثرية، أمر غير عادي ومثير، ولكن العثور على شيء بهذا الحجم الهائل يُعدُّ أمراً غير مسبوق. لم نكن نتوقَّع ذلك أبداً، وأعتقد أنَّ جميع أعضاء الفريق لم تكن لديهم القدرة على التعبير الحقيقي عن مشاعرهم». بعد الحصول على تمويل بقيمة 120 ألف جنيه إسترليني من «هيئة إنجلترا التاريخية»، جرت عمليات التنقيب وشملت إزالة كتلة كبيرة من القطع المعدنية المُتشابكة التي وُجدت ربما في حقيبة معاً.

علَّق مور أنّ أحزمة الخيول التي كانت تجرّ المركبات أو العربات زُيِّنت بشكل جميل بالمرجان والزجاج الملوَّن، وكانت ستضفي على المركبات مشهداً رائعاً. وتابع: «هذا يؤكد ببساطة أنّ هؤلاء الناس كانوا يتمتّعون بمكانة اجتماعية كبيرة وثروة حقيقية. كان البعض ينظر إلى الشمال الإنجليزي القديم على أنه منطقة فقيرة مقارنةً بالعصر الحديدي في جنوب بريطانيا. وهذا يدلّ على أنّ الأفراد هناك كانوا يتمتّعون بنوعية المواد والثروة والمكانة الاجتماعية وشبكات العلاقات عينها التي تمتّع بها الناس في الجنوب. إنهم يتحدّون طريقة تفكيرنا، ويُظهرون أنّ الشمال لم يكن بالتأكيد منطقة مُتخلِّفة في العصر الحديدي. فهو مترابط وقوي وثري تماماً مثل مجتمعات العصر الحديدي في الجنوب».

قطع معدنية مُتشابكة (جامعة دورهام)

بدوره، قال مفتّش الآثار القديمة في «هيئة الآثار التاريخية» بإنجلترا، كيث إيميريك، إنه اتُّفق على قرار توفير التمويل في اليوم عينه الذي اتصل به الدكتور مور. وأضاف: «حجم الاكتشاف والمواد فيه لا مثيل لها على الإطلاق في هذا البلد. الحصول على شيء كهذا من شمال إنجلترا أمر استثنائي». ويذكُر رؤية القطع الأثرية المعروضة في دورهام: «كانت واحدة من تلك اللحظات المذهلة، لمجرّد رؤية مدى ثراء بعض منها وروعته بشكل مذهل. كان اكتشافاً فريداً بالنسبة إلى جميع المُشاركين فيه».

من جهته، قال الدكتور مور إنّ الافتراض العملي السائد هو أنّ هذه القطع الأثرية ذات المكانة الرفيعة تعود إلى شخص «ربما كان جزءاً من شبكة من النخب في جميع أنحاء بريطانيا، وحتى في أوروبا، أو العالم الروماني القديم». وقد حُرق كثير من المواد، مما يشير إلى أنها ربما كانت جزءاً من محرقة جنائزية لشخصية نبيلة من النخبة قبل أن تُلقى في حفرة. وتابع مور أنّ أحد أكثر الأجزاء إثارةً للاهتمام في ذلك الاكتشاف هو أنه أول دليل على وجود عربات ذات 4 عجلات استخدمتها قبائل العصر الحديدي القديمة في بريطانيا؛ والتي هي ربما تقليد للعربات التي شوهدت في أوروبا القارية. وأضاف: «سنضطرّ إلى قضاء سنوات في التفكير بشكل هذه العربات، ومن أين جاءت».

وقُدِّرت قيمة كنز ميلسونبي بنحو 254 ألف جنيه إسترليني، وسيُطلق متحف يوركشاير في يورك حملة لجمع التبرعات لتأمينها للأمة. أما وزير التراث كريس براينت، فأكد أنّ الكنز يُعدُّ اكتشافاً استثنائياً، «ومن شأنه أن يساعدنا على فهم نسيج تاريخ أمتنا بصورة أفضل».


مقالات ذات صلة

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

يوميات الشرق القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

ضمن خطة مصر لتطوير القاهرة التاريخية، بدأتْ خطوات تحويل ميدان السيدة عائشة الذي يقع على أطراف المنطقة التاريخية جنوب قلعة صلاح الدين إلى ممشى سياحي عالمي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
ثقافة وفنون سفنكس من موقع سلوت يقابله سفنكس من موقع الدُّور وآخر من موقع الفويدة

«سفنكس» عُمان

خرجت من موقع حصن سلوت الأثري في سلطنة عُمان مجموعةٌ من القطع البرونزية المنحوتة، تتميز بطابعها التصويري

محمود الزيباوي
يوميات الشرق عمرها آلاف السنوات (وزارة الثقافة في بيرو)

مومياء نادرة تكشف عن قوة النساء في أقدم حضارة بالأميركتين

اكتشف علماء آثار في بيرو رفات امرأة من النبلاء تعود إلى 5 آلاف سنة في مدينة كارال، وهي منطقة كانت تُستخدم لعقود مكباً للنفايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مطالبات بتشديد قواعد تنظيم الحفلات في المواقع الأثرية في مصر (حساب جمال على «فيسبوك»)

حفلات المواقع الأثرية تفجّر انتقادات في مصر

فجرت واقعة سقوط حامل إضاءة على جمهور أمسية فنية في ساحة قصر البارون الأثري، مساء السبت، في القاهرة جدلاً وانتقادات واسعة في الأوساط الأثرية والسياحية بمصر.

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

أثارت عملية الهدم الجديدة لمدافن بجبانة القاهرة التاريخية، انتقادات واتهامات للمجلس الأعلى للآثار ووزارة السياحة والآثار، بـ«المماطلة»

عصام فضل (القاهرة)

بين التعبير عن «اللطافة» والتلاعب بالآخرين... كيف يكشف الإفراط في استخدام الإيموجي شخصيتك؟

 الإفراط في استخدام الإيموجي قد يكشف الكثير عن جوانب الشخصية (رويترز)
الإفراط في استخدام الإيموجي قد يكشف الكثير عن جوانب الشخصية (رويترز)
TT

بين التعبير عن «اللطافة» والتلاعب بالآخرين... كيف يكشف الإفراط في استخدام الإيموجي شخصيتك؟

 الإفراط في استخدام الإيموجي قد يكشف الكثير عن جوانب الشخصية (رويترز)
الإفراط في استخدام الإيموجي قد يكشف الكثير عن جوانب الشخصية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن الإفراط في استخدام الرموز التعبيرية (الإيموجي) قد يكشف الكثير عن جوانب الشخصية.

و«الإيموجي» هو مصطلح ياباني الأصل ويعني الصور الرمزية أو الوجوه الضاحكة المستخدمة في كتابة الرسائل الإلكترونية اليابانية وصفحات الويب.

وبحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد أجرى الباحثون استطلاعاً للرأي، شمل 285 طالباً جامعياً وسألوهم عن مدى تكرار استخدامهم لنحو 40 إيموجي شائع في الرسائل ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وبحثوا في علاقة هذا الأمر ببعض السمات الشخصية لديهم.

وبالنسبة للرجال، كشف الاستخدام المفرط للإيموجي عن امتلاكهم لشخصيات متقلبة عاطفياً تتبع سلوكيات تلاعبية مع الآخرين.

أما في النساء، فقد ارتبط استخدامهن للإيموجي بكثرة برغبتهن في الظهور بمظهر اللطافة والانفتاح.

وكتب الباحثون في الدراسة التي نُشرت في مجلة علم النفس: «هذه النتائج تعني أن استخدام رموز الإيموجي قد يكون مرتبطاً باستراتيجيات للتلاعب بتصورات الآخرين عن الشخص وتقديم انطباع إيجابي عن الذات».

وحذر الفريق من أن الكثير من المراهقين قد يستخدمون الإيموجي لإرسال رسائل سرية عن المخدرات، لا يمكن كشفها بسهولة.

على سبيل المثال، غالباً ما يُمثل الكوكايين برموز تعبيرية مثل ندفة الثلج، أو رجل الثلج، والماريغوانا بشجرة أو ورقة أو غصن؛ ومادة إكستاسي برمز ورقة النقود؛ والكيتامين بحصان.